خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
الصحف القديمة، وقطع القماش البالية، والمناديل الورقية المجموعة من المقابر ومراسم الأفراح والعزاء، تُمثّل زبالة بالنسبة للكثير، لكنها بديل للفوط الصحية بالنسبة للفقيرات في المناطق العشوائية. بحسّب “إلهه محمدي”؛ في تقريرها المنشور بصحيفة (هم ميهن) الإيرانية.
حلول غير صحية لا تجلب سوى العدوى، والألم، والمرض تُعرف باسم: “فقر الدورة الشهرية”؛ هذا الحرمان لا يُهدّد فقط الصحة الجسدية، بل ومستقبل الفتيات الدراسي، قفد تُضطر بعض الفتيات إلى ترك مقاعد الدراسة خوفًا من تسرب الدم وسخرية زميلاتهن، ليبقين في المنازل وربما ينقطعن عن التعليم نهائيًا.
ماذا فعل الفقر بهن ؟
وتنصع قصص المسعفات، والفقيرات من “جلستان وخراسان” وحتى “ياسوج وهرمزجان وخوزستان”، صورة واضحة عن الأزمة: فانعدام الكهرباء والماء والغلاء ونسوية الفقر، جعل الحياة بالنسبة للنساء كابوس خطير في أيام الدورة الشهرية.
بعضهن لا يمتلكن حتى صابون أو مسحوق غسيل الملابس، ويغسلن الأواني بالتراب، ويستخدمن قطع القماش البالية كبديل عن الفوط الصحية، لا يملكن سوى لباس داخلي واحد يرتدينه طوال أيام الدورة الشهرية.
وانتشار سوء التغذية ونقص الحديد، يصيب الكثيرات بفقر الدم والضعف الشديد وهو ما يقعدهن عن القيام بالأعمال اليومية أو الذهاب إلى المدرسة. أضف إلى ذلك الاكتئاب والعدوانية وانعدام الثقة بالنفس.
ويعتقد الخبراء أمثال؛ “شیرین أحمدنیا”، عالمة الاجتماع، و”سیمین کاظمي”، الطبيبة وعالمة الاجتماع، في ضرورة حصول النساء على المنتجات الطبية بسهولة وبشكل مجاني، وطرحن مجموعة من الحلول الاجتماعية والجذرية: مثل تحطيم التابوهات، وإطلاق الحملات التوعوية، وإدراج مقرر للصحة الجنسية في المدارس، وتأهيل النساء لإنتاج أدوات بسعر زهيد، وقابلة للغسل، والتوزيع المجاني للمنتجات، وإعفاء الفوط الصحية من الضرائب، وإدراج فترة الدورة في سياسات الرعاية الاجتماعية، وتطوير البُنية التحتية الصحية وإجراء البحوث الوطنية.
“مشهد” من العدوى إلى ترك التعليم..
“مرضية”؛ تبلغ من العمر: (36 عامًا)، ربة منزل وتُقيّم في أحد المناطق العشوائية بمدينة “مشهد”، وكانت تُصارع قبل سنوات إدمان مخدر (الكريستال). وبدأت رحلة العلاج منذ العام 2021م، وتعيش الآن بدون إدمان، لكن ما تزال تصارع ضد الفقر.
زوجها يبلغ من العمر: (41 عامًا)، وهو عامل خدمات في المترو. خاض هو الآخر تجربة الإدمان قبل أن يتعافى. لديهما ثلاثة من الأبناء: (فتاة وولدين)، وتعيش هذه الأسرة المكونة من خمسة أفراد في منزل مستأجر؛ مع دفع مبلغ: (10) ملايين تومان كضمان، وإيجار شهري قدره: مليونان و(300) ألف تومان، بينما يقتصر دخل الأسرة على الإعانة الحكومية وراتب الأب؛ بإجمالي يبلغ حوالي: أربعة ملايين و(400) ألف تومان.
وبخلاف الطعام تحتاج الأسرة للمنتجات الصحية الأساسية؛ تقول “مرضية” وابنتها: “نُضطر بسبب ضعف الإمكانيات المالية، لاستخدام ملابسنا القديمة والمستعملة أو ملابس الآخرين بدلًا من الفوط الصحية”.
هذه الصورة ليست سوى جزء من واقع النساء المحرومات، من أبسط الاحتياجات الصحية، مما يجعل حياتهن أكثر صعوبة ومخاطر.
تقول السيدة “أميرخاني”؛ عاملة الخدمة الاجتماعية التي تعمل منذ سنوات مع النساء في القرى والمناطق الهامشية والفقيرة، في “مشهد”: “رؤية اليأس والهشاشة لدى النساء العالقات في فقر الدورة الشهرية كانت من أكثر التجارب العملية مرارة؛ حيث تُضطر النساء لاستخدام مناديل مستعملة ويصَّبن بالتهابات متكررة، أو طالبة لا تحضر إلى المدرسة فقط بسبب الألم وعدم توفر إمكانية الرعاية، هذه صور لا أنساها”.
وتُضيف: “فقر الدورة الشهرية؛ ليس مجرد قضية صحية، بل يؤثر مباشرة على الصحة الجسدية وحتى التعليم لدى النساء. وقد تسبب غلاء المنتجات الصحية وندرتها في تفاقم هذه المشكلة. الوضع أصعب في المحافظات المحرومة مثل سيستان وبلوتشستان، لكن الأطراف في مدن كبيرة مثل مشهد لديها ظروف مماثلة”.
وتستطرد: “نعم، الفتيات الصغيرات والعديد من النساء يشعرن بالخجل. في كثير من الأحيان، تخفي النساء أيام دورتهن الشهرية بسبب الخجل، ويتغيبن عن المدرسة أو العمل، ولا يدرك أحد السبب الرئيس. وقد فاقم غياب التعليم السليم في المدارس من سوء هذه المشكلة”.