“هلسنكي” قمة الصفقات الكبرى .. تُرى من الرابح الأكبر : “بوتين” أم “ترامب” ؟

“هلسنكي” قمة الصفقات الكبرى .. تُرى من الرابح الأكبر : “بوتين” أم “ترامب” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ساعات قليلة تفصلنا عن قمة “هلسنكي”، التي ستعقد بين الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ونظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، وقد أصدرت بيانًا أفادت فيه أن القمة “الروسية-الأميركية”، بين “بوتين” و”ترامب” في “هلسنكي”، ستبدأ غدًا الاثنين في تمام الساعة 13.15 بالتوقيت المحلي، (10.15 بتوقيت غرينيتش)، وسيستمر الاجتماع لمدة ثلاثة ساعات، مع عقد مؤتمر صحافي مشترك.

وينوي قادة البلدين بحث آفاق تنمية العلاقات بين “روسيا” و”الولايات المتحدة”، وأيضًا مناقشة الموضوعات الراهنة على الأجندة الدولية.

وتزداد التكهنات حول طبيعة القمة وما سيحدث فيها ونتائجها، وقد أظهر استطلاع للرأي أن أكثر من نصف الأميركيين يدعمون اجتماع رئيسهم، “دونالد ترامب”، بالرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، إلا أن أغلبية المشاركين تعتقد أن موسكو ستجني من القمة فوائد أكبر.

هذه النتيجة تجلت في استطلاع للرأي أجرته شبكة تليفزيون (Fox News)، بين يومي 9 – 11 تموز/يوليو الجاري، وأجاب 59% من المشاركين في الاستطلاع بالإيجاب على سؤال عما إذا كان يتعين على “ترامب” اللقاء مع “بوتين” أم لا ؟

بالمقابل؛ أجاب 33% من أفراد العينة المستطلعة آراؤها سلبيًا على هذا السؤال، في حين رفض الإجابة عليه 9% من المشاركين في الاستطلاع.

“بوتين “سيحصل على اتفاقات أكثر..

واللافت في الوقت ذاته؛ أن الاستطلاع أظهر أن 31% من العينة يعتقدون أن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، سيكون قادرًا على التوصل إلى اتفاقات أكثر نفعًا لبلاده من الرئيس الأميركي، في حين رأى العكس 24% من المشاركين.

ورأى 26% من عينة الاستطلاع أن الاتفاقات النهائية في القمة المنتظرة ستكون على مستوى واحد من الربح أو الخسارة، ولم يتمكن 16% من المشاركين من الإجابة على هذا السؤال.

وأجاب المشاركون في هذا الاستطلاع على سؤال عما إذا كانت سياسة إدارة “ترامب” تجاه روسيا حازمة بقدر كاف ؟.. حيث رأى 5% بأنها “مفرطة”، ودفع 53% بأنها “ليست حازمة بالقدر الكافي”، وقال 35% من المشاركين إنهم يعتقدون أن سياسة واشنطن بشكل عام “حازمة كفاية”، فيما تعذرت الإجابة على 8% من أفراد العينة.

“بوتين” المستفيد الأكبر..

اتفق مع الاستطلاع ما ذكرته وكالة (بلومبرغ) الأميركية؛ بأن “بوتين” هو المستفيد الأكبر من انعقاد القمة المرتقبة مع “ترامب”، الاثنين المقبل، في العاصمة الفنلدية “هلسنكي”.

وأوضحت الوكالة أن مجرد اللقاء وجهًا لوجه مع “ترامب” يُعد بحد ذاته مكسبًا لـ”بوتين”، في الوقت الذي تتولى فيه لجنة خاصة التحقيق في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.

وأضافت الوكالة أن الزعيمان سيتناولان كل ما يمس نقاط التوتر في العلاقات بين البلدين، بما في ذلك التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، والتدخل العسكري الروسي في “أوكرانيا” و”سوريا”، والعقوبات الأميركية المفروضة على روسيا.

ونقلت الوكالة عن السيناتور الجمهوري بمجلس الشيوخ الأميركي، “جيف فليك”، قوله: “إذا لم يكن البيت الأبيض واعيًا بطبيعة التهديد الذي يشكله بوتين، فأكثر ما يثير الخوف هو عقد اجتماع بين الرئيس الروسي ونظيره الأميركي”.

اختبار لصورة “ترامب”..

وتابعت الوكالة الأميركية أن قمة “هلسنكي” تُعد اختبارًا آخر لصورة “ترامب” عن نفسه؛ باعتباره قادرًا على بناء علاقات والتفاوض حول صفقات صعبة مع خصوم “الولايات المتحدة”، كما كان الحال خلال قمة “ترامب” مع الزعيم الكوري الشمالي، “كيم جونغ-أون”.

وقالت مجلة (بوليتيكو) الأميركية إن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، ضمن في جيبه الفوز على نظيره الأميركي، “دونالد ترامب”، خلال قمتهما المرتقبة، الاثنين المقبل، في العاصمة الفنلندية “هلسنكي”، قبل حتى أن تبدأ.

إضعاف التحالف الغربي بين واشنطن وأوروبا..

أوضحت المجلة الأميركية أن أحد أهم أهداف “بوتين” الإستراتيجية؛ إضعاف “التحالف الغربي” بين الولايات المتحدة وأوروبا، وهو ما يبدو حقيقة واقعة مع الخلافات الحادة الناشبة بين الولايات المتحدة وبقية الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، (الناتو)، حيث يكيل “ترامب” أطنانًا من اللوم والانتقادات إلى الدول الأعضاء بالحلف لرفضها زيادة إنفاقها الدفاعي، متهمًا إياها باستغلال مظلة الحماية الأميركية.

تثير انقسامات ومخالف داخلية وخارجية..

وأضافت المجلة أن القمة المرتقبة، بين “ترامب” و”بوتين”، تثير الكثير من الانقسامات داخل “الولايات المتحدة”، بما في ذلك داخل إدارة “ترامب” نفسها، حيث يبدو الرئيس الأميركي متلهفًا على التقارب مع نظيره الروسي، حتى ولو كان ذلك على حساب تحالفات الولايات المتحدة في أوروبا ومصالح أمنها القومي.

يرى الكاتب، “د. مغازي البدراوي”، أنه أيًا كانت القضايا المحتمل مناقشتها في قمة “هلسنكي”، فإن هذه القمة تثير مخاوف كثيرة لدى دوائر عديدة في الغرب وواشنطن، ويخشى قطاع كبير من الساسة الأميركيين أن يكون الرئيس “ترامب” فريسة سهلة، لـ”الدب الروسي”، صاحب الخبرة والدهاء الاستخباراتي العالي، وقد بعث 16 وزير خارجية سابقين من دول مختلفة، برسالة إلى الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، عشية قمته المنتظرة في “هلسنكي” مع نظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”.

وذكر موقع (بوليتيكو) الإلكتروني، أن من بين الموقعين، على هذه الرسالة المفتوحة؛ “مادلين أولبرايت”، وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، ونظيريها البريطاني، “ديفيد ميليباند”، والألماني، “يوشكا فيشر”.

وقالت “أولبرايت”، في تصريح للصحيفة، إنها نصحت “دونالد ترامب” بتوخي اليقظة والحذر الشديد خلال المباحثات مع الزعيم الروسي، الذي وصفته “أولبرايت” بأنه شديد الذكاء وعظيم الانضباط.

ودعا أصحاب الرسالة، الرئيس الأميركي، إلى تعزيز “العلاقات المتدهورة” بين أميركا وحلفائها الغربيين، وحذروا “ترامب”، من ارتكاب الغلط وتجاهل “الخطر الصادر عن روسيا البوتينية”.

“ترامب” يرى أنها الأسهل ضمن الجولة..

ويرى “ماهر الخطيب”، في مقال له بموقع (النشرة)؛ أنه على المستوى الدولي، من الواضح أن الرئيس الأميركي قرر الإستفادة من القمة لتوجيه رسائل إلى حلفائه الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، (الناتو)، من خلال الإنفتاح على “عدوّهم” في موسكو، الذي بات يصنّفه “ترامب”؛ بـ”لا صديق ولا عدو”، بينما يصف القمة مع “بوتين” بأنها ستكون الأسهل ضمن الجولة التي يقوم بها.

مضيفًا أنه على الرغم من أن المعلن، بالعناوين العريضة، هو أن “ترامب” و”بوتين” ينويان بحث آفاق تنمية العلاقات بين ​روسيا​ و​الولايات المتحدة​، وأيضًا مناقشة الموضوعات الراهنة على الأجندة الدولية، إلا أن الأكيد هو أن ​”سوريا”​ و”​أوكرانيا​” ستكونان على رأس جدول الأعمال بينهما، والدليل ما حصل على الساحة السوريّة من تطورات في الأيام الماضية، تمثلت باستعادة “دمشق” السيطرة على حدودها مع “الأردن”.

في هذا السياق؛ تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر (النشرة)، إلى أن ما حصل على المستوى السوري ما كان ليتمّ لولا رفع الغطاء الأميركي، بالإضافة إلى التعاون الأردني، في ظل المعلومات عن أن الولايات المتحدة تريد الانسحاب من الحرب الدائرة هناك، لا سيما أن “ترامب” كان يعلن ذلك خلال حملته الانتخابية، لكن في المقابل؛ لواشنطن مصالح لا تستطيع التخلي عنها، مرتبطة بتوجهات حلفائها العرب، الذين يدفعون الأموال الطائلة مقابل “خدماتها”، وبأمن ​إسرائيل​ الحليفة الإستراتيجية.

العقدة الإيرانية..

ضمن هذه المعادلة؛ توضح المصادر نفسها، تأتي ما باتت تُعرف بـ”العقدة الإيرانية”، حيث الرغبة “الأميركية-العربية-الإسرائيلية” في تحجيم دور “طهران” الإقليمي، بعد أن أحرزت تقدمًا على أكثر من ساحة، من “العراق” إلى “اليمن وسوريا ولبنان”، وتلفت إلى أن واشنطن لم تعد تمانع التسليم بأن موسكو هي اللاعب الأساس على الساحة السوريّة، وبأن مصير الرئيس السوري، “​بشار الأسد”،​ بات خارج النقاش، لكنها في المقابل تريد “الثمن المناسب”.

ومن وجهة نظر هذه المصادر، الترابط بين “العقدة الإيرانية” و”الثمن المطلوب” يظهر جليًا من خلال الزيارتين إلى موسكو، التي قام بهما كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، ومستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون الدولية، “​علي أكبر ولايتي”​، حيث كان التأكيد الإسرائيلي بأن تل أبيب لا تنوي تهديد حكم الرئيس “الأسد”، لكنها تطلب من الجانب الروسي إخراج القوات الإيرانية من سوريا، وهو ما تربطه طهران بموقف الحكومة السوريّة، التي هي كانت قد طلبت المساعدة منها، بينما موسكو تدرك جيدًا أنها قد تكون عاجزة عن تحقيق المطلب الإسرائيلي، أو ربما لا مصلحة لها بتنفيذه في الوقت الراهن، لكنها بالمقابل تستطيع الوصول إلى حل وسط، يكمن في ما أصبحت تردده تل أبيب عن الرغبة في العودة إلى الحالة التي كانت قائمة قبل الحرب، أي الحفاظ على إتفاق الفصل من العام 1974، ما يعني أنها تريد إنهاء الحرب، بالنسبة إليها، على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، مع العلم أن سقف مطالبها كان يتراجع يومًا بعد آخر، منذ بداية إستعادة دمشق التوازن على أرض المعركة.

صفقة القرن..

بالتزامن مع ذلك؛ لا يمكن إغفال ملف آخر لا يقل أهمية عن “الملف السوري”، بحسب ما تؤكد المصادر السياسية المطلعة، هو ما بات يعرف بـ”صفقة القرن”، التي تنوي الولايات المتحدة عقدها على مستوى العلاقات “الإسرائيلية-الفلسطينية”، لا سيما أن واشنطن فقدت القدرة على التواصل مع “السلطة الفلسطينيّة” بعد قرار “ترامب” الاعتراف بـ”القدس” عاصمة لإسرائيل، حيث تلفت إلى أن الرئيس الأميركي يراهن على دور من الممكن أن تقوم به موسكو على هذا الصعيد، لا سيما أن الرئيس الفلسطيني، “​محمود عباس​”، بدأ بزيارة إلى روسيا، يوم أمس، من دون تجاهل ما يمكن أن يكون عليه الموقف السوري من هذه “الصفقة”، الذي تدرك الولايات المتحدة أنه حاسم إلى حد بعيد.

في المحصلة؛ تكتسب قمة “هلسنكي” أهميّة بالغة؛ كونها تجمع بين القوّتين العظميَيْن على مستوى العالم، بالإضافة إلى أنها قد تتحول إلى قمة “الصفقات” الكبرى، من “فلسطين” إلى “سوريا” إلى “اليمن” وصولاً إلى “لبنان”، الذي ينتظر ما قد ينعكس من نتائج هذه القمة على أوضاعه الداخلية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة