15 مارس، 2024 7:45 م
Search
Close this search box.

هل يعالج حذف أصفار العُملة الوطنية الاقتصاد الإيراني العليل ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية :

صدقت حكومة “روحاني” على حذف أربعة أصفار من العُملة الوطنية، ومن المقرر إحالة الموضوع تحت بند المستعجل إلى “البرلمان”.

وكان “عبدالناصر همتي”، رئيس “البنك المركزي” الإيراني، قد اقترح على الحكومة، بتاريخ 5 كانون ثان/يناير 2019، حذف الأصفار الأربعة من العُملة والوطنية والإعتراف بـ”الطومان” عُملة رسمية للبلاد. وأعرب عن أمله في موافقة الحكومة على المقترح. بحسب (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.

ليست المرة الأولى للمقترح..

والواقع أن هذا المقترح ليس جديدًا، حيث ثار الحديث مرارًا بعد سقوط قيمة “الريال”، في الفترة الرئاسية الثانية للراحل، “هاشمي رفسنغاني”، عن حذف الأصفار من العُملة.

كذلك في العام 2011، وخلال الفترة الرئاسية الثانية للرئيس السابق، “أحمدي نجاد”، دشن “البنك المركزي” الإيراني برئاسة، “محمود بهمني”، موقعًا إلكترونيًا لإستطلاع آراء الشعب عن حذف الأصفار من العُملة الوطنية.

وللعلم تُستخدم هذه السياسة في الكثير من دول العالم، لاسيما بعد ارتفاع معدلات السيولة والتضخم بالشكل الذي يقلل من قيمة العُملة الوطنية، كما حدث في “البرازيل”، “الأرجنتين”، “أوكرانيا”، “تركيا” وغيرها.

ويصاحب عملية حذف الأصفار؛ تغيير اسم العُملة أيضًا. والسؤال: حال تنفيذ هذا المقترح، في “إيران”، ويتم حذف الأصفار الأربعة من “الريال”، فهل يقضي على الصعوبات الاقتصادية بالدولة مثل ركود الإنتاج والبطالة والغلاء ؟.. للإجابة لابد أن نعلم هل يقتصر العمل على حذف الأصفار فقط، أم يكون مصحوبًا بسياسات هيكلية أخرى، وربما سابقة على هذا القرار ؟.. كذلك هل يجعل القرار تعامل المواطنين أكثر سهولة، سواءً في عملية البيع والشراء أو عمليات حمل ونقل الأموال ؟.. هل يقلل القرار من نفقات الحكومة في طباعة عُملات، لاسيما وأن عدد العُملات في دورة الاقتصاد الإيرانية تفوق بأضعاف عدد العُملات في الدول المتقدمة..

ليس علاجًا كاملًا..

الحقيقة أن حذف الأصفار من العُملة الوطنية، لن يمثل وحده العلاج للأمراض الاقتصادية الإيرانية. صحيح أن العُملات بعدد أصفار أقل سوف تقلل من حجم السيولة والغلاء، لكن هذا تغيير في الشكل؛ في حين يظل المرض موجود.

على سبيل المثال؛ خفضت “الأرجنتين” و”البرازيل” أصفار عُملاتهما الوطنية مرارًا ومازالتا تعانيان التضخم والغلاء. ولن يؤدي حذف الأصفار بدون إصلاحات هيكلية أو حتى تغيير العُملة الوطنية إلى نتائج إيجابية، بل على العكس سوف يزيد من الغلاء والتضخم وسقوط قيمة “الريال”.. وبدون العمل الهيكلي، سوف يتناقص الزخم النفسي لحذف أصفار العُملة الوطنية، ثم يفقد الشعب الثقة في إمكانية الإصلاح؛ بل ربما لا يهتم مستقبلاً حيال السياسات الإصلاحية الحقيقة.. وسواء صدر اقتراح حذف الأصفار الأربعة من العُملة الوطنية عن رئيس “البنك المركزي” أو الحكومة، فقد خلا حتى اللحظة من أي سياسات إصلاحية.

ولا يبدو أن بمقدور النظام، في ضوء العقوبات الاقتصادية، القيام بإصلاحات اقتصادية؛ حتى وإن أراد.

وبحسب أرقام “مركز أبحاث البرلمان”، فلم يفشل الاقتصاد الإيراني في تحقيق النمو، خلال العام 2019، فقط؛ وإنما سجل تراجع بقمية 5.5%، فكيف يحل حذف الأصفار من “الريال” المشكلة ؟!.. وأغلب الظن أن هذه العملية لا تعدو الدعاية السياسية التي تستهدف خلق حالة من الزخم النفسي بين الناس.

وقد دشن “البنك المركزي” والحكومة حملة دعاية إلكترونية موسعة والضغط على التعاملات الحرة بغرض التأثير على عملية العرض والطلب على العُملات الأجنبية. وعليه فإن حذف الأصفار من العُملة الوطنية إجراء شكلي، ولن ينجح إلا بعد سلسلة طويلة من الإصلاحات القانونية، المالية، والاقتصادية. ويمكن الاستفادة من التجربة التركية في هذا الصدد.

الاستفادة من تجارب دول الجوار الإيراني..

في بداية، العام 1980، عانى الشعب التركي موجات التضخم الحاد، حتى أن شراء الخبز، في العام 2000، كان يتطلب دفع ملايين الليرات.

في العام 2005، حذفت “تركيا” خمسة أصفار عن العُملة الوطنية؛ سبقها التعاون مع “صندوق النقد الدولي” لإجراء إصلاحات جذرية، وبخاصة في هيكل التكاليف الحكومية والنظام المصرفي، ومن ثم نجحت في خفض التضخم بشكل كبير.

لذا لن يحقق حذف الأصفار من العُملة الإيرانية أي مكاسب دون إطلاق سياسات هيكلية تستهدف بناء اقتصاد موجه نحو السوق.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب