خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
موضوع التفاوض مع “الولايات المتحدة الأميركية”، يُعتبر أحد أقدم الموضوعات وأكثرها تكرارًا في السياسة الخارجية لنظام “الجمهورية الإيرانية”؛ حيث يحتدم الحديث عن هذه الموضوع كل فترة كما هو الحال الآن. بحسب تقرير “مهدي فضائلي”؛ المنشور بصحيفة (همشهري) الإيرانية.
وأهم دوافع أنصار التفاوض مع “واشنطن”، التخلص من المشكلات الإيرانية الاقتصادية، وإلغاء العقوبات وغيرها، بينما يدعي المعارضون أن التفاوض مع “أميركا” لن يحل المشاكل، بل على العكس سوف يُفاقم من هذه المشاكل والأضرار.
بعبارة أخرى؛ يرى المؤيدون إمكانية تأمين المصالح والمكاسب الوطنية عبر التفاوض، بينما يرى المعارضون أن المفاوضات غير مفيدة في تأمين المصالح الوطنية، ومن ثم فالخلاف بين الطرفين أساس، وجذري.
وفي السطور التالية؛ سوف أطرح بعض الأسباب على تُعارض المصالح الوطنية مع مسألة المفاوضات؛ لا سيّما في ضوء الأوضاع الراهنة.
وقبل الخوض في ذلك، أود الإشارة إلى أن هذه الأسباب بغض النظر عن المنظور الاعتقادي والإيديولوجي، مهمة وأساسية:
مبدأ “الاستقلال”..
أولًا: أحد القواعد الأساسية للثورة والنظام الإسلامي؛ والتي یتقبلها بالطبع أي نظام مستقل، يؤيد مبدأ: “لا تظلم”، وهذا المبدأ يتطابق تمامًا مع الشعار والمطلب الأساس للإيرانيين في بداية انتصار الثورة؛ وأعني “الاستقلال”.
وعليه لا يمكن لنظام ودولة يقوم مبدأها على مقارعة الاستكبار والظلم، التعامل والتفاوض دون أن يثقل الظلم كاهله، بمعنى التبادل العادل، علمًا أن إثبات طابع الظلم والاستكبار الأميركي لا يتطلب دراسة عميقة، ولكن يكفي أن نرفع رؤوسنا الآن وأن نفتح أعيننا وأن نرى الادعاءات الأميركية حتى حيال “كندا” وقناة “بنما” و”غرينلاند” !
سجل حافل من التجارب السيئة..
ثانيًا: معيار الخبرة في أي عمل، وخاصة العمل الجاد، وهو معيار هام ولا يتغاضى عنه العقلاء مطلقًا. وإذا تجاهلنا تجربة ما قبل الثورة، وتجارب الأمم الأخرى، فإن تجاربنا المتعددة للتفاوض مع “الولايات المتحدة” في مرحلة ما بعد الثورة، لم تكن إيجابية أو مثيرة للتفاءل، بداية من مفاوضات تحرير أسرى وكر الجاسوسية الأميركية؛ (مقر السفارة الأميركية في طهران)، وحتى المفاوضات النووية.
وكانت نتيجة جميع هذه التجارب، هي تقوية شعور عدم الثقة في “الولايات المتحدة”، وإثبات عدم جدوى المفاوضات مع “أميركا”، ألم تكن مضرة؛ من ثم وكما يقول “حافظ الشيرازي”: “فإن من جرب المجرَّب أصابته الندامة”.
تأثر القوة الأميركية..
ثالثًا: أحد أسباب المؤيدين للتفاوض مع “الولايات المتحدة”، وهو ما يمكن مشاهدته بقليل من التركيز، هو الخوف والرعب من الهيمنة والعظمة الأميركية.
فما تزال “الولايات المتحدة” تمتلك من منظور هؤلاء، السيطرة والقدرة على القيام بأي عمل في حين من الواضح أن “الولايات المتحدة” الآن تختلف عن “أميركا” القرن العشرين، وهناك شبه إجماع على أفول قوتها.
حال الدول الحليفة للأميركان..
رابعًا: مشاهدة وضعية الدول المتعددة ممن كانت لها علاقات أو ما تزال ترتبط بعلاقات السياسة الوثيقة مع “الولايات المتحدة”، إما أن مشاكلها المختلفة ومنها الاقتصادية ما تزال قائمة؛ حيث يُصارع سكان هذه الدول الفقر والعوز المعيشي، مثل “إيران” في العصر الملكي، و”مصر، والعراق، والأردن، وأفغانستان”، وغيرها من عشرات الدول في “آسيا، وإفريقيا، وأميركا اللاتينية”.
وعليه؛ فإن تصور إمكانية حل المشكلات دفعة واحدة لمجرد التسليم باليد والابتسام، هو تخيلي وغير واقعي.
خصوصية المرحلة الحالية..
خامسًا: خصوصيات المرحلة التي نعيشها الآن. فقد وضعت “الولايات المتحدة” نفسها في موقف متفوق مما جرى في “سورية”، وترى أن “إيران” ضعيفة؛ وهذا تصادف مع بداية رئاسة شخص بمثل خصوصيات؛ “دونالد ترمب”، ومن ثم ألا يقوي إبداء الشوق واللهفة للتفاوض في ضوء ما تقدم، تصور المسؤولين الأميركيين بشأن امتلاك اليد العليا ؟.. وهل يمكن مع الإحساس الذي تعيشه “الولايات المتحدة”؛ وولع بعض الإيرانيين للتفاوض، أن تُبدي “واشنطن” استعدادًا لتقديم امتيازات قيمة ومؤثرة في حل المشكلات الإيرانية ؟