29 مارس، 2024 6:56 م
Search
Close this search box.

هل “طهران” أصبحت على أبواب امتلاك سلاح نووي ؟ .. “فورين بوليسي” تحاول الإجابة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

نشرت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية تقريرًا للكاتب؛ “كولوم لينش”، سلَّط فيه الضوء على ما وراء تقلص زمن اختراق “طهران” النووي، والعقبات التكنولوجية التي لا تزال قائمةً.

يبدأ الكاتب تقريره بالسؤال المطروح: ما مدى اقتراب “إيران” من امتلاك القدرة على إطلاق سلاح نووي؟.. في ضوء التحذير الذي أطلقته إدارة “بايدن”؛ بأن “إيران” باتت قاب قوسين أو أدني من إنتاج وقود يكفي لصنع قنبلة نووية.

ويوضح “لينش” أن هناك عدة عقبات تقنية جوهرية يتعين على “طهران” أن تتغلب عليها أولًا للحصول على برنامجٍ للأسلحة النووية يعمل بكامل طاقته، إذ يتعين عليها أن تعمل على تطوير ما يكفي من (اليورانيوم) العالي التخصيب المُستخدَم في صنع السلاح النووي لبناء قنبلة نووية أو أكثر، وبناء رأس نووي قادر على حمل الوقود النووي الانشطاري، وتطوير نظام صاروخي (باليستي) قادر على إيصال متفجرات نووية إلى هدفها؛ وأخيرًا، يتعين عليها إجراء اختبار لمعرفة هل المتفجرات تعمل بالفعل أم لا.

عامل مُلِح..

وأشار الكاتب إلى أن المدة التي سوف تستغرقها “إيران” لتجاوز هذه التحديات؛ أصبحت أكثر إلحاحًا في الوقت الذي تجتمع فيه “الولايات المتحدة” و”إيران” وعدة قوى رئيسة أخرى، هذا الشهر؛ في العاصمة النمساوية، “فيينا”؛ في محاولة الفرصة الأخيرة لإحياء الصفقة النووية التاريخية لعام 2015، المعروفة باسم: “خطة العمل الشاملة المشتركة”؛ وقد وعد “الاتفاق النووي”، الذي صادق عليه الأعضاء الخمسة الدائمون في “مجلس الأمن”؛ التابع لـ”الأمم المتحدة”، وكذلك: “ألمانيا والاتحاد الأوروبي”؛ بتخفيف العقوبات على “إيران” مقابل تأكيدات يمكن التحقق منها بسلمية برنامجها النووي.

وقال مسؤول أميركي كبير لمجلة (فورين بوليسي)؛ في مقابلة هاتفية يوم الأحد، إن “محادثات فيينا” حققت: “بعض التقدم”، في الأسابيع الأخيرة، لكن هذا التقدم ليس كافيًا لتبرير انعقاد مفاوضات مفتوحة، وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة السرية للمفاوضات النووية: “الوتيرة التي تتقدم بها المحادثات؛ لا تواكب وتيرة التقدم النووي الإيراني”، وأضاف المسؤول أنه إذا استمرت المحادثات خلال الأسابيع المقبلة بالوتيرة البطيئة الحالية، فقد يتعين على “واشنطن” إعادة النظر في أهمية “الاتفاق النووي” من الأساس؛ و”اتخاذ قرار بشأن تصحيح المسار”.

وبموجب شروط “الاتفاق النووي” لعام 2015، يُسمح لـ”إيران” بإنتاج (يورانيوم) منخفض التخصيب من أجل برنامج سلمي للطاقة النووية، يخضع لمراقبة “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وقد إلتزمت “إيران” إلى حدٍّ كبير بالاتفاق؛ حتى عام 2018، عندما انسحب الرئيس الأميركي، آنذاك؛ “دونالد ترامب”، من الاتفاق، ودفع هذا “إيران”، في العام التالي؛ إلى البدء في عملية تدريجية لوقف الإمتثال للصفقة النووية، الأمر الذي أثار المخاوف بين القوى الغربية و”إسرائيل” من أنها ستُحقق نجاحات تكنولوجية استثنائية تُفرغ “خطة العمل المشتركة” من مضمونها.

وسعَت “إسرائيل” و”الولايات المتحدة” إلى إبطاء التقدم النووي الإيراني؛ من خلال تخريب بنيتها التحتية النووية، ويُشتبه أيضًا في اضطلاع “إسرائيل” باغتيال العالم النووي الإيراني؛ “محسن فخري زاده”، في تشرين ثان/نوفمبر 2020، ولكن هذه الجهود فشلت في منع “إيران” من اتخاذ خطوات كبيرة في برنامجها النووي.

تقلص وقت الاختراق..

وتطرَّق “لينش” إلى الحديث عن الجدول الزمني لـ”إيران” لتخصيب الوقود المُستخدَم في صنع الأسلحة وتصميم رأس حربي فعال وتحميله على صاروخ (باليستي) قادر على ضرب أهداف في الشرق الأوسط، وفي تقييم لقدرة الأسلحة النووية المحتملة لـ”إيران”، ركَّزت “الولايات المتحدة” إلى حدٍّ كبيرٍ على: “وقت الاختراق” المُقدر لـ”طهران”، وهو مقدار الوقت الذي تستغرقه “إيران” لإنتاج قنبلة نووية واحدة إذا كانت ستعمل بأقصى قدرتها لتحقيق ذلك.

ومع فرض قيود “الاتفاق النووي”، قدرت “الولايات المتحدة”، في عام 2015؛ أن الأمر سيستغرق من “إيران”: 12 شهرًا لإنتاج وقود نووي كافٍ لصنع قنبلة؛ إذا قررت التخلي عن الاتفاق والسعي للحصول على سلاح فعَّال؛ واليوم، تقلَّص هذا التقدير إلى حوالي شهر واحد، ذلك أن “طهران” ركَّبت أجهزة طرد مركزي أكثر تقدمًا في منشآتها النووية، وخصَّبت (اليورانيوم) بجودة أعلى كثيرًا مما كان يسمح به “الاتفاق النووي” الأصلي، وقيَّدت كذلك وصول المفتشين الدوليين إلى المرافق النووية الإيرانية.

وبموجب شروط اتفاقية عام 2015، سُمِح لـ”إيران” بتخزين: 300 كيلوغرام من (اليورانيوم) المنخفض التخصيب؛ وتشغيل أكثر من: 05 آلاف جهاز طرد مركزي من الجيل الأول في محطة (نطنز)، ويُحظر على “طهران” تخصيب (اليورانيوم) بتركيز يزيد عن: 3.67% من (اليورانيوم -235)، وهي المادة التي يمكن أن تُنتج سلاحًا نوويًّا إذا زاد تركيزها عن: 90%.

ومنذ انسحاب “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي”، عمدت “إيران”، على نحوٍ مطردٍ؛ إلى تخصيب (اليورانيوم) بمستويات أعلى، وفي تموز/يوليو 2019، بدأت “إيران” في تخصيب ما يصل إلى: 5%، ثم إلى: 20%؛ في كانون ثان/يناير 2021، وإلى: 60% في نيسان/أبريل 2021، وباتت “إيران” عند هذه النقطة على بُعد خطوة قصيرة نسبيًّا من إنتاج وقود نووي صالح لصنع الأسلحة.

ونوَّه الكاتب إلى أنه؛ ولكي تُسرع من وتيرة التخصيب، ركَّبت “إيران” الآلاف من أجهزة الطرد المركزي المتطورة القادرة على تخصيب (اليورانيوم) بجودة أعلى في كلٍّ من محطة (نطنز) ومحطة (فوردو)، واعتبارًا من تشرين ثان/نوفمبر 2021، كانت “إيران” قد جمعت مخزونًا من (اليورانيوم) المخصب؛ يبلغ حوالي: 2313.4 كيلوغرامات، بما في ذلك: 1622.3 كيلوغرامات من (اليورانيوم) المخصب بنسبة 5%، و113.8 كيلوغرامات مخصبًا حتى: 20%، و17.7 كيلوغرامات مخصبًا بنسبة: 60%، وفقًا لـ”الوكالة الدولية للطاقة الذرية”.

شوط كبير.. ولكن !

ونقلت المجلة عن “ديفيد أولبرايت”، مؤسس معهد العلوم والأمن الدولي، قوله إن “إيران” قد حصلت بالفعل على ما يكفي من كميات من (اليورانيوم) المخصب بالنسبتين: 20 و60%، لإنتاج ما لا يقل عن: 45 كيلوغرامًا من (اليورانيوم) العالي التخصيب؛ بنسبة: 90%، وهو كمية وقود تكفي لإنتاج قنبلة نووية في وقت قصير، وأضاف أنه في غضون عدة أشهر يمكن أن تنتج وقودًا يكفي لقنبلتين آخريين، ويُقدر أنه في غضون ستة أشهر، قد تكون “إيران” في وضع يمكنها من اختبار قنبلة نووية.

وقال “أولبرايت” إن هذا يدعو للقلق لأن إنتاج الوقود الذي يُستخدم في صنع الأسلحة النووية يُعد من بين أصعب الإنجازات التقنية على طريق امتلاك القنبلة، ويقول بعض خبراء حظر الانتشار النووي؛ إن الأمر قد يكون كذلك، لكن الوقود النووي وحده لا يصنع ترسانة أسلحة نووية.

وقال “سهيل شاه”، وهو زميل في مجال السياسة في شبكة القيادة الأوروبية: “وقت الاختراق كان الجزء الأهم فيما يخص مقاييس البرنامج النووي الإيراني، ولكنه محدود للغاية من حيث الفائدة؛ لأنه لا يشمل الوقت الذي يستغرقه تصميم أو تصنيع أو تجميع مكونات القنبلة أو السلاح نفسه”، مضيفًا: “حرص بعض البلدان، أي الولايات المتحدة وشركاؤها عبر المحيط الأطلسي، على التركيز الكبير على وقت الاختراق يتجاهل عمدًا مقدار الوقت الذي تستغرقه إيران للانتقال من وجود مخزون ذي مغزى من (اليورانيوم) العالي التخصيب إلى سلاح نووي قابل للاستخدام”.

لا تملك رأسًا نوويًّا لكن يمكنها ذلك..

وأضاف “لينش”؛ أنه لا يزال هناك غموض كبير حول مقدار الوقت الذي ستستغرقه “إيران” لتطوير رأس حربي نووي فعَّال، ولقد أنكرت “إيران”، لمدة طويلة؛ أن لديها أي نية على الإطلاق لامتلاك سلاح نووي، ولكن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أكدت أن هناك تقارير تُفيد بأن “إيران” كانت تطور برنامج أسلحة نووية؛ حتى عام 2003.

وقال “داريل كيمبال”، مدير “جمعية الحد من التسلح”: “السؤال الأساس هو: كم من الوقت ستستغرقه إيران لتكون قادرة على حمل أسلحة نووية، بعد أن حصلت على ما يكفي من المواد الانشطارية لقنبلة واحدة ؟”، مجيبًا: “ستحتاج بضع سنوات”.

ويقول الكاتب إن بعض الخبراء يقولون إن التقديرات بحاجة “إيران” لوقت أطول ليس سببًا باعثًا على الإطمئنان، ذلك أنه إذا حصلت “إيران” على مخزون من الوقود المُستخدَم في صنع الأسلحة، كما يقولون، فإن الخطر يتمثل في أن صناع السياسة سيُجرِون تقييمات حول قدرات “إيران” في الخفاء، ويحذرون من أن ذلك قد يُضيق الخيارات الدبلوماسية لـ”واشنطن” ويُزيد من احتمالات نشوب صراع عسكري.

وأشار الكاتب إلى أن تقديرًا للمخابرات الأميركية؛ لعام 2007، خلُص إلى أن لديها: “ثقة عالية” أن “إيران” قد أوقفت برنامج أسلحتها النووية، في عام 2003؛ ردًّا على الضغوط الدولية المتزايدة، وثقة متوسطة إلى عالية في أن “طهران” تُبقي الباب مفتوحًا لاستئناف البرنامج في بعض المراحل المستقبلية.

وفي السنوات الأخيرة، أثارت أنشطة البحث والتطوير الإيرانية مخاوف خبراء حظر انتشار الأسلحة النووية، وقال “شاه”: “الحقيقة الأساسية الواقعية؛ هي أنه لا أحد يمكنه الجزم ببساطة بأي من هذه الجداول الزمنية، خاصةً أننا لا نملك فكرة قوية عن ماهية البحث والتطوير الذي تُجريه إيران”.

أحد أكثر برامج الصواريخ “الباليستية” تطورًا في الشرق الأوسط..

ولفت “لينش” إلى أن الصواريخ (الباليستية) تلعب دورًا حاسمًا في أي برنامج أسلحة نووية، ولدى “إيران” سنوات من الخبرة في تطويرها، ويبلغ مدى صاروخ (شهاب-3)، المصمم على طراز صاروخ (نودونغ) الباليستي الكوري الشمالي، حوالي: 800 ميل؛ (1,280 كم). وتمتلك “إيران” أيضًا عددًا من الإصدارات المُعدَّلة، بما في ذلك صواريخ (عماد) و(سِجِّيل) و(قادر 110)، والأخير يمكن أن يصل مداه إلى “إسرائيل”؛ كما أنتج علماء الصواريخ الإيرانيون صاروخ (خرمشهر) متوسط ​​المدى، والذي يعتمد على صاروخ (موسودان) الكوري الشمالي؛ الذي وصفه الكاتب بالفاشل.

ومع ذلك، فإن امتلاك صواريخ (باليستية) ليس هو الشيء نفسه؛ مثل امتلاك صواريخ (باليستية) فعَّالة ومسلحة نوويًّا، ولا يزال يتعين علينا معرفة كيفية تركيب سلاح نووي على الصواريخ والتأكد من بقاء السلاح النووي؛ (الشديد الحساسية)؛ لفترة كافية للوصول إلى الهدف والانفجار، ولا يزال من غير الواضح إلى أي مدى أحرزت “إيران” تقدمًا في تسليح صواريخها، بحسب الكاتب.

وقال “مارك فيتزباتريك”، زميل مشارك في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون حظر الانتشار: “تصميم الصاروخ لم يكن الجزء الصعب، لكن ملاءمة تصميم الأسلحة ليست بالمهمة السهلة، ومن غير المعروف هل حصلت إيران على التكنولوجيا من الكوريين الشماليين أم لا”.

وأشار تقرير داخلي لـ”الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ عام 2009؛ إلى أن “إيران” لم تتغلب على العقبات التقنية الجوهرية، وجاء في الوثيقة الداخلية: “لا تعتقد الوكالة عمومًا أن إيران قد حققت حتى الآن (اعتبارًا من عام 2003) وسائل دمج حمولة نووية في صاروخ (شهاب-3) دون أي ثقة في أنها ستنجح”؛ ومع ذلك، ومع بذل مزيد من الجهود، من المُرجح أن تتغلب “إيران” على المشكلات وستُبنى الثقة.

ويختم الكاتب بما ذكره “فيتزباتريك”: “إذا لم تُبرَم صفقة بحلول منتصف شباط/فبراير، فلن أستنتج أنه يتعين علينا الذهاب إلى الخطة البديلة، أي العمل العسكري؛ فربما لا يزال هناك وقت للدبلوماسية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب