هل تنقلب إيران على العبادي ردّا على الدعم الأميركي للسنة؟

هل تنقلب إيران على العبادي ردّا على الدعم الأميركي للسنة؟

قالت مصادر عراقية مطلعة إن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اضطر إلى زيارة إيران امس على نحو مفاجئ، بطلب مستعجل من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، وبناء على برقية عاجلة وجهتها طهران إلى وزير الخارجية ابراهيم الجعفري ومفادها ان العبادي مطلوب في طهران للقاء كبار القادة الإيرانيين السياسيين والأمنيين بينهم خامنئي، في أسرع وقت ممكن.
ورجحت المصادر ان يكون العبادي قد تلقى تهديدات مباشرة أو غير مباشرة في طهران تحثه على الالتزام بالتنسيق المسبق معها ومع شركائه في التحالف الشيعي، وتجنب الإصرار على التصرف كرئيس وزراء عراقي قوي ومستقل، وإلا فإن إزاحته عن السلطة ستبقى خيارا مفتوحا وبكل الطرق الممكنة.
وكان موضوع مكافحة الإرهاب والحرب على تنظيم الدولة الاسلامية هو السبب المعلن لزيارة رئيس الوزراء العراقي إلى إيران وهي زيارة لم تكن مرتبة مسبقا، لكن المصادر العراقية أكدت أن طهران استدعت العبادي للتعبير عن انزعاجها واستيائها الشديدين من موافقته دون ادنى احتراز، على القرار الأميركي بإرسال 450 عسكريا جديدا الى محافظة الأنبار غرب العراق، لبدء عملية تدريب واسعة للمقاتلين السنة العراقية لتمكينهم من طرد مسلحي تنظيم “الدولة الاسلامية” من مدينة الرمادي عاصمة المحافظة، دون الالتجاء لتدخل قوات الحشد الشعبي الشيعية تفاديا لحصول عمليات انتقامية منها ضد السنة مثلما حصل في مناطق عراقية اخرى تم تحريرها من التنظيم الارهابي في وقت سابق من هذه السنة.
ويزداد الغضب الإيراني من العبادي بشكل خاص لأنه هو من طلب من الرئيس الاميركي باراك اوباما خلال محادثاتهما في برلين قبل عشرة ايام، تدخل الولايات المتحدة بشكل منهجي لتنظيم السنة العراقيين في وحدات قتالية ليتولوا بأنفسهم مقاتلة “الدولة الاسلامية”.
وكشف قيادي في التيار الصدري على اطلاع بما تتداوله قيادات شيعية عراقية من معلومات أن طهران فسرت رغبة العبادي بدور عسكري أميركي أكثر جرأة في الأنبار، بأنها مخطط مدبر وموجه ضدها ويرتقي الى درجة التآمر على سياستها في العراق.
وكان العبادي قد وصل الى رئاسة الوزراء في العراق بتوافق اميركي ايراني قبلت بموجبه ايران وتحت ضغط دولي شديد بان تتخلى على حليفها القوي نوري المالكي. وجيء بالعبادي إلى رئاسة الوزراء بهدف إخراج العراق من حالة التدهور الأمني الشامل التي أوصلتها اليها سياسة المالكي الموغلة في الطائفية والتمييز ضد السنة إذ رفض المالكي رفضا مطلقا جميع الدعوات لتسليح قوات نظامية سنية لحماية مناطقها وتركها عرضة لإرهاب تنظيم الدولة الاسلامية من جهة ولإرهاب المليشيات الشيعية من جهة اخرى.
وضمن سياسته للتخفيف من حدة الاحتقان الطائفي رفض العبادي إلى حد الآن تدخل الفصائل الشيعية المسلحة في معارك الأنبار وطلب عوضا عن ذلك تمركز هذه الفصائل المنضوية تحت مسمى قوات “الحشد الشعبي” في مناطق حزام بغداد الحيوية التي تشكل الخط الدفاعي الأول والاستراتيجي عن العاصمة من أي هجمات مفاجئة محتملة من تنظيم “الدولة الاسلامية”.
ويثير إقصاء العبادي لمليشيات “الحشد” من قتال الدولة الاسلامية في الأنبار وتجاهله للهيئة السياسية للتحالف الشيعي الذي يقود الحكومة العراقية وعدم تنسيقه معها بشأن تعزيز الانتشار العسكري الاميركي في الأنبار، غضبا إيرانيا غير مسبوق.
وبحسب معلومات القيادي الصدري الذي رفض الكشف عن اسمه فقد تركزت المحادثات بين خامنئي والعبادي في طهران، على موضوع الخطة الأميركية لتدريب قوات سنية في الأنبار وهو امر لطالما عارضه حلفاء ايران في العراق، مطالبين بان يكون الدور الاول والأخير في تحرير هذه المنطقة من تنظيم الدولة الاسلامية مناطا بعهدة الحشد الشيعي دون غيره.
ويقول مراقبون إن مخاوف ايران الجدية من تدريب قوات سنية، قدرها رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري مؤخرا بـ10 آلاف مقاتل في مرحلة أولى لها سببان رئيسيان على الاقل قد تطور الأمور باتجاهما، السبب الأول يتعلق بأن الولايات المتحدة ربما تجلب لاحقا المزيد من العسكريين الاميركيين ـ دائما تحت هدف تدريب المقاتلين السنة ـ بينهم وحدات خاصة قتالية وهو ما لا تستطيع ايران تحمله، في منطقة مفتوحة على الكثير من التطورات العسكرية قياسا بالمشاكل السياسية المعقدة التي تواجهها والتي يبدو حلها مستعصيا في المدى المنظور.
وقال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني خلال استقباله العبادي الأربعاء إن إعادة الأمن في العراق يمكن أن يتم خلال فترة قصيرة بالقضاء على الجماعات الإرهابية.
واعتبر شمخاني أن المزاعم الغربية حول ضرورة تحديد 5 إلى 7 سنوات لمواجهة “الدولة الاسلامية” تهدف إلى إطالة الأزمة في العراق وصولا إلى تقسيمه.
أما السبب الثاني فيتمثل في ان طهران لا تريد لتجربة الاميركيين مع السنة أن تنجح وبالتالي تستطيع هذه القوات السنية المدربة أن تهزم “الدولة الاسلامية” كما هزمت قوات الصحوات في السابق تنظيم “القاعدة” في الأنبار نفسها.
وترى طهران انتصار السنة على مقاتلي “الدولة الاسلامية” خطرا محدقا بقوات “الحشد” المؤلفة من فصائل شيعية مسلحة موالية لها، لأن هذا الانتصار سيبطل أي دور مستقبلي لهذه القوات في المستقبل بما يؤثر على مخططات ايران لمزيد احكام سيطرتها على العراق وسوريا، لا سيما بعد ان روجت (ايران) لقوات الحشد بأنها القوة الوحيدة القادرة على مواجهة وتدمير تنظيم الدولة الاسلامية ليس في العراق فحسب بل في سوريا ايضا.
وأكد القيادي أن إيران سعت عبر أطراف في الحكومة العراقية لإقناع الاميركيين بأنه يمكن بلورة تفاهم إيراني ـ أميركي على استراتيجية واحدة للحرب على “الدولة الاسلامية” في العراق وسوريا، في ظل الانتصارات التي حققها التنظيم أخيرا ووسط الانتقادات الحادة الموجهة للاستراتيجية الأميركية الفاشلة.
وتعتبر طهران أن الوقت اقترب لتأتي واشنطن وتطلب منها التفاهم على استراتيجية للحرب على “الدولة الاسلامية” وعندها سيفرض الإيرانيون شروطهم، في مقدمها ضمان دور فعال لقوات “الحشد” الشيعية ليس في الأنبار بل في الموصل أيضا وفي مناطق داخل العمق السوري في مرحلة لاحقة، غير أن كل هذه الحسابات الإيرانية انهارت بسبب تعزيز الانتشار العسكري الاميركي لتدريب السنة.
وقال القيادي الصدري إن طهران وهي ترقب العودة العسكرية القوية للأميركيين إلى العراق وبتوافق تام مع رئيس وزراء يفترض انه قيم على مصالحها هناك بحكم الارتباط المذهبي أساسا، أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما في التعامل مع العبادي.
ورجح هذا القيادي تلقي العبادي الأربعاء في طهران تهديدات مباشرة أو غير مباشرة تدعوه فيها للالتزام بالتنسيق المسبق معها ومع شركائه في التحالف الشيعي وعدم المبالغة في التصرف كرئيس وزراء قوي مستقل وغير عابئ بحقيقة الوضع السياسي والأمني في العراق.
وهذان الخياران هما إما تدبير انقلاب شيعي على العبادي عبر حلفائها الأقوياء في بغداد والذين يملكون الحصة الأكبر من النواب في البرلمان العراقي.
وإما إقناع العبادي بإشراك وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين في ملف التدريب الاميركي للسنة في الأنبار بحيث لا ينفرد الاميركيون بعملية التدريب ولا يتصرفون بمنتهى الحرية وبعيدا عن الرقابة خاصة فيما يتعلق بتسليح القوات السنية وبطبيعة الدعم اللوجستي الذي ستقدمه لهم.
وقال المصدر في التيار الصدري إن ايران لديها معلومات أكيدة حصلت عليها من القيادات الشيعية العراقية تؤكد على أن الولايات المتحدة تخطط لتأمين غطاء جوي للقوات السنية المدربة كما هو الحال مع وحدات حماية الشعب الكردي التي تهاجم “الدولة الاسلامية” بقوة في شمال سوريا.
ويضيف المصدر أن طهران أصبحت متيقنة من أن علاقة ما تربط تدريب الولايات المتحدة للسنة في العراق وفي سوريا وهو أمر بالغ الخطورة على سياستها في البلدين، بما يجعلها لا تغفل عن متابعته في كل تفاصيله مع العبادي ومع حلفائها العراقيين.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة