خاص : ترجمة – لميس السيد :
من تنظيم الاحتجاجات الجماهيرية، في “بغداد” و”بيروت”، إلى تنسيق مهام الإنقاذ وسط صراع حاد، في “سوريا”، أصبح تطبيق (واتس آب) رابطًا لا غنى عنه للملايين في جميع أنحاء العالم العربي.
ثورة أكبر من تطبيق !
في “لبنان”، حيث الاتصالات السلكية واللاسلكية عالية التكلفة، أعتمد المواطنون بشكل مكثف على (واتس آب) لإجراء مكالمات مجانية.
عندما أعلنت الحكومة فرض ضريبة على هذه المكالمات، في 17 تشرين أول/أكتوبر 2019، أشتعلت الاحتجاجات التي نمت إلى مستوى غير مسبوق/ منذ احتجاجات 2015.
بعد أكثر من أسبوع من المظاهرات، رفض المتظاهرون مصطلح “ثورة واتس آب”، قائلين إن العبارة تقلل من شأن مطالب التغيير السياسي جذريًا. في نفس الوقت، يعترف المتظاهرون بأن هذه التكنولوجيا مفيدة في حشد التجمعات التي جذبت مئات الآلاف من سكان يبلغ عددهم حوالي ستة ملايين للتظاهر في شوارع “لبنان”.
قالت “ياسمين الرفاعي”، 24 سنة، وهي منظمة احتجاج من “طرابلس”؛ في شمال “لبنان”، تعمل في منظمة غير حكومية محلية، أن (واتس آب) تحدث من خلاله “كواليس الثورة”.
وأضافت، في حوارها لوكالة (فرانس برس): “نحن مرتبطون بجميع مجموعات الـ (واتس آب) هذه لأن لبنان بلد صغير، والجميع يعرف شخصًا آخر من مدينة أخرى. لذا، فهو يسهل طريقة تواصلنا”.
من أجل الإنقاذ..
عبر الحدود، في “سوريا”، يمكن أن يكون (واتس آب) هو العامل الفارق بين الحياة والموت، حيث قال “مصطفى الحاج يونس”، الذي يرأس مجموعة من المستجيبين الأوائل لعمليات الإنقاذ في محافظة “إدلب”، إن المدنيين يستخدمون دردشات جماعية لطلب المساعدة من فرق الإنقاذ. وأضاف: “نحن ننسق هذه المجموعات كلما كانت هناك حاجة لخدماتنا”.
كما يعتبر (واتس آب) خدمة مفيدة؛ بسبب ضعف البنية التحتية للاتصالات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. وقال: “يمكن للناس الاتصال بنا فقط من خلال (واتس آب) أو الهواتف المحمولة”.
أخطر تطبيق..
في جميع أنحاء المنطقة، يتزايد الاستبداد الرقمي، حيث تحظر بعض الحكومات بانتظام تطبيقات الوسائط الاجتماعية الشعبية، بما في ذلك (واتس آب)، لا سيما ميزة مكالماته المجانية.
لا يمكن للمستخدمين في دول الخليج؛ مثل “الإمارات العربية المتحدة”، إجراء مكالمات عبر الإنترنت بدون خادم وكيل، وقد أدى ذلك للكشف عن الرسائل التي اعتبرت مسيئة من وجهة نظر السلطات، والتي أودت ببعض مستخدميها في السجن في “الإمارات العربية المتحدة”.
ولـ”المغرب” قصة مماثلة؛ حيث حظرت الحكومة، المكالمات الصوتية المجانية، عبر بروتوكول الإنترنت، (VoIP)، في عام 2016.
صرح صحافي مغربي، يبلغ من العمر 26 عامًا، ويعتمد على التطبيق للاتصال بالمسؤولين والمصادر، لوكالة (فرانس برس)؛ بأنها كانت “دراما وطنية”؛ عندما دخل القرار حيز التنفيذ، حيث أثار القرار ردود فعل عامة سريعة.
في أعقاب الاحتجاجات الأخيرة المحدودة، في “مصر”، ضد النظام، أوقفت الشرطة الناس بشكل عشوائي وعملت على فحص محتوى وسائل التواصل الاجتماعي على هواتفهم.
اعتقلت الشرطة الكثيرين على الفور بعد تفتيش هواتفهم المحمولة، حسب ما شهدته وكالة (فرانس برس)، في أيلول/سبتمبر الماضي. في ذلك الشهر، قال “مكتب المدعي العام” إن النيابة لديها أوامر “بتفقد حسابات وسائل التواصل الاجتماعي وصفحات المحتجزين”.
أما في “العراق”، حيث توفي ما يقرب من 200 شخص في الاحتجاجات، خلال شهر تشرين أول/أكتوبر الجاري، كانت تدور معركة أخرى على الإنترنت. فعندما اندلعت مظاهرات مناهضة للفساد في العديد من المدن في أوائل هذا الشهر، قطعت السلطات خدمات الإنترنت في محاولة لتهدئة الاضطرابات، وهو تكتيك استخدمته مرارًا في الماضي.
أكد مصدر أمني، فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة (فرانس برس): “نحن نعتبر أن تطبيق (واتس آب) هو أخطر تطبيق في هذه المرحلة”.
وقال المصدر؛ معترفًا بصراحة: “قطع الاتصال بـ (واتس آب) كان يهدف إلى منع هذه التجمعات من الحدوث”.
قال “ياسر الجبوري”، ناشط عراقي شارك في الاحتجاجات في “بغداد”، إن التطبيق كان حاسمًا لتشكيل مجموعات ناشطة لنشر التفاصيل حول الاحتجاجات.
وأضاف: “لقد أنشأنا على (واتس آب) مجموعات على وجه التحديد لمشاركة المعلومات بسرعة وتوزيعها على الشبكات الاجتماعية مثل (فيس بوك) و(تويتر)”.
كما أشار “عادل إسكندر”، أستاذ الدراسات الإعلامية بجامعة “سيمون فريزر” في “كندا”، إلى إن تبادل المعلومات يثير “خوفًا وجوديًا” للحكومات التي انتابتها حركات الانتفاضة في الربيع العربي. وأضاف أن الحكومات ترى أن مثل هذه التطبيقات يمكن أن تكون مفيدة.
حيث أوضح “إسكندر”، لوكالة (فرانس برس): “الدولة لا تعتبر هذه البرامج مجرد تهديد وإنما في بعض الأحيان فرصة سانحة لتبديل الرسائل الناقدة، برسائل داعمة للحكومة”.