خاص : كتبت – نشوى الحفني :
وسط توقعات بفوز الرئيس، “بشار الأسد”، بولاية رابعة مدتها سبع سنوات، أُجريت في “سوريا”، الأربعاء، انتخابات رئاسية في الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة، وهو الأمر الذي يطاله بعض الشكوك والرفض خاصة الدولي.
ويخوض “الأسد” الانتخابات أمام مرشحين إثنين، هما: “عبدالله عبدالله”، الذي شغل منصب نائب وزير في السابق، و”محمود مرعي”، الذي يرأس حزبًا معارضًا يحظى بموافقة رسمية.
وأثناء الإدلاء بصوته، قال “الأسد” إن رأي الغرب يعتبر: “صفرًا”.
لا انتخابات حقيقية في سوريا..
واعتبرت “الأمم المتحدة”؛ أنه لا توجد انتخابات حقيقية دون الإلتزام بقرار مجلس الأمن (2254)، والذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية في “سوريا”.
وفي إحاطته الافتراضية أمام جلسة مفتوحة لـ”مجلس الأمن”، أضاف “بيدرسون”؛ أن: “الأمم المتحدة تواصل التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي تفاوضي في “سوريا”، لتنفيذ القرار (2254)”، وهو ما وصفه بأنه: “السبيل الوحيد المستدام لإنهاء الصراع ومعاناة الشعب السوري”.
ونقل موقع “الأمم المتحدة” عن “بيدرسون”؛ أنه: “أحيط علمًا بالانتخابات الرئاسية التي تجري اليوم، في سوريا، تحت مظلة الدستور الحالي”، وأشار إلى أن “الأمم المتحدة” لا تشارك في تلك الانتخابات ولا تفويض لديها بذلك.
وأعرب “بيدرسون” عن خشيته من أن: “تصبح سوريا صراعًا مطولاً آخر يستمر لسنوات”، إذ استمر اللاعبون الرئيسون باستثمارهم: “في إدارة الصراع بدلاً من حل الصراع”، وأوضح أن: “أصحاب المصلحة الرئيسيين يفهمون الخطوط العريضة للحل السياسي للصراع، ومع ذلك لا أحد منهم على استعداد لاتخاذ الخطوة الأولى”.
ودعا “بيدرسون”، في كلمته؛ إلى إغتنام فرصة: “الهدوء النسبي” الذي يعم البلاد الآن. وقال: “على الرغم من الكوارث العديدة التي يواجهها السوريون، يسود هدوء نسبي على الأرض أكثر مما كان عليه الحال في السنوات السابقة”.
إقبال جماهيري..
وفي كلمة له في الجلسة؛ قال مندوب “سوريا” الدائم لدى الأمم المتحدة، “بسام الصباغ”، إن مراكز الاقتراع في المحافظات السورية كافة؛ شهدت إقبالاً جماهيريًا من ملايين السوريين للمشاركة في الانتخابات، ورأى أن: “تلبية ذلك الاستحقاق الدستوري تعني الحفاظ على سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي”.
وينص قرار “مجلس الأمن”، رقم (2254) الصادر عام 2015، على أن تشمل العملية السياسية لحل الأزمة انتخابات حرة ونزيهة، وفقًا لدستور جديد، وأن تُدار بإشراف “الأمم المتحدة”: “وفقًا لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، وأن يكون جميع السوريين، بمن فيهم المقيمون في الخارج، مؤهلين للمشاركة”.
تقوض جهود تسوية الصراع السوري..
الموقف الأممي أيدته كل من: “الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا”، بينما يختلف الحال لدول أخرى كـ”روسيا”، التي تُعد الداعم الرئيس، لـ”بشار الأسد”.
فأكد “الاتحاد الأوروبي”، اليوم الخميس، أن الانتخابات الرئاسية التي شهدتها “سوريا”، أمس، لن تسهم في تسوية الصراع السوري، وإنما ستقوض الجهود الجارية في هذا الشأن.
وقال “جوزيب بوريل”، مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد، في بيان، إن الانتخابات لم تستوف أيًا من معايير التصويت الديمقراطي الحقيقي، ولن تسهم في تسوية الصراع. ويجب أن تجري الانتخابات في “سوريا”، في إطار عملية سياسية حقيقية فقط، بما يتماشى مع قرار “مجلس الأمن”، رقم (2254).
واعتبر “الاتحاد الأوروبي”، أن انتخابات، يوم أمس، تقوض الجهود المبذولة لإيجاد حل دائم للصراع السوري، وشدد على أنها لا يمكن أن تؤدي إلى أي صورة من صور التطبيع الدولي مع النظام السوري.
وأكد على ضرورة أن تكون العملية السياسية شاملة تتضمن مشاركة جميع شرائح المجتمع السوري.
وأعرب الاتحاد عن استعداده لدعم انتخابات حرة ونزيهة في “سوريا”، وفقًا لقرار “مجلس الأمن الدولي” رقم (2254)، وتحت إشراف “الأمم المتحدة”، شريطة أن تلتزم بأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة وأن يشارك فيها جميع السوريين.
مسرحية هزلية..
وصفت المعارضة السورية في المنفى الانتخابات الرئاسية بأنها مسرحية هزلية.
وقال “يحيى العريضي”، المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية؛ إن: “هذه الانتخابات تُعد إزدراء للشعب السوري. إنها قرار الحكومة، التي تساعدها روسيا وإيران، إنها قتل للعملية السياسية. إنها استمرار للاستبداد”.
وقال وزراء خارجية: “فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة”، في بيان مشترك؛ إن الانتخابات لن تكون: “حرة ولا نزيهة” بدون إشراف “الأمم المتحدة”.
وأضافوا في البيان: “إننا ندعم أصوات السوريين كافة، بما في ذلك المعارضة ومنظمات المجتمع المدني”.
ووصف البيان الانتخابات بأنها “غير شرعية”..
كما قال (مجلس سوريا الديمقراطية)، وهو الجناح السياسي للإدارة التي يقودها الأكراد التي تحكم شمال شرق “سوريا”، إنه: “غير مهتم بالانتخابات التي لن تحقق أهداف الشعب السوري في حياته وحقوقه ووجوده السياسي”.
ردود أفعال متوقعة من واشنطن والاتحاد الأوروبي..
فيما قال عضو “مجلس الشعب” السوري، “مهند الحاج”: “إن البيانات الصادرة عن واشنطن ودول أوروبية؛ بأن الانتخابات الرئاسية في سوريا لن تكون حرة ولا عادلة: موضوع متوقع من قبل واشنطن والمجتمع الأوروبي”.
وأوضح في مداخلة مع (راديو سبوتنيك)، أن: “الانتخابات في أي دولة بالعالم لا تكتسب الشرعية؛ إلا من شعبها، فالكل يأخذ شرعيته من شعبه ودستوره، وقد قمنا بدعوة أكثر من 14 دولة لمواكبة العملية الانتخابية، لكن الولايات المتحدة التي تدعي الديمقراطية، سوف تعترض على الانتخابات ونتائجها بكل تأكيد”.
يُذكر أن “سوريا” تعاني، بسبب الصراع الذي اندلع بعد أن ردت حكومة “الأسد” بقوة مميتة على احتجاجات سلمية مؤيدة للديمقراطية، في آذار/مارس 2011.
وتسببت أعمال العنف في مقتل ما لا يقل عن 388 ألف شخص، ونزوح نصف السكان من ديارهم، بما في ذلك ما يقرب من ستة ملايين لاجيء في الخارج.
سبب إجراء الانتخابات..
وكان “بشار الأسد”، البالغ من العمر (55 عامًا)، قد تولى رئاسة “سوريا”، منذ عام 2000، بعد وفاة والده، “حافظ الأسد”، الذي حكم البلد لأكثر من ربع قرن.
وأعيد انتخاب “بشار”، لولاية ثالثة، قبل سبع سنوات بعد فوزه بنسبة 88% من الأصوات؛ في اقتراع أُجري على الرغم من احتدام القتال في جميع أنحاء البلاد ورفض المعارضة المشاركة.
منذ ذلك الحين، تحول تيار الحرب بشكل حاسم لصالح “الأسد”، إذ ساعدت الضربات الجوية الروسية وميليشيات مدعومة من “إيران”، الجيش السوري، على استعادة السيطرة على أكبر المدن.
ومع ذلك، لا تزال أجزاء كبيرة من البلاد تحت سيطرة معارضين وإسلاميين متشددين وقوات يقودها الأكراد. ويبدو الحل السياسي للصراع بعيد المنال.
وتقول الحكومة إن الانتخابات تظهر أن الأوضاع في “سوريا” تسير بشكل طبيعي. وبحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية، فإن عدد الناخبين المسجلين داخل “سوريا” وخارجها يتجاوز 18 مليون شخص.
وقال “الأسد”، للصحافيين؛ بعد التصويت في “دمشق”: “سوريا ليست ما كانوا يحاولون تسويقه – مدينة ضد أخرى وطائفة ضد أخرى، أو حرب أهلية. اليوم، نحن نثبت، من دوما، أن الشعب السوري واحد”.
وتُجرى هذه الانتخابات على الرغم من مشاركة الحكومة في عملية تقودها “الأمم المتحدة” لصياغة دستور جديد، يهدف إلى السماح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، تُدار تحت إشراف “الأمم المتحدة”، ويُسمح لجميع السوريين، بما في ذلك ملايين اللاجئين، بالمشاركة فيها.