هل يقتل “كورونا” انتفاضة تشرين ؟ .. القوى السياسية تتجاهل مطالب المتظاهرين !

هل يقتل “كورونا” انتفاضة تشرين ؟ .. القوى السياسية تتجاهل مطالب المتظاهرين !

خاص : كتبت – هانم التمساح :

في الوقت الذي يتصارع فيه المواطنين العراقيين مع فيروس “كورونا” المُستجد وتداعياتها على حياتهم ومعيشتهم، تتناحر السلطة والقوى السياسية مع بعضهما من أجل المناصب.

ونجح وباء “كورونا” فيما فشل فيه قمع الحكومة والميليشيات بـ”العراق”، بعد أن أنفضت كل المسيرات والحشود والفعاليات؛ التي استمرت على مدى أكثر من خمسة أشهر من دون إنقطاع، ولم يتمكن القناصون وقنابل الغاز، التي سقطت على رؤوس المحتجين، وعمليات الخطف والاغتيال بجانب برودة الشتاء، من  تفريق جموع المحتجين، حتى جاء هذا الوباء ليوقف الفعاليات والتجمعات لأجل غير مسمى، مع بقاء عدد ضئيل من المعتصمين في الساحات، لكن بشكل غير مؤثر.

المتظاهرون: قدمنا مصلحة الوطن وسنعود حتمًا !

وجاء قرار الانسحاب من الاعتصامات؛ تقديمًا لمصلحة الوطن وحرصًا على صحة مواطنيه، نظرًا لتفشي الوباء، والمخاوف من أن يتسبب بكارثة صحية في بلد يُعاني من مشاكل كبرى في مؤسساته الصحية، ولم يتبقى سوى عددًا قليلاً من المعتصمين لايزال مُصرًا على البقاء في خيم الاعتصام، ووفق ناشطين، فإن من تبقى من المعتصمين يتخذون كافة الإحتياطات وإجراءات الحجر الصحي في خيمهم؛ مع تقليل عدد الأفراد في كل خيمة إلى حدود إثنين أو ثلاثة أفراد، فيما يبررون بقاءهم بأنهم لن يسمحوا بتبديد أحلامهم التي قدموا أمامها 30 ألفًا بين قتيل وجريح ومعوق، خوفًا من استغلال السلطة ذلك للسيطرة على الساحات.

يؤكد الناشطون أنهم قادرون على تحشيد الشارع العراقي مرة أخرى، فيما أشاروا إلى أن وعيهم بمصلحة البلاد هو الذي دفعهم إلى إيقاف فعاليات الاحتجاج مؤقتًا، وأنهم سيعودون إلى الساحات بمطالب “أكثر حدة”، ما إن تنتهي تلك الأزمة.

القوى السياسية تستغل الأزمة..

وتسبب تراجع التظاهرات، الذي أحدثه الوباء، في إنحسار تأثيرها في الحوارات السياسية، حيث لم تشهد حوارات الكُتل السياسية الأخيرة في ما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة تعاطيًا جديًا مع مطالب المحتجين، والتي كانت قبل تلك الأزمة مرتكزًا للحوارات وسببًا في صراعات سياسية عدة. وتم تكُيلف “عدنان الزرفي”، برئاسة الحكومة المُقبلة، على الرغم من رفض الناشطين له، كون معاييرهم لا تنطبق عليه.

السلطة من جانبها واجهت العقلانية التي أظهرها شباب “انتفاضة تشرين” برعونة، حيث استغلت قرارات إيقاف الفعاليات والنشاطات بإتخاذ خطوات لا تنسجم مع تطلعات الانتفاضة، بدأتها بترشيح “الزرفي”؛ وصولاً إلى الاجتماعات الأخيرة حول توزيع المناصب والتكالب على منصب رئيس الوزراء، فالطبقة السياسية استغلت بشكل كبير إنحسار فعاليات التظاهر بسبب انتشار الوباء للذهاب نحو مكاسب سياسية وتجاوز مطالب المحتجين، وهي تُدرك أن الخطر الأكبر عليها ليس من القوى الدولية؛ بل من العراقيين الذين كشفوا كل إشكالات النظام وإرتباطاته الخارجية.

كورونا” يُعري السلطات السياسية..

الفيروس أثر في الطبقة السياسية أكثر مما أثر في الحراك، فعجز الحكومة عن ضبط حظر التجوال، وسكوتها عن دعوات رجال الدين إلى عدم الإلتزام بمقررات “خلية الأزمة”، أظهر بشكل أكثر وضوحًا أن هذه السلطة لا تستطيع إدارة نظام سياسي، فضلًا عن أن الخلافات الحادة حول منح الثقة لرئيس الوزراء المُكلف؛ أكدت مدى عمق الأزمة التي تعيشها السلطة.

ويبدو أزمة فيروس “كورونا” ستُثبت من جديد أن هذا النظام الفاسد غير قادر على قيادة العراقيين، وبدا هذا واضحًا بارتفاع نسبة المتوفين بالفيروس مقارنة بالنسبة العالمية.

وهو ما سيدفع المحتجون للعودة إلى الساحات، وقد بات أمرًا حتمي بمجرد إنتهاء الأزمة، بسبب سوء إدارة الأزمة وما يحدث الآن، لكنها، وفق ناشطين، لن تكون هذه المرة بمطالب إصلاحية لهذا النظام. إذ وصلنا إلى مرحلة الإدراك أن هذه الطبقة السياسية لا تُريد أن تُصلح نفسها؛ ويجب أن تُغادر السلطة.

إنتهازية القوى السياسية ستُعيد المحتجين بشكل أكثر شراسة..

وعن بقاء عدد من المعتصمين في الساحات؛ يقول الناشطون أن المعتصمين لا يريدون إفراغ “ساحة التحرير” بالكامل كي لا تحتلها قوات مكافحة الشغب وتُصبح العودة صعبة، كما أن وباء “كورونا” أثر في الانتفاضة، لكنه لم يقضِ عليها، كما لم تقضِ عليها كل الإجراءات القمعية السابقة، وإيقاف الفعاليات والزخم الاحتجاجي ليس نهائيًا، بل إنه رجوع واعٍ يراعي الإشكالية الصحية التي تُمر بها البلاد.

ويرى ناشطون أن الاستفادة من إنحسار التظاهرات، نتيجة الوباء، لن تنجح، لأن المساومات بين القوى السياسية مستمرة قبل الوباء، وعلى الرغم من كون الفترة السابقة كانت أقل تعقيدًا، لكن تلك القوى لم تتوصل إلى حلول.

ويؤكد نشطاء، عبر وسائل التواصل الإجتماعي؛ أن العودة ستكون حتمية وأقوى مما سبق. فالتكاتف الاجتماعي الذي أظهره العراقيون الآن، وخلال الأيام السابقة، هو نتيجة من نتائج الانتفاضة، وفي سياق السخرية من فشل السلطة في إدارة الأزمة، عرض عدد من محتجي الخطوط الأمامية في أكثر من محافظة، على السلطة، مساعدتها بقطع الطرق، قائلين إنهم كانوا أكثر نجاحًا بتنفيذ الحظر من قرارات الحكومة.

وكانت السلطات العراقية قد أعلنت عن فرض حظر للتجوال، الثلاثاء 17 آذار/مارس الجاري، لكن عددًا كبيرًا من الناس لم يلتزم به.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة