خاص : كتبت – نشوى الحفني:
دخلت حرب “غزة” يومها الـ 38 مع استمرار الاشتباكات العنيفة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، في ظل كارثة صحية وإنسانية في القطاع نتيجة للقصف الإسرائيلي الوحشي المستمر.
ورجّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي؛ “جوناثان كونريكوس”، شّن هجمات على أهداف في جنوب “غزة”، مشّددًا على أنه لا يسّتبعد أو يسّتثني أي منطقة من الهجمات.
وقال المتحدث: “الوضع على الأرض ديناميكي، هناك حرب مستمرة. أريد أن أؤكد أننا نُطالب وقد طلبنا من الناس، وما زلنا نطلب من الفلسطينيين الذهاب إلى الجنوب. لكننا لم نُصرح سابقًا بأننا لن نضرب جنوب غزة.. قد تكون هناك حالات سنستهدف فيها أهدافًا عسكرية مهمة في غزة”.
يُذكر أن الطائرات الإسرائيلية قصفت؛ السبت الماضي، قافلة نازحين على طريق “صلاح الدين”؛ الذي أعلنه الجيش الإسرائيلي: “ممرًا آمنًا” لانتقال المواطنين من شمال “غزة” لجنوبها.
وكان المكتب الحكومي في “غزة” قد صرح؛ في وقتٍ سابق، بأنه يتلقى عشرات المناشدات حول وجود مئات الجثامين بالشوارع بمناطق مختلفة من مدينة “غزة” ممن حاولوا التوجه إلى جنوب القطاع.
وأفادت تقارير صباح أمس؛ بتجدد القصف والغارات الإسرائيلية على “قطاع غزة”، فيما تحدثت وكالة الأنباء الفلسطينية؛ (وفا)، عن سقوط قتلى وجرحى جراء غارات إسرائيلية ليلية على شمال ووسط وجنوب “قطاع غزة”.
وبحسّب حصيلة غير نهائية؛ وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي المتواصل على “قطاع غزة”؛ منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، إلى أكثر: من 11.100 قتيل، بينهم أكثر من: 8000 طفل وامرأة.
كذلك أعلنت “وزارة الصحة” الفلسطينية ارتفاع حصيلة ضحايا المواجهات مع الجيش الإسرائيلي في “الضفة الغربية”؛ إلى: 186 قتيلاً؛ منذ الـ 07 من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
تحذير من اشتعال “الضفة الغربية”..
وحذرت تقارير أميركية من خطر اشتعال جبهة صراع ثانية ضد “إسرائيل” في “الضفة الغربية” المحتلة بسبب ارتفاع وتيرة حملات الدهم وهجمات الجنود والمسّتوطنين الإسرائيليين لمدن ومخيمات الضفة.
وقالت صحيفة (نيويورك تايمز) إن حالة التوتر في “الضفة الغربية” المحتلة تزايدت بشدة عما كانت عليه قبل هجوم (حماس) على مناطق “غلاف غزة”؛ في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
فقد باتت عمليات دهم واعتقالات متكررة للقوات الإسرائيلية؛ فيما مسلسل اعتداءات للمسّتوطنين لم يعرف توقفًا، وأصبح هذا هو المشهد السّائد في “الضفة الغربية”؛ منذ 07 تشرين أول/أكتوبر.
وكانت حادثة اقتحام مدينة “جنين” ومخيمها، في التاسع من تشرين ثان/نوفمبر الجاري، بين الأكثر دموية في “الضفة الغربية”، وأسّفرت عن مقتل: 14 فلسطينيًا.
وبين أمس الأول وصباح أمس؛ قُتل: 06 فلسطينيين في عدد من مدن “الضفة الغربية”؛ في حملات دهم للقوات الإسرائيلية.
وقالت صحيفة (نيويورك تايمز)؛ إن حالة التوتر بلغت: 04 أضعاف ما كانت عليه قبل التاريخ المذكور، الأمر الذي يُزيد من المخاوف الأميركية من أن تُشعل “إسرائيل” على نفسها جبهة ثانية من الصراع، خصوصًا بعد تحذيرات عربية متكررة من انفجار الوضع في “الضفة الغربية” بالكامل.
وأكثر ما بات يُهدد بوقوع ذلك؛ هجمات المسّتوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.
ووفقًا لصحيفة (نيويورك تايمز)؛ تأخذ هجمات المسّتوطنين الإسرائيليين شكل عمليات نهب واستيلاء على الأراضي وتدمير الممتلكات يتم أغلبها باستخدام السلاح.
تحذير “البيت الأبيض”..
وقد حث “البيت الأبيض”؛ في وقتٍ سابق، “إسرائيل”، على الحد من عنف المسّتوطنين في “الضفة الغربية” محّملاً مسؤولية كبح جُماح المسّتوطنين لرئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، وللحكومة اليمينية المتطرفة.
لكن قرارات حلفائه السياسيين الصادرة تباعًا تكشف عن ضعف قبضة “نتانياهو” على زمام الأمور، حيث دعا وزير المالية الإسرائيلي؛ “بتسلئيل سموتريتش”، لإنشاء مناطق عازلة ممنوعة عن الفلسطينيين في محيط المسّتوطنات، ما يُهدد بفقدان المزارعين لآلاف الهكتارات من أشجار الزيتون.
وقبله مرر وزير الأمن القومي الإسرائيلي؛ “إتمار بن غفير”، قانونًا وبشكلٍ سريع تحت قبة (الكنيست) يقضي بتوسيع منح تصاريح للمسّتوطنين بحمل السلاح، تحت مبرر منح المسّتوطنين حق الدفاع عن النفس.
ويقول الفلسطينيون إن ما يجري في “الضفة الغربية” حرب صامتة، في ظل خيمة الحرب في “قطاع غزة” وانشغال الصحافة والسياسيين بما يجري هناك.
فقدان التواصل..
إلى ذلك؛ أعلنت “منظمة الصحة العالمية”، أمس، أنها فقدت الاتصال مع “مستشفى الشفاء” في شمال “غزة”، مع تواصل التقارير المروعة عن تكرار تعرض المستشفى لهجمات.
وافترضت المنظمة أن مَن كان يجري التواصل معهم داخل المستشفى يُلحقون الآن بعشرات الآلاف من النازحين، الذين كانوا قد اتخذوا من المستشفى ملجأ، ولكنهم يهربون الآن من المنطقة. وقد وردت تقارير تُفيد بأن بعض مَن فروا من المستشفى تعرضوا لإطلاق النار عليهم وجُرحوا، بل وقُتل بعضهم، وفقًا لبيان للمنظمة.
وأشار البيان أنه على مدى آخر 48 ساعة، وردت تقارير بتكرار تعرض “مستشفى الشفاء” لهجمات، أسّفرت عن مقتل عدة أشخاص وجرح الكثيرين غيرهم. وتعرضت وحدة العناية المركزة لتلفيات من جراء القصف، كما حدثت تلفيات أيضًا في بعض أماكن من المستشفى كان النازحون يحتمون بها. كما وردت تقارير بأن مريضًا متصلًا بأنبوب تنفس قد تُوفي، نتيجة قطع الكهرباء لبعض الوقت.
وأشار البيان إلى أنه وفقًا لآخر تقارير؛ فإن المستشفى مُحاط بالدبابات، كما أكد طاقم المستشفى عدم توافر المياه النظيفة ووجود خطر لتوقف آخر الخدمات الحيوية عن العمل، ومنها وحدات العناية المركزة وأجهزة التنفس الصناعي والحضَّانات، بسبب نقص الوقود، وإذا حدث ذلك، فستتعرض حياة المرضى لخطر داهم.
وأعربت المنظمة عن قلقها البالغ إزاء سلامة العاملين الصحيين ومئات المرضى والمصابين، بمن فيهم الأطفال في الحضّانات والنازحين، الذين لا يزالون داخل “مستشفى الشفاء”، وهو أكبر “مجمع طبي” في “غزة”.
ووفقًا لآخر تقارير؛ فإن عدد المرضى الداخليين يكاد يكون ضعف سّعة المستشفى، برغم اقتصار الخدمات على الرعاية الطارئة اللازمة لإنقاذ الأرواح.
وقال مسؤول في “وزارة الصحة” الفلسطينية في “قطاع غزة”، أمس، إن قصفًا إسرائيليًا دمّر مبنى قسم أمراض القلب في “مجمع الشفاء الطبي”، الذي يُحاصره الجيش الإسرائيلي بعد تطويقه من أكثر من اتجاه.
استبعاد عودة السلطة..
على جانب آخر؛ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، إنه من المسّتبعد عودة السلطة الفلسطينية لإدارة “قطاع غزة”، بعد الانتهاء من الحرب على حركة (حماس)، وإنهاء سّيطرتها على القطاع.
وقال “نتانياهو”؛ ردًا على سؤال عن إمكان تولي “السلطة الفلسطينية” إدارة القطاع بعد الحرب: “لا يمكن أن تكون هناك سلطة يرأسها شخص، بعد مرور أكثر من 30 يومًا على المذبحة، لم يقم بإدانتها بعد، ينبغي أن يكون هناك شيء آخر، لكن في جميع الأحوال، يجب أن تكون لنا سّيطرة أمنية”.
وتابع “نتانياهو”: “نحتاج إلى سيّطرة أمنية كاملة، مع إمكانية الدخول، متى أردنا لطرد الإرهابيين الذين قد يعاودون الظهور”، حسّب قوله.
وقال: “لن تكون هناك سلطة مدنية تُعلم أولادها على كره إسرائيل، على قتل الإسرائيليين، على القضاء على دولة إسرائيل”.
وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي أنه مع انتهاء الحرب: “سيتم نزع سلاح غزة، ولن يكون هناك تهديد من غزة لإسرائيل. وقد ثبت بشكلٍ قاطع أن أي مكان لا يخضع للسّيطرة الأمنية الإسرائيلية سيشهد عودة الإرهاب”، بحسّب تصريحاته.
واعتبر أن: “ذلك تحقق في الضفة الغربية”، التي تحتلها “إسرائيل”، حيث يُكثف الجيش الإسرائيلي توغلاته منذ بدء الحرب في قلب المدن، التي يُفترض أنها خاضعة حصرًا لـ”السلطة الفلسطينية”.
و”الضفة الغربية”؛ منفصلة جغرافيًا عن “قطاع غزة”، الذي تقصفه “إسرائيل” بلا هوادة، منذ 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، ردًا على هجوم (حماس).
لا يمكن فصل “غزة”..
فيما أكد الناطق الرسّمي باسم الرئاسة الفلسطينية؛ “نبيل أبو ردينة”، أن “قطاع غزة” جزءً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية، وهو من مسؤولية “منظمة التحرير”.
ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية؛ (وفا)، أمس، عن “أبو ردينة”، قوله إن المحاولات الإسرائيلية لفصل “غزة” عن “الضفة” ستبوء بالفشل، ولن يتم السماح بذلك مهما كانت الضغوط والتهديدات المستمرة، مشيرًا إلى: “أن تكّريس الاحتلال في الضفة وغزة والقدس الشرقية، لن يُحقق الأمن لأحد”.
وأضاف “أبو ردينة” أن: “على إسرائيل أن توقف العدوان الذي تُمارسّه بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، وعلى الإدارة الأميركية أن تتحرك بشكلٍ فوري لوقف حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة”.
وأكد أن: “الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم لن يتحققا، إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، على حدود عام 67، والتي تشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة”.
وأكد “أبو ردينة”؛ أن: “إنهاء الاحتلال هو الذي يُحقق الأمن والاستقرار، وأن أي مسّاعٍ دولية لن تكون مجدية ما دام الاحتلال للضفة وغزة والقدس الشرقية قائمًا، وزوال الاحتلال هو الحل الوحيد لإعادة الاستقرار، ومنع استمرار تفجر الأوضاع في المنطقة بأسرها”.