خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
لا تقتصر سياسة تقليص القوات الأميركية على منطقة الشرق الأوسط فحسب؛ بل إن إدارة الرئيس، “دونالد ترامب”، تفكر جِديًا في تقليص أعداد قواتها في قارة “إفريقيا”، التي يبلغ عدد سكانها قرابة 1.2 مليار نسمة.
وفي ظل وجود أول قاعدة عسكرية صينية، بالإضافة إلى المرتزقة الروس والجماعات الإرهابية المنتشرة من “كينيا” وحتى “ساحل العاج”، فإن أعضاء “الكونغرس” يُحذرون، الرئيس “دونالد ترامب”، من مغبة الاستمرار في تقليص أعداد القوات الأميركية، مؤكدين على أن ذلك سيؤدي لا محالة إلى وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية. بحسب صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية.
هل ستتخلى القوات الأميركية عن حلفائها الإفريقيين ؟
توضح الصحيفة العبرية أنه؛ في بداية كانون ثان/يناير الجاري؛ شن تنظيم “الشباب المجاهدين” الموالي لـ (القاعدة)، هجومًا استهدف قاعدة عسكرية في “كينيا”، مما أدى إلى تدمير طائرات أميركية. وأثناء إحتراق الطائرات، وجَّه التنظيم رسالة ساخرة للجنود الإفريقيين المتواجدين في تلك الدولة، قال فيها: “إن الولايات المتحدة ستتخلى عنكم كما تخلت من قبل عن الأكراد في سوريا”.
وتعني تلك الرسالة أن التنظيمات الإسلامية المتطرفة تستغل من الآن، توجُّه الإدارة الأميركية لتخفيض أعداد قواتها في القارة السمراء؛ وهو التوجه الذي أغضب كلًا من الجمهوريين والديمقراطيين على حدٍ سواء.
توقيت غير مناسب..
هناك كثيرون من أعضاء “الكونغرس” يرون أنه لا بد لـ”واشنطن” أن تحتفظ بقوات كبيرة في “إفريقيا” من أجل التصدي للنفوذ المتزايد لكل من “روسيا” و”الصين”، فضلًا عن ضرورة مواجهة التهديدات المتمثلة في تنامي قدرة التنظيمات الإرهابية.
فيما يؤكد حلفاء “الولايات المتحدة”، في “إفريقيا”، أن التوقيت الحالي غير مناسب بالمرة، لتقليل عدد الجنود الأميركيين في القارة السمراء؛ فوفقًا لتقرير أصدره “المركز الإفريقي للدراسات الإستراتيجية”، فإن التنظيمات والجماعات المتطرفة حققت أعلى معدلات نشاطها، خلال عام 2019، حيث قامت تلك التنظيمات بقتل أكثر من 10400 شخص، بما يبلغ ضعف القتلى في عام 2013.
“تنظيم الشباب” يُمثل أخطر تهديد !
يُذكر أن قيادة القوات الأميركية في “إفريقيا” أعربت هي الأخرى عن قلقها إزاء ما ينوي (البنتاغون) الإقدام عليه من تقليص للقوات العسكرية، حيث أكدت قيادة القوات أن “تنظيم الشباب”، الذي يتخذ من “الصومال” معقلًا له، يُمثل أخطر تهديد في المرحلة الحالية.
وفي تشرين ثان/نوفمبر الماضي، أصدر قائد التنظيم بيانًا غير مسبوق، هدد فيه بقتل الأميركيين في أي مكان يتواجدون فيه. فيما أكد مسؤولون عسكريون أميركيون أنه، لا “روسيا” ولا “الصين” تقومان بما يلزم من أجل التصدي للتنظيمات المتطرفة في “إفريقيا”.
التركيز على مواجهة الصين وروسيا..
تشير الصحيفة العبرية إلى أن التقليص المحتمل للقوات الأميركية في “إفريقيا” يأتي ضمن سياسة إعادة النظر التي يتبناها (البنتاغون)؛ فيما يتعلق بانتشار القوات الأميركية في أرجاء العالم، وهي السياسة التي يتبناها وزير الدفاع الأميركي، “مارك إسبر”.
ويسعى “إسبر” لأن يكون اهتمام الجيش الأميركي مُنصَبُّا على مواجهة “الصين” و”روسيا”. وليس واضحًا متى سيُصدر قرار أميركي بتقليص القوات في “إفريقيا”، ولكن مسؤولين أميركيين أوضحوا أن “الولايات المتحدة” لن تنسحب كليةً من القارة السمراء.
فرنسا تخشى انسحاب القوات الأميركية !
كانت “فرنسا” – التي استضافت خلال الشهر الجاري مؤتمر قمة لمحاربة الإرهاب، حضره عدد من قادة غرب “إفريقيا” – قد أكدت ضرورة الاستعانة بالجيش الأميركي في منطقة الساحل التي تحُدُّ الصحراء الكبرى من الجنوب. ويرى المراقبون أن الجماعات الإرهابية الموالية لتنظيمي (داعش) و(القاعدة) تزحف تدريجيًا نحو المُدُن الساحلية الكثيفة بالسكان في بعض الدول؛ مثل “غانا” و”ساحل العاج”.
ومن المعلوم أن “فرنسا” تعزز، خلال الفترة الحالية، من وجودها العسكري في غرب “إفريقيا”. وأعلنت “باريس”، خلال الشهر الجاري، عن إرسال مزيد من الجنود لتعزيز قواتها المتواجدة في منطقة الساحل، والتي يبلغ تعدادها قرابة 4500 جندي. وخلال الشهر الماضي؛ نفذت القوات الفرنسية لأول مرة هجومًا بالطائرات المُسيرة في تلك المنطقة الإفريقية.
وكان الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، قد أعلن، خلال القمة التي حضرها قادة بعض الدول الإفريقية، أنه: “إذا قررت واشنطن سحب قواتها من إفريقيا، فإن ذلك يُعد خبرًا سيئًا بالنسبة لنا، وأتمنى أن نتمكن من إقناع الرئيس، ترامب، بأن مكافحة الإرهاب، التي هو ملتزم بها، تجري أيضًا في تلك المنطقة”.