خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تزامنًا مع إعلان التطبيع بين “المغرب” و”إسرائيل” وكأنها هدية هذه الخطوة، أعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الخميس، توقيع مرسوم اعتراف بسيادة “المغرب” على “الصحراء الغربية”.
وقال “ترامب”، في تغريدة: “لقد وقعت اليوم إعلانًا يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، واقتراح المغرب الجاد والواقعي والجاد للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والإزدهار”.
واتفقت “إسرائيل” و”المغرب”، أمس، على تطبيع علاقاتهما في اتفاق تم التوصل إليه بمساعدة “الولايات المتحدة”، وهو ما يجعل “المغرب” رابع دولة عربية تلحق بقطار التطبيع، هذا العام، بعد “الإمارات والبحرين والسودان”.
وبالتزامن مع تغريدة “ترامب”، ذكر “البيت الأبيض”، في بيان، أن الولايات المتحدة: “باتت اعتبارًا من اليوم؛ تعترف بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء المغربية”.
وقال “البيت الأبيض”، في بيان، إن: “الولايات المتحدة تؤكد، كما ذكرت الإدارات السابقة؛ دعمها لاقتراح المغرب للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع على أراضي الصحراء”.
وأضاف: “لذلك اعتبارًا من اليوم؛ تعترف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على كامل أراضي الصحراء، وتعيد تأكيد دعمها لاقتراح المغرب الجاد والموثوق والواقعي للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع على أراضي الصحراء”.
وتابع البيان: “تعتقد الولايات المتحدة أن قيام دولة صحراوية مستقلة؛ ليس خيارًا واقعيًا لحل النزاع، وأن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن”.
وحث “البيت الأبيض”: “الأطراف على الإنخراط في مناقشات دون تأخير، باستخدام خطة الحكم الذاتي المغربية كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول للطرفين”.
وأوضح البيان: “لتسهيل التقدم نحو هذا الهدف، ستشجع الولايات المتحدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع المغرب، بما في ذلك في إقليم الصحراء، وتحقيقًا لهذه الغاية ستفتح قنصلية في إقليم الصحراء في مدينة الداخلة لتعزيز الفرص الاقتصادية والتجارية للمغرب”.
ومن جانبه، أجرى العاهل المغربي، الملك “محمد السادس”، اتصالاً هاتفيًا مع الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”.
وقال الديوان الملكي المغربي، في بيان، إنه خلال الاتصال، أخبر الرئيس الأميركي، جلالة الملك، بأنه أصدر مرسومًا رئاسيًا، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، يقضي باعتراف “الولايات المتحدة الأميركية”، لأول مرة في تاريخها، بسيادة “المملكة المغربية” الكاملة على كافة “منطقة الصحراء المغربية”.
موقف الأمم المتحدة ثابت..
وبعد قرار “ترامب”، أكد الناطق باسم الأمين العام لأمم المتحدة أن موقف، “أنطونيو غوتيريش”، لم يتغير حيال “الصحراء الغربية”.
وقال “ستيفان دوغاريك”، خلال مؤتمره الصحافي اليومي؛ إن: “غوتيريش يرى (..) أنه لا يزال بالإمكان التوصل إلى حل على أساس قرارات مجلس الأمن الدولي”.
البوليساريو “تأسف” لقرار أميركا..
وقال ممثل لـ”جبهة البوليساريو”، التي تسعى لاستقلال “الصحراء الغربية”؛ إن الجبهة “تأسف بشدة” لقرار “الولايات المتحدة”، مضيفًا أن القرار الأميركي: “غريب لكن ليس مفاجئًا”.
وتابع ممثل “جبهة البوليساريو” في أوروبا: “هذا (القرار) لن يغير قيد أنملة من حقيقة الصراع، ومن حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير”. ومضى يقول إن “البوليساريو” ستواصل الكفاح.
إعلان فاقد للشرعية..
كما وصف السفير الصحراوي في الجزائر، “عبدالقادر طالب عمر”، إعلان الرئيس الأميركي الإعتراف بسيادة “المغرب” على “منطقة الصحراء الغربية”، بأنه فاقد للشرعية تمامًا.
وقال سفير الصحراء الغربية في الجزائر، إن: “ترامب لا يملك السيادة على الصحراء كي يمنحها لأي بلد كان، وإعلانه مخالف لكل القرارات الأممية والقانون الدولي، ويأتي في نهاية عهدته، وانتخاب رئيس جديد يختلف في الكثير من المواقف عن ترامب”.
وأضاف السفير في ذات الصدد: “ليست الولايات المتحدة الأميركية وحدها من تقرر مصير العالم، هناك دول عظمى لها مواقف معروفة، مثل: روسيا والصين وبريطانيا وكذا الاتحاد الإفريقي، والكثير من البلدان المعترفة بالدولة الصحراوية، التي لن توافق على هذا الإعلان”.
واعتبر السفير الصحراوي بالجزائر، تصريحات “ترامب”؛ أنها أحادية وفردية، مؤكدًا أنها: “لن تغير أي شيء من عزيمة الشعب الصحراوي.”
كما انتقد السفير الصحراوي بالجزائر بشدة؛ قرار “المغرب” تطبيع علاقاته الدبلوماسية بالكامل مع “إسرائيل”، موضحًا أن: “إسرائيل نقلت تجربتها للمغرب حول الاستيطان وبناء الجدران والقمع، والمملكة طعنت فلسطين في الظهر، وعرت حكومة العدالة والتنمية، حيث لم تُعد تنفع الدعاية أمام خيانة الشعب الفلسطيني”.
ليس مقابل إعادة العلاقات مع إسرائيل..
وفي محاولة للدفاع عن الاعتراف الأميركي وتبرئة نفسه من كونها هدية التطبيع، قال وزير الخارجية المغربي، “ناصر بوريطة”، أمس؛ إن: “إعتراف أميركا بسيادة المغرب على كل تراب الصحراء المغربية خطوة هامة”.
وكشف “بوريطة”، في تصريحات خاصة لـ (سبوتنيك)، أن: “هذه الخطوة جاءت نتيجة عمليات اتصال مباشر بين جلالة الملك والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وأن هذه الخطوة تؤكد سيادة المغرب على ترابه”.
وأضاف “بوريطة” أن: “الولايات المتحدة الأميركية قررت، في نفس الوثيقة، افتتاح قنصلية لها في مدينة الداخلة”.
وأشار “ناصر بوريطة”؛ إلى أن: “خطوة الولايات المتحدة، أحد الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، وبثقلها الدولي، ستدفع نحو تعزيز السيادة المغربية على صحرائها”.
وقال، إن: “المغرب متمسك بالثوابت الأساسية الخاصة بحل الدولتين، والتفاوض كأساس لحل الأزمة”.
ونفى “بوريطة”، في أول تعليق رسمي: “أن يكون الإعتراف الأميركي بالسيادة على الصحراء؛ مقابل إعادة العلاقات مع إسرائيل، خاصة أن هناك علاقة بين المغرب وإسرائيل منذ التسعينيات”.
وأوضح “بوريطة” أن: “المغرب كان لديه مكتب اتصال حتى عام 2002، وأن بعض القرارات التي تطلبت إعادة الاتصال مع إسرائيل لا تُعد تطبيعًا، خاصة أن العلاقات موجودة بين الجانبين منذ سنوات طويلة”.
يجب وضع الإعتراف في الإطار الجيوـإستراتيجي..
وبدأت الردود والتعليقات على الإعتراف الأميركي: بـ”مغربية الصحراء”، فدعا الكاتب الصحافي المصري، “عبدالمنعم سعيد”، إلى وضع الإعتراف الأميركي بـ”مغربية الصحراء” في الإطار الجيو-إستراتيجي المناسب دون إهمال عدة عوامل سبقت القرار.
ومن هذه العوامل والمقدمات، بحسب “سعيد”، أن اليهود المغاربة كانوا دومًا جسر تواصل بين “المغرب” و”إسرائيل”.
وصرّح الكاتب المصري، لقناة (العربية)؛ بأن “المغرب” استرجع الصحراء منذ سنوات طويلة، لكنه عانى من نزيف سياسي ودبلوماسي بسبب “الجزائر”.
وأضاف الصحافي المصري؛ أن الرئيس الأميركي، “ترامب”، استدعى علاقات قديمة بين بلاده والمغرب، الذي يُعدّ أول دولة تعترف بأميركا.
وبخصوص الموقف المنتظر من “الجزائر”، قال الكاتب المصري؛ إن هذا البلد يعيش مشاكل اجتماعية وسياسية وإن “أميركا” ستلعب دورها بالضغط عليه لتليين موقفه من النزاع المفتعل في “الصحراء المغربية”.
وأبرز المتحدث ذاته؛ أن الموقف الأميركي يمكن أن يُقنع الدول الكبرى بضرورة إنهاء النزاع المفتعَل حول “الصحراء المغربية”.
طي نهائي لملف الصحراء المغربية..
من جهته، أكد “رشيد لزرق”، أستاذ العلوم السياسية بـ”القنيطرة”، بأنه طي نهائي لملف “الصحراء المغربية” الذي عمر طويلاً.
وشدد “لزرق”، بأن مصالح “المغرب” الإستراتيجية، تقتضي وضع حد للنزاع المفتعل بـ”الصحراء المغربية”، مؤكدًا على أن خطوة “الولايات المتحدة الأميركية”، نصر سياسي كبير، لقضية “المغرب” العادلة.
وأوضح الباحث في العلوم السياسية؛ بأن الملف المفتعل عمر طويلاً، وأن إعتراف “الولايات المتحدة الأميركية” بـ”مغربية الصحراء”، وهي قوة عالمية وعضو بـ”مجلس الأمن الدولي”، ويتوفر على حق (الفيتو)، سينهي الملف بشكل نهائي.
عمل دبلوماسي “مسؤول“..
كما أكد المحلل السياسي والجامعي، “مصطفى السحيمي”، في تصريح لوكالة (المغرب العربي) للأنباء، تعليقًا على القرار المذكور، إن: “إعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء؛ يُشكل نقطة تحول كبرى في إنهاء هذا النزاع المصطنع”، مشيرًا إلى أن القوة العالمية الأولى ستقف بكل ثقلها، وبشكل بارز جدًا لوضع حد لهذا النزاع المصطنع.
وأبرز المحلل السياسي، في هذا الصدد، أن هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها “الولايات المتحدة” رسميًا بالسيادة الكاملة للمملكة على أقاليمها الصحراوية، مضيفًا أن مسلسل التفاوض برعاية “الأمم المتحدة” سوف يستكمل في أقرب الآجال.
واعتبر أن الأمر يتعلق: “بقرار تاريخي مزدوج من جانب الرئيس، ترامب، في ما يتعلق بالإعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، ومن جانب جلالة الملك محمد السادس؛ بشأن تسهيل الرحلات الجوية المباشرة لنقل اليهود من أصل مغربي والسياح الإسرائيليين من وإلى المغرب”.
وفي هذا الصدد، سجل “السحيمي”؛ أن هذا القرار يُشكل عملاً دبلوماسيًا من حيث المسؤولية والشجاعة السياسية التي تندرج ضمن نطاق السيادة الكاملة للمغرب، الذي يقرر خياراته الدبلوماسية وتوجهاته الإستراتيجية.
وبعد أن أبرز المواقف الثابتة والمتوازنة للمملكة حيال “القضية الفلسطينية”، أكد “السحيمي” أن التاريخ يشهد على ثبات الموقف المغربي المتضامن مع الشعب الفلسطيني، لا سيما من خلال “لجنة القدس”، برئاسة صاحب الجلالة، الملك “محمد السادس”.
آخر مسمار في نعش الحلم الانفصالي..
قال كاتب صحافي موريتاني، إن إعتراف “الولايات المتحدة الأميركية” بسيادة “المغرب” على صحرائه؛ هو آخر مسمار في نعش الحلم الانفصالي.
وأوضح الكاتب الصحافي، “إسماعيل الرباني”، في مقال تحت عنوان: “واشنطن ترد الجميل للمغرب بعد 243 عامًا.. والرباط تتمسك بالطابع الإسلامي للقدس وحل الدولتين”، نشرته صحيفة (الوئام) الموريتانية الإلكترونية، مساء الخميس، أن: “إعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه، وإعلانها النية في فتح قنصلية بمدينة الداخلة المغربية، سيكون آخر مسمار يدق في نعش الحلم الانفصالي، الذي تلقى أيضُا صفعة قوية من قبل حليفه الإفريقي الأبرز، جنوب إفريقيا، خلال كلمة رئيسها في القمة الإفريقية الاستثنائية، التي عقدت قبل أيام عبر تقنية الفيديو”.
وأضاف أنه: “نتيجة لجهد دبلوماسي مغربي استمر على مدى العامين الأخيرين، وبعد نجاحات متلاحقة حققتها الرباط في ملف مغربية الصحراء، تلقي الولايات المتحدة الأميركية اليوم بكامل ثقلها في كفة الإعتراف بسيادة المملكة على كامل صحرائها”.
وأشار إلى أن: “الموقف الأميركي يأتي بمثابة رد لجميل المغرب، الذي كان أول بلد يعترف بالولايات المتحدة، سنة 1777 ميلادية، وتأكيدًا على أن واشنطن باتت تجنح لطي صفحة التشكيك في مغربية الصحراء”.
وبحسب “إسماعيل الرباني”، فقد نزلت المكالمة الهاتفية التي جرت، اليوم، بين صاحب الجلالة، الملك “محمد السادس”، والرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”: “كالصاعقة على أعداء الوحدة الترابية للمغرب، باعتبارها آخر طلقة في صراع وأده نجاح الدبلوماسية المغربية في جلب الإعتراف الفعلي بافتتاح قنصليات إفريقية وعربية وأميركية في كبريات مدن الصحراء المغربية”.
كما أبرز أن جلالة الملك “محمد السادس”: “حرص على أن تظل حقوق الشعب الفلسطيني مصانة، والطابع الإسلامي للقدس مقدسًا”.