19 أبريل، 2024 8:26 م
Search
Close this search box.

وسط انشغال حكومة بغداد بهمومها .. تركيا تحتجز مياه “دجلة” وتهدد العراق بالجفاف !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :

بدأت “تركيا” في ملء خزانها الضخم  خلف سد “إليسو”، الواقع على “نهر دجلة”، لتوليد الكهرباء، رغم الاحتجاجات على ملء الخزان الذي يهدد حياة العراقيين بالجفاف والموت.

تركيا تسد نهر دجلة رغم احتجاجات العراق..

أفادت المصادرة التركية، أن نظام الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، بدأ في ردم سد ضخم للطاقة الكهرومائية على نهر “دجلة”، رغم الاحتجاجات بأنه سيؤدي إلى تشريد الآلاف من الناس ويخاطر بإحداث نقص في حصة المياه الخاصة بـ”العراق”.

وأضافت المصادر أن المياه بدأت تتراكم خلف سد، “إليسو”، وهو مشروع استمر عقود ويهدف إلى توليد 1200 ميغاوات من الكهرباء في جنوب شرق “تركيا”.

ويُعد السد، الذي حصل على موافقة الحكومة التركية؛ لأول مرة في عام 1997، جزءًا رئيسًا من “مشروع جنوب شرق الأناضول” في “تركيا”، وهو مصمم لتطوير منطقته الأكثر فقرًا والأقل نموًا.

ويقول “العراق” إن السد سيؤدي إلى نقص المياه عن طريق الحد من التدفقات في أحد النهرين اللذين تعتمد عليهما البلاد في الكثير من إمداداتها، ويتدفق حوالي 70% من إمدادات المياه في “العراق” من الدول المجاورة، خاصة عبر نهري “دجلة” و”الفرات”، اللذين يمران عبر “تركيا”.

أنقرة : موضوع المياه لا يمثل مشكلة مع بغداد !

قدمت “تركيا” عرضًا لـ”العراق”، عبر تأكيد سفيرها لدى “بغداد”، استعداد بلاده للمساعدة في إجتياز مشكلة المياه.

وكان “ويسل أر أوغلو”، الممثل الخاص للرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قد زار “العراق” لبحث مشكلة المياه.

وقال السفير التركي، “فاتح يلدز”، أمس الأحد، إن زيارة “أوغلو” تكللت بثلاث نتائج مهمة، أولها أن “تركيا والعراق أثبتا أن موضوع المياه لا يمثل موضع خلاف، بل يمثل موضع تعاون”.

وأضاف “يلدز” أن: “النتيجة الثانية هي أن تركيا مستعدة لتقديم جميع أشكال تبادل الخبرات والدعم البنيوي والملموس على المدى البعيد، من أجل أن يجتاز العراق مشاكله بشأن المياه”.

وتابع السفير أن: “النتيجة الثالثة تؤكد عزم البلدين العمل معًا في إطار جدول زمني، وفقًا للتفاهم”.

خطورة السد على العراق..

يرى المراقبون أن السد سيؤدي إلى شُح المياه المتجهة إلى “العراق”؛ لأنَّه سيقلل التدفق في أحد النهرين، “دجلة والفرات”، اللذين تعتمد عليهما البلاد في معظم احتياجاتها من المياه.

وقالت الحكومة العراقية، إنَّ مسؤولون عراقيون وأتراك ناقشوا الموارد المائية لنهري “دجلة” و”الفرات”، في “بغداد”، يوم الأربعاء الماضي؛ ليروا كيف يمكن تحقيق مصالح البلدين.

العراق مُهدد بالجفاف..

وبينما سيوفر السد نحو 300 مليون دولار سنويًا للاقتصاد التركي، تقول الحكومة العراقية إنه سيؤدي إلى شُح المياه؛ لأنه سيقلل تدفق المياه في نهر “دجلة”، أحد النهرين اللذين تعتمد عليهما البلاد في معظم احتياجاتها من الماء.

ومنذ العام الماضي، أدى نقص المياه في “العراق” إلى إتخاذ إجراءات مثل حظر زراعة الأرز، ودفع مزارعين لهجر أراضيهم. وشهدت مدينة “البصرة” احتجاجات استمرت شهورًا بسبب عدم وجود مياه صالحة للشرب.

ومن الناحية السكانية؛ فإنَّ السد سيحرم أعدادًا كبيرة من السكان من مياه الشرب، وسيلوث مياه الشرب المتبقية، لأنها ستمر في مولدات الطاقة الكهرومائية؛ ويضاف إليها ما يخرج من مياه ملوثة من منظومات الصرف الصحي للمدن الواقعة على نهر “دجلة”. وسيرتفع مستوى التلوث والملوحة في هذه المياه، كما هو الحال في مياه “الفرات”، التي تسمح “تركيا” و”سوريا” بمرورها إلى “العراق” بعد أن تُشبعها بالملوثات والأملاح الناتجة عن الاستهلاك والزراعة والصناعة في “سوريا”.

خطورة السد داخل تركيا..

اعترض عدد من دعاة الحفاظ على البيئة مشروع السد أمام “المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان” على أساس أنَّه سيلحق الضرر بالتراث الثقافي للبلاد، لكنهم لم ينجحوا في مسعاهم.

ومن المتوقع أيضًا، أنَّ تغمر المياه في نهاية المطاف بلدة “حسن كيف”، التي يعود تاريخها إلى 12 ألف عام. ويجرى نقل سكان البلدة القديمة إلى بلدة “حسن كيف الجديدة”، على مقربة منها، كما يجرى نقل القطع الأثرية إلى خارج البلدة.

ونشرت مجموعة من المنظمات غير الحكومية والنقابات العمالية وأعضاء بالبرلمان التركي؛ صورًا التقطتها الأقمار الصناعية تظهر ارتفاع مستوى المياه خلف السد في الفترة بين 19 و29 تموز/يوليو 2019.

وأصدرت المجموعة التي تسمي نفسها، “تنسيقية حسن كيف”، بيانًا، أكدت فيه أنَّ: “الوضع الحالي يعزز فكرة أن الصمامات أغلقت بشكل دائم”، مضيفة: “لأن بحيرة السد تكبر كل يوم، فيما يشعر الناس الذين يقيمون في هذه المناطق بالقلق، إذ لا يمكنهم أن يعرفوا متى تصل المياه إلى مناطقهم السكنية أو الزراعية”.

هل سينتفض العراقيون ؟

يقول المحلل السياسي العراقي، الدكتور “وسام صباح”، إنَّ الجوانب السلبية وتأثيرات سد “إليسو” لم تظهر بعد داخل “العراق”، لافتًا إلى أنَّ الشارع العراقي مشغول الآن في تظاهرات جراء المشاكل الكبيرة التي يعيش فيها بشأن مسألة الخدمات والبنى التحتية والأزمة السياسية وتدخل الدين في الدولة، وغير ذلك.

وأضاف “صباح”؛ أنَّ تأثير السد سيكون على الزراعة في “العراق”، وذلك إلى جانب المشكلات الكثيرة التي تغرق فيها الزراعة في “العراق”، بسبب لجوء حكومة “بغداد” إلى “إيران” لجلب المواد الزراعية والفاكهة والخضروات من هناك.

واستطرد المحلل السياسي قائلًا إنَّ مسألة غليان الشارع العراقي، بالنسبة للسد، لم تأتِ بعد بسبب المشكلات الكثيرة، والتي تأتي على رأسها التدخلات الخارجية في السياسة العراقية، لافتًا إلى أنَّ هناك العديد من الأزمات التي تعصف بـ”العراق”؛ كالكهرباء والمجاري والمستشفيات والفساد المالي والإداري المستشري في البلاد، وكل ذلك له تأثير مباشر على المواطن العراقي.

مؤكدًا على أن: “الشارع العراقي سيتأثر في المستقبل بالسد التركي، وستكون هناك تظاهرات، لأن الحكومة العراقية لم تتخذ أي إجراء في مسائل كثيرة، ليس فقط في مسألة سد (إليسو)”.

قصور السياسة العراقية..

يرى المراقبون أن هناك تقصير بالغ من الجانب العراقي الذي كان من المفترض أن يتحرك سريعًا، منذ 2006، عندما بدأت “تركيا” بانشاء المشروع؛ ولكن الحكومة العراقية والمسؤولون عن ملف إدارة المياه يفتقرون إلى التدابير اللازمة وإلى التخطيط والخطط البديلة، في مواجهة الشُح المرتقب لنهري “دجلة” و”الفرات”، إذ يهدد الجفاف مناطق واسعة من جنوبي “العراق”، وسط توقعات بإشتداد الأزمة خلال السنوات المقبلة، إلا أن السياسة المعتمدة تقوم على تبادل الاتهامات، ولوّم النظام السابق، وإهمال المعالجة على مبدأ التسويف والغرق بسياسات ترقيعيه فاشلة.

العراق وأوراق الضغط..

تملك “بغداد” أوراق ضغط كثيرة لتحصيل حقها من جيرانها، بما يخص المياه وبما يخص ردع تجاوزات كثيرة. لكن الساسة العراقيون، وبالأخص فيما يخص ملف المياه، لا يمتلكون التخطيط ولا التكتيك لإدارة التفاوض في ظل غياب المختصين وأصحاب الخبرة، كما أن الحكومة لا تعطي هذا الجانب أي اهتمام ولا تفكر بالمصلحة الوطنية للبلاد، لانها بعيدة كل البُعد عن الحنكة السياسية والاقتصادية في إدارة الثروات.

ويملك “العراق” أوراق ضغطٍ ذهبية حيال “تركيا”، لكنه يجهل استغلالها بسبب ضعف حكومته وتوزع القرار السيادي على المضاربين السياسيين. علمًا بأن القانون الدولي والأعراف الدولية جميعًا تقف إلى جانب “العراق” في حال تقديم شكوى على “تركيا” أو غيرها؛ بخصوص التجاوزات الحاصلة على أنهاره، فقد نصّت قوانين “الأمم المتحدة” على: “أنَّ الدول المُتشاطئة، وإنْ كانت تملك حقوق السيادة على الجزء المار أو المتاخم لأراضيها، فإن هذا الحق السيادي مقيَّد بحقوق الدول الأخرى، (المُتشاطئة على النهر)”، وهذه المادة مثلاً تتناقض مع الشعار الدائم الذي ترفعه الحكومات التركية المتعاقبة لتبرير إنشائها عشرات السدود على “دجلة” و”الفرات”، بدعوى أنها تمارس حقها السيادي على أرضها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب