ورطة “الإخوان” في تركيا .. هل تستخدمهم “أنقرة” قربانًا لتحسين الصورة أمام العالم ؟

ورطة “الإخوان” في تركيا .. هل تستخدمهم “أنقرة” قربانًا لتحسين الصورة أمام العالم ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة مفاجئة لم تكن متوقعة يومًا؛ وصفها الكثيرون بانقلاب السحر على الساحر، اعتقلت السلطات التركية، 23 من عناصر “جماعة الإخوان المسلمين”، من الهاربين من “مصر” والمقيمين على أراضيها، بعد رفضها منح الجنسية لنحو 50 من عناصر وقيادات الجماعة الإخوانية، وفقًا لما جاء بـ (العربية نت).

(العربية نت) ذكرت أن السلطات التركية تحتجز حاليًا هؤلاء العناصر بعدما كشفت تواصلهم مع دول خارجية لتوفير ملاذات آمنة لعناصر إخوانية من “مصر” ودول عربية أخرى، بالتنسيق مع قيادات التنظيم الدولي للإخوان، وهو ما أدى لتوتر العلاقة بين قيادات التنظيم والحكومة التركية.

وتبين أن هؤلاء العناصر كانوا يتواصلون مع جهات إغاثية، ومنظمات تابعة للجماعة في بعض الدول الأوروبية، لتسهيل إيواء وتدريب وتوفير ملاذات آمنة لعناصر إخوانية يمنية ومصرية وسورية، بتنسيق مع “التنظيم الدولي للإخوان”، ودون استشارة الحكومة التركية أو التنسيق معها، خاصة أن هذه الاتصالات كانت تتم من داخل الأراضي التركية، وهو ما أزعج حكومة “أنقرة” التي أرتأت أن الجماعة وقياداتها تتصرف بعيدًا عن وصايتها وتوجيهاتها، وتتعامل مع دول لديها تعارض في المصالح مع الدولة التركية.

وكشفت المصادر أن عددًا من هؤلاء العناصر رتبوا لتسفير وتدريب بعض شباب “جماعة الإخوان المسلمين”، المتواجدين في “ماليزيا”، إلى “جورجيا”؛ للتدريب على ما يسمى “استراتيجية خرطوم الأباطيل”، وهي إحدى وسائل أو أساليب الحرب النفسية التي تجيدها المخابرات الروسية، فيما كشفت الحكومة التركية وجود قنوات اتصال كبيرة ومفتوحة من أراضيها بين هؤلاء العناصر وبين جهات نافذة وفاعلة في “إيران”، بمباركة قيادة إخوانية كبيرة تقيم في “لندن”.

هذه الخطوة تأتي بعد أيام قليلة من رفض السلطات التركية منح الجنسية لنحو 50 من أفراد الجماعة، بينهم قيادات كبيرة وعناصر من الصف الأول، حيث كشفت التقارير تورطهم في التعاون مع دول خارجية، بينها “إيران” ودول أخرى، وتدريب العناصر التابعة للجماعة داخل “جورجيا” على اختراق الأمن السيبراني، وجمع المعلومات عبر وسائل التواصل، واختراق حسابات وصفحات تواصلية، ما قد يشكل خطرًا على الأمن القومي التركي مستقبلاً في حالة حصول هؤلاء على الجنسية.

التجنيد مقابل الحصول على الأموال..

الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي، “أحمد الشوربجي”، يقول إن عناصر جماعة الإخوان تواجه ظروفًا مادية وحياتية صعبة في “تركيا”، ولذلك تفككت أسر إخوانية كثيرة هناك وانفصلت بالطلاق بسبب قلة الرواتب وتدني المعيشة وصعوبة العودة لـ”مصر”، في ظل وجود أحكام ضدهم في قضايا عنف وإرهاب، مشيرًا إلى أن كل هذه العوامل جعلتهم فريسة سهلة للاستقطاب والتجنيد والعمل لحساب أي جهات ومخابرات معادية للدولة التي يقيمون فيها مقابل الحصول على المال.

وذكر “الشوربجي”، أن شباب “جماعة الإخوان المسلمين” تعرضوا لصدمات متتالية وخيبات أمل في قياداتهم، الذين تخلوا عنهم ما عرضهم للتشتت وفقدان الثقة في الجماعة والوطن و”تركيا” نفسها، مفجرًا مفاجأة أخرى بالقول إن المخابرات التركية ألقت، العام الماضي، القبض على مجموعة من أفراد وعناصر الجماعة، بعضهم له حيثية قيادية بذات التهمة، وهي التعاون مع الخارج، وثبت أن بعضهم يعمل لصالح الاستخبارات الروسية ولديه اتصالات وعلاقة تعاون ثابتة معها.

وقال إن الكثير من شباب “جماعة الإخوان المسلمين” الفارين لتركيا لديهم استعداد نفسي للتعامل مع أي جهات توفر لهم الأمان المالي، في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها في تركيا وتخلي الجماعة وقياداتها عنهم، وهو ما تنبهت له الحكومة التركية وبدأت في مراقبة كل عناصر “جماعة الإخوان المسلمين” المقيمين على أراضيها، ورفض منح الجنسية لبعضهم، فيما تحاول قيادات الجماعة حاليًا البحث عن ملاذات أخرى لنقل عدد كبير من عناصرها إليها.

خطة “إردوغان” للتخلي عن الإخوان..

من جهته؛ كشف الكاتب السوري، “خورشيد ديلي”، عن خطة “إردوغان” للتخلي عن جماعة الإخوان وعناصرها، قائلاً أنه على الرغم من فتح الرئيس التركي بلاده وجعلها مقرًا لـ”الإخوان المسلمين”، وفتح لهم منصات إعلامية، ومنح بعضهم الجنسية التركية، واستخدمهم ضد شعوبهم ودولهم، بل ودفعهم لإرتكاب جرائم هنا وهناك باسم الدين، إلا أن هناك مؤشرات على تخلي “إردوغان” عن الإخوان لإنقاذ نظامه، خاصة بعد أنباء اعتقال 23 من قيادات وعناصر الإخوان المقيمين في تركيا مؤخرًا بتهمة التواصل مع دول أخرى لتأمين ملاذات آمنة لعدد من قادة الإخوان دون علم السلطات التركية.

مضيفًا أن المؤشرات التي تكشف عن بدء “إردوغان” بالفعل في التخلي عن “الإخوان المسلمين” تتمثل في عدة مظاهر منها، أولاً: مغازلة “مصر”، والحديث التركي المكثف عن اللقاءات “التركية-المصرية”، والاستعداد لإقامة علاقات أفضل مع “مصر” بعد سنوات من العداء، بجانب التسريبات التركية حول عرض تضمن تخلي تركيا عن دعم “جماعة الإخوان المسلمين” في مصر، وإغلاق قنواتها التلفزيونية التي تبث من تركيا، وتسليم عدد من قادة الجماعة إلى السلطات المصرية مقابل المصالحة، ويكشف العرض التركي مدى استعداد “إردوغان” لبيع الإخوان مقابل مصالحه.

وثانيًا: مغازلة “المملكة العربية السعودية”، وبنفس الأسلوب المتبع مع “مصر”، تتم مغازلة تركية للسعودية، وتصنف السعودية، “جماعة الإخوان المسلمين”، على أنها منظمة إرهابية، ويكشف هذا الأمر عن مدى استعداد “إردوغان” للتضحية بالإخوان على مذبح مصالح بلاده ونظامه، بعد التطورات الإقليمية والدولية، وتحسبًا لتولي “جو بايدن”، الرئيس الأميركي المنتخب، مهامه على رأس “البيت الأبيض”.

وثالثًا: السلطات التركية تحد من الظهور الإعلامي لقادة الإخوان، حيث كشفت مصادر تركية عن توجيه السلطات التركية لقادة “الإخوان المسلمين”، المقيمين في تركيا، بالحد من ظهورهم الإعلامي من تركيا، وعدم مهاجمة دول وأنظمة المنطقة.

ورابعًا: الدعوات الدولية بتصنيف الإخوان، جماعة إرهابية، إذ تأتي خطوة “إردوغان” أيضًا عقب ظهور دعوات قوية، في عدد من الدول الأوروبية والأميركية، وتحديدًا في “الكونغرس” لتصنيف “جماعة الإخوان المسلمين” على أنها منظمات إرهابية، إضافة إلى أن دولاً عربية مؤثرة مثل: “مصر والسعودية والإمارات”؛ صنفت الجماعة بـ”الإرهابية”.

محاولة للتقرب من الرأي العام العالمي..

وقال الخبير الإستراتيجي المصري، اللواء أركان حرب دكتور “عادل العمدة”، أن خبر اعتقال بعض عناصر الإخوان من قِبل السلطات التركية؛ ما هي إلا محاولة للتقرب من الرأي العام العالمي من قِبل “إردوغان”، الذي يبلي بلاءً حسنًا في محاولة تحسين صورته أمام العالم بتنفيذ بعض المسرحيات والتمثيليات بإدعاء اعتقال بعض العناصر الإرهابية، لكي يبرهن أمام المجتمع الدولي أنه ضد الإرهاب والتطرف، مضيفًا أن “إردوغان” يُعتبر الأمين على تنظيم “جماعة الإخوان” بالعالم؛ وبالتالي فإن له دور فعال وبارز في هذا التنظيم، وأن هناك دعمًا كبيرًا جدًا لتحسين صورة “إردوغان” داخل تركيا وخارجها.

مشيرًا إلى ما قاله “صامويل فيليبس هنتنغتون”، وهو عالم وسياسي أميركي؛ أن هناك احتياجًا لدولة مركزية إسلامية؛ ورشحت بقوة “تركيا” بعد العديد من الدول العربية، نظرًا لوجود شكل عام من العلمانية في الاتجاه السائد داخل “تركيا”، وبالإضافة لاحتياجهم لصناعة زعيم، لذلك توغل “إردوغان” في شمال “سوريا” وشمال “العراق”، بالإضافة إلى تواجده في “القرن الإفريقي”، في “الصومال”، وأيضًا محاولة تدخله في الشأن الليبي من خلال الميليشيات المسلحة المدعومة، بالإضافة للتواجد في “اليونان”، ومن خلال “قبرص التركية”، لمحاولة إعطاء نفسه مساحة من الانتشار، وفي تصوير كونه فاعلاً ومؤثرًا وتحسين صورته كزعيم بالمنطقة.

وأشار الخبير الإستراتيجي، أن اعتقال بعض عناصر الإخوان من قِبل السلطات التركية؛ ما هي إلا ضجة إعلامية لتحسين الصورة أمام الرأي العام العالمي ومحاولة التقرب للمجتمع الدولي في إعادة صياغة صورته كعنصر مناهض للإرهاب والتطرف وداعم للسلام والأمن في العالم، على الرغم من أنه متغول ومؤثر بالسلب على المنطقة بالسلاح وبالقوة والرأي وبالمجهود، والداخل التركي أيضًا يئن من تصرفاته الهوجاء التي لم تُسفر إلا عن إنهيار للاقتصاد التركي والذي يظهر جليًا في تراجع العُملة التركية بشكل ملحوظ، خاصة وأن العديد من الدول الكبرى كانت أعلنت وأكدت أن جماعة الإخوان تنظيم إرهابي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة