هل يتجنب “بايدن” انتقام “بوتين” ؟ .. الاستخبارات الأميركية تعترف باغتيال كييف لابنة “دوغين” دون علمها !

هل يتجنب “بايدن” انتقام “بوتين” ؟ .. الاستخبارات الأميركية تعترف باغتيال كييف لابنة “دوغين” دون علمها !

وكالات – كتابات :

في الوقت الذي تُواصل عجلة الحرب في “أوكرانيا” دورانها الدموي، وسط مؤشرات على احتمال توجيه “روسيا” ضربة نووية، تنصلت “أميركا” من المسؤولية عن اغتيال ابنة؛ “ألكسندر دوغين”، في “موسكو”، واتهمت “كييف” بتنفيذ الجريمة.. فماذا يعني ذلك ؟

كانت “داريا دوغين”؛ ابنة الفيلسوف القومي الروسي المُلقب بأنه: “عقل الرئيس فلاديمير بوتين”، قد تعرضت للاغتيال في تفجير سيارة كانت تقلها في ضواحي “موسكو”، في آب/أغسطس الماضي، ما أدى إلى مقتلها على الفور.

“جهاز الأمن الفيدرالي الروسي”؛ (FSB)، اتهم “أوكرانيا” بالوقوف وراء الاغتيال، وقال إن أحد المشتبه بهم – مواطنة أوكرانية – تتبعت “داريا” ووالدها إلى مهرجان في ضواحي “موسكو” لتنفيذ الهجوم، لكنها هربت لاحقًا إلى “إستونيا” المجاورة، قبل أن تتمكن الشرطة الروسية من القبض عليها.

لكن المسؤولين الأوكرانيين سخروا من هذه النظرية ونفوا أي صلة لهم بالهجوم، كما وصف “ميخايلو بودولياك”، مستشار الرئيس؛ “فولوديمير زيلينسكي”، رواية جهاز الأمن الروسي بأنها: “دعاية روسية من عالم خيالي”.

المخابرات الأميركية تؤكد الرواية الروسية..

نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، نقلاً عن مصادر استخباراتية، تقريرًا يؤكد الرواية الروسية حول اغتيال “داريا دوغين”، إذ قالت مصادر إن: “المجتمع الاستخباراتي الأميركي توصل إلى نتيجة، مفادها أن عملية الاغتيال صرح بها مسؤولون داخل الحكومة الأوكرانية”.

وأكدت مصادر أخرى نفس النتيجة لشبكة (CNN) الأميركية، قائلة إن “الولايات المتحدة”: “لم تكن على علمٍ مسبق بعملية الاغتيال”، وأضافت تلك المصادر أن “واشنطن” ليست على دراية بالمسؤولين تحديدًا داخل الحكومة الأوكرانية، وما إذا كان “زيلينسكي” نفسه هو من أمر بالاغتيال أو إذا كان الرئيس الأوكراني كان على علمٍ مسبق بالعملية.

مسؤول في المخابرات الحربية الأوكرانية قال؛ للشبكة الأميركية، مساء الأربعاء 05 تشرين أول/أكتوبر، بعد نشر التقارير حول عملية الاغتيال، إنه: “لا توجد معلومات جديدة لديه بشأن اغتيال؛ داريا دوغين”، علمًا بأن نفس المسؤول كان قد أخبر الشبكة أن: “أوكرانيا لم تكن لها أي علاقة بالاغتيال”. ورفض “مجلس الأمن القومي” و”وزارة الخارجية” و”وكالة الاستخبارات الأميركية” التعليق على القصة.

النتائج التي كشفت عنها التقارير الأميركية أفادت بأن ابنة “دوغين” المقتولة، تبلغ من العمر: (29 عامًا)، كانت تقود سيارة والدها ليلة مقتلها، وأن “دوغين” نفسه كان هو المستهدف بعملية الاغتيال، علمًا أن: “عقل بوتين” وابنته مُدّرجان على قائمة “العقوبات الأميركية” على “روسيا”.

وبعد التفجير بأيام قليلة اتهمت السلطات الروسية؛ امرأة أوكرانية، باستخدام جهاز تفجير عن بُعد لتفجير الشحنة القاتلة التي كانت مزروعة في السيارة، من طراز (تويونا لاند كروزر برادو)، التي كان يُفترض أن “دوغين” يستقلها، ثم هربت المرأة الأوكرانية من منطقة “بسكوف” في “موسكو”، متجهة نحو “إستونيا”.

في ذلك الوقت؛ نفى “أوليكس دانيلوف”، سكرتير مجلس الأمن القومي الأوكراني؛ ما وصفها بالمزاعم الروسية، وقال لشبكة (CNN): “لا علاقة لنا باغتيال تلك السيدة. هذا عمل القوات الروسية الخاصة”. وكرر “بودولياك”، مستشار “زيلينسكي”، إدعاءه بنفس الاتهام للسلطات الروسية، متهمًا “موسكو” باختلاق: “رواية خيالية”؛ على حد مزاعمه.

ومن وجهة النظر الأميركية تُمثل عملية الاغتيال أول دليل ملموس على تمكن الأوكرانيين من القيام: “بعمليات” داخل الأراضي الروسية، حيث إنه منذ اندلاع الحرب، في شباط/فبراير الماضي، لم تتمكن “أوكرانيا” من نقل الحرب إلى أراضي “روسيا”، باستثناء استهداف بعض القرى الحدودية، خصوصًا في منطقة “بيلغورود” الروسية؛ كما تدعي الآلة الدعائية الأميركية والغربية.

لماذا كشفت “أميركا” تورط “أوكرانيا” ؟

لكن بعيدًا عن الرؤية الأميركية لما تعنيه مسؤولية “أوكرانيا” عن جريمة اغتيال ابنة “دوغين”؛ في أحد أحياء العاصمة الروسية، يُثير توقيت: “تسريب” الأميركيين لاتفاقهم مع الرواية الروسية بشأن مسؤولية حكومة “كييف” عن التفجير كثيرًا من علامات الاستفهام.

الاغتيال حدث يوم 20 آب/أغسطس الماضي، فهل تأخر الإعلان الأميركي بشأن التورط الأوكراني، حتى يوم 05 تشرين أول/أكتوبر، لأسباب تتعلق بالتحقيق والبحث عن الأدلة ؟.. وإذا كانت الإجابة بنعم، فكيف تم التوصل لتلك النتائج، خصوصًا أن مسرح الجريمة يقع في العاصمة الروسية ؟

لكن حتى إذا كانت تلك هي الحقيقة، بمعنى أن أجهزة الاستخبارات الأميركية استغرقت نحو: 07 أسابيع حتى تتوصل للجهة التي نفذت عملية الاغتيال، فلماذا تم تسريب تلك المعلومات، التي تُمثل انتصارًا للرواية الروسية وإحراجًا للأوكرانيين، الذين نفوا التورط وسخروا من الروس ؟

فهذه النقطة بالتحديد، أي كشف تورط الأوكرانيين في جريمة اغتيال على الأراضي الروسية، تُمثل في حد ذاتها علامة استفهام كبرى، في ضوء الدعم الأميركي المطلق لـ”كييف” و”زيلينسكي”، حيث إن ذلك التورط يصب في مصلحة “موسكو” و”بوتين” بشكلٍ مباشر، فالرأي العام الروسي سيرى اغتيال “داريا دوغين” أمرًا مستفزًا، ويُزيد من التصميم على مواصلة الحرب، كما يُضيف إلى رصيد “بوتين” داخليًا؛ على حد ما تسوقه الشبكة الأميركية من تضليل؛ وكأن الرأي العام الروسي ينتظر الأذن الأميركي في الغضب من تلك الجريمة.

وحتى على المستوى الخارجي يُضفي كشف التورط الأوكراني مصداقية على التقارير الروسية بشأن أحداث الحرب، فها هم الأميركيون أنفسهم يتبنون الرواية الروسية بشأن الاغتيال ويكذبون في الوقت نفسه رواية الأوكرانيين؛ هكذا يغمز التقرير الأميركي إعلام خصمه الروسي.

أما على المستوى السياسي؛ فـ”روسيا” ترى أن الدعم الأميركي لـ”أوكرانيا” هو السبب الوحيد وراء الانتصارات الأوكرانية في ساحة المعركة، والتي تحققت خلال أيلول/سبتمبر الماضي ولا تزال مستمرة، وهو ما اتخذته “موسكو” ذريعة لضم 04 مدن أوكرانية، والتلويح باستخدام الأسلحة النووية؛ بحسب الآلة الدعائية الأميركية وذيولها الغربية والعربية.

وكان “دوغين” نفسه قد صرح بتلك الرؤية الروسية، في مقال نشره قبل أسبوعين، معتبرًا الانتصارات التي حققتها القوات الأوكرانية في ساحة المعركة في منطقة “خيرسون” وإجبار القوات الروسية على الانسحاب، بأنها: “نقطة التحول” التي تعني: “أننا وصلنا إلى نقطة اللاعودة في تاريخ العملية العسكرية الخاصة بأكمله”.

وقال “عقل بوتين” إن: “الحرب العالمية الثالثة باتت على الأبواب”، واصفًا الهجوم المضاد للقوات الأوكرانية في “خاركيف” بأنه: “ضربة مباشرة من الغرب ضد روسيا”: “يعلم الجميع أن هذا الهجوم تم تنظيمه وإعداده وتجهيزه من قبل القيادة العسكرية للولايات المتحدة والـ (ناتو)، وتم تحت إشرافهما المباشر. ولم يتم ذلك فقط من خلال استخدام المعدات العسكرية لـ (الناتو)، ولكن أيضًا عبر المشاركة المباشرة لمخابرات الفضاء العسكرية الغربية والمرتزقة والمدربين”.

هل تخشى أميركا “انتقام” روسيا ؟

تزامن الكشف الأميركي عن تورط “أوكرانيا”، دون علم “واشنطن”، في اغتيال ابنة “دوغين” مع تحذير روسي من أن قرار “الولايات المتحدة” إرسال المزيد من المساعدات العسكرية إلى “أوكرانيا”: “يُزيد من خطر حدوث اشتباك عسكري مباشر” بين “روسيا” والغرب.

إذ قال سفير “روسيا” لدى الولايات المتحدة؛ “أناتولي أنتونوف”، يوم الأربعاء 05 تشرين أول/أكتوبر، إن ذلك يُمثل: “تهديدًا مباشرًا” لموسكو، واصفًا “الولايات المتحدة” بأنها: “شريك في الصراع”. وكانت “الولايات المتحدة” قد أعلنت في وقتٍ سابق؛ تخصيص: 625 مليون دولار في صورة مساعدات عسكرية إضافية لـ”أوكرانيا”.

وتأتي هذه التهديدات المباشرة في مرحلة تُمثل مفترق طرق للحرب، وأصبح خطر اتساع نطاق الصراع إلى مواجهة فعلية بين “روسيا” والغرب، أقرب من أي وقتٍ مضى، بحسب أغلب المحللين.

فقبل أيام قليلة؛ وجه حلف الـ (ناتو) مذكرة تحذيرية إلى الدول الأعضاء فيه؛ لاتخاذ أقصى درجات الاستعداد، بعد أن: “اختفت” غواصة (بيلغورود) الروسية النووية من قاعدتها الرئيسة في “القطب الشمالي”. وتحمل الغواصة، الأطول على الإطلاق، طوربيدات (بوسايدون) النووية الشبحية، القادرة على تفجير رأس حربي نووي يزن: 02 ميغا طن في عمق المحيطات، محدثة موجات تسونامي مشعة قادرة على إغراق مدن بأكملها.

وحذر بيان الـ (ناتو)؛ الدول الأعضاء، من أن الرئيس؛ “فلاديمير بوتين”: “ربما يكون قد نشر الغواصة النووية، التي تحمل أسلحة مدمرة قادرة على إحداث موجات تسونامي تُغّرق مدنًا ساحلية بأكملها، وتجعل تلك المدن غير قادرة صالحة للحياة”.

وكانت “البحرية الروسية” قد سلمت غواصة (بيلغورود)، مطلع تموز/يوليو الماضي، في ميناء (سيفيرودفينسك)، ويقول الخبراء إنَّ تصميمها هو نسخة مُعدّلة من الغواصات الروسية ذات الصواريخ المُوجّهة من فئة (أوسكار-2)، لتصير أطول بهدف استيعاب أول طوربيدات شبح مُسلّحة نوويًا في العالم، ومعدات لجمع المعلومات الاستخباراتية.

تُعد (بيلغورود)، التي يبلغ طولها أكثر من: 184 مترًا، أطول غواصة في المحيط اليوم، وهي أطول حتى من غواصات الصواريخ (الباليستية) والمُوجّهة، فئة (أوهايو) التابعة لـ”البحرية الأميركية”، التي يبلغ طولها: 171 مترًا.

فهل أراد الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، من خلال تسريب مسؤولية “أوكرانيا” الحصرية عن اغتيال؛ “داريا دوغين”، إرسال رسالة مبطنة لنظيره الروسي؛ “بوتين”، تفاديًا للتصعيد في هذا التوقيت الحساس من المواجهة، التي تُهدد العالم بحرب نووية ؟

لا أحد يمكنه الإجابة عن أي من تلك التساؤلات بطبيعة الحال، لكن تسريب إدارة “بايدن” التقارير الاستخباراتية الأميركية لوسائل الإعلام يُمثل أحد أبرز عناصر تعامل “البيت الأبيض” مع الأزمة الأوكرانية، قبل أن تنفجر وتندلع الحرب بالفعل، لدرجة أن “بايدن” نفسه كان قد قال إن: “الغزو” الروسي لـ”أوكرانيا”؛ سيبدأ يوم 16 شباط/فبراير الماضي.

وكان تسريب إدارة “بايدن” المكثف، وبشتى الطرق، للمعلومات بشأن “روسيا” وتفاصيل حشودها العسكرية، قد أصاب خبراء الجاسوسية ومتخصصي الاستخبارات بالقلق الشديد، لأن كبار المسؤولين في الإدارة ربما يُخاطرون بفقدان أجهزة الاستخبارات الأميركية مصداقيتها، بحسب تقرير لمجلة (بوليتيكو)؛ عنوانه: “مجتمع الجواسيس قلق من تسريب فريق بايدن معلومات حول روسيا”.

الخلاصة هنا هي؛ أن هذا التسريب الأخير بشأن تنفيذ “أوكرانيا”، دون علم “أميركا”، اغتيال ابنة “دوغين”، يُثير شلالاً من التساؤلات، بغض النظر عن مدى دقة تلك المعلومات من عدمها، فهل تسعى “واشنطن” لإقناع “موسكو” بعد التصعيد والحفاظ على نطاق الحرب داخل الأراضي الأوكرانية ؟

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة