4 مارس، 2024 10:45 ص
Search
Close this search box.

هدنة “طالبان” .. تُمهد لحرق إيران والإستفراد بثروات أفغانستان !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص – كتابات :

عمل دؤوب.. تخطيط ذكي غاية في الدقة، ذاك الذي تتبعه الإدارة الأميركية بتشكيلها الجديد في عهد الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بعد الإطاحة بوزير الخارجية السابق، “ريكس تيلرسون”.. وكما قيل عنها إنها “حكومة حرب” بإمتياز؛ تعمل حاليًا وبوتيرة متسارعة على إخلاء الساحة أمامها وتفريغها من أي معوقات تحول دون استهداف “النظام الإيراني” أو على الأقل إخضاعه مع ضمان تحقيق إمتيازات مالية والإنتفاع بثروات مدفونة لدى من لا يستطيعون التنقيب عنها !

استمرار مُخطط تحييد مناطق التوتر..

فبعد إجراء اللقاء التاريخي بين “ترامب” و”كيم جونج-أون”، الزعيم الكوري الشمالي، بـ”سنغافورة”، وإبرام تفاهمات بين البلدين تمنع، “مؤقتًا”، من توتر العلاقات أو تصعيدها في المنطقة، يخرج علينا مسار آخر ضمن مخطط استهداف “إيران” يقضي في أهم بنوده بضرورة تحييد أي قوات أو مسلحين يمكنهم تكبيد خسائر في صفوف القوات الأميركية إذا ما حانت ساعة الصفر وتقرر استهداف “إيران”، خاصة في بلد تمتد حدوده لمسافات كبيرة مع “إيران” ويتمتع بثروات عين “ترامب” لا تراوحها كـ”أفغانستان”.

وليس أفضل من تحييد حركة “طالبان” الأفغانية المسلحة، فلا وقت الآن لمعارك جانبية ولا آمان لاستهداف منشآت إيرانية والمواقع الأميركية مكشوفة أمام “طالبان”، التي ربما تستغل الإنشغال بمثل هكذا حدث فتوجه ضربة عنيفة إلى القوات الأميركية؛ هي في غنى عنها، من مناطق شاهقة الارتفاع تصل إلى أكثر من 7 آلاف متر.. !

الاستفراد بالعدو والحصول على ثروات أفغانستان..

عقدت الاجتماعات في أروقة “البيت الأبيض” والاستخبارات الأميركية، فكان أن وضعت إستراتيجية “الإستفراد بالعدو”.. وقطع كل دعم ممكن أو محتمل عنه في أثناء بدء المعارك، أو على الأقل إذا ما تقرر توجيه ضربات محدودة هنا أو هناك مع الوضع في الاعتبار سعي الرئيس الأميركي بخطة واضحة؛ كشفتها قبل أكثر من عام صحيفة (النيويورك تايمز) الأميركية للإستفراد بثروات أفغانستان “غاز، نفط، ذهب، فضة، حديد، نحاس، يورانيوم، أحجار كريمة” وغيرها من الثروات، فضلاً عن عوائد أخرى لزراعات تزدهر في “أفغانستان” ليس بالأمر الهين أن تتواجد في دول أخرى كـ”الخشخاش والأفيون” وغيرها من المشتقات التي تدخل في صناعة الأدوية وتدر ربحًا كبيرًا لشركات الأدوية العالمية.

اتفاق على استغلال ما في باطن الأرض..

وليس خفيًا على المتابعين للتطورات الجديدة في الشرق الأوسط، منذ مجيء “دونالد ترامب”، ما بحثه الرئيس الأميركي من استغلال الثروات المعدنية في “أفغانستان” مع الرئيس الأفغاني، “محمد أشرف عبدالغني” – الذي فجأة راح يطالب بضرورة استمرار الهدنة مع “طالبان” ويرحب بهم – وهو يعمل بقوة ودون ضجيج على تطوير إمكانيات استخراج المعادن باعتبارها فرصة اقتصادية، وفي سبيل ذلك لا مانع من التعاون مع الشركات الكبرى في هذا المجال إذ إنه التقى ثلاثة من مساعدي “ترامب” مع “مايكل إن سيلفر”، أحد المديرين التنفيذيين لشركة “أميركان إليمنتس” الكيماوية، لمناقشة إمكانية استخراج المعادن النادرة هناك.

“ترامب” لن يضيع تريليوني دولار.. لا بد من إشغال إيران..

وهنا علينا أن نعلم أنه التقى كذلك مسؤولي شركة “داين كورب إنترناشونال”، شركة المقاولات العسكرية، للإستفادة من أفرادها العسكريين في تأمين مناطق التنقيب، إذ يقدر المسؤولون الأميركيون أن قيمة المعادن غير المستغلة في “أفغانستان” ربما تصل إلى نحو تريليوني دولار، وهو رقم كفيل بأن يسعى “ترامب” بكل جهده لإشغال “إيران” وتوريطها في صراعات مسلحة ومشكلات سياسية واقتصادية تصبح معها في حالة عجز أمام تقديم أي دعم لحركة “طالبان” يعوق استخراج تلك الكنوز، مع الضغط على “باكستان”، الداعم الأكبر للحركات المسلحة في “أفغانستان”، كذلك وتهديدها بعقوبات قاسية إذا تدخلت وأفسدت استغلال “واشنطن” والشركات الأميركية للثروات الأفغانية !

حرية العيش والتنقل.. بداية الإغراء..

لكن على جانب آخر؛ وفي خط متواز، وضمن مخطط الإستفراد بـ”إيران” كان لابد من وضع “طالبان” ضمن أجندة “الإبعاد المؤقت” عن ساحة المعركة، وهي المعروفة بعلاقاتها “العسكرية” الجيدة مع “إيران”، ويكفي الألغام الإيرانية المزروعة في مواقع “طالبان” والأسلحة التي تتحصل عليها الحركة من “الحرس الثوري” الإيراني..

وما لم يتحقق بـ”أم القنابل”، التي ألقتها أميركا على معاقل حركة “طالبان” في الجبال، كرسالة تهديد كبرى حان الوقت ليتحقق بالتفاوض، وإغراءهم بالعيش والتنقل في “أفغانستان” بحرية بل وفي تنسيق كامل مع القوات الأمنية الأفغانية !

وها هي مشاهد الاحتفالات الأفغانية بعيد الفطر تعرض على الشاشات وتأتي وسط أجواء هدنة غير مسبوقة، فكان العيد هذه المرة هادئًا وسعيدًا نسبيًا بالمقارنة مع أجواء الحرب المتواصلة، منذ عام 2001، مع القوات الأميركية والموالية لها في “أفغانستان”، فنجد مسؤولين حكوميين يلتقون للمرة الأولى مقاتلين من حركة “طالبان”، ودخل بعض هؤلاء للمرة الأولى أيضًا العاصمة، “كابول”، احتفالاً بالعيد..

الرئيس الأفغاني يبدأ تنفيذ المخطط..

الرئيس الأفغاني سارع إلى تنفيذ تفاهماته مع الأميركان، فكان أن أطلق الهدنة منذ أواخر شهر رمضان ليعلن على وقع نجاحها رغبته في التمديد، وللمرة الأولى يلوح الرئيس أن كل شيء قابل للنقاش؛ بما في ذلك وجود القوات الأميركية، أبرز مبررات القتال لدى “طالبان”.. فقد أُبلغ الرجل بأنه لابد من إغراء “طالبان” بأي وسيلة !

لكن رغم ذلك؛ أعلنت الحركة في بيان رسمي إنتهاء الهدنة، مساء الأحد 18 حزيران/يونيو 2018، وقال الناطق باسمها إن الهدنة لم تكن إستجابة لطلب الحكومة بقدر ما كانت من أجل أن يقضي الشعب العيد بسلام.

إلا أن أجواء العيد لم تعكس فقط فرحة الأفغان بذلك الأمن المؤقت، بقدر ما أظهرت تعبًا وضجرًا من طول أمد الحرب التي لا يبدو لها معنى، كما يقول بعض المقاتلين لوسائل الإعلام..

أوروبا تدخل على الخط.. الجميع يرغب في الثروات !

نجاح الهدنة رغم تفجيري “جلال آباد”، عاصمة “ننجرهار”، أُعتبر إنجازًا تاريخيًا، هكذا رأت أطراف دولية كـ”الاتحاد الأوروبي والخارجية الأميركية”، وهي تلك الإشارة التي تؤكد فيما تتضمن من رسائل أهمية عقد تلك الهدنة؛ على الأقل حتى تتأكد أميركا أنها تتخلص من مخاوف إمتلاك “إيران” للنووي، وفي ذات الوقت ربما يطمح بعض القادة الأوروبيين، وقبلهم “ترامب”، في الحصول أخيرًا على ثروات أفغانستان وإنتزاعها من روسيا !

ليخرج علينا بيان للقوات الأجنبية في “أفغانستان” ينقل إشارة لوزير الخارجية الأميركي لإستعداد بلاده للإنخراط في محادثات سلام تناقش بالضرورة دور القوات الأجنبية في “أفغانستان” مستثنيًا ما وصفها بالجهود الأميركية في محاربة الإرهاب وتنظيمي (داعش) و(القاعدة)..

“طالبان” هي العقبة الأخيرة.. الحديث أمام الكاميرات يختلف عن الكواليس..

“طالبان” من جهتها؛ رأت في بيانها أن الحل يكمن في أن تبدأ القيادة الأميركية مفاوضات مباشرة معها، وأن تسحب قواتها من “أفغانستان” !

وبدا بيان الحركة واضحًا في النزوع لعدم الاعتراف بالحكومة حتى بعد أن قبلت هدنتها، وهذا تحد في سبيل أي محادثات سلام مرتقبة يضاف لتحدي الوجود الأجنبي، الذي لا تبدو الولايات المتحدة راغبة في إنهائه بشكل كامل.

قد يبدو موقفا “طالبان” و”واشنطن” متشددين، لكن كليهما لم يغلق الباب تمامًا في وجه محادثات مباشرة قد يأتي بها المستقبل المنظور فتقرب ولو تدريجيًا آمال السلام الغائب عن بلاد الأفغان كعنوان إطاري أمام الجماهير ووسائل الإعلام بأن “ترامب” أخيرًا قضى على الجماعات الإرهابية هناك ونجح في حماية الأمن القومي الأميركي.

لكن ما وراء الكواليس فإنه لابد من تفاهمات وحصة من محصلة الثروات تسد بها أميركا حرمان حركة “طالبان” وتغريهم بأموال تكفيهم مع حرية التحرك والمسكن والزواج، شريطة عدم التعرض لأي من القوات الأميركية، التي ربما يزداد تعدادها قريبًا، لكنها سيناريوهات ستصطدم حتمًا بالطموحات “الروسية-الإيرانية” الراغبة في الهيمنة على تلك البقعة الواقعة ضمن نطاق إمبراطورياتهم السابقة، فضلاً عن رفض قطاع كبير من حركة “طالبان” الإزعان إلى التفاهمات الأميركية والقبول بما يتلقونه من دعم من “موسكو” و”طهران” !

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب