28 أبريل، 2024 2:10 ص
Search
Close this search box.

وداعًا شرير السينما المصرية الأنيق “جميل راتب” .. عاش للفن ومات وحيدًا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – بوسي محمد :

بين ليلة وضحاها تحولت صفحات التواصل الاجتماعي لمشاهير العرب سراديق عزاء.. ناعين الفنان المصري القدير، “جميل راتب”، الذي رحل عن عالمنا في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء، إثر تعرضه لوعكة صحية أودت بحياته، عن عمر يناهز 92 عامًا.

رغم عدم تصدر اسمه تترات الأعمال الفنية، لكنه ترك بصمته في كل عمل يقدمه، ليصنف من أهم الممثلين بين أقرانه من الوسط الفني.

تميز أداء “راتب” بالسهل الممتنع، فكان يندمج في كل شخصية يقدمها لدرجة تجعلك تنسى أنه الفنان، “جميل راتب”، من كثرة إقناعك بالدور الذي يلعبه.

أعتقد البعض أنه فنان لا يجيد سوى أدوار الصالونات، “أفندينا”، بحسب بيئته الأرستقراطية التي نشأ فيها، لكنه غير هذا المفهوم بأداءه المتميز عندما قدم دور الفقير، والرجل الغني، والطيب، والشرير، وذلك الذي جاء من القاع.

أطلق عليه الجمهور؛ “شرير السينما الأنيق”، فلم يرتدي الجلباب ويمسك العصا في يده، ويغير من طبقة صوته، ليقدم أدوار الشر مثلما فعل أغلب الفنانين، وإنما كان يعتمد فقط على أناقته في تجسيد أدوار الشر، فهو “الشرنوبي”، رجل الأعمال الفاسد في فيلم (حب في الزنزانة)، و”سليم البهظ”؛ تاجر المخدرات في فيلم (الكيف)، و”نبيه بك الأربوطلي”؛ في فيلم (البداية)، وغيرها من الأعمال الفنية.

لم تقف موهبته عند حدود الجغرافيا، ولم تمنعه حدود وطنه من الوصول إلى مختلف بقاع الأرض، إذ تميز الراحل بتاريخه الفني الطويل والأعمال المسرحية التي قدمها على مدار مشواره الفني في “مصر” و”فرنسا”.

جميل راتب” المتمرد..

ولد “جميل راتب” لأب مصري مسلم وأم مصرية صعيدية إبنة أخ الناشطة المصرية، “هدى شعراوي”، كل منهما من أسرة غنية محافظة، أنهى التوجيهية في “مصر” وكان عمره 19 عامًا، ودخل مدرسة الحقوق الفرنسية، وبعد السنة الأولى سافر إلى “باريس” لإكمال دراسته، وفي عام 1974 عاد إلى “القاهرة” لأسباب عائلية.

بدأ شغفه بالفن منذ صغره، ولأنه كان من عائلة محافظة؛ كانت تنظر إلى الفن على أنه “جريمة”، درس “الفن” دون علم أسرته، وعندما علموا قرروا منع المعونة عنه، ولكن “جميل راتب” المتمرد رفض أن يستسلم أو يرضخ لأوامر أسرته، فلم يجد أي خجل من المهن التي عمل بها لينفق على نفسه، حيثُ عمل “شيال” في سوق الخضار، و”كومبارس”، و”مترجم”، و”مساعد مخرج”.

في بداية الأربعينيات حصل على “جائزة الممثل الأول” و”أحسن ممثل” على مستوى المدارس المصرية والأجنبية في “مصر”، على عكس ما هو معروف أن البداية الفنية لـ”جميل راتب” كانت في “فرنسا” من خلال خشبة المسرح، يؤكد تاريخ السينما المصرية أن البداية الفنية الحقيقية كانت في مصر عندما شارك، عام 1946، في بطولة الفيلم المصري (أنا الشرق)، الذي قامت ببطولته الممثلة الفرنسية، “كلود غودار”، مع نخبة من نجوم السينما المصرية في ذلك الوقت؛ منهم: “جورج أبيض”، “حسين رياض”، “توفيق الدقن”، “سعد أردش”. بعد هذا الفيلم سافر إلى “فرنسا” ليبدأ من هناك رحلته الحقيقية مع “الفن”، ملامحه الحادة أهلته لأداء أدوار الشر.

عقب عرض فيلم (أنا الشرق)؛ شاهده “أندريه غيد” في (أوديب ملكًا) فنصحه بدراسة “فن المسرح” في “باريس”، وأصبح الفرنسيين يطلبونه في أدوار البطولة، فعمل 7 أفلام في السنوات العشر الأخيرة، كما عمل أيضًا في بطولة ثلاثة أفلام تونسية إنتاج فرنسي مصري مشترك.

بعد عودته للقاهرة رشح لدور الضابط في فيلم (الكرنك)؛ الذي لعبه “كمال الشناوي”، ثم رشحه المخرج المصري، “صلاح أبوسيف”، دورًا مهمًا في فيلم (الكداب)، بعدها أنهالت عليه الأدوار من كل مخرجي السينما تقريبًا. وبعدما نجح سينمائيًا في “مصر” طلبته “السينما الفرنسية”.

فنان متعدد المواهب..

لم تقتصر موهبة الفنان الكبير الراحل على التمثيل فقط، وإنما خاض تجربة “الإخراج المسرحي”؛ وقدم مسرحيات مثل (الأستاذ) من تأليف “سعدالدين وهبة”، ومسرحية (زيارة السيدة العجوز)؛ والتي اشترك في إنتاجها مع “محمد صبحي”، ومسرحية (شهرزاد) من تأليف “توفيق الحكيم”.

تزوج “راتب” من فتاة فرنسية كانت تعمل بالتمثيل، الذي اعتزلته بعد ذلك وتفرغت للعمل كمديرة إنتاج ثم منتجة منفذة ثم مديرة “مسرح الشانزليزيه”، إلا أنها تعيش في “باريس”، عندما يذهب إلى “باريس” يقوم بزيارتها في بيتها الريفي، لأنهما شبه منفصلين منذ فترة.

أخلص لفنه والمكافأة كانت “الوحدة”..

عاش “راتب” مخلصًا لفنه.. فقد أفنى عمره بالكامل في “الفن”، ومنحه من طاقته وصحته الكثير، لكن لم يكن “الفن” مخلصًا له.. فقد عانى الفنان الراحل من “الوحدة” وتجاهل الفنانين بالسؤال عنه، كما عاش سنوات طويلة، لم يسند إليه المنتجين ولا المخرجين أي عمل فني، مبررين ذلك بأنه تقدم في العمر، ولم يعد لديه القدرة على التمثيل.

لا شك أن “الوحدة” وتجاهل الفنانين لتاريخه، أثر على حالته النفسية، فقرر أن يعيش بمعزل عن من حوله داخل غرفته في منزله بأحد أحياء القاهرة الراقية.

حصل “جميل راتب” على العديد من التكريمات الفنية، لكنه كان يعتبر جائزته الكبرى هي.. “حب الجمهور”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب