20 أبريل، 2024 4:37 م
Search
Close this search box.

وسط تصعيد أميركي وتصميم روسي .. الحرب الأوكرانية ستمتد لسنوات مع انتصار بطيء لـ”موسكو” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

حذرت المخابرات الأميركية، في 10 آيار/مايو الجاري، من أن الحرب “الروسية-الأوكرانية” ستستمر لفترة طويلة، وأن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، يُريد النصر ليس فقط في “إقليم دونباس”، شرق الأراضي الأوكرانية، ولكنه يستعد لنزاع طويل المدى في “أوكرانيا”، متوقعًا تراجع عزم “الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” لمواصلة دعم “أوكرانيا”؛ في ظل تفاقم أزمة نقص الغذاء وارتفاع التضخم وأسعار الطاقة؛ بحسب الورقة التحليلية التي أعدها مركز (المستقبل) للأبحاث والدراسات المتقدمة.

لافتًا: ولا تُعد هذه التحذيرات هي الأولى من نوعها، فقد سبق، وأن حذر “حلف شمال الأطلسي”؛ الـ (ناتو)، أكثر من مرة؛ خلال الشهر الماضي، من أن الحرب في “أوكرانيا” قد تستمر لشهور، وربما أعوام مقبلة، وبالتالي، يتعين على المسؤولين الاستعداد لذلك.

تقدم روسي بطيء..

لاتزال “روسيا” قادرة على تحقيق انتصارات عسكرية في “أوكرانيا”، وإن كانت بطيئة، وذلك في ظل محاولات أوكرانية شن هجوم مضاد، إلى جانب اتجاه الغرب لدعم “كييف” عسكريًا، وفرض عقوبات اقتصادية على “روسيا”، وهو ما يمكن تفصيله على النحو التالي:

01 – تقدم روسي ملموس في شرق “أوكرانيا”: نجحت القوات الروسية في السيطرة على مزيد من المناطق في “إقليم دونباس”، أي “دونيتسك” و”لوهانسك”؛ بشرق “أوكرانيا”، وهو الهدف المُعلن من الحرب.

وأعلنت “وزارة الدفاع” الروسية أنها نجحت في تحقيق تقدم ملموس في “إقليم لوهانسك”؛ شرق “أوكرانيا”، في منتصف آيار/مايو، فقد دعمت قوات الانفصاليين الموالين لـ”موسكو”؛ لتحرير قرية “بوباسنايا” من القوميين الأوكرانيين، لتتمكن بذلك من تحرير حوالي: 90% من “إقليم لوهانسك”.

مصدر الصورة: رويترز

كما يُلاحظ أن “موسكو” لاتزال تحتفظ بسيطرة كاملة على “إقليم خيرسون”، وتُثار مخاوف غربية من إمكانية اتجاه “موسكو” إلى الاستيلاء على “إقليم أوديسا” الأوكراني، ذي الأغلبية الروسية، لتحقيق هدفين، وهما عزل “أوكرانيا” عن “البحر الأسود”، وبالتالي تحويلها إلى دولة حبيسة، فضلاً عن تحقيق تواصل جغرافي مع “إقليم ترانسنيستريا” الانفصالي الموالي لـ”روسيا”، والذي يقع في دولة “مولدوفا”.

ويبدو أن “أوكرانيا” تحسبت لمثل هذا الهجوم، فقامت بشن عدة هجمات فاشلة؛ بدعم بريطاني، لاستعادة السيطرة على “جزيرة الثعبان”، والتي تتمتع بموقع إستراتيجي، إذ تقع على مسافة نحو: 50 كيلومترًا من مصب “نهر الدانوب”، وعلى مسافة: 100 كيلومتر من “أوديسا”، وتسمح نظريًا بضرب كل الساحل الأوكراني.

02 – تحقيق مكاسب ميدانية لـ”أوكرانيا”: أعلنت القوات الأوكرانية تحقيق مكاسب ميدانية، في 11 آيار/مايو 2022، حيث استعادت حوالي أربع قرى من القوات الروسية؛ شمال شرق “خاركيف”، ثاني أكبر مدن “أوكرانيا”، وذلك في محاولة لإبعاد مدينة “خاركيف” عن مدى المدفعية الروسية، فضلاً عن وقف الجهود الروسية للإنطلاق من مدينة “إيزوم” الواقعة في جنوب “خاركيف” لتطويق القوات الأوكرانية في “لوهانسك” و”دونيتسك”، وقطع خطوط الإمداد عنها، بما يجعل مسألة استسلام القوات الأوكرانية مسألة وقت، على غرار ما تم في “مصنع أزوفستال” في مدينة “ماريوبول”، إذ استسلم نحو: 1730 جنديًا أوكرانيًا؛ يومي: 18 و19 آيار/مايو، لتحكم “روسيا” بذلك سيطرتها على “بحر آزوف”، وتحوله إلى بحيرة روسية خالصة.

03 – مساعدات غربية ضخمة لـ”أوكرانيا”: تتوالى المساعدات الغربية لـ”أوكرانيا” بهدف استمرار صمودها لمواجهة “روسيا” عسكريًا. فقد أقر “مجلس النواب” الأميركي؛ في 11 آيار/مايو الجاري، مساعدة ضخمة لـ”أوكرانيا”، تصل قيمتها: 40 مليار دولار، في خطوة تأتي بعد أن حذّر الرئيس؛ “جو بايدن”، من أنّ الأموال المخصّصة لمساعدة “كييف” أصبحت على وشك الإنتهاء.

وبالتوازي مع ذلك؛ أعلن “غوزيب بوريل”؛ منسق السياسة الخارجية بـ”الاتحاد الأوروبي”، في 13 آيار/مايو 2022، أن الاتحاد سيُقدم دعمًا عسكريًا جديدًا لـ”أوكرانيا” بقيمة: 500 مليون يورو، يتضمن أسلحة ثقيلة، مثل الدبابات والمدفعية.

04 – إخفاق الحزمة السادسة من العقوبات: اجتمع وزراء خارجية “الاتحاد الأوروبي”، في 16 آيار/مايو الجاري، من أجل فرض حزمة سادسة من العقوبات على “روسيا”، والتي تشمل قطع عدد من البنوك الروسية عن نظام (سويفت)، وفرض مزيد من العقوبات الشخصية، وكذلك فرض حظر على البث في “الاتحاد الأوروبي” لثلاث شركات تلفزيونية روسية رسمية، وصولاً إلى حظر تدريجي على “النفط الروسي”، غير أنه لم يتم إقرار هذه الحزمة بسبب معارضة عدة دول أوروبية لها، أبرزها: “المجر والتشيك وسلوفاكيا”.

مصدر الصورة: رويترز

فتح جبهات جديدة..

شهد الصراع الأوكراني تصعيدًا يُنذر بفتح جبهات جديدة؛ إلى جانب المعارك الدائرة في شرق وجنوب “أوكرانيا”، وذلك على النحو التالي:

01 – تصعيد أوكراني ضد “بيلاروسيا”: أعلنت “بيلاروسيا”، في 10 آيار/مايو 2022، أنها نشرت قوات خاصة على حدودها مع “أوكرانيا”، ردًا على قيام الأخيرة بوضع مجموعة قوامها: 20 ألف جندي من القوات الأوكرانية قرب الحدود البيلاروسية، مؤكدة أن “الولايات المتحدة” وحلفاءها يواصلون زيادة وجودهم العسكري على حدود الدولة، مما يتطلب ردًا أمنيًا من “مينسك”.

وليس من الواضح أهداف “كييف” و”واشنطن” من ذلك التصعيد، وهل هي محاولة لتشتيت القوات الروسية، ودفعها إلى إعادة نشر قواتها في “بيلاروسيا”، أم أنها محاولة للتصعيد ضد “بيلاروسيا”، غير أنه من الملحوظ أن أي محاولة لفتح جبهة جديدة للحرب ضد “بيلاروسيا” لن يصب في صالح “أوكرانيا” والغرب، ليس فقط بالنظر إلى أن هذه الخطوة سوف يُنظر إليها على أنها تصعيد غير مبرر، وتأكيد هواجس (الكرملين) الأمنية من توسع حلف الـ (ناتو)، ولكن بالنظر إلى أن “روسيا” سوف تدعم “بيلاروسيا” عسكريًا بصورة تحد من أي مكاسب أوكرانية محتملة.

02 – دخول “مولدوفا” كطرف في الصراع: أبدت “مولدوفا”، الجمهورية السوفياتية السابقة، مخاوف من أن تكون الهدف التالي لـ”روسيا”، لا سيما بعد تصريحات “روستام مينيكايف”؛ نائب قائد قوات المنطقة العسكرية الوسطى في الجيش الروسي، والذي أكد فيها أن: “السيطرة الكاملة على جنوب أوكرانيا من شأنها أن تُتيح لبلاده الوصول إلى ترانسنيستريا، وهو إقليم انفصالي في مولدوفا تدعمه روسيا”؛ وتسكنه أغلبية روسية مستقلة بحكم الأمر الواقع.

وتصاعد التوتر بشأن مصير الإقليم الانفصالي بعد وقوع عدة تفجيرات فيه، وأكدت السلطات المحلية الموالية لـ”روسيا” أنها هجمات شنّتها “أوكرانيا”، في حين اتهم الغرب؛ “روسيا”، بإفتعال هذه الهجمات لتبرير اعتداءات قادمة على “مولدوفا”.

وفي ظل هذا الوضع، طالبت رئيسة مولدوفا؛ “مايا ساندرو”، في 19 آيار/مايو، الجيش الروسي الذي يحرس مستودعات الذخيرة في “ترانسنيستريا”؛ بالانسحاب من تلك الجمهورية غير المعترف بها دوليًا، وهو ما لم تتجاوب معه “موسكو”.

03 – توسع حلف الـ (ناتو): تقدمت “فنلندا” و”السويد” بطلب للإنضمام إلى حلف الـ (ناتو)، بما يعني امتلاك الحلف حدودًا مشتركة مع “روسيا”، إذ تمتد حدود “فنلندا” مع “روسيا” لمدى أكثر من: 1330 كيلومترًا، ومن ثم فإن خطوة الانضمام إلى الـ (ناتو)، ستعني بالنسبة لـ”روسيا” استضافة “فنلندا” قواعد للحلف تستهدف “روسيا”، وهو ما سيؤدي إلى عسكرة “شمال أوروبا”.

ولذلك هدد “دميتري ميدفيديف”، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس الروسي السابق، بأن بلاده ستنشر حال انضمام البلدين إلى الـ (ناتو)، سفنًا مسلحة بصواريخ (إسكندر) وأسلحة فرط صوتية وأسلحة نووية في المنطقة.

04 – نشاط مكثف لحلف الـ (ناتو): كثف “حلف شمال الأطلسي”؛ الـ (ناتو)، خلال الشهرين الماضيين، تدريباته ومناوراته العسكرية، والتي وصلت إلى حد قيامه بنحو: 07 تدريبات ومناورات في البلدان الأوروبية، بعضها قريب من الحدود الروسية.

وتُمثل أبرزها في التدريبات المشتركة بين الـ (ناتو) و”جورجيا”؛ خلال الفترة بين: 20 إلى 25 آذار/مارس، فضلاً عن تدريب (الرد البارد)، بمشاركة الـ (ناتو) مع: “فنلندا والسويد والنرويج”، وذلك بالقرب من “جزيرة كولا” الروسية المتاخمة للقطب الشمالي النرويجي، وتدريب (الاستجابة السريعة) بمشاركة نحو: 4500 جندي في “مقدونيا” الشمالية. كما قام الحلف بمناورات (القنفد)؛ بمشاركة: 18 ألف جندي من الـ (ناتو)، ومن بينهم قوات من: “بريطانيا وفرنسا والدنمارك”، وتمت على الحدود بين “إستونيا” و”لاتفيا”. وأخيرًا مناورتا (ديفندر يوروب 2022) و(الرد السريع 2022)، واللتان جرتا في: 09 دول أوروبية، بمشاركة نحو: 18 ألف جندي من أكثر من: 20 دولة؛ في الفترة ما بين 01 وحتى 27 آيار/مايو من العام الجاري.

مصدر الصورة: رويترز

التداعيات المحتملة..

يمكن الإشارة إلى عدد من التداعيات في ضوء الدلالات التي تعكس استمرار وتعقيد الصراع بين “روسيا” من ناحية، و”أوكرانيا” وحلفائها الغربيين من ناحية أخرى، وذلك على النحو التالي:

01 – إطالة أمد الصراع: من الواضح أن “روسيا” باتت تُدرك أن السيطرة على مناطق واسعة في شرق وجنوب “أوكرانيا” سوف يستغرق وقتًا، ولذلك يبدو أنها عازمة على تأكيد أنها مستعدة لذلك، حتى لو استغرق الأمر سنوات.

وعلى الجانب الآخر؛ تأمل “واشنطن” وحلفاؤها إطالة أمد الصراع، أملاً في إلحاق هزيمة إستراتيجية بـ”روسيا”، من خلال العمل على استنزافها عسكريًا واقتصاديًا، وإثارة ما يكفي من المشكلات الداخلية لإسقاط نظامها وتفكيكها، وفقًا لما أعلنته “الولايات المتحدة” صراحة.

02 – تحول “مولدوفا” إلى نقطة توتر محتملة: من المتوقع ألا تقوم “روسيا” بزعزعة استقرار “مولدوفا”، في الفترة الحالية، وذلك بالنظر إلى عدم وجود تواصل جغرافي بين “روسيا” و”مولدوفا”، إذ إنها لم تحتل “أوديسا” بعد، ولذلك، ليس في مصلحتها التصعيد.

أما بالنسبة لـ”أوكرانيا”، فإن مخازن السلاح السوفياتي في الإقليم الانفصالي لـ”مولدوفا”، والذي تحرسه “روسيا” قد يكون هدفًا إستراتيجيًا، إذ إن الاستيلاء عليه قد يُساعد الجيش الأوكراني على الحصول على ذخيرة لمعداته العسكرية، والتي هي في أغلبها سوفياتية الصنع.

03 – إمتداد الصراع إلى القطب الشمالي: يرى المحللون أن انضمام “فنلندا” و”السويد” إلى الـ (ناتو) سيفتح جبهة مواجهة جديدة بين “روسيا” والغرب في القطب الشمالي، والذي كان يتمتع باستقرار نسبي نتيجة ثلاثة عوامل؛ وهي توازن القوى بين المصالح الغربية والروسية، بالإضافة إلى دور القوى المحايدة، مثل “فنلندا” و”السويد”، في تسوية أي خلافات بين “الولايات المتحدة” و”روسيا”، فضلاً عن التركيز على المجالات المدنية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك التنسيق في مجال الحفاظ على البيئة.

ومع ذلك، فإن إنتفاء الدور الحيادي لـ”فنلندا” و”السويد”، سيجعل “روسيا” تُدرك أن دول القطب الشمالي الأخرى متحدة في تحالف مناهض لها، وبالتالي، فإنه من المتوقع أن تتم عسكرة القطب الشمالي، حيث سيدفع ذلك “روسيا” إلى اتخاذ مزيد من التدابير العسكرية، مثل تحديث الغواصات النووية الإستراتيجية في “بحر الشمال”، أو إقامة قواعد عسكرية على طول الساحل الشمالي لـ”روسيا”.

وفي ختام ورقته لتحليل الموقف؛ يؤكد المركز البحثي: يمكن القول إن التطورات السابقة تكشف عن وجود حرص أميركي على تصعيد الصراع ضد “روسيا”، وذلك في محاولة لاستغلال الصراع الأوكراني لإنهاك الاقتصاد الروسي، ومن ثم تصفية إحدى القوى المناوئة لها، والتفرغ للصراع مع “الصين”.

وفي المقابل، فإن “روسيا” تُدرك الأهداف الأميركية جيدًا، وتسعى لمقاومتها، سواء عبر تمكين الجيش الروسي من تحقيق أهدافه في “أوكرانيا”، فضلاً عن الاستفادة من التداعيات العكسية لـ”العقوبات الغربية” على “أوروبا” والعالم، واستثمار ذلك لدفع الدول المختلفة للتعاون مع “موسكو”، رغم “العقوبات الأميركية” و”الأوروبية”، على نحو يُضعف النظام المالي العالمي المُهيمن عليه من الغرب.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب