“واشنطن بوست” : بعد التعديلات الدستورية المحتملة .. المرأة العراقية تعود قروناً إلى الوراء !

“واشنطن بوست” : بعد التعديلات الدستورية المحتملة .. المرأة العراقية تعود قروناً إلى الوراء !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

تواجه المرأة العراقية إحتمالية إنتهاك حقوقها في المجتمع بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التي أقرها البرلمان، من إعادة إنتاج لقانون الأحوال الشخصية على أساس رجعي من الطائفية، حيث إعتبره مراقبون إنتهاك لحقوق الإنسان بشكل عام وتشجيع على العنف ضد المرأة بشكل خاص، حيث تتضمن التعديلات -المطروحة للنقاش – السماح للفتيات في سن التاسعة بالزواج !

وترى صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية أنه في حالة الموافقة على التعديلات، فإن ذلك سيؤثر على أشكال الزواج داخل المحكمة المدنية التي توفر الحماية القانونية للمرأة من تعدد الزوجات وأشكال الاعتداء المختلفة. كما أنه سيضعف سلطة القاضي المعين من الدولة بمنح تلك التعديلات السلطة للجهات الدينية الطائفية ومراكز الإفتاء لاتمام معاملات الزواج والطلاق وكل ما يخص الأسرة العراقية كل حسب مذهبه، بالإضافة إلى إجازة الزواج خارج المحكمة مما سيسبب تفككاً أسرياً ونشوء جيل كامل من الأطفال بدون حقوق.

وتحاول حقوقيات وناشطات في شأن المرأة العراقية وناشطو المجتمع المدني بوقف هذا الإقتراح المقدم للبرلمان، حيث دفع نشطاء من منصات مختلفة، مثل “شبكة النساء العراقيات”، و”منتدى الصحافيات العراقيات”، و”منظمة حرية المرأة في العراق”، إلى إجراء إصلاحات تدريجية في قانون الأحوال الشخصية بدلاً من إخضاعه لإصلاحات متردية وتضر بحقوق المرأة، وإنطلقت حملة دولية أطلقها أكاديميون وناشطون وأفراد إلتماساً يطالب البرلمان والنواب العراقيين بوقف هذه التعديلات.

السياسة الطائفية تلعب على وتر حقوق المرأة..

تحدي “قانون الأحوال الشخصية”، الذي تم تشريعه في عام 1959، ليس جديداً في العراق. ومنذ عام 2003، دفعت الأحزاب السياسية الإسلامية الشيعية من أجل تغييره عدة مرات. وقدموا مقترحات مختلفة، وكلها تنطوي على إمكانية تطبيق قانون طائفي للأحوال الشخصية.

وترى الصحيفة الأميركية أن هذه المقترحات – التي تدافع عنها الأحزاب السياسية الإسلامية الشيعية – لا تختلف كثيراً عن النظام السياسي العراقي منذ الغزو والاحتلال: “سياسة الهوية الطائفية”.

وقد أدى هذا النظام السياسي العراقي، منذ عام 2003، إلى إضفاء الطابع المؤسس على الطائفية العرقية من خلال تطبيق نظام قائم على الحصص المجتمعية بشكل يجعل كل “مجتمع”، سواء كان “عربي، كردي، سني، شيعة، الخ” – له نصيبه من السلطة. وقد أدت حملة تفتيت النزعة “البعثية”، التي قادتها القوات الأميركية خلال السنوات الأولى من الإحتلال، إلى حل الجيش وتطهيره من أعضاء “البعث” وكذلك طرده من مؤسسات الدولة، مما أدى إلى إنهيار الدولة التي جردت من موظفيها ذوي الخبرة والمهرة. كما أن القمع الدموي للقوات المعارضة للغزو والإحتلال وتهميش السكان السنة من قبل الإدارة الأميركية والقيادة السياسية العراقية الجديدة، قد أدى بعد ذلك إلى تفاقم التوترات الطائفية.

كل هذا خلق سياق من التوترات الاجتماعية والعرقية والطائفية في البلاد – تغرقه في حرب أهلية. وعند إقتراح أي قانون للمسلمين الشيعة، فإنهم بعد ذلك يسعون إلى تأكيد فرض هويتهم على العراقيين، بدلاً من أن يكون العراق مثالاً للشمولية وتعددية الطوائف.

إقليم كردستان تبنى تشريعات رائدة في حماية حقوق المرأة..

يذكر أن مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية، المعروض حالياً على البرلمان العراقي، قد لقي معارضة كبيرة من فئات مختلفة، رافضين ما ذهب إليه التعديل والذي عده الكثيرون نكسة للمرأة العراقية وإهانة لمكانتها وحقوقها الإنسانية والقانونية والدستورية، وإعادة إنتاج قانون الأحوال الشخصية الذي يبيح زواج القاصرات ويشجع زواج المتعة والمسيار ويفرق بين العراقيين على أساس الدين والطائفة، واصفين إياه بالسيء ومهين للكرامة، ولا سيما المرأة التي يجيز التعديل للآخرين مبدأ التعدي على المرأة وممارسة شكل من أشكال العنف ضدها وإنتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.

ومن أهم نقاط الخلاف الأخرى حول القانون، هي تشتيت النظام القانوني للأحوال الشخصية لمسلمي العراق بعدد مذاهبهم، وبحسب المعترضين فإن القانون يتجاوز بالكامل ويخرق إلتزامات العراق الدولية بموجب اتفاقيات صادق عليها؛ كإتفاقية حقوق الطفل وإتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وأن التوجه الذي يتبناه القانون هو “العودة للخلف” بخلاف ما تبناه إقليم كردستان من تشريعات تعتبر رائدة في المنطقة فيما يتعلق بحقوق المرأة، وأن إقرار القانون سوف يؤدي لاحقًا لعزوف الناس عن المذاهب والأديان ويزيد نقمتهم عليها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة