25 فبراير، 2025 12:48 ص

وثائق سرية تكشف .. كيف استخف البريطانيون بتقارير الـ”سي. آي. إيه” حول غزو “صدام” للكويت ؟

وثائق سرية تكشف .. كيف استخف البريطانيون بتقارير الـ”سي. آي. إيه” حول غزو “صدام” للكويت ؟

وكالات – كتابات :

ذكرت صحيفة (ميترو) البريطانية؛ أن ملفات رُفعت عنها السّرية، أظهرت أن المسؤولين البريطانيين تجاهلوا: “قصص الأشباح” التي كانت تُقدمها “وكالة المخابرات الأميركية”؛ (سي. آي. إيه)، واستخفوا بتقييّماتها حول قوة وخيارات “صدام حسين” العسكرية قبل حرب الخليج في العام 1990.

وأوضح التقرير البريطاني؛ أن “بريطانيا” ودول حليفة أخرى، شعرت بالقلق إزاء التحذيرات المبالغ فيها من جانب (سي. آي. إيه) حول احتمال قيام الديكتاتور العراقي؛ بتوجيه ضربة استباقية في الوقت الذي يسّتعد فيه “التحالف الدولي” لانتزاع “الكويت” من قبضته في العام 1990.

تقديرات أميركية..

وبحسّب التقرير؛ فإن الوثائق التي تحمل علامة: “سّرية”؛ ومخصصة للاطلاع البريطاني فقط، نقلت إلى “لندن” المعلومات السّائدة في “واشنطن” من جانب المحللين؛ بأن “صدام حسين” قد يستغل تاريخًا رمزيًا لتوجيه ضربة: “دراماتيكية” إلى دولة مجاورة، وأن هذه التواريخ شملت كما حددتها (سي. آي. إيه) الأميركية؛ تاريخ 06 تشرين أول/أكتوبر (ذكرى الحرب “العربية-الإسرائيلية” 1973)، و23 تشرين أول/أكتوبر؛ (ذكرى تفجير مقرات “المارينز” في بيروت العام 1983)، و20 تشرين ثان/نوفمبر؛ التي تُصادف ذكرى سّيطرة مسّلحين على “المسجد الحرام” في “السعودية”.

وأوضح التقرير أن مسؤولون في وكالة (سي. آي. إيه) أطلعوا مسؤولين من دول التحالف على هذه التقديرات في “واشنطن”؛ في 03 تشرين أول/أكتوبر العام 1990، بعد شهرين من غزو “العراق” لجارته؛ “الكويت”، مما دفع التحالف إلى التفكير في الخيارات العسكرية والدبلوماسية.

مبادرة “ميتران” للسلام..

وتابع التقرير أن الرئيس الفرنسي آنذاك؛ “فرانسوا ميتران”، بحث في إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام في ظل مخاوف من أن يعّمد “صدام حسين” إلى اللعب بأوراق؛ من بينها استخدام الرهائن كدّروع بشرية أو القيام بعمل عسكري في “إسرائيل” أو “الأردن” لجّر المزيد من الدول إلى الصراع.

ونقل التقرير عن السفير البريطاني الأسبق لدى واشنطن”؛ “أنطوني آكلاند”، قوله إنه برغم أن قوات “صدام حسين”؛ كانت في موقف دفاعي وقتها، إلا أن بعض المحللين في “واشنطن” أصبحوا مهووسّين بفكرة التهديد بالضربة الاستباقية.

وجاء ذلك؛ فيما كان يتم حشد مئات الآلاف من الجنود من الدول الغربية والعربية بالقرب من “الكويت”؛ في حين وضعت “الولايات المتحدة” خطة معركة لما أصبح يُعرف باسم عملية: (عاصفة الصحراء).

وبحسّب رسالة “آكلاند”؛ التي أرسّلت إلى مجلس الوزراء البريطاني، وهو كان ممثلاً لـ”لجنة الاستخبارات المشترك”؛ (JIC)، فإن وكالة (سي. آي. إيه)، لم تكن تعتقد أن “صدام حسين” يعتقد أن مناوراته قد استنفدت، وأنه كمثال على ذلك محاولاته الاستفادة من خطاب “ميتران”.

ويقول “آكلاند”؛ أن “صدام حسين” كان لا يزال يُراهن على ورقة الرهائن، كما أنه لم يتخل تمامًا عن فكرة المراهنة على “إيران”، وأن مسؤولي (سي. آي. إيه) أصبحوا أقل ثقة بتقييّماتهم مما كانوا عليه في السابق، مشّككًا في الوقت نفسه، بجدية التعامل مع التواريخ المقترحة؛ والتي وصفها بأن: “بعضها يبدو بعيد المنال إلى حدٍ ما”.

الاستخفاف بالتقديرات الأميركية..

وانتقد المسؤول البريطاني؛ الأميركيين، موضحًا أن انطباعه هو أنهم يبالغون في الإفراط بالتحليل ويتبادلون بين بعضهم البعض قصص الأشباح، ويُلفت أيضًا إلى ذهول سفراء “أستراليا وكندا” من التقيّيمات التي طرحها الأميركيون في إحدى الجلسات مع (سي. آي. إيه).

وأوضح التقرير؛ أن السيناريوهات التي تصّورتها “الولايات المتحدة”؛ في ذلك الوقت، تضمنت استخدام “صدام”: “للسلاح الإرهابي” أو توسّيع الأعمال العدائية في البلدان المجاورة.

وبحسّب وثيقة السفير البريطاني الأسبق؛ فإن من بين الاحتمالات كانت الهجوم المباشر على “إسرائيل”، إلا أنه احتمال بعيد على الأرجّح بالنظر إلى احتمال حدوث: “رد إسرائيلي سّاحق”. وتابع قائلاً أن الخيار الأكثر ترجّيحًا كان يتمثل بإرسّال قوات عراقية إلى “الأردن”؛ (بموافقة أردنية أو من دونها)، بذريعة أن “الأردن” قد يتعرض لهجوم وشيك من “إسرائيل”.

ويتابع السفير “آكلاند”؛ أن “صدام حسين” كان يستهدف من هذه الخديعة: “اسّتباق هجوم عليه في الكويت من خلال خلق أزمة سياسية في الأردن-إسرائيل؛ قد تّضعف المشاركة العربية في التحالف”.

الحمى الأميركية..

وأشار التقرير إلى أنه كانت هناك ملاحظة مكتوبة على البرقية نفسها، كتبها مسؤول آخر قائلاً: “أنا سعيد لأننا لم نُصاب بالحمى المفاجئة خلال الأيام القليلة الماضية، وتبدو التواريخ المحددة التي يذكرونها؛ (الأميركيون)، كتواريخ محتملة لهجوم عراقي غير ضرورية بالنسّبة ليّ”.

وتابع التقرير البريطاني؛ أن الاختلافات بين تقيّيمات المخابرات البريطانية والأميركية تمثّلت أيضًا في التنبؤ بالمدة التي قد يسّتغرقها “صدام” لشّن ضربة استباقية، فبينما قدرت وكالة (سي. آي. إيه)؛ أن التغيّير في الموقف الدفاعي لـ”العراق”، سيسّتغرق ثلاثة أيام إلا أن “بريطانيا” وجدت أن ذلك قد يكون: “أقل بكثير”.

ونقل التقرير عن ضابطة استخبارات سابقة في الجيش البريطاني خلال حرب الخليج؛ “فيونا غالبريث”، من جامعة “باكينغهام شير” الجديدة، قولها إن الوثائق تعكس النهج المختلف للطرفين، الأميركي والبريطاني، في اتخاذ القرارات، موضحة: “أن الوثائق تعكس الخصائص العامة؛ لما يمكن أن تصفه بالعم سام والأسد البريطاني”، مضيفة أن: “البريطانيين بشكلٍ عام أكثر رزانة؛ وهذا ينتقل إلى عالم الاستخبارات”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة