19 أبريل، 2024 11:17 م
Search
Close this search box.

“واشنطن بوست” : العملة الصاعدة “بيتكوين” .. كيف تسقط بنفس أسباب نجاحها الحالي ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – لميس السيد :

تصدرت مناقشات العملات الرقمية الصفحات الأولى لعناوين وسائل الإعلام العالمية، بعد تصاعد قيمة عملة “بيتكوين”، أكثر العملات شعبية حول العالم، ما جعل داعمو “بيتكوين” يؤكدون على أن إنتشار العملات الرقمية سيكون على أوسع النطاقات مستقبلاً، ولن تكون الحكومات قادرة على كبح إنطلاقها في الأسواق الإليكترونية – التي تستخدم فيها – ولن يسمح المستخدمون أصلاً بحدوث ذلك.

وترى صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، في تقريرها حول “بيتكوين”، أن وجهات النظر المؤيدة لتلك العملة تفتقد لأمرين هامين، أولاً: العملات الرقمية، في شكلها الحالي، تشكل تهديداً أكبر للحكومات الوطنية أكثر مما يفهمه معظم الناس حالياً. ثانياً: نجاح “بيتكوين”، سيكون أيضاً سبباً لسقوطها.

ومع إزدياد شعبية “بيتكوين”، وخاصة إذا استقرت قيمتها، فإنها تصبح بديلاً قابلاً للتطبيق عملياً للعملات المدعومة من الحكومة، إلا أن الحكومات الوطنية ليس لديها حافز كاف للسماح بهذا النوع من المنافسة المباشرة.

التكلفة الخفية للعملة الرقمية..

الحكومات الوطنية لا زالت تتسامح مع “بيتكوين” وغيرها من أشكال “العملات المعماة”، لأن هذه العملات لا تزال لاعب ضعيف في الاقتصاد العالمي، ولكن دول مثل “بنغلاديش” و”بوليفيا” و”قيرغيزستان”، رفضت التعامل بعملة “بيتكوين”، فيما تناقش “الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي” والحكومات الأخرى ضوابط أكثر صرامة لتداول العملة الإليكترونية الصاعدة، ويبدو أن معظم الضوابط المفترض تطبيقها تنتظر فقط إجراءات روتينية للعمل بها.

تسمح معظم البلدان للمواطنين بشراء وإنفاق العملات الرقمية، حيث أن بعض المتاجر والمطاعم في الولايات المتحدة، تقبل “بيتكوين” كوسيلة دفع، وهناك حتى بعض أجهزة الصراف الآلي التي تقبل عملة “بيتكوين”. ويلاحظ على نحو متزايد أن الناس يشترون “بيتكوين” بصورة أقل لإستخدامها كعملة، ولكن يفضلونها كاستثمار، على أمل أن “بيتكوين” سوف تستمر في تصاعد قيمتها. وفي ظل إنخفاض أعداد الصفقات الفعلية لشراء الخدمات والسلع، فإن هناك مخاطرة من وراء تحويل كميات كبيرة من “بيتكوين” لعملة “الدولار”.

وفي الوقت الراهن، العملات مثل “بيتكوين” لا تزال متقلبة جداً لإستخدامها في الإدخار طويل الأجل أو الإقراض – وهذا يعني أنها لن تحل بسهولة عملات “الدولار” أو “اليورو”. ولكن الحكومات لا تستطيع السيطرة على حركة العملات الرقمية عبر الحدود – وهذا هو السبب في أن هذه العملات تشكل بالفعل تهديداً. ويمكن أن توفر العملات الرقمية وسيلة للتهرب من القيود الحكومية على صرف العملات وتدفقات رأس المال إلى الخارج.

وتبين الأبحاث أن الحكومات كثيراً ما تفرض قيوداً على العملات لتحقيق منفعة سياسية واقتصادية. ومن خلال تقييد تحويل عملتها الوطنية إلى دولارات، على سبيل المثال، يمكن للحكومات الوطنية أن تمنع المستثمرين من المشاركة الاقتصادية داخل بلادهم.

في أوقات الأزمات، تتحرك الحكومات لتثبيت العملة الوطنية، مثال على ذلك أن المملكة المتحدة قد تقلص تبادلاتها بالعملة من أجل “إدارة” خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على نحو أفضل محلياً. وقد يعتقد مؤيدو “بيتكوين” أن الحكومات لا يمكن أن تقتل “بيتكوين” أو العملات الرقمية الأخرى – ولكن هذا إفتراض خاطئ، حيث يمكن للحكومات جعل حيازة وإستخدام وتبادل “بيتكوين” غير قانونية. في حين أن بعض الحكومات الديمقراطية قد تتردد في حظر “بيتكوين” إذا كان المواطنون يعارضون بشدة القيام بذلك.

وكانت قد سعت الحكومة الأميركية إلى الحد من إستخدام الأدوات النقدية في الماضي. وخلال فترة الكساد العظيم، جرّمت  الحكومة حيازة العملات الذهبية أو الذهب، مما أجبر المواطنين على بيع الذهب إلى الخزينة.

وعلى الرغم من عدم وجود مماثل تاريخي دقيق لعملة “بيتكوين” الحديثة، إلا أن قلة من الاقتصاديين يشككون في أن الحكومة الأميركية يمكن أن تجبر الأميركيين على التخلي عن “بيتكوين”، إذا أرادوا ذلك، ويقول “جوزيف ستيغليتز”، الحائز على جائزة “نوبل”: “أن الحكومة الأميركية يمكن أن تفرض قيوداً واسعة على بيتكوين ومن ثم تنهار العملة تماماً”.

إذاً .. لماذا التوسع في إستخدام “بيتكوين” يعني زوالها السياسي ؟

تقول الصحيفة الأميركية أن تقلب قيمة “بيتكوين” المستمر، جعلها ملاذاً غير أمن للاستثمار أو الإدخار، ولكن في حالة إذا ظهرت عملة أمنة ومستقرة، قد يكون الوضع عكس ذلك تماماً، ومن شأن ذلك أن يهدد الحكومات الوطنية، بما فيها الحكومة الأميركية.

والجدير بالذكر، أن أرباح الولايات المتحدة من إصدار الدولار الأميركي سنوياً وتداوله خارج البلاد لعقود، من قبل الأفراد والحكومات، يُدر قيمة فوائد تصل إلى 20 مليار دولار سنوياً.

والأهم من ذلك أن الحكومة الأميركية تحتاج إلى السيطرة على قيمة الدولار لسببين حاسمين: إدارة القدرة التنافسية لصادراتها، ولضمان أن تتمكن دائماً من تجاوز الديون الوطنية الأميركية الهائلة. وهكذا، فإن الولايات المتحدة لديها سبب وجيه لمحاربة أي عملة رقمية تتنافس مع الدولار.

ولهذا لا تملك الحكومات أي دوافع لبقاء “بيتكوين” داخل أسواقها، وهذا ينطبق على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأسواق الناشئة أيضاً.

ولهذا تستنتج الصحيفة الأميركية أن “بيتكوين” قد أصبحت عملة حقيقية وحية بين عملات اليوم، على الرغم من عدم وجودها فيزيائياً، ويتضح أن هناك أسباب عدة بأن نجاحها سيكون سر زوالها، ولكن ذلك لا يمنع أنها لا ذات شعبية، ومع ذلك أيضاً متقلبة القيمة، لذا من المتوقع لها أن تبقى عملة هشة يتحاشاها المستثمرون، وأن تشهد موتاً بطيئاً بعد إنتشاراً واسعاً نسبياً، بسبب ما ستواجهه من قيود قانونية وسياسية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب