هل تصبح حكومة “علاوي” مرحلة هدنة بين أميركا وإيران ؟

هل تصبح حكومة “علاوي” مرحلة هدنة بين أميركا وإيران ؟

خاص : كتبت – هانم التمساح :

بعد عام 2011؛ وانسحاب القوات الأميركية من “العراق”، وجدت “إيران” الفرصة سانحة أمامها للإنفراد بالهيمنة على “العراق” مستغلة المذهب الشيعي في زراعة مليشيات تابعة لها تأتمر بأمرها، وهو ما جعل “الولايات المتحدة” تدرك خطأها الفادح وخسارتها، محاولة استعادة “العراق” إلى معسكر حلفائها، وحاولت القضاء على النفوذ الإيراني باغتيال قائد (فيلق القدس)، الجنرال “قاسم سليماني”، وقائد مليشيا (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”. كما صادفت تظاهرات العراقيين، (الشيعة)، ضد فساد حكومتهم والغضب ضد الهيمنة الإيرانية هوىَ لدى “الولايات المتحدة” في التخلص من حكومة “عبدالمهدي”، التابعة كليًا لـ”إيران”، ووجدت في حكومة “علاوي” فرصةً أفضل للتفاوض.

“إيران” من جانبها؛ باتت تُدرك أن الوقت ليس في صالحها لتدخل في صراعات بـ”العراق”، وأنها تعيش مرحلة الخسارة، لذا هي تسعى إلى إدارة مرحلة الخسارة، ومنها التخلي عن مرشحين مقربين جدًا وحلفاء لمنصب رئيس الوزراء لمصلحة مرشح نصف حليف أو أكثر من أجل عدم إثارة الشارع العراقي وعدم قطع خطوط التواصل غير المباشر مع الإدارة الأميركية، كما أن القبول “الأميركي-الإيراني” بحكومة “علاوي”؛ هو قبول بالأمر الواقع أو بإشتراطات الحد الأدنى من المصالح، فهذه الحكومة بنظر الإيرانيين أفضل ما يمكن، لأنها تُدرك أن الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي العراقي، والحكومة ستكون بالنتيجة النهائية موالية ومتماهية مع مصالحها، كما أن الإدارة الأميركية لا ترغب في رؤية تغيرات حادة في “العراق”؛ يمكن أن تُربك حساباتها ومصالحها في المنطقة، لا سيما أنها مُقبلة على موسم انتخابي.

مرحلة تأهب..

ويرى مراقبون أن هذه الحكومة تُعد فرصة مناسبة للطرفين، ويمكن وصفها بأنها حكومة انتظار وتأهب تنسجم مع واقع المرحلة الحالية، في انتظار جولة تكون أكثر حسمًا ستأخذ ملامحها في التكون بعد الانتخابات الأميركية.

ويبُرز تساؤل رئيس يطرح نفسه؛ حول إمكانية أن تسعى “إيران” لصوغ تسويات جديدة للتهدئة مع “أميركا”، من خلال تلك الحكومة، ويتأكد كل يوم إمكانية صحة هذه الأطروحة مع اقتراب التصويت على حكومة “محمد توفيق علاوي”، للحصول على ثقة “البرلمان العراقي”، بعد مخاض عسير واستمرار رفض المحتجين لها، بعد دفع “إيران”، القوى السياسية الشيعية الكبرى، لدعم تلك الحكومة المُرتقبة، في وقت تتصاعد حدة الصراع بينها وبين “واشنطن”.

توافق “إيراني-أميركي” رغم الصراعات !

ومنذ الغزو الأميركي لـ”العراق”، 2003، وتشكيل الحكومات المتعاقبة في البلاد، يتم بالتوافق، على الرغم من الصراع المستمر بين الطرفين.

وبعد انتخابات عام 2018؛ إزدادت حدة الصراع بين الطرفين في “العراق”، بعد نجاح حلفاء “إيران” في الحصول على غالبية في “البرلمان العراقي”، والسيطرة على رئاسة الوزراء.

وكان لحركة الاحتجاج المطالبة بإنهاء النفوذ الخارجي على الحراك السياسي العراقي؛ أثر كبير في توسيع دائرة الصراع بين “واشنطن” و”طهران”، لكن المتغيرات الأخيرة وتكليف “علاوي” تشكيل الحكومة المقبلة قد يُعيد “العراق” إلى مرحلة التسوية بين الطرفين مرة أخرى.

ووسط مخاوف إيرانية من إمكانية توسع الضغط الأميركي على حلفائها في “العراق”، قد ينعكس سلبًا على وضعها الداخلي، خاصة من الناحية الاقتصادية، ومناطق النفوذ المهمة في “العراق” التي تتخذها “طهران” كطرق رابطة للتواصل مع جماعات موالية لها في “سوريا” و”لبنان”، تسعى “إيران” إلى محاولة التسوية مع “واشنطن”؛ من خلال الحكومة العراقية المقبلة، التي لم تُبد “الولايات المتحدة” اعتراضًا عليها، خاصة وأن “أميركا” و”إيران” تعتقدان أن “علاوي” قد ينجح في تحقيق هدنة مؤقتة بينهما، فـ”أميركا” لا تعتبره مواليًا لـ”إيران”، و”إيران” أيضًا لا تعتبره مواليًا لـ”أميركا”.

خروج العراق من معادلة الضغط الإيراني..

وفيما يتوقع أن تُدار مفاوضات بين “طهران” و”واشنطن” قريبًا، فإنه من المستبعد أن يكون “العراق” طرفًا فيها، خاصة وأن “إيران” لم تُعد تعتمد على حلفائها العراقيين بهذا الشأن؛ لأن التحالف الشيعي تفتت، والقوى الشيعية السياسية في حالة عداء مع طبقاتها الاجتماعية، كما أن مقتل قائد (فيلق القدس)، في “الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، بات أثره واضحًا، وهو ما دفع إلى اختيار “علاوي” لإحتواء هذا الموقف.

وقادت حكومة “عبدالمهدي” الطرفين إلى مواجهة شبه مباشرة، وأصبحت مباشرة بعد مقتل “سليماني”، وهم لا يريدون الإنزلاق إلى مواجهة أكبر.

ويُعتقد أن الهدنة التي يطمح لها الطرفان ستمتد للانتخابات الأميركية المقبلة، لأن “إيران” تُراهن على الصمود حتي موعد تلك الانتخابات على أمل أن تحصل على تنازل أميركي كبير إذا لم يفز الرئيس، “دونالد ترمب”، في دورة ثانية.

وتستمر انعكاسات الصراع “الأميركي-الإيراني”، في “العراق”، بالتأثير في الوضع السياسي والاقتصادي والأمني لـ”العراق”، في وقت يُطالب المحتجون العراقيون بتحييد البلاد عن الدخول كطرف في النزاعات الإقليمية والدولية، لكن هذا الأمر يبدو مستحيلاً في المرحلة الحالية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة