26 أبريل، 2024 7:59 ص
Search
Close this search box.

وجهة نظر إسرائيلية .. “فورين بوليسي” تكشف: لماذا تذهب احتجاجات “واشنطن” على سياسة الاستيطان سدًا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

نشرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية مقالًا؛ لـ”إليوت أبرامز”، الباحث في دراسات الشرق الأوسط في “مجلس العلاقات الخارجية”، و”أوري سادوت”، خبير سابق في الأمن السيبراني للحكومة الإسرائيلية، حول موقف إدارة “بايدن” من الاستيطان الإسرائيلي في “الضفة الغربية”. ويرى الكاتبان أن احتجاج الإدارة الأميركية لن يُفيد، لأنه بحسب ما تُعلنه “إسرائيل” فإن النمو الاستيطاني هو نتيجة للنمو السكاني؛ وليس نتيجة: لـ”إجراءات سياسية” تنتهجها حكومة الاحتلال، في محاولة من الكاتبين الإسرائيليين لإظهار عدم جدوى هذه: “الاحتجاجات” الأميركية؛ التي قد تُعرقل العلاقات بين “أميركا” وحليفتها الأولى في الشرق الأوسط.

ويستهل الباحثان مقالهما بالقول: عندما تحركت الحكومة الإسرائيلية نحو إعطاء الضوء الأخضر لبناء ما يقرب من: 4500 منزل جديد في مستوطنات “الضفة الغربية”؛ في أوائل آيار/مايو 2022، انتقدت إدارة “بايدن” هذه الخطوة بسرعة، تمامًا كما نددت بالإعلان الأخير في تشرين أول/أكتوبر 2021. وكان هذا النمط مألوفًا منذ عقود: “إسرائيل” تُعلن عن مشروعات بناء جديدة و”الولايات المتحدة” تُدينها.

التبرير الإسرائيلي..

ووفقًا للكاتبين: غالبًا ما تظل الحقائق الرئيسة حول خطط الاستيطان الإسرائيلية غير معروفة، فهل ستستخدم “إسرائيل” أراضيَ جديدة داخل الأراضي الفلسطينية ؟.. أم ستبني داخل حدود المستوطنات القائمة ؟.. وهل يعني الإعلان بداية البناء الفعلي ؟.. أم أنه مجرد خطوة واحدة في قائمة طويلة من الموافقات القابلة للتغيير ؟.. إن الإعلان الأخير، على سبيل المثال، أعطى الموافقة النهائية لنحو نصف عدد مشروعات البناء المقترحة فقط، في حين أن: “نحو 1800 مشروع في مراحل مختلفة من الموافقة أزيلت من جدول الأعمال”، وفقًا لما أوردته صحيفة (تايمز أوف إسرائيل). وهذه أسئلة حاسمة تُضيف فارقًا بسيطًا مهمًّا إلى قضية المستوطنات والهدف السياسي لـ”الولايات المتحدة” المتمثل في تعزيز حل الدولتين، ومع ذلك ظل الحصول على إجابة واضحة بشأن مشروع الاستيطان أمرًا صعبًا على نحو مدهش – وفق وصف الكاتبين – لسنوات عديدة.

مصدر الصورة: رويترز

ووفقًا للكاتبان؛ أصبحت البيانات حول تبرير الاستيطان متاحة الآن. وقد غيَّر “مكتب الإحصاء المركزي” الإسرائيلي الطريقة القديمة التي استخدمها لتوثيق المستوطنات، وبدأ في نشر إحصائيات أكثر ارتباطًا بنمو عدد السكان. وأنشأت حركة المستوطنين وحدة أبحاث خاصة بها تنشر اتجاهات سكانية دقيقة بناءً على بياناتها الداخلية، وجاءت الأرقام الإسرائيلية كما يلي:

من عام 2009 إلى عام 2021، وهي فترة الولاية الطويلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق؛ “بنيامين نتانياهو”، نما عدد السكان الإسرائيليين الذين يعيشون في “الضفة الغربية”؛ (باستثناء القدس الشرقية)، من: 320 ألفًا إلى ما يقرب من نصف مليون. وهذه الزيادة البالغة: 56%؛ هي أكثر من ضعف النمو السكاني في “إسرائيل” ضمن حدود عام 1967. وبالحسابات السنوية، يُمثِّل هذا معدل نمو سكاني يبلغ: 3.8% في المستوطنات مقابل: 1.7% في “إسرائيل”.

وفي ظل إدارة “جورج بوش الابن”؛ ومنذ ذلك الحين، كانت “الولايات المتحدة” مستاءة استياءً من نوع خاص عندما بنَت “إسرائيل” مستوطناتٍ في مناطق خارج الكتل الاستيطانية الرئيسة. وكانت هذه القضية حسَّاسة على نحوٍ خاص في ذلك الوقت؛ لأن تبادل الأراضي كان قيد المناقشة، والذي كانت ستحتفظ “إسرائيل” بموجبه بالكتل الرئيسة وسيُصبح كل شيء آخر “دولة فلسطينية” مستقلة. ولإحباط هذه السياسة، ركَّزت حركة المستوطنين جهودها بالضبط في تلك المناطق؛ ما وراء الكتل. وبعد فوات الأوان، تُرى مَنْ الذي انتصر، “واشنطن” أم المستوطنون ؟.. إن أيًّا منهما لم ينتصر، لأنه من عام 2009 إلى عام 2021؛ نما عدد السكان داخل الكتل وخارجها بمعدلات متطابقة تقريبًا – 57% و59% على الترتيب.

أرقام إسرائيلية جديدة..

واستدرك الباحثان قائلَيْن: لكن لم تكن سياسة “بوش” وحدها هي التي لم يكن لها تأثير يُذكر. ولم يكد يتغير معدل النمو السكاني خلال ثماني سنوات من عهد “باراك أوباما”؛ احتجت “واشنطن” خلالها على نمو المستوطنات؛ (4.2% سنويًّا في المتوسط)، أو خلال أربع سنوات من اللامبالاة التي أبداها؛ “دونالد ترامب”، تجاه الاستيطان؛ (3.7%). وكان النمو ثابتًا طوال الوقت، بغض النظر عمن شغل موقع الرئيس في “البيت الأبيض”.

ويتساءل الباحثان: إذاً ما الذي يُفسر حقًّا نمو المستوطنات ويجعلها محصَّنة إلى حدٍ كبير ضد الضغط السياسي ؟.. عندما ينظر المرء إلى أرقام المستوطنات – التي تُعلنها “إسرائيل” – الفردية، يجد أن معدل نمو بلدةٍ ما لا علاقة لها بسياسة الحكومة أو الاحتجاجات الدولية، ولكن يمكن تفسيره في المقام الأول بتعصب سكانها الديني، والذي يرتبط بدوره ارتباطًا كبيرًا بمعدلات المواليد. والمستوطنات الأسرع نموًّا، (بيتار عيليت وموديعين عيليت)، تسكنها جماعات دينية متشددة تزيد أحجام عائلاتها عن المتوسط.

ويصف الكاتبان هذه الأنماط بأنها قريبة جدًّا مما يحدث داخل “إسرائيل” ما قبل احتلال “الضفة الغربية”؛ عام 1967، حيث ينمو السكان الأرثوذكس المتطرفون ما بين ضعف إلى ثلاثة أضعاف المعدل العام. ويسكن مستوطنات عديدة أخرى أعضاء الحركة القومية الدينية – ويرتبط نمو أعدادهم أيضًا إلى حدٍ كبير بحجم الأسرة الذي يزيد عن المتوسط. ويُشير هذا إلى أن النمو السكاني في المستوطنات، والحاجة إلى مزيد من المساكن هناك، يُحركهما النمو الطبيعي للسكان بين العائلات المتدينة؛ وهو ما قد لا يُشير إلى سياسة الحكومة مباشرة، ولكنه قد يُشير إلى: “نهج استيطاني” اتخذته الحكومات الإسرائيلية المختلفة بتوطين المتشددين والحرص على نمو تركيبات هذه المستوطنات السكانية بمرور الوقت.

ويتساءل الباحثان: ماذا يعني هذا للسياسة المستقبلية ؟.. على مدار سنوات، طالب منتقدو المستوطنات بفرض تجميد ليس فقط على توسيع المستوطنات، ولكن أيضًا تجميد أعداد المستوطنين بوجهٍ عام. ولكن نظرًا إلى أن كل حكومة إسرائيلية عبارة عن ائتلاف من أحزاب مُنتخَبة، فلن تتمكن أي حكومة يمكن تصورها في المستقبل المنظور من فرض مثل هذا التجميد، حيث يتعين عليها أن تخبر الآباء في الواقع بأنهم لا يستطيعون إضافة غرفة أو شراء منزل أكبر عند وصول الأطفال – أو منعهم من إنجاب أطفال إضافيين في المقام الأول، وهو ما قد يتطلبه تحديد سقف لعدد المستوطنين الإجمالي، وهو أمر غير مُرجح حدوثه – وفق وصف الكاتبين – وهذا ما يجعل الأمر برمَّته: “أمرًا واقعًا”، وفق ما يرى الكاتبان.

مصدر الصورة: رويترز

تبرير الأمر الواقع..

يُشير الكاتبان إلى أنه يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تُخطط لتغيير موقع أعمال البناء الجديدة، وإذا ما يمكن أن تتم داخل الكتل المنشأة أم خارجها. ولكن – يُبرر الكاتبان – بحكم طبيعتها، تنشأ: “بؤر استيطانية” جديدة؛ وغالبًا ما يكون مصيرها أن تكون عرضة لمشاحنات مطولة تؤدي إلى تقنينها بعد مشاغبات سياسية طويلة في كثير من الأحيان. لكن يبقى السبب الأساس، وفق تبرير الكاتبين للأمر: هو معدل النمو الإجمالي الذي يكون نتاج قرارات الأسرة وليس سياسة الحكومة، وهو ما يُحاول الكاتبان الإسرائيليان تأكيده بالإشارة إلى فرض: “سياسة الأمر الواقع” وربطه بنمو السكان أكثر من كونه توسعًا استعماريًّا إسرائيليًّا وتهميشًا أو تجاهلًا لحقوق الفلسطينيين.

ويختتم الباحثان مقالهما بالإشارة إلى أن حديث “الولايات المتحدة” عن الحكومة الإسرائيلية في كل مرة؛ يُعلن عن وحدات سكنية جديدة في “الضفة الغربية” لن يُحقق شيئًا. وقد يكون النهج الأكثر واقعية هو تركيز الاحتجاجات والضغط ضد أي محاولة لتغيير سياسة الاستيطان: “تغييرًا كبيرًا”.

ويرى الكاتبان أنه من الأجدر دفع “إسرائيل” إلى البناء في المستوطنات القائمة داخل الكتل “المعترف بها” فقط، ويُضيف الكاتبان إن فكرة: “محاربة معدلات النمو السكاني” – وهي الحجة التي تُبرر بها “إسرائيل” زيادة أنشطة الاستيطان – الإجمالية هي مهمة يصفها الكتاب بالحمقاء وأنها ستضر بالعلاقات الثنائية بين “إسرائيل” و”أميركا” وسيكون الفشل مصيرها، وهو ما يُشير بوضوح إلى محاولة الكاتبين توقيف الاحتجاجات الأميركية على التوسع الاستيطاني، أو محاولة إظهارها أنها عديمة الجدوى.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب