خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رميًا بالحجارة.. هكذا استقبل أكراد عراقيون القوات الأميركية المنسحبة من الشمال السوري إلى الداخل العراقي عند وصولها المدينة.
وجاء الاستقبال الكُردي للقوات الأميركية بـ”العراق” في هذا الشكل، بعد أن أعطت “الولايات المتحدة” الضوء الأخضر إلى “تركيا” للقيام بعدوان عسكري في الشمال السوري، وهو العدوان الذي استهدف مكونات منها العرب والأكراد بالمقام الأول.
ولم يكن الاستقبال في “العراق” فقط بالحجارة، بل كان رد الفعل مشابهًا في مدينة “القامشلي” السورية التي وجه لها الحجارة من مواطنين خلال مغادرتها إلى “العراق”، وسط عبارات: “أرحلي يا أميركا يا كاذبة”.
إذن بالدخول للعراق لنقلها خارجها..
وأعلن الجيش العراقي، في وقت سابق من أمس الثلاثاء، أن كل القوات الأميركية التي عبرت من “سوريا” إلى “كُردستان العراق”، حصلت على إذن بالدخول حتى يتسنى نقلها إلى خارج البلاد.
وجاء في بيان للجيش العراقي؛ أن: “جميع القوات الأميركية التي انسحبت من سوريا حصلت الموافقة على دخولها إقليم كُردستان لتنقل إلى خارج العراق، ولا توجد أي موافقة على بقاء هذه القوات داخل العراق”.
سيعاد نشرها لمواجهة “داعش”..
ويتناقض البيان العراقي مع تصريحات وزير الدفاع الأميركي، “مارك إسبر”، بأن القوات الأميركية التي تنسحب من “سوريا” سيتم نقلها إلى غرب “العراق”، وأنه وفقًا للخطط الحالية سيتم إرسال القوات التي يبلغ عددها نحو ألف جندي إلى غربي “العراق” للمساعدة في منع عودة مقاتلي تنظيم (داعش).
وهو ما أكده الرئيس “ترامب”، في وقت سابق، من أن: “قوات الولايات المتحدة التي تخرج من سوريا سيعاد نشرها الآن؛ وتبقى في المنطقة لمراقبة الوضع ومنع تكرار ما حدث في عام 2014، عندما اندلع التهديد المهمَل لـ (داعش) في جميع أنحاء سوريا والعراق”.
وهو ما يتفق مع ما تردد من أنباء من مصادر رسمية عراقية؛ إن: “الولايات المتحدة عرضت على بغداد، خلال الأيام القليلة الماضية، خطة لإشراك جهود أميركا في تأمين الحدود العراقية مع سوريا، بعد انتشار أنباء عن هروب عناصر خطرين في تنظيم (داعش)”.
لعودتها إلى واشنطن في نهاية الأمر..
ثم عاد “إسبر”، أمس، ليصرح بالقول إن هدف “واشنطن” هو سحب القوات الأميركية من “سوريا” إلى “العراق”، لتعود إلى “الولايات المتحدة الأميركية” في نهاية الأمر، بحسب ما ذكرته وكالة (رويترز).
وأضاف: “القوات الأميركية، التي تم سحبها من سوريا لن تبقى في العراق إلى ما لا نهاية”، مشيرًا إلى أن الهدف هو عودة الجنود الأميركيين إلى أرض الوطن.
ولفتت (رويترز) إلى أن تصريحات “إسبر” جاءت خلال حديثه مع جنود أميركيين خلال زيارة لموقع بطاريات (باتريوت)، المتمركزة في إحدى المناطق بجوار قاعدة “الأمير سلطان” الجوية في “المملكة العربية السعودية”.
وقال وزير الدفاع الأميركي إنه لا توجد تفاصيل في الوقت الحالي عن المدة، التي ستبقى فيها القوات الأميركية المنسحبة من “سوريا”، في “العراق”، مشيرًا إلى أنه سيناقش هذا الأمر مع نظيره العراقي، خلال لقائه اليوم الأربعاء.
استجواب برلماني..
فيما ينوي البرلمان سؤال الحكومة عن مدة بقاء القوات الأميركية وأماكن انتشارها.
“كُردستان” لا يمانع التواجد الأميركي وإنما يتخوف من التركي..
السياسي العراقي المستقل، “كريم النوري”، يقول عن هذا الموضوع: “عودتنا الولايات المتحدة التحرك والانسحاب بصورة مريبة، ونحن لا نحسن الظن بتلك التحركات، ولعل هناك تخبط في الإدارة الأميركية، فهم دائمًا يذهبون بإتجاه تأزيم المنطقة أو ما يسمى بالفوضى الخلاقة، ويتحركون وفق مصالحهم ومصالح إسرائيل، بعيدًا عن استقرار المنطقة”.
وتابع “النوري”: “هناك تناغم وتخادم بين إردوغان وترامب لترتيب المنطقة وفق الرؤية الأميركية، ويبدو أن الولايات المتحدة هي من سمحت لتركيا في التوغل في العمق السوري، لغرض إقامة مواقع ثابتة، وأن رفعت شعار محاربة الإرهاب وعناصر حزب العمال الكُردستاني”.
وأضاف “النوري”: “الولايات المتحدة تتحرك في العراق بحرية؛ وليس من باب استغلال الظروف التي يعيشها العراق بسبب المظاهرات، فإقليم كُردستان لا يمانع وجود قوات أميركية وإنما يتوجس من التواجد التركي”.
وهو ما أكده نائب عن “الأنبار”، طلب عدم نشر اسمه، بالقول: “من مصلحتنا بقاء تلك القوات في العراق (..) ستكون قريبة من المناطق التي انسحبت منها لمراقبة (داعش)”.
مديح كُردستاني لدور القوات الأميركية..
وكال “إقليم كُردستان” المديح على قرار سحب القوات الأميركية من مناطق شمال “سوريا”، مشيدًا بدور القوات الأميركية في “حماية” الإقليم.
حيث قالت رئاسة الإقليم في بيان: “كان لقوات التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، دور رئيس في حماية ومساعدة مواطني إقليم كُردستان، بدءًا بفرض منطقة حظر الطيران في العام 1991؛ فإسقاط النظام البعثي في 2003؛ وهزيمة تنظيم (داعش) الإرهابي في السنوات الأخيرة، وقد قدمت في هذا السبيل التضحيات ودافعت عن إقليم كُردستان جنبًا إلى جنب مع قوات بيشمركة كُردستان”.
وأضاف: “لذا لا ينبغي أن ننسى دور وكفاح التحالف، وخاصة الجيش الأميركي، ونخلط بينهما وبين قرار سياسي غير مرغوب، وإن إقليم كُردستان يكرر شكره وتقديره لقوات التحالف والجيش الأميركي، ويقيم عاليًا كفاحهم وتضحياتهم”.
في انتظار التغيير الديموغرافي وعودة “داعش”..
ويقول النائب الكُردي، “هه ريم أغا”، أن انسحاب القوات الأميركية من شرق “سوريا” سيؤدي إلى “تغيير ديموغرافي في تلك المنطقة؛ ويترك الباب مفتوحًا أمام تنظيم (داعش) الذي مازال متواجدًا في مناطق دير الزور”.
ويعتقد النائب أن: “(داعش) سيقوم بالضغط للدخول إلى العراق”، فيما اعتبر أن تحرك الحكومة العراقية بإتجاه الحدود خلال الأيام الماضية “أمر غاية بالأهمية لمنع المتسللين”.
وأعلن، قبل يومين، نائب في “نينوى” تمكن عدد من مسلحي (داعش) من عبور الحدود، وهو أمر نفاه المحافظ، “منصور المرعيد”.
بالتزامن مع ذلك، هاجم مسلحون، أمس الأول، حقول “علاس”، شرق “تكريت”، في أعنف هجوم تعرضت له الحقول منذ نحو أكثر من عام، كما قالت “خلية الصقور”، التابعة لـ”وزارة الداخلية”، أنها أشتبكت مع (داعش) في “تلال حمرين”.
وكان “علي الغانمي”، وهو عضو آخر في لجنة الأمن في البرلمان؛ قد أكد على وجود “ثغرات” في الحدود و”ضعف في الأجهزة الأمنية والدفاع الجوي”؛ مما قد يسمح بعبور المسلحين من “سوريا”، مضيفًا أنه على الرغم “وجود قوات قتالية في العراق تساعد على سد تلك الثغرات، لكنها ستواجه رفضًا من أغلب القوى السياسية”.
سحب القوات الأميركية بالتزامن مع عملية “نبع السلام”..
وقررت “الولايات المتحدة الأميركية”، في وقت سابق، سحب قواتها من “سوريا”، على الرغم من اعتبار الأكراد السوريين أحد الحلفاء الرئيسيين بالمنطقة في الحرب ضد تنظيم (داعش) الإرهابي.
وجاء القرار تزامنًا مع إطلاق الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، عملية عسكرية تحت اسم “نبع السلام” شمال شرقي “سوريا”؛ “لتطهير هذه الأراضي من الإرهابيين”، على حد وصفه، في إشارة إلى “وحدات حماية الشعب” الكُردية، التي تعتبرها “أنقرة” ذراعًا لـ”حزب العمال الكُردستاني”.
وتنشط “وحدات حماية الشعب” ضمن “قوات سوريا الديمقراطية”، التي دعمتها “الولايات المتحدة” في إطار حملة محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، وتأمين عودة اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم “تركيا” إلى بلادهم.