17 أبريل، 2024 12:30 م
Search
Close this search box.

 واشنطن مولت وحدات أمنية عراقية مارست تعذيبا طائفيا

Facebook
Twitter
LinkedIn

‏كشفت وثائق أن الولايات المتحدة مولت إنشاء وحدات أمنية خاصة في العراق ساهمت في تأجيج ‏العنف المذهبي. وأقامت الوحدات العراقية معسكرات تعذيب واعتقال ذات طابع طائفي بدعم من ‏عناصر أميركية متقاعدة شاركت في ما يعرف بـ”الحروب القذرة”.‏

 أرسلت وزارة الدفاع الأميركية مخضرمًا في “الحروب القذرة” التي عاشتها دول أميركا الوسطى في ‏ثمانينات القرن الماضي للاشراف على وحدات طائفية من قوات الشرطة الخاصة في العراق أقامت ‏مراكز اعتقال وتعذيب سرية لانتزاع المعلومات من المسلحين الذين يقعون في قبضتها. وارتكبت هذه ‏الوحدات أبشع اعمال التعذيب خلال الاحتلال الأميركي مساهمة في دفع العراق إلى حرب اهلية ‏دامية.‏
وكشف تحقيق أجرته صحيفة الغارديان وبي بي سي العربية أن الكولونيل جيمس ستيل كان مخضرمًا ‏متقاعدًا من ضباط القوات الخاصة في الثامنة والخمسين عندما اختاره وزير الدفاع وقتذاك دونالد ‏رامسفيلد للمساعدة في تنظيم تشكيلات أمنية خاصة في مواجهة المسلحين السنة المنخرطين في حركة ‏المقاومة.‏

مراكز اعتقال سرية
وبعد أن قرر البنتاغون إلغاء الحظر على انضمام افراد الميليشيات الشيعية إلى قوى الأمن اصبح ‏عناصر كوماندو الشرطة العراقية يُجندون بصورة متزايدة من جماعات شيعية مسلحة مثل فيلق بدر. ‏وعمل مستشار خاص آخر هو الكولونيل المتقاعد جيمس هوفمان مع ستيل في مراكز الاعتقال السرية ‏التي أُنشئت بملايين الدولارات الأميركية. 
وكان هوفمان مسؤولَا أمام الجنرال ديفيد بترايوس مباشرة بعد إرسال الجنرال إلى العراق في حزيران ‏‏(يونيو) 2004 لتنظيم قوى الأمن العراقية الجديدة وتدريبها. وكان ستيل الذي عمل في العراق من ‏‏2003 إلى 2005 وعاد مرة اخرى في عام 2006 مسؤولا امام وزير الدفاع رامسفيلد مباشرة.‏

انتهاكات 
وتوجه أقوال شهود أميركيين وعراقيين تحدثوا في اطار التحقيق اصابع الاتهام لأول مرة إلى ‏مستشارين أميركيين بالتورط في انتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبتها قوات الشرطة الخاصة ‏العراقية. كما انها المرة الأولى التي رُبط فيها اسم بترايوس الذي استقال من ادارة وكالة المخابرات ‏المركزية العام الماضي بعد فضيحة جنسية، بهذه الانتهاكات من خلال احد مستشاريه. 
وكان هوفمان يقدم تقاريره إلى بترايوس وفي مقابلة مع صحيفة الجيش الأميركي “ستارز اند ‏سترايبس” قال انه كان “عيون بترايوس وآذانه على الأرض” في العراق.‏
وقال الجنرال العراقي منتظر السامري الذي عمل مع ستيل وهوفمان اثناء بناء قوات الشرطة الخاصة ‏العراقية انهما “كان يعملان يداً بيد ولم ارهما قط يفارق احدهما الآخر خلال الـ 40 أو 50 مرة التي ‏رأيتهما فيها داخل مراكز الاعتقال. كانا يعرفان كل ما يجري هناك… التعذيب، أبشع أنواع التعذيب”.‏

أبشع أنواع التعذيب
وأكدت تحقيقات إضافية أجرتها صحيفة الغارديان تفاصيل أخرى عن عمل نظام التحقيق. وقال ‏السامري متحدثا لأول مرة عن دور الأميركيين في وحدات التحقيق “كل مركز اعتقال كانت له لجنة ‏تحقيق خاصة به. وكل لجنة كانت تضم ضابط استخبارات وثمانية محققين. وكانت هذه اللجنة تستخدم ‏كل وسائل التعذيب لإجبار المعتقل على الاعتراف، مثل استخدام الكهرباء أو تعليقه من ساقيه أو قلع ‏اظفاره وضربه على المناطق الحساسة من جسمه”.‏
وليس هناك دليل على قيام ستيل أو هوفمان بتعذيب المعتقلين ولكنهما كانا يحضران إلى مراكز ‏الاعتقال والتعذيب ويشاركان في دراسة ملفات آلاف المعتقلين.‏
وجاء تحقيق الغارديان والبي بي سي العربية بعد نشر وثائق عسكرية أميركية مصنفة على موقع ‏ويكيليكس تسجل بالتفصيل مئات الحوادث عن ممارسة التعذيب بحضور جنود أميركيين في شبكة ‏المعتقلات التابعة لقوات الشرطة الخاصة العراقية في انحاء البلاد. ويواجه الجندي برادلي ماننغ (25 ‏عاما) عقوبة السجن 20 عاما بعد اعترافه بتسريب هذه الوثائق.‏
وقال السامري إن التعذيب كان يُمارس بصورة روتينية في مراكز الاعتقال التابعة لقوات الشرطة ‏الخاصة العراقية. واضاف “أذكر صبيا في الرابعة عشرة كان مربوطا بأحد اعمدة المكتبة وكان مقيدا ‏وساقاه فوق رأسه. كان مقيدا وجسمه كله أزرق من تأثير الأسلاك التي ضُرب بها”.‏
والتقى المصور جيليس بيريس المستشار ستيل عندما كان في مهمة لصحيفة نيويورك تايمز خلال ‏زيارة احد المراكز التابعة لقوات الشرطة الخاصة العراقية في المكتبة نفسها في مدينة سامراء. وقال ‏بيريس “كنا داخل غرفة في المكتبة نجري مقابلة مع ستيل ونظرتُ حولي فرأيتُ دماً في كل مكان”.‏

صرخات الرعب
وكان الصحافي بيتر ماس حاضرا ايضا لإعداد تقرير مع المصور بيريس. “وفيما كانت المقابلة ‏تجري مع جهادي سعودي بوجود ستيل ايضا في الغرفة، كانت هناك صرخات مريعة، وكان أحدهم ‏يصيح “الله، الله، الله!” لكنها لم تكن صيحات وجد ديني أو شيئا من هذا القبيل بل كانت صرخات ألم ‏ورعب”.‏
ويعد النمط الذي شهده العراق من هذه الممارسات نسخة موازية من الانتهاكات الموثقة التي ارتكبتها ‏فرق تعذيب بمستشارين وتمويل من الولايات المتحدة في أميركا الوسطى إبان الثمانينات.‏
وكان ستيل رئيس فريق أميركي من المستشارين الخاصين قام بتدريب قوى الأمن السلفادورية على ‏مكافحة الحركات المسلحة. وزار بترايوس السلفادور في عام 1986 خلال وجود ستيل هناك واصبح ‏من اكبر دعاة اساليب مكافحة الحركات المسلحة.‏
ولم يرد ستيل على اسئلة الغارديان والبي بي سي العربية بشأن دوره في السلفادور والعراق. وقال ‏متحدث باسم بترايوس “ان الجنرال بترايوس علم خلال سنوات عمله في العراق باتهمات ضد القوات ‏العراقية بتعذيب معتقلين. وكان في كل حادث ينقل المعلومات فورا إلى سلسلة القيادة في الجيش ‏الأميركي والسفير الأميركي في بغداد…. والقادة العراقيين ذوي العلاقة”.‏

تصوير ضحايا التعذيب
وعلمت صحيفة الغارديان ان ضلوع وحدات الشرطة العراقية الخاصة في التعذيب دخلت الوعي ‏الشعبي في العراق عندما عُرض بعض ضحايا التعذيب على شاشة التلفزيون في برنامج اسمه ‏‏”الارهاب في قبضة العدالة”. 
وابتاعت معتقلات قوات الشرطة الخاصة العراقية كاميرات فيديو بتمويل من الجيش الأميركي ‏لاستخدامها في تصوير المعتلقين وعرضهم في البرنامج. وحين بدأ البرنامج يثير غضب العراقيين ‏يتذكر الجنرال السامري انه كان في منزل الجنرال عدنان ثابت، قائد القوات الخاصة العراقية، حين ‏اتصل مكتب بترايوس مطالبا بالكف عن عرض ضحايا التعذيب على التلفزيون.‏
وقال السامري “إن مترجم الجنرال بترايوس الخاص سعدي عثمان اتصل لنقل رسالة من الجنرال ‏بترايوس يقول لنا ألا نعرض السجناء على التلفزيون بعد تعذيبهم. وبعد 20 دقيقة تلقينا مكالمة من ‏وزارة الداخلية العراقية تقول لنا الشيء نفسه، بأن الجنرال بترايوس لا يريد عرض ضحايا التعذيب ‏على التلفزيون”.‏
وأكد المترجم عثمان الذي يعيش الآن في نيويورك انه اجرى الاتصال باسم بترايوس إلى قائد قوات ‏الشرطة الخاصة العراقية يطلب منه التوقف عن عرض السجناء المعذبين.‏
واستبعد الجنرال ثابت الفكرة القائلة ان الأميركيين كانوا لا يعرفون بما تفعله قوات الشرطة الخاصة ‏العراقية. وقال “إلى ان غادرت كان الأميركيون يعرفون كل شيء أعرفه. وكانوا يعرفون ما يجري ‏في التحقيقات ويعرفون المعتقلين. وحتى بعض المعلومات عن المعتقلين كانت تأتي الينا منهم. انهم ‏يكذبون”.‏

فرق موت
وقبل فترة على مغادرة بترايوس وستيل العراق عُين باقر جبر صولاغ وزيرا جديدا للداخلية. ‏وتصاعدت في زمن صولاغ الذي كان يرتبط بميليشيا فيلق بدر العنيفة، الاتهامات الموجهة إلى ‏كوماندو الشرطة العراقية بممارسة التعذيب واستخدام اساليب وحشية. وكان يُعتقد على نطاق واسع ان ‏هذه الوحدات تحولت إلى فرق موت ايضا.‏
وعلمت صحيفة الغارديان أن بترايوس تلقى تحذيرات مسؤولين عراقيين عملوا مع الأميركيين بعد ‏الغزو من عواقب تعيين صولاغ وزيرا للداخلية ولكن تحذيراتهم لم تلق اذنا صاغية.‏
واسفر تمويل وتسليح هذه القوات الخاصة عن اطلاق ميليشيا طائفية قاتلة ارهبت السنة وساعدت في ‏اشعال حرب اهلية اوقعت عشرات آلاف القتلى، كما لاحظت صحيفة الغارديان مشيرة إلى انه في ‏ذروة هذا النزاع الطائفي كانت 3000 جثة تفرش شوارع العراق كل شهر.‏

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب