9 أبريل، 2024 5:27 ص
Search
Close this search box.

هيومن ووتش: 10 سنوات ولم يجن العراق إلا نظاما ملعونا  ‏

Facebook
Twitter
LinkedIn

هاجمت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الأربعاء، النظام السياسي في العراق بشدة غير معهودة، ‏وأكدت في تقرير مفصل، عما تحقق في البلاد بعد عشر سنوات من التغيير، أنه لم يجن من تلك ‏السنوات سوى نظامين سياسي وعدلي “ملعونين” وإرث من الولايات “يسمح للأجهزة الأمنية ‏والمسؤولين بارتكاب جرائم وانتهاكات واسعة لحقوق الانسان من دون محاسبة”، وبينت أن بعد هذه ‏السنين ما موجود في العراق هي مؤسسات “ضعيفة وفاسدة” غير قادرة على تحقيق العدالة للمواطنين.‏
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير مفصل صدر اليوم الأربعاء جاء فيه:‏
إن ذكرى مرور 10 سنوات على غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة تترافق مع إخفاق ذريع في ‏المحاسبة من جانب الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والعراق نفسه.”‏

إن الانتهاكات التي يُزعم أن مسؤولي الولايات المتحدة سمحوا بها في السنوات الأولى للحرب في ‏العراق، وتواطؤهم المباشر أو المضمر مع الانتهاكات العراقية طوال فترة الاحتلال، كلها مسؤولة ‏جزئياً عن ترسيخ مؤسسات ضعيفة وفاسدة في العراق، كما قالت هيومن رايتس ووتش. وعلى نحو ‏مماثل، ورغم العدد المتزايد من الادعاءات بتعرض المحتجزين في عهدة البريطانيين في العراق ‏لانتهاكات جسيمة، لم تشرع السلطات البريطانية في إجراء تحقيق علني واف وشامل في وقائع ‏الانتهاكات، ولا حاسبت كبار المسؤولين عن جرائم الحرب المرتكبة في العراق.‏
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: ‏‏”يعكس الميراث الأمريكي في العراق انتهاكات تم ارتكابها دون عقاب على أيدي القوات الأمريكية ‏والعراقية طوال فترة الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة. إن الانتهاكات التي انطلقت منذ 10 ‏سنوات بفعل ’مذكرات التعذيب‘ الخاصة بالإدارة البريطانية، وسياسات الاحتجاز الوحشية التي أعقبت ‏ذلك، سهلت على العراق إنشاء نظام صار اليوم إما غير مستعد أو عاجز عن تحقيق العدالة لمواطنيه”.‏
ظهرت معلومات جديدة في مطلع مارس/آذار 2013 تشير إلى أن الحكومة الأمريكية تمارس سياسة ‏التعامل مع قوات الأمن العراقية المتهمة بالمسؤولية عن التعذيب وانتهاكات أخرى، دون مراعاة تُذكر ‏لمسألة المحاسبة عن هذه الانتهاكات. وقد ورد في تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن وكالة ‏الاستخبارات المركزية الأمريكية “تصعّد من دعمها” لجهاز مكافحة الإرهاب العراقي بغرض ‏‏”تحسين محاربة منتسبي القاعدة”. ‏
قالت سارة ليا ويتسن: “إذا صح التقرير الذي يفيد بانعقاد نية الولايات المتحدة على دعم جهاز مكافحة ‏الإرهاب العراقي فإن من شأنه إبراز سجل الولايات المتحدة الرديء فيما يتعلق بالتعامل مع مزاعم ‏الانتهاكات من جانب قوات الأمن العراقية. رغم اتهام جهاز مكافحة الإرهاب بارتكاب انتهاكات ‏جسيمة بحق المحتجزين إلا أنه تعاون بشكل وثيق مع القوات الخاصة الأمريكية قبل انسحاب القوات ‏الأمريكية في 2011”.‏
في 2011، نقلت هيومن رايتس ووتش مزاعم محتجزين سابقين تفيد باحتجاز جهاز مكافحة الإرهاب ‏لهم في سجون سرية وقيامه بتعذيبهم وارتكاب انتهاكات أخرى بحقهم. كانت الانتهاكات المزعومة ‏تشمل الضرب، وتعريض الأعضاء التناسلية وأجزاء أخرى من الجسم للصعق الكهربي، والخنق ‏الجزئي المتكرر بالأكياس البلاستيكية حتى الإغماء، والتعليق من الكاحلين.‏
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الأمريكية أن تكشف علنا طبيعة التعاون العسكري ‏والاستخباراتي الأمريكي مع جهاز مكافحة الإرهاب وغيره من الأجهزة الأمنية العراقية التي يزعم ‏ارتكابها لانتهاكات جسيمة وإفلاتها من المحاسبة. كما يجب على الولايات المتحدة إجراء تحقيقات ‏علنية في المزاعم التي تفيد بتواطؤ أفراد عسكريين أمريكيين ومنتمين إلى قوات التحالف في التعذيب ‏وغيره من الانتهاكات [التي تمت] على أيدي قوات الأمن العراقية أثناء الاحتلال، وملاحقة الجناة ‏قضائياً بمن فيهم كبار المسؤولين.‏
وينبغي للحكومة الأمريكية أن تعيد تقييم قرارها بعدم محاسبة كبار المسؤولين الحكوميين على علم ‏الولايات المتحدة بتعرض المعتقلين في عهدة الولايات المتحدة والعراق لانتهاكات، وتواطؤها مع تلك ‏الانتهاكات، بحسب هيومن رايتس ووتش. يجب ملاحقة المواطنين الأمريكيين الذين تواطؤوا مع ‏التعذيب، كما يجب على الولايات المتحدة أن تجعل معوناتها المستقبلية مشروطة بتلبية الحكومة ‏العراقية لمعايير حقوق الإنسان المبينة في “قانون ليهي”، الذي يحظر تقديم معونة عسكرية أمريكية ‏للوحدات العسكرية الأجنبية التي تنتهك حقوق الإنسان دون عقاب.‏
قالت سارة ليا ويتسن: “إن إخفاق الحكومات الأمريكية المتعاقبة في التحقيق في الادعاءات العديدة التي ‏تفيد بارتكاب القوات الأمريكية والعراقية لانتهاكات، قد شكل سابقة مشؤومة، كما ساعد على ترسيخ ‏ثقافة الإفلات من العقاب كأحد الملامح الرئيسية للميراث الأمريكي في العراق. وسواء كانت إخفاقات ‏الولايات المتحدة نتيجة جهل مقصود أو رغبة متعمدة في التستر على دورها، فإن شعب العراق، بعد ‏‏10 سنوات، يستحق من الولايات المتحدة معاملة أفضل”.‏

وفيما يلي تفاصيل مزاعم الانتهاكات على مدار العقد الماضي:‏
ميراث أمريكي من الانتهاكات والإفلات من العقاب
منذ غزو العراق في مارس/آذار 2003، تمكنت هيومن رايتس ووتش ومنظمات غير حكومية ‏أخرى، علاوة على تقارير إعلامية، من توثيق حالات عديدة تجاهل فيها المسؤولون الأمريكيون ‏المكلفون بإعادة إنشاء القوات الأمنية العراقية وتدريبها، تجاهلوا بل شجعوا انتهاكات جسيمة لحقوق ‏الإنسان من جانب تلك القوات. في بعض الحالات أخفق المسؤولون الأمريكيون في تشجيع التحقيق ‏الشامل في مزاعم الانتهاكات أو ثبطوا جهود التحقيق. وفي حالات أخرى استعان المسؤولون بقوات ‏كانوا يعرفون أن من شأنها على الأرجح ارتكاب انتهاكات، كجزء من استراتيجية أوسع لمكافحة ‏الإرهاب.‏
وقالت هيومن رايتس ووتش إنه منذ بدء الاحتلال كانت رسالة الولايات المتحدة للمتعاملين مع ‏المحتجزين هي أن المصلحة لها الأولوية على المحاسبة. بدأت الانتهاكات الأمريكية في العراق في ‏‏2003، بعد نشر إدارة الرئيس بوش لفرق محققين من غوانتانامو لتقديم المشورة بشأن أساليب ‏الاستجواب. وكان هذا عقب قرار من وزير الدفاع دونالد رامسفلد بتكثيف البحث عن “معلومات ‏استخباراتية تنفيذية” في صفوف المحتجزين العراقيين. كما أمر الجنرال الأمريكي الذي يتولى القيادة ‏المحققين بـ”استغلال عواطف المحتجز ونقاط ضعفه”.‏
قام نقيب من الجيش الأمريكي، كان قد أشرف على عمليات الاستجواب في سجن أمريكي بأفغانستان ‏مات فيه نزلاء أثناء الاحتجاز، قام بنشر “قواعد الاشتباك أثناء الاستجواب” في سجن أبو غريب في ‏بغداد. وكانت تلك القواعد تصرّح باللجوء إلى أساليب إكراهية مع المحتجزين تنتهك كلا من اتفاقيات ‏جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب ‏المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. كما أنها مهدت الطريق لضروب الانتهاكات ‏القاسية والمهينة بحق المحتجزين، التي تحولت عند انكشافها العلني إلى فضيحة أبو غريب.‏
في 2004، أدانت هيومن رايتس ووتش رفض الحكومة الأمريكية التحقيق في وفيات وقعت في ‏عهدتها في العراق، وتقديم الجنود وأفراد الاستخبارات المسؤولين عن انتهاك حقوق المحتجزين إلى ‏العدالة. وفي نفس العام، شكت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ‏من تفشي انتهاك حقوق المعتقلين على أيدي قواته، مما دفع مسؤولي الجيش على ما يبدو للسعي إلى ‏تقييد وصول الصليب الأحمر إلى مقار الاحتجاز.‏
في ديسمبر/كانون الأول 2005، مرر الكونغرس الأمريكي “قانون معاملة المحتجزين” الذي يحظر ‏‏”المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة” لأي سجين في عهدة الحكومة الأمريكية. كما ‏أصلحت الحكومة الأمريكية نظام الاحتجاز بغرض تحسين معاملة السجناء والسماح لمراقبي حقوق ‏الإنسان العراقيين بدخول مراكز الاحتجاز.‏
رغم هذه الإصلاحات إلا أن الانتهاكات التي ارتكبها الأفراد العسكريون الأمريكيون في بداية الاحتلال ‏شكلت سابقة بالنسبة للقوات الأمنية العراقية حديثة التكوين، واستخدامها الممنهج للتعذيب وغيره من ‏الانتهاكات بحق المحتجزين، مما وثقته هيومن رايتس ووتش في 2005. قالت هيومن رايتس ووتش ‏في ذلك الوقت إن على الولايات المتحدة وغيرها من المانحين، على سبيل الأولوية، إنشاء آليات ‏عراقية رسمية للإبلاغ عن مزاعم التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة بحق المحتجزين، ‏والتحقيق العاجل فيها.‏
بحلول نهاية 2007، كانت القوة متعددة الجنسيات التي تقودها الولايات المتحدة في العراق تحتجز ‏‏24514 محتجزاً دون اتهام أو محاكمة، وبدون أدلة تذكر في أحيان كثيرة. في 2009 و2010، نقلت ‏الولايات المتحدة كثيراً من المحتجزين الذين تحتجزهم إلى عهدة العراق، فعرضتهم لخطر التعذيب ‏الجدي.‏
في 2010 نشر موقع “ويكيليكس” ملفات سرية كشفت أن القوات الأمريكية أخفقت في أحيان كثيرة ‏في التدخل لمنع التعذيب على يد القوات الأمنية العراقية، وواصلت نقل المحتجزين إلى عهدة العراق ‏رغم أنها تعلم، أو كان ينبغي أن تعلم، بممارسة التعذيب على نحو روتيني.‏
في2010 و 2011، وثقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات جديدة بحق المحتجزين في عهدة العراق، ‏كثيراً ما كانت تجري في سجون سرية مثل “معسكر الشرف” [كامب أونور] الواقع داخل المنطقة ‏الخضراء ببغداد. وهناك، بحسب شهادة محتجزين سابقين، وموظفين سابقين بوزارة الدفاع العراقية، ‏ومستشارين سابقين بوزارة الدفاع الأمريكية، كانت القوات الأمريكية الخاصة ضالعة بشكل مركزي ‏في تدريب مسؤولي جهاز مكافحة الإرهاب والإشراف عليهم، وإنشاء السجون وإدارتها.‏
قال أكثر من 12 محتجزاً سابقاً لـ هيومن رايتس ووتش إنه رغم أن القوات الأمريكية الخاصة لم تكن ‏متواجدة عندما كان مسؤولو جهاز مكافحة الإرهاب العراقي يقومون بتعذيبهم في مقطورات مجاورة ‏لمعسكر الشرف، إلا أن القوات الأمريكية كانت تعلم حتماً بالأمر لأن حضور أفرادها بمقر السجن كان ‏مستديماً، وكان بوسعهم ملاحظة حالة المحتجزين.‏
كان مقر احتجاز معسكر الشرف يخضع لإدارة مشتركة من جهاز مكافحة الإرهاب العراقي ولواء ‏الجيش العراقي رقم 56 سيء الصيت، المعروف أيضاً بلواء بغداد، والذي كانت مزاعم التعذيب في ‏حقه تفوق حتى تلك الواردة بحق جهاز مكافحة الإرهاب. قال نزيلان سابقان بذلك السجن لـ هيومن ‏رايتس ووتش إن المحتجزين في عهدة جهاز مكافحة الإرهاب في 2010 و2011 كانوا يعتبرون ‏أسعد حظاً لأنهم يتعرضون لـ”تعذيب أقل” ممن يحتجزهم لواء بغداد.‏
دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الأمريكية مراراً إلى التحقيق في المزاعم التي تفيد بتواطؤ ‏القوات الأمريكية الخاصة في التعذيب وغيره من الانتهاكات بحق محتجزي معسكر الشرف، إلا أنها ‏لم تتخذ أي خطوات للقيام بهذا.‏
في فبراير/شباط، تحدثت هيومن رايتس ووتش مع كثير من المحتجزين السابقين الذين زعموا أن ‏قوات جهاز مكافحة الإرهاب تمارس الاعتقال غير القانوني وتستخدم أساليباً متطرفة في التعذيب ‏لانتزاع الاعترافات.‏
قال ت سارة ليا ويتسن: “ترتكب حكومة العراق اليوم انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان دون عقاب، ‏وتترك الضحايا دون أمل يذكر في الحصول على العدالة. وقد رسخت الولايات المتحدة هذا النمط من ‏البداية بسماحها بالانتهاكات دون محاسبة، وليس مفاجئا أنها فضلت أن تغض الطرف عن الانتهاكات ‏العراقية”.‏
التزمت الولايات المتحدة الصمت إلى حد بعيد، لا حيال التعذيب فحسب، بل أيضاً حيال اعتداء ‏السلطات العراقية على حقوق أخرى. فأخفق المسؤولون الأمريكيون في رفع صوتهم بالدفاع عن الحق ‏في حرية التجمع، حين قام رجال يحملون المدي والهراوات بمهاجمة المتظاهرين في 2010 و2011 ‏و 2012، وحين أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين وضربتهم واعتقلتهم في 2011 و مطلع ‏‏2013، وحين قتلت متظاهرين في الفلوجة و الموصل.‏

مزاعم الانتهاكات البريطانية والتحقيق فيها
يدعي عدد متزايد من العراقيين، في إفادات قانونية وغيرها، أن القوات البريطانية في العراق ارتكبت ‏انتهاكات جسيمة بحق محتجزين، بما فيها التعذيب والقتل غير المشروع. ومن شأن انتهاكات كهذه أن ‏ترقى إلى مصاف جرائم الحرب إذا ارتكبت أثناء الاحتلال العسكري أو خلال أي من النزاعات ‏المسلحة التي دارت في العراق.‏
تم إجراء تحقيق علني كامل في إحدى الوقائع، وهي وفاة بهاء موسى، موظف الاستقبال بأحد الفنادق ‏عام 2003 وهو في عهدة بريطانيا. خلص التحقيق، الذي انتهى في سبتمبر/أيلول 2011، إلى وفاة ‏موسى عقب “فاصل مشين من العنف المجاني الخطير” من جانب القوات البريطانية. كانت الحكومة ‏البريطانية قد اعترفت من قبل بانتهاك حقوق موسى وغيره من المحتجزين ودفعت تعويضات كبيرة. ‏لكن جندياً واحداً فقط، برتبة عريف، أدين بارتكاب جريمة حرب فيما يتصل بانتهاك حقوق موسى، ‏وحكم عليه بالسجن لمدة سنة واحدة.‏
وفي فبراير/شباط في لندن بدأ تحقيق علني في مزاعم انتهاكات وقتل غير مشروع بحق ما يقرب من ‏‏20 محتجزاً في واقعة منفصلة في 2004. إلا أن الحكومة البريطانية قاومت الدعوة إلى تحقيق علني ‏مستقل وشامل في كافة مزاعم الانتهاكات، وفي ما إذا كانت تلك الانتهاكات ممنهجة من عدمه، وهي ‏تواجه الآن دعوى قضائية مرفوعة نيابة عن 180 عراقياً على الأقل يزعمون ارتكاب القوات ‏البريطانية لانتهاكات بحقهم.‏
تنسحب المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب على شاغلي مواقع القيادة المدنية أو العسكرية الذين نفذ ‏تابعوهم تلك الجرائم، إذا كان أولئك القادة يعلمون أو كان يجب أن يعلموا بالجريمة، وأخفقوا إما في ‏منعها أو في تسليم مرتكبيها للعدالة. وتختص المحكمة الجنائية الدولية بأية جريمة حرب ارتكبها ‏مواطنون بريطانيون في العراق منذ 2002 وصاعداً، إذا أخفقت السلطات البريطانية في ملاحقة الجناة ‏داخل محاكمها.‏
خسرت بريطانيا بعض القضايا المحورية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يتعلق بتسليم ‏محتجزين للسلطات العراقية في حالات كانوا يواجهون فيها عقوبة الإعدام، وكذلك فيما يتعلق باستخدام ‏بريطانيا للاحتجاز التعسفي وغير المشروع في العراق، وإخفاقها في إجراء تحقيقات مستقلة في حالات ‏وفاة غير قانونية على ما يبدو تسببت فيها القوات البريطانية في العراق. أنشأت بريطانيا “فريق ‏المزاعم التاريخية العراقية” للتحقيق في مزاعم الجرائم، لكن إحدى المحاكم البريطانية حكمت بأن هذا ‏الفريق يفتقر إلى الاستقلال الكافي. زعم عضو سابق بالفريق لصحيفة “الغارديان” أن الغرض منه ‏‏”تجميلي”.‏
قالت سارة ليا ويتسن: “بعد 10 سنوات، يتزايد إلحاح الحاجة إلى قيام بريطانيا بإجراء تحقيق مستقل ‏تماماً، ولكن أيضاً إلى ضمان ملاحقة المسؤولين الجنائيين عن جرائم الحرب المرتكبة على كافة ‏المستويات”. ‏

إخفاقات سيادة القانون في العراق
خلال العقد الماضي، وصف عراقيون عديدون لـ هيومن رايتس ووتش كيف ساهم استمرار الإفلات ‏من العقاب على الانتهاكات الجسيمة في الشعور بانعدام سيادة القانون في العراق. وقالت هيومن ‏رايتس ووتش إن هذا الإخفاق قد أدى إلى تزايد استقطاب المجتمع العراقي على أسس طائفية، ‏واستمرار وجود المليشيات التي لا تجد من يتصدى لقوتها أو خدماتها للأطراف الحكومية، وتواصل ‏الهجمات الإرهابية التي ابتلي بها العراقيون بشكل شبه يومي. قال عراقيون لـ هيومن رايتس ووتش ‏مراراً إن خوفهم من الهجمات الإرهابية وإذكاء نيران الصراع الطائفي يتفاقم بفعل مخاوفهم من انتقام ‏الحكومة العشوائي، هي ومختلف الجماعات السياسية والدينية.‏
وفي مثال صاعق على الأخطار التي يمثلها انعدام سيادة القانون حالياً بالنسبة للمجتمع العراقي، قام ‏مسلحون متنكرون في زي الشرطة يوم 14 مارس/آذار بتنفيذ سلسلة من الهجمات المنسقة التي ‏تستهدف وزارتي الداخلية والعدل بالعراق، فقتلوا 24 شخصاً على الأقل. وجه رئيس البرلمان العراقي ‏أسامة النجيفي اللوم إلى “ضعف الأجهزة الأمنية وقصور خططها وإجراءاتها” على هذا “الخرق ‏الأمني الفاضح الذي استهدف مؤسسة هامة وسط العاصمة”.‏
قالت سارة ليا ويتسن: “يعاني نظام العراق السياسي ونظام العدل فيه اليوم من لعنة مزدوجة تتمثل في ‏كونه مسيئاً وفي عجزه عن وقف إساءات الآخرين، في بيئة أمنية تزداد توتراً وهشاشة. وتتجلى مأساة ‏العراق اليوم في أنه رغم استمرار معاناة المواطنين العراقيين من الهجمات الإرهابية والركود ‏السياسي، إلا أن السلطات العراقية تتذرع بهذه المشاكل ذاتها لتبرير توسعها في مضايقة المواطنين ‏العاديين وارتكاب الانتهاكات بحقهم”.‏

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب