هل يقود “الفيدرالي الأميركي” العالم إلى الهاوية ؟ .. أمامنا سنوات طويلة مع موجة التضخم العالمية !

هل يقود “الفيدرالي الأميركي” العالم إلى الهاوية ؟ .. أمامنا سنوات طويلة مع موجة التضخم العالمية !

وكالات – كتابات :

إلى متى تستمر موجة التضخم العالمية الحالية ؟.. والتي تُعد الأكبر منذ 40 عامًا، هل تستمر لمدة عشرين عامًا كما يخشى البعض أم أن موجة الغلاء الحالية بدأت فعلاً في الانكسار، وأننا نقترب من موعد نهاية موجة التضخم الحالية ؟..

كان الوصف المفضل للتضخم من قبل “مجلس الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي أنه تضخم عابر، أي أن التضخم هو حالةٌ مؤقتة، وأن زيادات الأسعار لن تدوم طويلاً.

لكن الوضع لم يُعد كذلك. إذ تزيد معدلات التضخم بشكلٍ حاد منذ آب/أغسطس عام 2021، وقد تجاوزت المعدل الطبيعي الذي يتراوح بين: 2% و4% منذ عامٍ كامل. بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة: 8.5% خلال السنة المالية التي انتهت في آذار/مارس، وهو معدلٌ لم نشهده منذ كانون أول/ديسمبر عام 1981، حسبما ورد في تقرير لشبكة (سي. إن. إن) الأميركية.

ولهذا تخلّى “البنك المركزي” الأميركي عن تفضيله لوصف: “العابر”، وتحول تركيزه إلى مصطلحٍ جديد لتعديل التضخم: وهو “المُستحكِم”.

إذ قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي؛ “غيروم باول”، يوم الأربعاء، الرابع من آيار/مايو 2022، بعد إعلانه رفع أسعار الفائدة بنصف نقطة لمواجهة التضخم: “وظيفتنا هي ضمان ألا يستحكم التضخم المرتفع والمزعج في الاقتصاد”.

“الاحتياطي الفيدرالي” يتجنب الحديث عن موعد نهاية موجة التضخم الحالية..

ولم يتضح شكل التضخم المُستحكِم بعد، أو الكيفية التي سنعلم بها أننا قد بلغناه. كما لم يُقدم “الاحتياطي الفيدرالي” الكثير من التوجيهات عمومًا حول المدة التي يتوقعون أن يستغرقها رفع الفائدة من أجل خفض التضخم. حيث قال “باول”؛ الأسبوع الماضي: “نحن أمام بيئة يصعب معها بشدة تقديم توجيهات مسبقة قبلها: بـ 60 أو 90 يومًا. إذ توجد العديد من الأشياء التي يمكن أن تحدث داخل الاقتصاد وحول العالم”.

بينما لا يكره المستثمرون شيئًا أكثر من حالة عدم اليقين، ولهذا يُريدون المزيد من التوقعات بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة الذي يضرب الأسواق الأميركية. يُريد الأميركيون أن يعرفوا متى سيتسنى لهم الشعور بالأرتياح، بعد أن تضرروا بشدة من ارتفاع أسعار “الغاز” و”الغذاء”، وخاصةً في حال خاطر رفع “الاحتياطي الفيدرالي” لأسعار الفائدة بجر الاقتصاد إلى حالة ركود.

نظرةٌ على الماضي قد تحمل الإجابة..

قد يحمل لنا الماضي بعض الرؤى المستبصرة بشأن موعد نهاية موجة التضخم الحالية: إذ كانت التقلبات الكبيرة شائعةً قبل مطلع الثمانينيات، رغم استقرار الأسعار نسبيًا على مدار العقود الأربعة الماضية.

إذ يكشف التاريخ؛ (وبيانات الاحتياطي الفيدرالي)، أن طبيعة المُحرّك الرئيس للتضخم تلعب دورًا كبيرًا في التنبؤ بتوقيت تراجع معدلات التضخم بنهاية المطاف، حيث ارتفعت الأسعار بمعدلاتٍ شديدة السرعة إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية؛ نتيجةً للقيود المفروضة في زمن الحرب، لكنها تراجعت مرةً أخرى مع إرساء السلام.

وفي السبعينيات، عانت “الولايات المتحدة” من أطول فترات التضخم المرتفع في البلاد. حيث قرر “ريتشارد نيكسون”؛ فصل “الدولار الأميركي” عن معيار “الذهب”، وشهدت البلاد ارتفاعين في أسعار “النفط”، مما رفع معدلات التضخم إلى: 12.3% بحلول أواخر عام 1974. وبدأ “الاحتياطي الفيدرالي” في إتباع سياسة: “السير المتقطع” النقدية، برفع أسعار الفائدة القياسية لتصل إلى: 16% ثم خفضها مرةً أخرى سريعًا، مما أدى إلى دورةٍ لم يجرِ الحفاظ خلالها على ارتفاع أسعار الفائدة بما يكفي لإنهاء التضخم أو زيادة النمو.

وبحلول أواخر السبعينيات، تولى رئيس الاحتياطي الفيدرالي الجديد؛ “بول فولكر”، المسؤولية وأنهى هذه السياسة. حيث رفع أسعار الفائدة وأبقى عليها مرتفعةً حتى تراجع التضخم، مما أدخل “الولايات المتحدة” في حالة ركود؛ (للمرة الثانية في عقدٍ واحد). لكنه نجح أخيرًا في خفض معدلات التضخم بشكلٍ دائم، وظلت على حالها طيلة: الـ 40 عامًا التالية.

وبسؤاله عن تغييراته في سياسة “الاحتياطي الفيدرالي”؛ الأسبوع الماضي، قال “باول”: “أُكِن احترامًا كبيرًا لفولكر. إذ تحلّى بالشجاعة لفعل ما يعتقد أنه التصرف الصحيح”.

مقارنة مقلقة مع موجة السبعينيات..

النقاش حول موعد نهاية موجة التضخم الحالية يُثير سيناريوهات مقلقة أحيانًا.

هل نستغرق 20 عامًا أخرى تقريبًا ودورتي ركود قبل أن نعود للوضع الطبيعي ؟.. “باول” لا يعتقد ذلك بالتأكيد. إذ يُعتبر الاقتصاد قويًا، كما أن بيانات البطالة لا تبدو مشابهةً لما كان عليه الوضع في السبعينيات؛ بحسب “باول”. بينما يرى الكثيرون أننا بلغنا ذروة التضخم بالفعل وأن الأرقام بدأت في الانكسار.

وعادةً ما يتحدث المحللون عن مخاوف تكرار الركود التضخمي لفترة السبعينيات، ويقارنون بين تلك الفترة وبين الظروف الراهنة. لكن سبب التضخم اليوم يرجع إلى مزيجٍ من الأزمات العالمية، واضطرابات سلاسل الإمداد، ونمو طلب المستهلكين بعد أن تسببت حالات إغلاق (كوفيد-19) في تعطيل الاقتصاد العالمي.

“البيت الأبيض” يرى أننا أمام موجة قصيرة كالتي أعقبت الحرب العالمية..

وأورد مجلس المستشارين الاقتصاديين بـ”البيت الأبيض”؛ في ورقةٍ نُشِرَت مؤخرًا: “تحمل فترة التضخم التي أعقبت الحرب العالمية الثانية أوجه شبهٍ مع الوضع الراهن أكثر من السبعينيات على الأرجح. مما يُشير إلى أن التضخم يمكن أن ينخفض سريعًا بمجرد عودة سلاسل التوريد إلى العمل بكامل طاقتها واستقرار معدلات الطلب المكبوت”.

ومع ذلك يؤدي تباطؤ النمو وإنهيار الأسواق إلى ترديد مصطلحات الركود التضخمي وجمود التضخم بوتيرةٍ متزايدة.

آخرون يرون أن الأسعار ستبدأ في التراجع عام 2023..

لكن بعض المستثمرين يعتقدون أننا نقف عند نقطةٍ في المنتصف بالنسبة إلى موعد نهاية موجة التضخم الحالية.

إذ كتب محللو (بنك أميركا) في مذكرةٍ نُشِرت مؤخرًا: “نتوقع تباطؤ التضخم داخل الولايات المتحدة على مدار العامين المقبلين، لكن التقدم سيكون متفاوتًا بشدة”.

وحسب هذا التحليل، توجد أدلةٌ مبدئية على تخفيف التحديات التي تواجهها سلاسل التوريد. ولهذا نتوقع أن نسير في العام المقبل على نهج؛ (خطوتين للأمام، وخطوة للوراء)”. لكننا لن نعيش في هذا العناء لعقدٍ كامل حسب توقعاتهم. حيث يجب أن تبدأ الأسعار في التراجع بحلول عام 2023.

هل تواصل “غوغل” الصعود رغم إنهيار شركات التقنية الكبير ؟

أحد الألغاز في الأزمة المالية الحالية، هو استمرار انتعاش شركة “غوغل”، بينما تتدهور أسهم منافسيها.

فلقد سقط عمالقة التقنية ضحيةً لرفع أسعار الفائدة وتراجع الأرباح في الربيع الجاري. إذ تعرضت شركات: “PayPal، وAmazon، وMeta Platforms، وNetflix” لضرباتٍ موجعة في نيسان/إبريل. بينما عاشت “بورصة ناسداك” أسوأ شهرٍ لها منذ نحو 14 عامًا.

ويُعتبر قطاع التقنية المستقبلي أكثر عرضةً من غيره للتأثر برفع أسعار الفائدة. حيث يتوقع المستثمرون أن تُحقق شركات التقنية نموًا كبيرًا، لكن التضخم ومدفوعات الفوائد المرتفعة ستقتطع حصةً كبيرة من أرباح تلك الشركات.

أحد الألغاز في الأزمة المالية الحالية هو استمرار انتعاش شركة “غوغل”..

لكن الشركات لن تتأثر كلها بهذا الإنهيار بالقدر نفسه؛ وفقًا للمحللين. إذ يرى العديد منهم في “غوغل” واحةً خضراء وسط صحراء يغطيها اللون الأحمر.

حيث قال “آرون كيسلر”، مُحلل (Raymond James): “واجهت (غوغل) عدة فترات ركود بالفعل مؤخرًا، ونجحت في إجتيازها بشكلٍ جيد. إذ إن آخر شيءٍ يُفكر فيه المعلنون عادةً هو تقليص إنفاقهم على إعلانات (غوغل)”.

ومع ذلك حذّر “كيسلر” من أن “غوغل” ليست بمنأى عن الرياح المعاكسة التي تُضر الشركات الأخرى. إذ أوضح: “نتوقع تباطؤ النمو في العام الجاري مقارنةً بما شهدناه العام الماضي. لكننا نرى على المدى الطويل أن (غوغل) تتمتع على الأرجح بأقوى الأساسات وسط الأسماء الكبرى في عالم الإنترنت”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة