واشنطن تُكشر عن أنيابها لتركيا .. “البنتاغون” يوقف إمداد الجيش التركي بـ”إف-35″ !

واشنطن تُكشر عن أنيابها لتركيا .. “البنتاغون” يوقف إمداد الجيش التركي بـ”إف-35″ !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة أميركية هي الأولى من نوعها تجاه “تركيا” لردعها عن إتمام الصفقة مع “روسيا”، قالت “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، إنها إتخذت خطوات بديلة تضمن عدم تأثر إنتاج (إف-35) إذا انسحبت “تركيا” من برنامج تصنيع الطائرة، وأكدت وقف تزويد “تركيا” بمكونات خاصة بالطائرة.

وبطبيعة الحال؛ ليست هذه المرة الأولى التي حاولت فيها “الولايات المتحدة” ثني “تركيا” عن هذه الصفقة، ولكن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، لم يستجب لطلب “واشنطن”، رغم تحالف “أنقرة” و”واشنطن” في إطار حلف (الناتو).

وجاء في بيان “وزارة الدفاع”، الذي نقلته قناة (سي. إن. إن) الأميركية: “حتى يتم إتخاذ قرار غير مشروط من الجانب التركي بالتخلي عن استيراد (إس-400)، فإنه سيتم إنهاء الإمداد والأنشطة المتعلقة بتزويد تركيا بالقدرة التشغيلية المرتبطة بطائرات (إف-35)”، مشيرًة إلى أن الحوار مع “تركيا” حول هذه القضية المهمة مستمر.

وقالت قناة (سي. إن. بي. سي) الأميركية، إن “البنتاغون” يبحث عن بدائل لتحل محل “تركيا” فيما يتعلق بإنتاج الأجزاء التركية من الطائرة، التي تشارك “أنقرة” في تصنيعها؛ ضمن برنامج مشترك يشمل 14 دولة.

وفي وقت سابق، أكدت “تركيا” على أنها تراعي مصالحها، فيما يتعلق بشراء منظومة (إس-400) من “روسيا”، التي تلقى رفضًا من جانب “الولايات المتحدة”، متوقعة تسلم الدفعة الأولى من المنظومة في تموز/يوليو 2019.

ضغوطات أميركية..

يذكر أن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، كان قد صرح في مستهل لقائه بنظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، الشهر الماضي، بأن بلاده تتعرض لضغوطات كبيرة من “الولايات المتحدة” بسبب صفقة شراء منظومات الدفاع الجوي الروسية، (إس-400).

وتم توقيع اتفاقية توريد (إس-400) لـ”تركيا”، في كانون أول/ديسمبر 2017، في “أنقرة”، وتحصل “تركيا” بموجب هذه الاتفاقية على قرض من “روسيا” لتمويل شراء (إس-400) جزئيًا.

ومن جانبه؛ قال وزير الدفاع التركي، في وقت سابق، إن نصب صواريخ (إس-400) في أراضي “تركيا” سيبدأ، في تشرين أول/أكتوبر 2019.

وكان نبأ تعاقد “تركيا” على شراء منظومة الدفاع الجوي الروسية قد أثار حفيظة “واشنطن”، التي ترى ضرورة أن تشتري “تركيا” معدات عسكرية من صنع أميركي أو أطلسي؛ لكونها عضوًا في “حلف شمال الأطلسي”.

ونقلت وكالة (رويترز)، عن مصدر أميركي، قوله أن “الولايات المتحدة” توقفت عن تزويد “تركيا” بالمعدات اللازمة لطائرات (إف-35) الشبحية، وأن المنتجات المرتبطة بخطط تسليم (إف-35)، لن يتم إرسالها إلى “أنقرة” بعد الآن.

وقالت الوكالة إن هذا الإجراء يمثل أول خطوة صارمة من “الولايات المتحدة الأميركية” تجاه “تركيا”، بسبب خطط “أنقرة” الخاصة بشراء منظومة صواريخ (إس-400)، رغم الرفض الأميركي لتلك الصفقة.

وقالت إن المعدات كانت خاصة بالتدريب لاستقبال المقاتلات، إضافة إلى شحنات خاصة بها.

ويرفض الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، الاستجابة لطلب “واشنطن”، حليف “أنقرة” في حلف (الناتو)، بشأن إيقاف صفقة شراء منظومة (إس-400) الصاروخية الروسية.

لن تؤتي ثمارها..

تعليقًا على الخطوة الأميركية، قال “د. أحمد واصل”، مدير “مركز دراسات الشرق الأوسط” بـ”أنقرة”، إن: “تركيا لن تركع للضغوطات الأميركية عليها لأن مسألة الأمن القومي مهمة جدًا بالنسبة لأنقرة”، مشيرًا إلى أن: “الإستفزازات والضغوطات الأخرى لن تؤتي ثمارها؛ لأن تركيا أعلنت منذ فترة طويلة شراءها صواريخ (إس-400)”.

مؤكدًا على أن “تركيا ستحاول حل الأزمة مع الولايات المتحدة بالمفاوضات أو بشراء أسلحة أخرى”، موضحًا أن: “تركيا تدفع قلق أميركا من شراء صفقة الصواريخ، فهناك دول أوروبية أيضًا اشترت (إس-400)، وليس تركيا فقط، وهذا سبب الضغط على تركيا بألا تشتري دول أخرى، خاصة من (الناتو)، هذا النوع من الصواريخ”.

لديها خيار اللجوء لروسيا..

وحول أسباب الخطوة الأميركية، يقول المحلل العسكري الروسي، “فيكتور ليتوفكين”: “حاول الأميركيون لي يدي تركيا من أجل أن تغير رأيها عن شراء طائرات (إف-35)، لكن تركيا دفعت ثمن هذه الطائرات مسبقًا. كما أن تركيا عضو في (الكونسورتيوم)، أي مجموعة الدول التي تشارك في إنتاج هذه المقاتلات؛ ومنها إسبانيا وألمانيا وبريطانيا العظمى وفرنسا وإيطاليا، إضافة إلى أن الأموال التركية تدخل في عملية إنتاج هذه المقاتلات، لكن يبدو أن الأميركيين ليسوا أناسًا محترمين ولا يريدون الوفاء بواجباتهم وإلتزاماتهم وإعطاء هذه الطائرات لتركيا التي طلبتها. نعم إن لدى تركيا طائرتان من هذا النوع، وقد تمكنت من الحصول عليهما قبل أن يتخذ الكونغرس الأميركي قرارًا بإيقاف تسليم هذه الطائرات لتركيا”.

وتابع “فيكتور ليتوفكين”: “أعتقد أن تركيا لن تنحني أمام الأميركيين، فيما إذا لم تسلمها الولايات المتحدة المقاتلات (إف-35)، ولدى تركيا فرصة وخيار لأن تطلب شراء طائرات (سو-35) من روسيا، طالما أن المقاتلات الروسية، (سو-35)، ليست أقل تقنية من (إف-35)، عندها ستكون خسارة الأميركيين مضاعفة، لأن الولايات المتحدة لن تسلم تركيا نظام الدفاع الجوي (باتريوت)؛ إضافة إلى المقاتلات (إف-35)”.

لا يخدم السياسات التركية الحالية..

حول هذه الخطوة وتداعياتها على العلاقات بين البلدين بالدرجة الأولى؛ قال الخبير بالشأن التركي وخبير مركز “أورسام” لدراسات الشرق الأوسط، “دانيال عبدالفتاح”، أن: “تركيا تتعرض لهذه الضغوط بشكل مباشر، وكانت الإدارة الأميركية قد لمحت إلى إمكانية حرمان تركيا من التبادل الضريبي، وحرمان تركيا من إمتيازات تجارية في الولايات المتحدة، وألمحت الولايات المتحدة بشكل واضح وصريح إلى إحتمال تعرض الاقتصاد التركي إلى عقوبات مباشرة من الخزانة الأميركية، هذا الأمر يضغط على أنقرة ويؤدي في النتيجة إلى دفع أنقرة إلى أحضان موسكو أكثر من اللازم، وهذا لايخدم السياسات التركية في الوقت الحالي بشكل مباشر، ولكنه وعلى المدى الطويل يعطي تركيا بديلًا في مستقبل علاقاتها في حلف (الناتو)، وإذا كان حلف (الناتو) يتراجع، وهذا واضح جدًا في أوروبا، مع الدعوات الأوروبية لتشكيل منظومة دفاع أوروبية؛ كما حدث مع ماكرون وميركل، إضافة إلى ذلك التحول الجديد في علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي ومع الولايات المتحدة نفسها، كل هذا يظهر أن تركيا سوف تحتاج إلى نوع جديد من البدائل، وخاصة أن أميركا ذهبت بدعم الأكراد في الشمال السوري ضد مصالح تركيا، وهذا يعني أن تركيا ترد على الولايات المتحدة وتقول لها أنتم من بدأتم في شق هذا التحالف والخروج عليه ولذا سيأتي الرد منا”.

من الأجدر أن تلتزم بـ”الناتو”..

وعن إمكانية تلاعب “إردوغان” على الحبال مع جميع الأطراف المتعلقة بهذا الشأن، يرى “عبدالفتاح” أن: “السياسة في النهاية فن الممكن والخديعة وعلاقات دبلوماسية ومصالح، وإردوغان يجيدها كما يجيدها الرئيس بوتين وحتى الإدارة الأميركية؛ وهي أكثر من يعرف استغلال الآخرين، ولكن اللعبة مكشوفة والجميع إتضحت أمامه كل هذه الأوراق، وإذا ما حصلت تركيا على مبتغاها وعلى تراجعات ومصالح مهمة جدًا تمس الأمن القومي التركي وتمس مستقبلها وتمس وضع تركيا بعد عام 2023، وموضوع التقسيم لتركيا، وموضوع الأكراد والأرمن، كل هذه الأمور إذا ما حصلت تركيا على بعض مصالحها فمن الأجدر أن تلتزم تركيا بـ (الناتو)، هذا ما قاله رجب طيب إردوغان، وقبل أسبوع من الآن، صرح أن تركيا أكثر الملتزمين بسياسات حلف (الناتو)، إذاً تركيا ملتزمة أساسًا بالسياسات الأميركية والإسرائيلية في المنطقة وبكل تفاصيل سياسات (الناتو)، وهذا ما يسمعه الرئيس بوتين وكل الحلفاء؛ وجميعهم يعرفون تركيا، لكن المصالح سوف تحكم في النهاية”.

روج لطائرة بها الكثير من العيوب..

من جانبه؛ قال السفير السوري السابق لدى “تركيا” والخبير بالشأن التركي، الدكتور “نضال قبلان”، أن  قراءته للأمر مختلفة قليلاً، أعتقد بالنسبة للموضوع الذي أثارته الإدارة الأميركية مع “تركيا” بشأن قطع غيار أو مكونات طائرات (إف-35)، “أنا قرأت العديد من الدراسات التي أجراها مختصون أميركيون بخصوص هذه الطائرة، يقولون أنها فاشلة من حيث أولاً نسبة الأعطال التي تحدث فيها، ومن حيث أجهزة التصويب والمشاكل التي تعاني منها، وبالتالي يقولون أن مليارات الدولارات تم إهدارها على طائرة روج لها إعلاميًا، ولكن بالمقابل عمليًا لا يوجد ما يعزي الصورة البراقة التي أعطيت إعلاميًا لطائرة فيها الكثير من العيوب الأساسية في التصنيع، وثانيًا عندما يتم توقيع عقد صفقة بين دولتين في حلف الأطلسي بشكل خاص، ولكن عمومًا لا تستطيع هذه الدول حجب قطع أو مكونات طائرة أو بالتالي يتم فسخ العقد؛ هذا إخلال بشرط أساس في العقد، ولدى تركيا خيارات بديلة أهمها الروسي”.

روسيا الرابح الأكبر..

وعن الهاجس الحقيقي والتخوف الذي تحاول “الولايات المتحدة” التخلص منه، يقول “قبلان”: “القضية الجوهرية تتمثل بالإبتعاد التركي التدريجي من الحضن الأميركي والإقتراب أكثر من روسيا ومن إيران، ولكن هناك مشكلة أنه لا تستطيع، لا أميركا ولاروسيا ولا حتى الأتراك أنفسهم، أن يثقوا بإردوغان وسياسات إردوغان المتحولة بشكل دائم بدون مسوغات أو مبررات منطقية، وبالتالي أعتقد أن إردوغان يحاول الحصول على أفضل ما لدى الجانبين، والمشكلة هي أن اللعب بات على المكشوف والكل يعرف ذلك، وبالتالي بإعتقادي أن كل دولة تنطلق من مصالحها العليا في التعاطي مع هذه القضية، وأعتقد أن الرابح الأكبر هو روسيا من هذه الأزمة، وأثبت الرئيس بوتين والإدارة الروسية بأنهم يتقنون الإستفادة من هذه التوترات أو الأزمات بين أنقرة وواشنطن، والجميع يعلم أنه لا يوجد أي كيمياء بين ترامب وإردوغان رغم التشابه الكبير بينهما؛ من حيث نكث الوعود والمواثيق وعدم المصداقية والجنون السياسي، وإن كان بدرجات متفاوتة قليلاً، والروس يتعاملون بشكل هاديء للإستفادة من هذه الفرصة الهامة، لأن تركيا دولة كبرى في حلف (الناتو)، وأن تستطيع إبعاد تركيا عن القطب الأميركي والعسكري الغربي بإتجاهك أعتقد أنه إنجاز كبير للإدارة الروسية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة