خاص: كتبت- نشوى الحفني:
في الوقت الذي تتحدث فيه التقارير عن هدنة هشة بين “إسرائيل” و(حماس) في “غزة”؛ حذر الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، الخميس، من “عواقب” إن لم يستمر اتفاق وقف إطلاق النار في “قطاع غزة”.
وقال “ترمب” أثناء حديثه للصحافيين في “البيت الأبيض”، إن مبعوثه إلى الشرق الأوسط؛ “ستيف ويتكوف”، نجح في الدفع نحو اتفاق وقف إطلاق النار في “غزة”.
وحذر من “عواقب” في حال عدم استمرار الاتفاق، لكنه لم يكشف عن طبيعة هذه العواقب.
ودخل وقف إطلاق النار في “غزة” حيّز التنفيذ؛ الأحد الماضي، بعد محاولات مكثفة من الوسّطاء، “مصر وقطر والولايات المتحدة”، استمرت أكثر من عام.
ومن المَّقرر أن تستمر المرحلة الأولى من الاتفاق (42) يومًا، تتواصل خلالها المفاوضات بشأن المرحلة الثانية.
وقبل أسابيع؛ هدد “ترمب” بأن: “الجحيم سيُفتح في الشرق الأوسط”؛ إن لم يبَّرم “اتفاق غزة” قبل موعد تنصيبه، الإثنين.
استئناف الحرب..
مؤخرًا؛ كشفت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين أن الحرب في “غزة” قد تسَّتأنف بمجرد إطلاق سراح الـ (30) رهينة المتبقين من أصل: (100) محتجز في “قطاع غزة”.
وقال مسؤولون إسرائيليون للصحيفة: “نتمسك بهدف تفكيك الجناح العسكري لـ (حماس) وحكومتها في قطاع غزة”.
وأوضحت الصحيفة أنه وأمام الضغوط الدولية؛ تُشير التحليلات إلى أن “إسرائيل” قد تواجه صعوبة في استئناف الحرب بشكلٍ فعال، خاصة إذا لم يكن هناك استعداد دولي أو خطة واقعية للسيّطرة على “غزة”.
وتابعت أنه وفي داخل “غزة”، يختلف الرأي بين أنصار (حماس) من جهة، والعديد من سكان القطاع الذين يخشون من أن بقاء الحركة في السلطة سيؤدي إلى استمرار حكمها القاسي وإلى اندلاع حربٍ جديدة في المستقبل القريب. بحسب مزاعم الصحيفة الأميركية.
تهديد إسرائيلي..
وفي وقتٍ سابق؛ أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، أن “إسرائيل” تحتفظ بحقها في استئناف الحرب في “غزة” بدعم أميركي؛ إذا ثبُت أن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار ستكون بلا جدوى.
وأضاف “نتانياهو”؛ عشية دخول الهدنة حيز التنفيذ: “إذا اضطررنا للعودة إلى القتال فسنفعل ذلك بطرق جديدة وقوية… دونالد ترمب وجو بايدن؛ يدعمان بشكلٍ كامل حق إسرائيل في العودة إلى القتال إذا خلصت إسرائيل إلى أن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية لا جدوى منها”.
وتعهد “نتانياهو” بتنفيذ كل أهداف الحرب؛ وقال: “سنعمل على ضمان تحقيق كل أهداف الحرب في غزة وألا تُشّكل (حماس) تهديدًا لإسرائيل. وعلى إعادة كل المحتجزين الإسرائيليين”.
من جانبٍ آخر؛ عقد وزير المالية الإسرائيلي؛ “بتسلئيل سموتريتش”، اجتماعًا وصّف: بـ”العاجل والسري”، بهدف تنظيم حملة لوقف صفقة الرهائن في “غزة” بعد انتهاء المرحلة الأولى منها واستئناف الحرب كما كان يدعو، حسّب وسائل إعلام إسرائيلية.
وذكرت القناة (12) الإسرائيلية؛ وفقًا لأحد المشاركين، أن الاجتماع ركز على: “حشد الدعم الشعبي والدولي لاستئناف القتال”.
عملية عسكرية على “الضفة الغربية”..
ومما يتسّبب فض الهدنة أنه بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين في “قطاع غزة” حيز التطبيق؛ يوم الأحد الماضي، أطلقت “إسرائيل” عملية عسكرية كبيرة في “الضفة الغربية” المحتلة؛ كما هاجم مستوطنون يهود بلدتين فلسطينيتين.
وجاءت موجة العنف الإسرائيلي الجديدة ضد “الضفة الغربية” في الوقت الذي يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، ضغطًا داخليًا من جانب حلفائه من اليمين المتطرف بعد موافقته على الهدنة وتبادل إطلاق سراح المحتجزين مع حركة (حماس).
كما ألغى الرئيس الأميركي الجديد؛ “دونالد ترمب”، العقوبات التي فرضها سلفه؛ “جو بايدن”، على مستوطنين إسرائيليين متهمين بارتكاب أعمال عنف في “الضفة”.
ورأت صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية؛ أن رواية رئيس الحكومة؛ “بنيامين نتانياهو”، المتعلقة بـ”قطاع غزة”، تواجه اختبارات سياسة واستراتيجية من داخل “إسرائيل” وخارجها، مشيرة إلى أن “نتانياهو” وصفها: بـ”الإطار”، وليس: بـ”الصفقة”.
لماذا “الضفة الغربية” ؟
وفي مساء الإثنين الماضي؛ هاجم عشرات الملثَّمين قريتين فلسطينيتين في شمال “الضفة الغربية” ورشقوا السكان بالحجارة وأشعلوا النار في عدد من السيارات والمنازل؛ بحسّب مسؤولين محليين فلسطينيين.
وقالت خدمة (الهلال الأحمر) الفلسطيني؛ إن (12) شخصًا على الأقل أصيبوا في هذه الهجمات.
وفي الوقت نفسه؛ نفذّ الجيش الإسرائيلي هجومًا عسكريًا في منطقة أخرى بـ”الضفة الغربية”؛ قائلًا إنها كانت ردًا على رشق سيارات إسرائيلية بعبوات حارقة.
وأضاف أنه تم القبض على عدد من المشَّتبه بهم الفلسطينيين لاستجوابهم. وأظهر تسجيل فيديو تم تداوله عبر الإنترنت عشرات الأشخاص وهم يسّيرون في الشوارع.
وفي يوم الثلاثاء الماضي؛ أطلق الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية كبيرة في مدينة ومخيم (جنين)؛ بشمال “الضفة الغربية”، حيث اعتاد الجيش اقتحامهما والاشتباك مع المسلحين الفلسطينيين فيهما خلال السنوات الأخيرة وحتى قبل هجوم حركة (حماس) ضد مستوطنات وقواعد “غلاف غزة”؛ يوم 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، الذي فجر “حرب غزة” الأخيرة التي استمرت حوالي (15) شهرًا.
ولقي (09) فلسطينيين على الأقل حتفهم، بينهم فتى عمره (16 عامًا)، وأصيب حوالي (40) آخرون في الهجوم الإسرائيلي، بحسّب “وزارة الصحة” الفلسطينية.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذّ ضربات جوية وفكك قنابل أرضية وقتل (10) مسلحين، دون أن يوضح ما يُعنّيه ذلك.
كما كشف السكان الفلسطينيون عن تزايد نقاط التفتيش والحواجز الأمنية الإسرائيلية في مختلف أنحاء “الضفة الغربية”، وهو ما يُزيد صعوبة حياتهم.
جزء من عملية ضد “إيران” والفصائل المتحالفة..
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي؛ “إسرائيل كاتس”، إن عملية “جنين” جزء من عملية أكبر ضد “إيران” والميليشيات الحليفة لها في المنطقة؛ بحسب تعبير الوزير الصهيوني، مضيفًا: “سنضرب أذرع الأخطبوط حتى تتكسر”.
ويرى الفلسطينيون في مثل هذه العمليات العسكرية الإسرائيلية وتوسيع المستَّوطنات وسيلة لتعزيز السيّطرة الإسرائيلية على الأراضي المحتلة التي يعيش فيها حوالي (03) ملايين فلسطيني تحت احتلال إسرائيلي يبدو بلا نهاية، في حين تُدير “السلطة الفلسطينية”؛ المدعومة من الغرب، المدن والبلدات الفلسطينية في “الضفة”.
من أشكال الفصل العنصري..
وترى منظمات حقوق الإنسان الدولية البارزة؛ الاحتلال الإسرائيلي لـ”الضفة”، شكلًا من أشكال الفصل العنصري، حيث يعيش أكثر من (500) ألف مستوطن يتمتعون بكل الحقوق التي تضمنها الجنسية الإسرائيلية، وهو ما تنفيه “إسرائيل”.
محاولات إخماد تمرد الشركاء..
ويُحاول “نتانياهو” جاهدًا إخماد تمرد شركائه في الائتلاف الحاكم من القوميين المتطرفين؛ منذ موافقته على وقف إطلاق النار في “غزة”، حيث يُنص الاتفاق على انسحاب القوات الإسرائيلية من معظم أنحاء القطاع وإطلاق سراح مئات السجناء الفلسطينيين، في مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين الذين اختطفهم المسلحون الفلسطينيون في هجوم 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.
وبعد ساعات من بدء وقف إطلاق النار في “غزة”؛ يوم الأحد الماضي، ظهر عشرات المقاتلين المقنعين من (كتائب القسام)؛ التابعة لحركة (حماس)، مرتدين أقنعتهم السوداء المميزة وعصابات الرأس الخضراء، وقاموا بتسليم (03) رهائن إلى سيارات (الصليب الأحمر)، التي نقلتهم إلى الحرية في “إسرائيل”.
واستقال “إيتمار بن غفير”؛ من الحكومة، احتجاجًا على وقف إطلاق النار، في حين يُهدّد وزير المالية؛ “بتسلئيل سموتريتش”، بالاستقالة إذا لم تسَّتأنف “إسرائيل” الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في أوائل آذار/مارس المقبل.
كما يُريد اليمين المتطرف المشَّارك في حكم “إسرائيل” بضم “الضفة الغربية”؛ وإعادة بناء المسَّتوطنات في “غزة”، مع تشجيع أكبر عدد من الفلسطينيين على ما يسَّمونها بالهجرة الطوعية من “فلسطين”.
تُضعف الائتلاف وتؤدي لانتخابات مبكرة..
ورُغم استقالة “بن غفير” مازال “نتانياهو” يتمتع بالأغلبية البرلمانية اللازمة لاستمرار حكومته، لكن خسارة “سموتريتش” الذي يُعتبر أيضًا الحاكم الفعلي لـ”الضفة الغربية”، ستُضعف الائتلاف الحاكم بشدة وقد تؤدي إلى انتخابات مبكرة في “إسرائيل”.
ويمكن أن يُنهي هذا فترة حكم “نتانياهو”؛ التي استمرت حوالي (16 عامًا)، وتجعله عرضة بصورة أكبر للمحاكمة بتهم الفساد، وفتح الباب أمام تحقيق عام مستقل في فشل “إسرائيل” في منع هجوم 07 تشرين أول/أكتوبر.
كما أن عودة “ترامب” ربما تُطلق يد المستوطنين ضد الفلسطينيين في “الضفة الغربية”. وكذلك يمكن أن تؤدي عودته إلى إعطاء قبلة حياة محتملة لـ”نتانياهو”.
فـ”ترمب”؛ الذي منح “إسرائيل” دعمًا غير مسّبوق خلال فترة حكمه الأولى، يُحيّط نفسه في ولايته الجديدة بمساعدين يدعمون الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، وبعضهم يؤيد مزاعم المستوطنين بشأن الحق التوراتي لهم في “الضفة الغربية”، في حين يعتبر المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة هذه المستوطنات غير مشروعة.
حيرة الوعد الوهمي..
رأت صحيفة (معاريف)؛ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، يواجه خيارًا بين الوعد الوهمي؛ لـ”بتسلئيل سموتريتش”، بأن القتال في “قطاع غزة” سيتم استئنافه بعد (42) يومًا وإطلاق سراح: (33) من الرهائن، وبين إصرار الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، على استكمال الاتفاق، وإطلاق سراح جميع الرهائن الـ (94).
وفي حين يدعي “ترمب”؛ أنه صاحب الفضل في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الأيام الأخيرة لحكم سلفه “بايدن”، فإنه قال في وقتٍ سابق من الأسبوع الحالي، أنه: “غير واثق” في إمكانية استمرار وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى احتمال منح “إسرائيل” حرية استئناف الحرب في القطاع بقوله: “إنها ليست حربنا، إنها حربهم”.