خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في واحدة من خطوات الرد العملي من الجانب الإيراني على “أميركا”، والتي من شأنها زيادة مستوى التوتر في العلاقات بين البلدين، حيث أخطرت “طهران” المفتشين الدوليين بأنها على وشك البدء في إنتاج (اليورانيوم) بمستوى أعلى بكثير من التخصيب في منشأة “فوردو”، التي تقع في أعماق الجبال، حيث يصعب مهاجمتها، فيما يُعتبر علامة حمراء للرئيس الأميركي، “دونالد ترمب”، قد تدفعه لإعادة إحياء خطط قصف المنشآت النووية الإيرانية، وفقًا لما أوردته صحيفة (نيويورك تايمز New York Times) الأميركية.
الصحيفة؛ أضافت أن هذه الأخبار ترافقت مع تقارير مخابراتية؛ بأن “إيران” قد تستهدف بعض الأهداف الأميركية، في بداية هذا الأسبوع.
هذا الإجراء الإيراني، يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات نارية تحمل التهديد والوعيد بين الجانبين، مع حلول الذكرى الأولى لمقتل قائد (فيلق القدس) السابق في “الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، الذي قضى بضربة أميركية بطائرة قرب “مطار بغداد”، في 3 كانون ثان/يناير 2020.
للضغط على “بايدن” للإنضمام إلى الاتفاقية النووية..
وبدأت أخبار التخصيب تهدف، في المقام الأول، إلى الضغط على الرئيس المنتخب، “جو بايدن”، للإنضمام إلى “الاتفاقية النووية” مع “إيران”.
وجاء في الإخطار، إلى “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، في “فيينا”، التابعة لـ”الأمم المتحدة”، أن “إيران” ستستأنف إنتاج (اليورانيوم) المخصب حتى درجة نقاء 20%. وهذا هو أعلى مستوى أنتجته “إيران”، قبل “الاتفاق النووي”، وبحسب التقرير يعُتبر الوقود المخصب إلى هذا المستوى لا يكفي لإنتاج قنبلة، لكنه قريب جدًا.
ووسط هذه الأحداث، سبق وأن تم توقع هذه الخطوة، حيث أقر “البرلمان الإيراني”، مؤخرًا، تشريعًا يُطالب الحكومة بزيادة كمية الوقود ومستوى التخصيب. لكن اختيار القيام بهذا الإنتاج في “فوردو”، أحدث منشآتها، هو الأغرب. لقد تم بناء المصنع تحت جبل في قاعدة لـ (الحرس الثوري)، وهي محمية جيدًا وسيتطلب ضربها بنجاح هجمات متكررة بأكبر قنابل خارقة للتحصينات في الترسانة الأميركية.
ويضيف التقرير؛ أن “إيران” سوف تستغرق شهورًا لإنتاج أي كمية كبيرة من الوقود بمستوى تخصيب بنسبة 20%، لكن بموجب إعلانها، أمس، قد تكون علامة حمراء أخرى لـ”ترمب” لإعادة إحياء خيارات القصف للمنشآت النووية.
سحب وإعادة انتشار جزئي..
وكان (البنتاغون) قد سحب فجأة حاملة الطائرات، (نيميتز)، من الشرق الأوسط وإفريقيا؛ بسبب اعتراضات كبار المستشارين العسكريين، مما يُمثل انعكاسًا لإستراتيجية استعراض العضلات التي استمرت لأسابيع، والتي تهدف إلى ردع “إيران” عن مهاجمة القوات والدبلوماسيين الأميركيين في الخليج العربي.
وأمس الجمعة، قال مسؤولون إن وزير الدفاع بالنيابة، “كريستوفر سي ميللر”، أمر بإعادة انتشار السفينة جزئيًا؛ كإشارة “لخفض التصعيد” لطهران، لتجنب الوقوع في أزمة في أيام الرئيس، “ترامب”، الأخيرة.
معلومات تؤكد تحضير إيران لضربة..
وتشير تقارير المخابرات الأميركية إلى أن “إيران” ووكلاءها؛ ربما يحضرون لضربة في وقت مبكر من نهاية هذا الأسبوع، للانتقام لمقتل “قاسم سليماني”.
وأثار بعض كبار مساعدي “ميللر”، بمن فيهم، “عزرا كوهين وأتنيك”، أحد الموالين لـ”البيت الأبيض”، الذي تم تعيينه مؤخرًا في منصب المسؤول الأعلى لسياسة الاستخبارات في (البنتاغون)، شكوكًا حول قيمة الردع لحاملة الطائرات (نيميتز).
وقال مسؤولو (البنتاغون)؛ إنهم أرسلوا مقاتلات أرضية إضافية وطائرات هجومية، بالإضافة إلى طائرات للتزود بالوقود إلى المنطقة ودول الخليج الأخرى لتعويض سحب حاملة الطائرات (نيميتز).
وفي الأسابيع الأخيرة؛ هدد “ترامب”، إيران، مرارًا وتكرارًا، على موقع (تويتر)، وفي تشرين ثان/نوفمبر، ناقش كبار مسؤولي الأمن القومي للرئيس عن توجيه ضربة استباقية ضد موقع نووي إيراني.
وكان (البنتاغون) والقيادة المركزية نشروا، لأسابيع، قوات وطائرات لاستعراض القوة لتحذير “طهران” من عواقب أي هجوم.
ووصلت (نيميتز) وسفن حربية أخرى؛ لتوفير غطاء جوي للقوات الأميركية المنسحبة من “العراق وأفغانستان والصومال”. وأرسل سلاح الجو ثلاث مرات قاذفات ( B-52) للطيران، ضمن مسافة 60 ميلاً من الساحل الإيراني.
إبحار غواصة نووية في الخليج..
كما أعلنت البحرية، لأول مرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان؛ أنها أمرت غواصة نووية بالإبحار إلى الخليج العربي.
والأربعاء الماضي، حذر الجنرال “كينيث ماكينزي”، الإيرانيين ووكلاءهم من الميليشيات في “العراق”، من أي هجمات في ذكرى وفاة “سليماني”، التي تحل في 3 كانون ثان/يناير الجاري.
من جهته؛ قال القائم بأعمال وزير الدفاع، “كريس ميللر”، لشبكة “NBC News” ، في بيان، في وقت متأخر من أمس الأول؛ بأنهم يواصلون مراقبة “إيران” عن كثب. وتابع: “بينما آمل أن ندخل عام 2021 بسلام وبدون صراع، فإن الوزارة على استعداد للدفاع عن الشعب الأميركي ومصالحه”.
رد إيران لا علاقة له بمن يكون “سيد” البيت الأبيض ؟
فيما أوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “سعيد خطيب زادة”، اليوم السبت، إن: “إيران سترد على أي اعتداء أميركي، ولا يهمنا من سيكون حينها في البيت الأبيض وأي يوم من عمر إدارته”.
وأضاف المتحدث أن “إيران” لا تتخذ قراراتها بناءً على التطورات في “واشنطن”، مشيرًا إلى أن قرارات “طهران” بشأن المصالح الوطنية، مستقلة ولا تأخذ بعين الاعتبار ماذا يحدث في “الولايات المتحدة”.
واعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية؛ أن تفكير الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بخلق التوتر في آخر أيامه بالسلطة خطأ إستراتيجي في الحسابات، وقال: “يجب على الولايات المتحدة ألا تخطيء في حساباتها حول رد إيران”.
ليست مجرد تدريبات..
وكانت القوات البحرية الإيرانية في الخليج العربي؛ قد رفعت مستويات استعدادها، خلال الـ 48 ساعة الماضية، وفقًا لمسؤول أميركي مُطلع على أحدث المعلومات الاستخباراتية.
وقال المسؤول؛ إنه ليس من الواضح ما إذا كانت تحركات الإيرانيين “دفاعية”، لأنهم يتوقعون هجومًا أميركيًا محتملاً، أو أنها إشارات إلى أن الإيرانيين يستعدون لعمليات في الخليج ضد “الولايات المتحدة”.
وأشار إلى أن أحد المؤشرات الرئيسة لذلك؛ هو أن عددًا من السفن العسكرية الإيرانية لم تُعد في الميناء ولكنها في البحر.
ورفض المسؤول الإدلاء بتفاصيل محددة بشأن التحركات الإيرانية، بسبب حساسية الموقف، لذلك لا يُعرف علنًا مدى اتساع الاستعداد المتزايد، أو النوايا الإيرانية.
لكن “الولايات المتحدة” لا تعتقد أن التحركات العسكرية الإيرانية مجرد تدريب في البحر. وغالبًا ما تباينت جاهزية القوات العسكرية الإيرانية بمرور الوقت.
طهران ترصد التحركات العسكرية والقواعد الإميركية..
إلى ذلك، أكد “يحيى رحيم صفوي”، كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، اليوم، أن قوات بلاده ترصد كافة التحركات العسكرية الأميركية وقواعد “واشنطن” في المنطقة.
وقال “صفوي”: “نتابع التحركات الأميركية من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي وخليج عُمان والخليج؛ ونراقب كافة القواعد الأميركية في دول المنطقة”.
وأضاف: “ندرك نقاط ضعف وقوة العدو، وقواتنا العسكرية تتمتع بإشراف استخباراتي واستعداد قتالي.. إيران لن تكون البادئة بأي حرب، لكن إذا هاجمنا العدو بلادنا ومصالحها الحيوية، لدينا القدرة والاستعداد الكامل للرد بقوة”.
وتابع: “الأميركيون قلقون من عمل عسكري إيراني في ذكرى اغتيال، قاسم سليماني، وهم الآن في حال ردة فعل، وهم يتخذون موقع المدافع في هذه المرحلة”.
وشدد على أن القوات المسلحة الإيرانية على يقظة تامة ومستعدة للدفاع عن مصالح “إيران” وأمنها القومي، منوهًا إلى أن: “الأميركيين يدركون مدى الضرر الذي سيلحق بقواتهم في أي مواجهة”.
وأكد أن لدى إيران: “إشرافًا على القواعد الأميركية في المنطقة، وقادرون على إغراق حاملات الطائرات الأميركية بغضون ساعات”، وقال: “نأمل ألا يحدث تصعيد في الأيام القليلة المتبقية لرحيل إدارة ترامب الخبيثة”.
وختم “صفوي”: “الانتقام لقاسم سليماني؛ لا يزال على أجندتنا، ولا نسعى إلى التصعيد على المدى القصير”.
آثار كارثية على المصالح الأميركية في المنطقة..
ورأى الخبير في الشؤون الإقليمية، “حيدر سلمان”، أن: “خطوة القيام بعمل عسكري من قِبل واشنطن؛ ستكون له آثار كارثية على المصالح الأميركية في المنطقة”، معتبرًا أن “دولاً حليفة لواشنطن تحرض ترامب على القيام بهكذا خطوة”.
ولفت إلى أن “إيران” لن تبادر إلى القيام بعمل عسكري يمكن أن يؤدي إلى حرب في المنطقة، وأن الرد على اغتيال “سليماني” لا يرتبط بوجود “ترامب” في سدة الرئاسة، بل سيبقى قائمًا في حال لم تتغير السياسة الأميركية تجاه “طهران”، من قِبل ولاية الرئيس المنتخب، “جو بايدن”.