“واشنطن” ذاتها في حاجة إليها .. “روس آتوم” ذراع بوتين في الشرق الأوسط التي ترعب بايدن !

“واشنطن” ذاتها في حاجة إليها .. “روس آتوم” ذراع بوتين في الشرق الأوسط التي ترعب بايدن !

وكالات – كتابات :

تحولت شركة (روس آتوم) النووية الروسية إلى أداة “موسكو” الأقوى لنشر نفوذها في العالم، خاصة منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما أنها لم تتعرض لأي عقوبات غربية بعد الحرب الأوكرانية، كسائر قطاعات الاقتصاد الروسي؛ بحسب مزاعم تقارير غربية.

فبعد ثلاثة أشهر من بدء الحرب الروسية على “أوكرانيا”، التقى الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، مع المدير العام لشركة (روس آتوم) النووية الروسية المملوكة للدولة، “أليكسي ليخاتشيف”. وفي ذلك الاجتماع، سأل “بوتين”، الذي كان مهتمًا بإيرادات الشركة الأجنبية، “ليخاتشيف”: “هل زاد عدد الطلبات الأجنبية ؟”. وأجاب “ليخاتشيف”: “نعم، تستمر في النمو كل عام، وكل ستة أشهر… 1.5 تريليون روبل هو الدخل الذي سنُحاول تحقيقه هذا العام… وفي الوقت نفسه، تنمو استثماراتنا بمعدل أكبر. آمل أن نتجاوز: 400 مليار روبل في استثمارات الشركات في نهاية العام”.

تُمثل شركة (روس آتوم) الروسية مصدر دخل مهمًا لـ”موسكو”. وهي واحدة من الموردين الرئيسيين للمفاعلات النووية في العالم. بالإضافة إلى ذلك، فهي مسؤولة عن صناعة الطاقة النووية الروسية، وقسم الأسلحة النووية، وأسطول كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية، ومؤسسات الأبحاث النووية، حسبما ورد في تقرير لمجلة (ناشيونال إنترسبت) الأميركية.

والأهم من ذلك، أنها لديها القدرة على إنشاء وصيانة القدرات النووية للعديد من البلدان في جميع أنحاء العالم.

طلبات بقيمة 138 مليار دولار.. لماذا لم تُعاقب شركة “روس آتوم” الروسية ؟

ووفقًا لتقريرها السنوي لعام 2020، بلغت محفظة الطلبات الخارجية للشركة لمدة عشر سنوات: 138.3 مليار دولار. وتُقدَّر إنشاءات الشركة من محطات الطاقة الذرية في الخارج: بـ 89.1 مليار دولار.

وتخضع شركة (روس آتوم) الروسية بالكامل لسيطرة الرئيس الروسي، الذي يُحدد أهدافها الإستراتيجية ويُعيِّن مديرها وأعضاء مجلسها الإشرافي. ويستخدم “بوتين” بنشاط الشركة لتوسيع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وتتمتع بدور رئيس في إقامة علاقات أوثق مع القوى الإقليمية والتقرب منها، حسب إدعاءات المجلة الأميركية.

واليوم، صار للمؤسسة مقر إقليمي في “دبي”؛ بـ”الإمارات العربية المتحدة”، وتُخطط لفتح فرع في “المملكة العربية السعودية”.

وعلى الرغم من “العقوبات الغربية” على الصادرات الروسية، لا تزال شركة (روس آتوم) النووية الروسية تسعى إلى زيادة عدد عملائها الإقليميين.

اللافت أنه عندما أعلن الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، فرض حظر أميركي على واردات “النفط والغاز والفحم” الروسي؛ في آذار/مارس 2022، لم يكن هناك أي ذكر لـ (روس آتوم).

ويمكن أن يُعزَى هذا الإعفاء إلى اعتماد “الولايات المتحدة” وحلفائها الغربيين على (اليورانيوم) الروسي، الذي شكّل: 14% من مشتريات (اليورانيوم) الأميركية في عام 2021؛ و20% من واردات “الاتحاد الأوروبي” من (اليورانيوم) في عام 2020. ومن شأن فرض عقوبات على (روس آتوم) بعد قطع صادرات “الغاز الروسي” إلى “أوروبا”، أن يؤدي إلى تفاقم أزمة الطاقة العالمية. وقد تمنح هذه الحقيقة شركة (روس آتوم) الإمتياز والحرية للعمل في الشرق الأوسط.

بعد برنامج “إيران” النووي تتجه لدول المنطقة..

في عام 2005، وقّعت “إيران” وشركة (روس آتوم) اتفاقية تعاون، التي ساهمت بموجبها؛ “روسيا”، في تطوير مفاعل (بوشهر).

ورغم أنَّ “الولايات المتحدة” حثت “موسكو” على إنهاء المشروع، الذي قد يُساعد في تطوير برنامج الأسلحة النووية الإيراني، قال مسؤولون أميركيون؛ في عام 2002، إنَّ “واشنطن” ستتخلى عن اعتراضها إذا اتخذت “روسيا” خطوات للتخفيف من مخاطر انتشار المشروع.

ومرة أخرى، على الرغم من الضغوط الغربية، وقعت (روس آتوم) عقدًا مع “إيران”؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2014، لبناء مفاعلين إضافيين للطاقة النووية في (بوشهر).

ومع ذلك؛ فإنَّ طموح “بوتين” يتجاوز نظام “إيران” ليشمل فاعلين إقليميين معتدلين. واستلزم ذلك الاقتراب من: “مصر وتركيا والسعودية والإمارات والمغرب والأردن”.

وتسعى لترويج المفاعلات الصغيرة في “السعودية” وبناء محطة (الضبعة)؛ بـ”مصر”.

في عام 2015، وقعت (روس آتوم) اتفاقيات مع العديد من الدول العربية، بما في ذلك اتفاقية مع “المملكة العربية السعودية” تتعلق بالمفاعلات الصغيرة والمتوسطة واتفاقية أخرى قبل الاستثمار مع “الأردن”، التي أُلغِيَت بعد ذلك بثلاث سنوات. لكن (روس آتوم) لم تستسلم، وتأمل في أنَّ الاقتراح المستقبلي لـ”الأردن” باستخدام مفاعلات معيارية صغيرة: “سيُعاد إحياؤه في وقت ما في المستقبل”.

وفي النهاية، أدى تركيز (روس آتوم) على البلدان التي يُنظر لها تقليديًا على أنها حليفة لـ”الولايات المتحدة”؛ إلى منافع ضخمة في: “مصر وتركيا” تحديدًا؛ حيث يُسهم كلا البلدين بأدوارٍ مؤثرة في السياسة الإقليمية بناءً على موقعيهما الإستراتيجيين وديموغرافيتهما وتأثيرهما الثقافي.

وفي عام 2015، وقّعت (روس آتوم) اتفاقية مع “مصر” لبناء محطة للطاقة النووية في “مصر”؛ بالقرب من “الضبعة” على ساحل “البحر المتوسط”، ​​من خلال تقديم قرض بقيمة: 25 مليار دولار من “روسيا”.

تُشّيد أضخم مشروع بناء في العالم بـ”تركيا”..

وفي “تركيا”، يستمر البناء أيضًا في ما وصفته (روس آتوم)؛ بأنه: “أكبر مشروع في تاريخ العلاقات (الروسية-التركية)”. ويعود المشروع إلى عام 2010؛ عندما أبرمت “تركيا” عقدًا بقيمة: 20 مليار دولار مع شركة (روس آتوم) لبناء محطة للطاقة النووية؛ بما في ذلك أربع وحدات طاقة. وتبلغ نسبة حصة الشركة الروسية في محطة (أكويو) النووية: 75% تقريبًا.

وبعد أربع سنوات، ناقش المحللون في “واشنطن” ما إذا كانت “تركيا” تسعى لامتلاك أسلحة نووية. وجاء هذا السؤال وسط سلسلة من التدخلات التركية خارج حدودها؛ (في سوريا والعراق وليبيا)، بالإضافة إلى خلاف مع قوى إقليمية أخرى وخلاف مع “الولايات المتحدة” حول قضايا متعددة، بما في ذلك أكراد “سوريا” وشراء “تركيا”؛ في عام 2019، لمنظومة الدفاع الروسي (إس-400).

ومثل “مصر”، تواجه “تركيا” الآن أزمة اقتصادية؛ وبالتالي، فإنَّ التقدم في برنامجها النووي قد يُساعد الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، على تعزيز مكانته السياسية المحلية وتنويع علاقات بلاده خارج الدائرة الغربية إلى لاعبين عالميين آخرين مثل: “روسيا”.

وهذا الشهر؛ تعاقدت شركة (روس آتوم) مع شركة (TSM Enerji) التركية لتنفيذ أعمال البناء المتبقية في محطة الطاقة النووية البالغة قيمتها: 20 مليار دولار، التي تبنيها في “أكويو” في جنوب “تركيا”.

في خطوة لافتة تؤشر للتقدم في بناء البرنامج النووي التركي السلمي، قررت شركة (Rosatom) الروسية الحكومية، نهاية الشهر الماضي، تحويل: 15 مليار دولار إلى “تركيا”؛ مما يُخفف من المخاوف بشأن تأجيل مشروع محطة الطاقة النووية التركية بسبب العقوبات المرتبطة بالحرب في “أوكرانيا”.

وبدأ العمل في المفاعل النووي التركي الأول المعروف باسم: (أكويو-1)؛ في عام 2018، وبدأ المهندسون في تنفيذ مفاعل (أكويو-2)؛ عام 2020. من المُقرر الإنتهاء من العمل به بحلول عام 2026.

المحطة في شكلها الحالي هي أحد أكبر مواقع البناء في العالم، وسيبلغ عمرها التشغيلي: 60 عامًا، مع إمكانية تمديدها لمدة: 20 عامًا أخرى، وستُنتج طاقة خالية من الكربون. وستلعب دورًا رئيسًا في تقليل الاعتماد التركي على موارد الطاقة المستوردة، خاصة “الغاز الطبيعي”.

وقال الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، إن ما مجموعه: 13000 مهندس وعامل؛ (10000 تركي و3000 روسي)، يعملون على استكمال محطة الطاقة، وأكد أن المنشأة يتم بناؤها بأحدث التقنيات وأكثرها أمانًا في مجالها، حسبما ورد في تقرير لوكالة (الأناضول) التركية.

ومن المتوقع أن يوظف المشروع العملاق نحو: 15000 شخص خلال فترة ذروة البناء، ونحو: 4000 شخص خلال عملياته.

سبق أن اقترح الرئيس؛ “رجب طيب إردوغان”، أن “تركيا” يمكن أن تعمل مع “روسيا” في بناء محطتين أخريين.

والمحطة النووية التركية؛ هي أول مشروع لمحطة الطاقة النووية في العالم يتم تنفيذه من خلال نموذج البناء والتشغيل. بموجب العقد طويل الأجل، وافقت شركة (Rosatom) الروسية على توفير تصميم محطة الطاقة، والبناء، والصيانة، والتشغيل.

ستوفر الشركة الروسية التمويل، بينما ستحصل على عائدات المشروع من خلال بيع الطاقة للشركات والحكومة التركية، وفي الوقت ذاته، فإن “أنقرة” تُريد نقل تكنولوجيا إنتاج وتشغيل محطات الطاقة النووية لشركاتها المحلية.

التعاون مع “المغرب” ما زال بطيئًا و”الإمارات” تذهب للكوريين..

وفي عام 2017، وقع “المغرب” أيضًا مذكرة تفاهم مع شركة (روس آتوم)؛ فتحت الباب أمام مجالات متعددة للتعاون الثنائي، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر، مساعدة (روس آتوم) في تطوير البنية التحتية النووية، والصيانة، وتوريد المعدات لتلبية احتياجات البرنامج الذري الوطني في المملكة.

ومع ذلك، كما في الحالة الأردنية، فإنَّ التعاون بين “المغرب” و(روس آتوم) لم يتحقق بعد.

وكان التقدم بطيئًا أيضًا في “الإمارات العربية المتحدة”، التي على الرغم من احتضانها المقر الإقليمي لشركة (روس آتوم)؛ في “دبي”، وتوقيع مذكرة تفاهم في عام 2019، فقد اعتمدت على مجموعة بقيادة شركة “كوريا للطاقة الكهربائية لبناء محطاتها النووية” – واكتمل بناء إثنتين من أربعة منها.

مع ذلك، فإنَّ “روسيا” تسعى إلى مزيد من التعاون مع الدول العربية. ولا تستبعد احتياجات التنمية، المتشابكة مع الديناميات السياسية في منطقة مضطربة، دورًا إضافيًا لشركة (روس آتوم) في المشروعات النووية المستقبلية في الشرق الأوسط. وبالنسبة لأولئك الذين يسعون إلى إعادة ضبط علاقاتهم مع “الولايات المتحدة”، تظل ذراع “بوتين” النووية خيارًا جذابًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة