هل يتحول إلى “غوانتانمو” جديد .. العراق مستمر في محاكمة الدواعش وعينه على الدعم الغربي !

هل يتحول إلى “غوانتانمو” جديد .. العراق مستمر في محاكمة الدواعش وعينه على الدعم الغربي !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

رغم التحذيرات المتتالية من قِبل الأوساط السياسية العراقية من عدم إقحام “العراق” في ملف محاكمة الدواعش التي استلمها من “سوريا” في الفترة الأخيرة، ويصل عددهم إلى ما يقارب الـ 700 عنصر داعشي، بينهم عراقيين والباقي من جنسيات أخرى متعددة، إلا أن الرئيس العراقي، “برهم صالح”، قال إن مقاتلي تنظيم (داعش) الأجانب، الذين يحاكمون في “العراق”، قد تصدر عليهم أحكام بالإعدام إذا ما أُدينوا.

مصرحًا، في مقابلة مع صحيفة (ذا ناشيونال) الإماراتية، بأن الدواعش الأجانب سيحاكمون وفقًا للقانون العراقي.

هذا؛ وهاجمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ذلك، معتبرة أن نقل عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي من “سوريا” إلى “العراق” يثير مخاوف من تعذيبهم خلال محاكمتهم هناك.

وقالت المنظمة الحقوقية، في تقرير لها، بهذا الصدد: “خلال الأسبوع الماضي، نقلت (قوات سوريا الديمقراطية)، ما لا يقل عن 280 عنصرًا من (داعش) إلى العراق بعد اعتقالهم في سوريا، رغم أن الأغلبية الساحقة من المعتقلين عراقيون، وبينهم ما لا يقل عن 13 فرنسيًا”، متسائلة عن مكان حبسهم في “العراق”.

وأضافت المنظمة أنه؛ في الـ 25 من شباط/فبراير الماضي، أعلن الرئيس العراقي، “برهم صالح”، أن “النظام القضائي العراقي سيحاكم بموجب القانون؛ 13 فرنسيًا يشتبه بإنتمائهم لـ (داعش)”.

وأوضحت أنه: “رغم تأكيد الرئيس صالح على أن العراق يتصرف ضمن حدود القانون الدولي، فإنّ سجل المحاكمات السابقة للدواعش في العراق يبين أن حقوقهم قد تنتهك، بما أن المعتقلين يعذبون أثناء الإحتجاز”.

ضغوط على العراق..

وتقول وسائل إعلام عربية إن تسلم “العراق” لعناصر تنظيم (داعش) يترافق مع ضغوط متصاعدة على الحكومة العراقية من دول مختلفة، للموافقة على استقبال الإرهابيين الأجانب من عناصر (داعش) ومحاكمتهم في “العراق”، خصوصًا مع عدم حماسة دول أوروبية لاستعادة مواطنيها الذين إنخرطوا في التنظيم، مع توقعات بأن تقبل “بغداد” بمحاكمة هؤلاء.

صحيفة (العربي الجديد) كشفت، أيضًا، عن ضغوط غربية على الحكومة العراقية من أجل القبول باستقبال ما بين 400 إلى 600 مسلح من عناصر التنظيم من جنسيات أجنبية، أبرزها الفرنسية والألمانية والبريطانية والكندية وجنسيات أوروبية أخرى، إضافة إلى جنسيات عربية، كالسعودية والمغربية والتونسية والأردنية والمصرية.

وتشير التسريبات إلى أن الدول الغربية وحدها هي التي تتحرك الآن لإقناع “العراق” بتسلمهم ومحاكمتهم لديه وفقًا للمادة الرابعة من “قانون مكافحة الإرهاب” المعمول به في البلاد.

مخاوف من تكرار سيناريو “أبو غريب”..

وترى كتل سياسية، في هذه القضية، مصدر قلق كبير، ما دفعها للاعتراض على صفقة الدواعش، وبحسب مسؤول عراقي؛ فإن الكتل السياسية تلك تخشى تكرار سيناريو مشابه لإقتحام سجن “أبو غريب”، عام 2013، وتحرير مئات السجناء منه، أو ما حصل في سجن “بادوش”، في “الموصل” عام 2014، الذي حُررت منه قيادات بارزة في تنظيم (القاعدة) كانت معتقلة منذ سنوات؛ وبعد تحريرها بايعت تنظيم (داعش).

يحول العراق لساحة لتصفية الحسابات..

من جانبه؛ أكد القيادي في ائتلاف دولة القانون، “محمد العكيلي”، أن إقحام “العراق” في ملف محاكمة الإرهابيين يعني تحويله إلى منطقة متأزمة وجعله ساحة لتصفية الحسابات، مضيفًا أن “الحكومة العراقية غير قادرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة من الإرهابيين، وتصديرهم إلينا بداعي المحاكمة قد يتسبب بوجود غوانتنامو آخر في العراق”.

وقال “العكيلي”، وهو عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية في الدورة السابقة من البرلمان العراقي، إن: “التحديات والمخاطر على العراق لا تزال قائمة لما يشهده الشرق الأوسط من أحداث، ولابد من قرارات من الحكومة العراقية بالتنسيق مع حكومة إقليم كُردستان؛ لتعميق الأمن وتوفير غطاء أمني شامل للوضع العراقي لعدم وجود آثار عمق إستراتيجي في الأمن، فكلنا نرى أن هناك هشاشة في الأوضاع”.

داعيًا إلى “حماية النسيج الاجتماعي العراقي؛ وأن تكون القوات الأمنية على أهبة الاستعداد والتنسيق بينها، إضافة إلى أهمية الجانب الاستخباري”، مشددًا على وجود “جهد تثقيفي ضد هذه الأفكار المتطرفة وإنشاء مصحات للحماية من التطرف العنيف الذي يمكن أن يتغلل للمجتمع العراقي من خلال المنابر الدينية المتطرفة والدعوات السياسية”.

وتابع: “يراد للعراق أن يكون منطقة متأزمة عبر إقحامه في ملف محاكمة الإرهابيين، ولابد من التفاوض مع الجهد الفاعل في المنطقة لمنع تدفق الإرهابيين للعراق وإقحامه في مشكلة هو في غنى عنها”.

“غوانتانمو” جديد في العراق..

وأشار إلى ضرورة “إرسال الإرهابيين إلى دولهم، وأخذ الجانب العدلي بالنسبة للعراقيين، أما تصديرهم بداعي المحاكمات قد يعني وجود غوانتانمو أخرى في العراق وتحويله لساحة تصفية الحسابات بين الدول، ما يعني أن هناك إنعكاسات خطيرة”.

وأضاف: “نحن بحاجة إلى قرار لتنظيم هذه العدالة بما يضمن سلامة الوطن، ورغم أن للحكومة العراقية خطة في هذا الصدد، لكنها تفاجئت بهذا الملف الذي جاء في توقيت صعب بسبب عدم تسمية وزيري الدفاع والداخلية حتى الآن؛ كما أن أركان عمل البرلمان لم تكتمل وعدم تسمية اللجان ورؤسائها ومقرريها”.

العراق غير قادرة على استيعاب الأعداد..

وذكر “العكيلي”؛ أن: “الحكومة العراقية غير قادرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة ومعالجة أمرهم، ويفترض وجود تنسيق عالي المستوى بين أربيل وبغداد؛ والعراق والدول الأخرى حول هذا الملف، لأن قضية (داعش) ليست محلية بل إقليمية ودولية”.

ولفت إلى أن “هذه الخلايا السرطانية تنتشر إلى كل الدول وتضرب العمق الأميركي والخليجي والأوروبي، لذا يفترض بهذه الدول أن تساند العراق وتتشارك مع الحكومة في معالجة هذه الأعداد من النساء والأطفال لمكافحة التطرف ووأده في مكانه قبل أن يصبح إرهابًا”.

وبيّن أن: “لدى العمليات المشتركة خططًا، من خلال قواتها المتمثلة بالحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات حماية الحدود والشرطة الاتحادية والبيشمركة والرد السريع وسلاح الجو وطيران الجيش، فنحن لدينا مرتكزات مهمة يمكن من خلالها أن نديم الانتصارات لكي تكتمل الصفحات العسكرية والأمنية والاجتماعية عبر خطة شاملة لتحويل التحديات إلى فرص للنجاح من خلال تكاثف جميع الجهود”.

انقسام عراقي..

ومن هنا نرى أنه يدور حديث عراقي عن مدى قدرة “العراق” على الحصول على دعم الدول الغربية مقابل تخليصها من عبء عناصرها، “الدواعش”، وتحمل تكاليف إيوائهم ومحاكماتهم، فبينما يرى فريق أنه لا يمكن لـ”العراق” المساومة بمثل هذا الملف، يرى آخرون ضرورة التعامل مع الدول الغربية كما تعامل هي “العراق”.

ويدلل أنصار الفريق المناصر لفكرة الحصول على الدعم مقابل تحمل عناصر (داعش)؛ على أن الدول الغربية رفضت بشكل واضح تسلّم مواطنيها وتركتهم قُرب “العراق”، ولذلك لابد أن يكون التعامل بالمثل، وأن يشترط “العراق” الحصول على ضمانات، ودعم مناسب يتوافق مع حجم المهمة التي سيضطلع بها نيابة عن العالم، على أن تغض “أوروبا”، ومنظماتها الحقوقية، الطرف عن طبيعة المحاكمات التي سيحصل عليها عناصر (داعش) الأجانب في بلد مثل “العراق” توجد فيه أحكام الإعدام.

فيما يرى آخرون؛ أنه لا يمكن لـ”العراق” أن يكون “غوانتانمو” ويبتز الدول الغربية بشأن عناصر الأجانب، كما فعلت “تركيا” بشأن المهاجرين السوريين والعراقيين وحجبتهم عن “أوروبا” مقابل تعهدات وضمانات مالية ومساعدات، وأن على “العراق” إتخاذ قرار صارم بهذا الشأن.

الاختلاف على زوجات وأطفال “داعش”..

من جهته؛ يرى الخبير الإستراتيجي، “هشام الهاشمي”، أن: “عناصر (داعش) العراقيين يُحاكمون وفق القوانين العراقية، أما عناصر الأجانب الذين قاتلوا على الأراضي العراقية؛ فهم كذلك يحاكمون بنفس الطريقة، أما المختلف عليهم لغاية الآن فهم زوجات وأطفال عناصر (داعش) الأجانب، فهل يُحاكمون بتهمة تجاوز الحدود، أم تتم معاملتهم وفق قانون مكافحة الإرهاب، على أنهم مجموعة إرهابية ؟”.

وتابع أن: “المأزق الحالي، وهو الأهم، في من قاتل على الاراضي السورية فقط، من عناصر (داعش) الأجانب، فهل سيقبل العراق بأن يضعهم في معتقلاته، مقابل أسلحة ودعم، ومنحه تقنيات حديثة متطورة ؟.. هذا هو السؤال المهم، إذ لغاية الآن ما زال المسؤولون العراقيون يبحثون إتخاذ قرار مناسب بشأن ذلك”.

محذرًا من أن هذا “التوجه ربما يجعل العراق غوانتانمو، ويحفز الدول الأخرى على مفاوضة العراق لاستقبال عناصر (داعش) المحتجزين لديها ليحاكموا ويسجنوا في العراق، مثل تركيا التي تحتجز أكثر من ألفي عنصر داعشي عراقي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة