وكالات – كتابات :
تساؤلات عدة تُثار حول سبب كشف “أميركا” عن العمليات الإسرائيلية السرية ضد “إيران”؛ وآخرها العملية التي أدت إلى اغتيال قائد بـ (الحرس الثوري) الإيراني.
وفي وقت سابق من هذا الشهر؛ وردت أنباء عن اعتقال (الموساد) الإسرائيلي عددًا من العملاء الإيرانيين في “أوروبا”، ونجاحه في تفكيك مؤامرة لاغتيال ثلاثة إسرائيليين وإبطالها.
ثم كشفت مصادر أميركية في وقت سابق من هذا الأسبوع؛ أن “إسرائيل” هي من اغتالت قائد الوحدة (840)؛ في (الحرس الثوري) الإيراني، العقيد “حسن صياد خدائي”، بدعوى مسؤوليته عن عمليات ضد أهداف إسرائيلية وغربية خارج “إيران”، حسبما ورد في تقرير لصحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية.
“إسرائيل” تفضح أسرار “إيران” القديمة لعرقلة “الاتفاق النووي”..
وفي أعقاب ذلك؛ أزالت “إسرائيل”؛ مساء الأربعاء 25 آيار/مايو 2022، الستارَ عن أسرار نووية إيرانية جديدة، وكشفت عن محاولات إيرانية سابقة لإخفاء معلومات عن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.
ومع أن “إسرائيل” حصلت على هذه المعلومات؛ في عام 2018، بعد عملية استخباراتية استحوذت فيها على أرشيف “طهران” النووي السري، إلا أنها تعمّدت الكشف عنها الآن لإحراج “إيران”.

تزعم الوثائق التي كشفت عنها “إسرائيل” أن “إيران” اخترقت” الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وأجرى مسؤولوها مناقشات داخلية حول كيفية الاستمرار في خداع المفتشين الدوليين.
أدى توالي الكشف عن العمليات الإسرائيلية السرية ضد “إيران”؛ في هذه المدة اليسيرة، إلى إحراج “طهران” وتضييق سُبل دفاعها عن نفسها أكثر من مرة؛ منذ عام 2018.
تقول “إسرائيل” إن الكشف عن محاولة “إيران” اغتيال جنرال أميركي، واختراقها “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، طعنةٌ تقوِّض مزاعم “إيران” بأنها ترتكن إلى: “قواعد أخلاقية ودبلوماسية رفيعة”.
هجمات غير مسبوقة منذ سنوات دفعت طهران لموقف دفاعي..
لم تتعرض “إيران” لهزةٍ كهذه؛ منذ عام 2018، عندما داهم عملاء إسرائيليون أرشيفها النووي، أول صيف 2020، عندما انفجرت عشرات المنشآت الإيرانية بهجمات سيبرانية إسرائيلية.
لكن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة أجبرت “إيران” على الوقوف موقف الدفاع عن نفسها، فلماذا تُفشي “الولايات المتحدة” إلى العلن مسؤولية “إسرائيل” عن هذه العمليات في هذا الوقت ؟
تقول صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية؛ إن ما أقدمت عليه “الولايات المتحدة” من كشف عن مسؤولية “إسرائيل”، أمرٌ مُثير للقلق، لا سيما أن “إسرائيل” بذلت جهودًا حثيثة لتجنب الكشف علنًا عن مسؤوليتها، وعدم التصريح بشيء يستفز عوام الناس في “إيران” من دون داعٍ.
وتذهب الصحيفة الإسرائيلية إلى أن إفشاء “واشنطن” عن عمليات “إسرائيل” يقوِّض مساعي “إسرائيل” الرامية إلى تجنب استفزاز “إيران” على نحو يُجبرها على الرد بقوة.
هل يُريد “بايدن” التبرؤ من العمليات الإسرائيلية السرية ضد “إيران” ؟
ومع ذلك؛ فإن هذه ليست أول مرة تُزيل فيها إدارة “بايدن”؛ السريةَ عن العملية الإسرائيلية السرية ضد “إيران”، أو تُسرِّب خبرًا عن عملية نفَّذتها الاستخبارات الإسرائيلية.
عندما فعلت إدارة “بايدن” ذلك سابقًا، بدا أنها تُحاول تبرئة نفسها أو الظهور في صورة مختلفة عن “إسرائيل”، حتى تتمكن “واشنطن” من مواصلة التفاوض مع الإيرانيين بشأن القضايا النووية.
فهل يعني الكشف عن مسؤولية “إسرائيل” الآن أن “الولايات المتحدة” لا تزال عازمة على الوصول إلى “اتفاق نووي” مع “إيران”، على الرغم من الخلافات التي تبدو عصية على الحل، وأبرزها الرفض الأميركي لحذف (الحرس الثوري) الإيراني من قائمة الإرهاب ؟
هل “واشنطن” تؤيد الممارسات الإسرائيلية سرًا ؟
وأفادت تقارير بأن الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، قال لرئيس الوزراء الإسرائيلي إن (الحرس الثوري) الإيراني سيبقى على القائمة السوداء للإرهاب، حسبما ورد في تقرير لموقع (بوليتيكو) الأميركي.
وهذا يُشير إلى تراجع احتمالات التوصل إلى صفقة لإحياء “الاتفاق النووي”، وفقًا للشروط الإيرانية.
وقبل تولي “بايدن” السلطة، أفادت تقارير بأن “إسرائيل” و”الولايات المتحدة” تُخططان لـ”عمليات سرية” ضد “إيران”؛ مع قرب إنتهاء ولاية الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”.
وقال مسؤولون أمنيون؛ آنذاك، إنهم يسعون إلى زيادة الضغط على “طهران” بشأن برنامجها النووي قبل رئاسة؛ “بايدن”، معتقدين أن “إيران” لن تقوم بعمل عسكري مع “ترامب” في منصبه.
ولكن حتى بعد تولي “بايدن” الرئاسة، أفادت تقارير أخرى بأن “إسرائيل” تشاورت مع “الولايات المتحدة”؛ قبل الضربات السرية على الصواريخ الإيرانية والمواقع النووية.
“بايدن” لم يعترض على خطة “إسرائيل” السرية ضد “إيران”..
وشكلت خطة إسرائيلية تستهدف “إيران” من خلال أساليب مماثلة لما جرى مع “الاتحاد السوفياتي”؛ محورًا للقاء مهم بين الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، ورئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “نفتالي بينيت”، عُقد 02 آب/أغسطس 2021.

وخلال هذا اللقاء؛ حصل “بينيت” على تصريحٍ علني من “بايدن”؛ بأنّه جاهزٌ لاستكشاف: “خيارات أخرى” في حال فشلت الدبلوماسية أن تمنع حيازة “إيران” لأسلحةٍ نووية. وهذه هي: (الخطة ب)، التي كان “بينيت” وحكومته يدعون لها علنًا، وقد حصل على مراده من “الولايات المتحدة”؛ خلال الاجتماع.
إذ قدّم “بينيت”؛ لـ”بايدن”، خطةً متعددة الجوانب لمواجهة “إيران” عسكريًا، واقتصاديًا، ودبلوماسيًا. وبدا أن “بايدن” تقبّل الفكرة. حيث من المفترض أن خطة “بينيت”، المسماة: “الموت بألف طعنة”، ستُوفّر ميزة تجنّب الجميع وقوع حدثٍ دراماتيكي منفرد يُشعل صراعًا أكبر في منطقة الخليج.
وذكرت صحيفة (جيروزاليم بوست) في ذلك الوقت؛ نقلاً عن مصادر دبلوماسية، أن خطة تُشبه إستراتيجية “أميركا” خلال “الحرب الباردة”، على أن تلعب “إسرائيل” دور “الولايات المتحدة”؛ و”إيران” هي “الاتحاد السوفياتي”.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إن الإستراتيجية التي قدمها “بينيت” إلى “بايدن”؛ خلال العام الماضي، وكانت قد بدأتها “إسرائيل” بالفعل، تتضمن مواجهة “إيران”؛ من خلال مجموعة من الإجراءات الصغيرة عبر عدة جبهات – عسكرية ودبلوماسية – بدلاً من توجيه ضربة واحدة دراماتيكية.
ويبدو أنه بينما تُحاول “أميركا” خلق مسافة بين العمليات الإسرائيلية السرية ضد “إيران”، حتى لا تُفسد المفاوضات النووية المتعثرة أصلاً، ولكن من الواضح أنها لم تُعد تعترض عليها، إن لم تكن تعتبرها أداة ضغط إضافية على “طهران”.