19 يوليو، 2025 11:08 م

هل تقترب الحرب من نهايتها ؟ .. موسكو تنتصر بـ”الممر البري” بين القِرم ودونباس وأميركا تنفي !

هل تقترب الحرب من نهايتها ؟ .. موسكو تنتصر بـ”الممر البري” بين القِرم ودونباس وأميركا تنفي !

وكالات – كتابات :

أعلنت “روسيا” أنه تم إنشاء ممر بري يربط شبه جزيرة “القِرم”؛ بـ”إقليم دونباس”، فلماذا يُعتبر ذلك الانتصار الإستراتيجي هو الأهم للرئيس؛ “فلاديمير بوتين” منذ بدء العملية الروسية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا” ؟

والاجتياح الروسي لـ”أوكرانيا”، المستمر منذ 24 شباط/فبراير الماضي، يُمثل الأزمة الجيوسياسية الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، فهو في جوهره صراع بين “روسيا” والغرب بقيادة “الولايات المتحدة”، وتصف “موسكو” ذلك الهجوم بأنه: “عملية عسكرية خاصة”؛ بينما تصفه “كييف” والغرب بأنه: “غزو”.

لكن الأزمة الأوكرانية لم تبدأ مع الحرب الحالية؛ وإنما يرجع تاريخ تفجرها إلى ما قبل 08 سنوات، عندما أدت أحداث “الميدان الأوروبي”؛ في العاصمة الأوكرانية؛ “كييف”، إلى هروب الرئيس المنتخب والموالي لـ”روسيا”، واستيلاء المعارضة المدعومة من الغرب على مقاليد السلطة، واندلعت حركات انفصالية مسلحة في الأقاليم الشرقية لـ”أوكرانيا”، والمتاخمة للحدود الروسية.

ما الأهداف التي تسعى “موسكو” إليها ؟

كانت الأزمة الأوكرانية؛ عام 2014، قد انتهت بضم “روسيا”، إقليم شبه جزيرة “القِرم” بشكل كامل، وإعلان الانفصاليين المتحدثين بالروسية استقلال منطقتي: “لوغانسك” و”دونيتسك”، بـ”إقليم دونباس”، لكن “موسكو” لم تعترف بالمنطقتين، وأدت “اتفاقيات مينسك” إلى وقف إطلاق النار على خط التماس في الإقليم؛ بحسب تقرير لصحيفة (الغارديان) البريطانية.

مصدر الصورة: RT

وقبل اندلاع الحرب الحالية، كان الانفصاليون يُسيطرون على ثُلث مساحة “إقليم دونباس” فقط، بينما يُسيطر الجيش الأوكراني على ثُلثي الإقليم. وعندما أعلن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، الاعتراف باستقلال “لوغانسك” و”دونيتسك”؛ يوم 21 شباط/فبراير، أي قبل بدء الحرب بثلاثة أيام فقط، كان واضحًا أن الأمور في طريقها للإشتعال؛ وهو ما حدث بالفعل.

ويمكن القول إن الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، قد حدد خطوطًا عريضة للأهداف الإستراتيجية التي تسعى “موسكو” لتحقيقها من خلال ما سماها: “عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا”، فكلمتا الحرب أو الغزو لا تردان على لسان “بوتين” أو أي من مسؤوليه على الإطلاق، على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر على بداية الهجوم؛ على حد تعبير التقرير البريطاني.

“منع عسكرة كييف، والقضاء على القوميين النازيين الذين يضطهدون الأقلية الروسية في أوكرانيا، وتحرير إقليم دونباس”، تلك هي الأهداف التي قال “بوتين” إنه يسعى لتحقيقها، فماذا تحقق منها بالفعل حتى الآن ؟..

بدأ الهجوم الروسي كاسحًا ومنتشرًا في جميع الأراضي الأوكرانية، وتم فرض حصار على العاصمة؛ “كييف”، وجميع المدن الكبرى، تحت غطاء كثيف من الضربات الجوية الصاروخية وباستخدام الطائرات المقاتلة، وتمكنت “روسيا” من فرض سيطرة شبه كاملة على الأجواء الأوكرانية بعد أن دمرت البنية العسكرية الرئيسة للجيش الأوكراني.

وبعد مرور أقل من شهرين من بدء العمليات العسكرية، أعلنت “موسكو” إنتهاء المرحلة الأولى من الهجوم وبدأت في سحب قواتها من الغرب الأوكراني، ومن مشارف “كييف” وغرب “نهر دنيبرو” بصفة عامة. وأعلنت “روسيا” تركيز عملياتها العسكرية في “شرق أوكرانيا”، وقال “بوتين”؛ يوم 09 آيار/مايو الماضي، في خطابه بمناسبة احتفالات النصر على “ألمانيا النازية” في الحرب العالمية الثانية، إن الهدف الآن هو “تحرير” إقليم دونباس بالكامل.

روسيا تُعلن “ممرًا بريًا” يربط القِرم بدونباس..

أعلن وزير الدفاع الروسي؛ “سيرغي شويغو”، الثلاثاء 07 حزيران/يونيو الجاري، أن القوات المسلحة الروسية أوجدت: “الشروط اللازمة للاستئناف الكامل لحركة السكك الحديدية بين روسيا ودونباس وأوكرانيا وشبه جزيرة القِرم”، وبدأت في تسليم البضائع إلى المدن الأوكرانية: “ماريوبول وبيرديانسك وخيرسون”؛ على امتداد: 1200 كيلومتر من خطوط السكك الحديدية التي أُعيد فتحها.

شبكة (CNN) الأميركية؛ أوردت هذا التطور الميداني الكبير في معرض تغطيتها للحرب في “أوكرانيا”، التي يصفها الرئيس؛ “جو بايدن”، ونظيره الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، والغرب عمومًا، بأنها غزو روسي، في فقرةٍ عنوانها: “ممر بري للقِرم”، نقلت فيها تصريحات “شويغو”، قائلة: “تزعم روسيا أنها فتحت ممرًا بريًا يربط القِرم (المحتلة) بباقي شرق أوكرانيا وروسيا ويسمح بنقل البضائع من روسيا عبر دونباس إلى القِرم”.

وعلى الرغم من أن التحقق مما يجري على الأرض في “أوكرانيا” فعلاً، وبصفة خاصة في المناطق التي تشهد قتالاً عنيفًا وعلى رأسها؛ “إقليم دونباس”، يُعد أمرًا صعبًا للغاية؛ (كما تزعم الآلة الدعائية الأميركية والغربية في تناقض صارخ مع نفسها حينما تدعي تقارير أخرى صادرة عنها باختلاق صور للأقمار الاصطناعية تخص الميدان الأوكراني)، في ظل الحصار الإعلامي شبه التام من الغرب على “روسيا”، فإن عدم تكذيب ما أعلنه “شويغو” من جانب أي مصدر غربي ولا من جانب “كييف”؛ يُشير إلى أن: “الممر البري” قد تحقق بالفعل.

وكان إنشاء: “الممر البري”، بين “روسيا” وشبه جزيرة “القِرم”، جزءًا رئيسًا من إستراتيجية “موسكو” منذ بدء هجومها، وبالتالي فإن تحقيقه يُمثل انتصارًا إستراتيجيًا هامًا للغاية للروس وللرئيس؛ “فلاديمير بوتين”، بصفة خاصة.

وزير الخارجية الروسي؛ “سيرغي لافروف”، متحدثًا الأربعاء 08 حزيران/يونيو 2022، من “أنقرة”، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي؛ “مولود تشاووش أوغلو”، قال إن: “العملية العسكرية الخاصة” التي تُنفذها “روسيا” في “أوكرانيا” تسير وفقًا للمخطط لها، وأكد أن لقاء بين “بوتين” و”زيلينسكي”؛ لابد أن يسبقه استئناف مفاوضات السلام بين “موسكو” و”كييف”، وهو ما يُشير إلى أن الموقف الروسي يبدو أكثر تماسكًا من الموقف الغربي بصفة عامة.

وفي هذا السياق أيضًا، جاءت تصريحات الحاكم الأوكراني لمنطقة “لوغانسك”؛ لتُشير إلى مدى صعوبة موقف الجيش الأوكراني هناك، إذ قال الحاكم؛ “سيرهي غايداي”، في كلمة بثها التلفزيون، إن القوات الأوكرانية قد تضطر إلى التراجع لمواقع أقوى في مدينة “سيفيرودونيتسك” المحاصرة.

مصدر الصورة: رويترز

وأضاف أن “أوكرانيا” تتوقع من “روسيا” تصعيد قصفها لـ”سيفيرودونيتسك” وشن هجوم ضخم حيث تُركز “موسكو” كل جهودها على المنطقة، وقال “غايداي”: “القتال ما زال مستمرًا، ولن يتخلى أحد عن المدينة حتى لو كان على جيشنا أن يتراجع إلى مواقع أقوى. هذا ليس معناه أن هناك من يتخلى عن المدينة.. لن يتخلى أحد عن أي شيء. لكن من الممكن أن يضطر (الجيش) إلى التراجع”، بحسب (رويترز).

وتعكس هذه التصريحات تناقضًا مع الموقف خلال اليومين الماضيين، حين أعلنت “كييف” أن قواتها شنت هجومًا مضادًا أوقف تقدم القوات الروسية في المدينة وأجبرها على التراجع. وكان القتال، المستمر منذ أيام في المدينة الصناعية، قد تحول إلى معركة محورية، في تذكير بما حدث في مدينة “ماريوبول” الساحلية؛ حين تمترست الميليشيات الأوكرانية المدافعة عن المدينة في مُجمع الصلب “آزوفيستال”، قبل أن تستسلم للقوات الروسية، التي فرضت سيطرتها الكاملة على المدينة في نهاية المطاف.

هل تقترب الحرب في “أوكرانيا” من نهايتها ؟

قبل محاولة الوقوف عند الاحتمالات أو السيناريوهات التي قد تشهدها الأيام والأسابيع المقبلة، في ضوء تحقيق “روسيا” ذلك الهدف الإستراتيجي الهام، من المهم هنا التوقف عند تقرير كانت المخابرات البريطانية قد نشرته في الأسبوع الأول من نيسان/إبريل الماضي، عنوانه: “روسيا لن تتمكن أبدًا من فتح ممر بري يربط القِرم بإقليم دونباس”.

والمخابرات البريطانية، شأنها شأن الاستخبارات الأميركية، تنشر إفادات وتقارير شبه يومية عن تقييمها لمسار ما تصفه: بـ”الغزو الروسي”؛ لـ”أوكرانيا”، وكان التركيز على: “الممر البري” كأحد الأهداف الرئيسة لـ”بوتين”، وعجز القوات الروسية عن تحقيقه أحد أبرز النقاط التي ترصدها تلك التقارير.

وتصف التقارير الاستخباراتية الغربية، وبصفة خاصةٍ تلك الصادرة عن “واشنطن” و”لندن”، “الغزو الروسي”؛ بأنه فاشل ولم يُحقق شيئًا يُذكر على الأرض، وتصف ما تقول “موسكو” إنه تركيز للعمليات العسكرية في الشرق بأنه هزيمة للقوات الروسية أجبرتها على الانسحاب من غرب “أوكرانيا”.

ومع صعوبة التأكد من رواية أي من الجانبين، في ظل استمرار المعارك واستخدام البيانات الرسمية في إطار الحرب النفسية، يعتمد المحللون والخبراء العسكريون في أغلب الأحوال على قراءة ما بين السطور لمحاولة وضع سيناريوهات بشأن الكيفية التي قد تضع بها تلك الحرب أوزارها في نهاية المطاف.

وفي هذا السياق؛ يرى بعض هؤلاء أن ذلك: “الممر البري”؛ الذي نجحت “روسيا” في تحقيقه وتشغيله بالفعل، والذي يربط بين “دونباس” و”القِرم”؛ عبر الأراضي الروسية، ربما يُمثل مرحلة حاسمة لصالح الروس في “دونباس” ومن ثم الاقتراب من تحقيق السيطرة الكاملة على الإقليم لصالح الانفصاليين الموالين لـ”موسكو”، وهو ما قد يعني خطوة كبرى باتجاه وقف إطلاق النار.

فـ”روسيا” تضغط الآن من ثلاثة اتجاهات رئيسة، الشرق والشمال والجنوب، لمحاولة تطويق الأوكرانيين في “دونباس”. وقال حاكم إقليم دونيتسك؛ “بافلو كيريلينكو”، للتلفزيون الأوكراني، إن هناك قصفًا مطردًا بطول خط الجبهة؛ وإن “روسيا” تُحاول الاندفاع صوب “سلوفيانسك” و”كراماتورسك”؛ أكبر مدينتين تُسيطر عليهما “أوكرانيا”؛ في “دونيتسك”. والجهود جارية لإجلاء من بقوا من السكان. وقال “كيريلينكو”: “الناس يفهمون الآن، رغم أن الوقت متأخر، أن وقت الرحيل حان”.

وبعد الزعم خلال اليومين الماضيين؛ من جانب “كييف”، أن قواتها في “سيفيرودونيتسك” نجحت في إجبار الروس على التراجع وأن القوات الأوكرانية استعادت السيطرة على أكثر من نصف المدينة التي تشهد واحدة من أكثر المعارك دموية، قال الحاكم “غايداي”؛ لموقع (آر. بي. سي. أوكرانيا) الإعلامي، مساء الأربعاء: “لم تُعد قواتنا تُسيطر الآن إلا على أطراف المدينة”.

وأضاف: “لكن القتال لا يزال مستمرًا، (قواتنا) تدافع عن سيفيرودونيتسك ومن المستحيل القول إن الروس يُسيطرون على المدينة بشكل كامل”. وهناك إجماع بين المسؤولين الأوكرانيين على أن معركة المدينة الرئيسة في “لوغانسك” سيكون لها دور كبير في تحديد مستقبل المعارك في “دونباس” والحرب بشكل عام.

مصدر الصورة: رويترز

التقدم الكبير لـ”روسيا”؛ في “دونباس”، يتزامن أيضًاً مع إفادات أوردتها وكالات أنباء روسية، بأن الإدارة التي نّصبتها “روسيا” في الجزء المحتل من “منطقة زابوريغيا”؛ بجنوب “أوكرانيا”، تعتزم إجراء استفتاء في وقت لاحق من هذا العام، بشأن الانضمام إلى “روسيا”. كما أعلن المسؤولون الذين نصّبهم الروس في “مقاطعة خيرسون”؛ الواقعة إلى الغرب من “زابوريغيا”، عن خطط مماثلة.

وتُشير هذه التطورات إلى أن “روسيا” ربما تكون قد اقتربت من إحكام سيطرتها على “إقليم دونباس”؛ وهو ما يعني إنتهاء أي وجود كبير للجيش الأوكراني في شرق وجنوب البلاد، أو ربما أي وجود على الإطلاق، مما يعني أن الباب قد يُصبح مفتوحًا أمام اتفاق لوقف إطلاق النار، ولو حتى كما حدث عام 2014، من خلال “اتفاق مينسك”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة