20 أبريل، 2024 3:56 م
Search
Close this search box.

هدد بنقل الحرب إلى حدودها .. الجزائر تحتوي الأزمة الدبلوماسية مع ليبيا بعد تصريحات “حفتر” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أثارت تصريحات مزعومة لقائد الجيش الليبي، المشير “خليفة حفتر”، أزمة دبلوماسية بين “ليبيا” و”الجزائر”، خلال اليوميين الماضيين، إلا أنه تم احتوائها من خلال المحاولات المستميتة من الجانب الليبي للإعتذار والتبرؤ منها وتجاوز الجانب الجزائري لها؛ معللين ذلك بما للبلدين من علاقات تاريخية عميقة لا يمكن التأثير بها.

وكان “حفتر” قد هدد بنقل الحرب في لحظات إلى الحدود الجزائرية، وهو ما شغل اهتمام الإعلام الجزائري ورواد مواقع التواصل الإجتماعي.

وأظهر مقطع فيديو نشرته قناة (الجزيرة) القطرية، اللواء “حفتر”، وسط مجموعة من مؤيديه وهو بصدد تهديد “الجزائر”، يؤكد إمكانية نقل الحرب في لحظات إلى الحدود الجزائرية، مضيفًا أن السلطات الجزائرية إعتذرت عن التصرف “الفردي” للجنود الجزائريين، وتوعدت بإنهاء هذه الأزمة في غضون أسبوع واحد، ونشرت صحف (الخبر) و(الشروق) و(النهار) و(البلاد) الجزائرية هذا الفيديو.

وبحسب الفيديو؛ قال “حفتر”، خلال لقاء مع مواطنين ليبيين، إن “جيشه لن يسمح بحبة رمل من أرض بلاده”، وأضاف: أن “الحرب القائمة في بلاده بين الميليشيات الليبية ستنتقل إلى الجزائر خلال أسبوع”.

كما قال: إن “الجزائريين لو حاولوا الدخول إلى أرض ليبيا؛ فيمكن لجيشه أن يقلب الموازين ويشن حربًا على الجزائر”.

وتشكل تصريحات “حفتر”، في الوقت ذاته، تحديًا لمبادرة الوساطة التي تقوم بها “الجزائر” لحل “الأزمة الليبية”، والتي تعتمد أساسًا على “الحوار السياسي بين جميع الفرقاء الليبيين دون استثناء ووقف أعمال العنف واعتماد لغة السلام”.

الجيش الجزائري لا يتدخل خارج حدوده..

تعليقًا على التهديدات؛ قال تليفزيون (النهار) الجزائري: إن “حفتر؛ تناسى أو أنه لا يعلم أن عقيدة الجيش الشعبي الجزائري أنه لا يتدخل خارج الحدود الجزائرية، كما نسى أن السياسة الجزائرية تعتمد على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، مضيفًا: أن “التصريحات ربطها البعض بتصريحات حفتر لأجل الحملة الانتخابية للرئاسة المزمع خوضها في ليبيا العام المقبل”.

تشكل تحديًا لجهود الوساطة..

من جانبها؛ قالت صحيفة (الشروق)؛ إن “تصريحات حفتر تشكل تحديًا لجهود الوساطة التي تقوم بها الجزائر بين فرقاء الأزمة الليبية التي طال أمدها، حيث سعت الجزائر منذ اندلاع الأزمة في ليبيا إلى بذل جهود لحلها، كما استقبلت العاصمة الجزائر وفودًا ليبية من جميع الأطراف للوصول إلى حل يرضي الجميع”.

ويرى الدبلوماسي الجزائري السابق، “حليم بن عطاالله”، أن من الأولى للسلطات الجزائرية تجنب الرد والدخول في سجال مع “حفتر”، قائلاً “عطاالله”؛ لـ (الأخبار)، إن “الدبلوماسية الجزائرية تعوّدت الرد فقط على السلطات الرسمية المعترف بها، وبما أن حفتر يمثل تنظيمًا خاصًا، فالأولى ألا تُقيم له وزنًا”.

جزائريون عبروا عن غضبهم مما وصفوه بـ”تطاول المشير خليفة حفتر على الجزائر”، وضجت مواقع التواصل الإجتماعي بتغريدات ومنشورات حذروا فيها “حفتر” من عواقب التعرض للجزائر بسوء، ولو بالتصريحات.

جرأة غير مسبوقة..

رئيس حركة مجتمع السلم، “عبدالرزاق مقري”، وصف تصريحات المشير “خليفة” بأنها: “جرأة غير مسبوقة لا يمكن للجزائريين أن يتحملوها وأن يقبلوها”، مضيفًا: أن “المطلوب جزائريًا توضيح ما حدث للرأي العام، وما هي الإجراءات السياسية والدبلوماسية التي ستتخذها السلطات عندنا للرد على هذه الإهانة”.

وطالب رئيس حركة “مجتمع السلم”، (إخوان مسلمون)، “عبدالرزاق مقري”، سلطات بلاده، بـ”إعلان الإجراءات.. التي ستتخذها للرد على هذه الإهانة”. وقال “مقري”، في منشور على (فيس بوك)، إن “العسكري حفتر، المسنود مصريًا وإماراتيًا، لم يجد أي حرج في توجيه تهديده إلى الجزائر… (هذه) جرأة غير مسبوقة من هذا الانقلابي الليبي الذي سلم بلاده لقوى أجنبية مجرمة. جُرأة، لا يمكن للجزائريين أن يتحملوها وأن يقبلوها”.

ليبيا لن تكون مصدر تهديد لجيرانها..

من جانبها؛ سعت القوات الليبية الموالية، لـ”مجلس نواب طبرق”، إلى تطويق الأزمة مع “الجزائر”، وقال “أحمد المسماري”، المتحدث باسم قوات “حفتر”، في مؤتمر صحافي، الاثنين 10 أيلول/سبتمبر 2018، تناقلته وسائل إعلام محلية ودولية، إن الجزائر “دولة شقيقة”، مشدّدًا على ضرورة أن تكون العلاقات معها قوية من أجل مكافحة الإرهاب.

وأضاف “المسماري”: “الجزائر دولة شقيقة ومصيرنا واحد، ويجب أن تكون علاقتنا قوية لمكافحة الإرهاب”، مؤكدًا على أن “ليبيا لن تكون مصدر تهديد لجيرانها”.

وأفاد المتحدث العسكري؛ أن قواتهم اكتشفت “دخول بعض عناصر الجيش الجزائري إلى الأراضي الليبية”.

وأوضح أنه: “بعد التواصل مع السلطات الجزائرية، تبين دخول عناصر من قوات الدرك، (تابعة للجيش)، بالخطأ إلى ليبيا”.

وشدد “المسماري”، على أن “الليبيين والجزائريين أشقاء في خندق واحد وتربطهم علاقات سياسية واجتماعية”.

دس السم في العسل..

كما تدارك “حفتر” تصريحاته؛ وخرج مؤكدًا على أن علاقة “ليبيا” بدول جوارها، ومن بينها الشقيقة “الجزائر”، رفيعة المستوى والتي تربطنا بها مجالات تعاون كمكافحة الإرهاب، حسبما نقلت عنه صحيفة (المتوسط) الليبية.

وقال مدير مكتب الإعلام في القيادة، “خليفة العبيدي”، في تصريحات له نقلًا عن وكالة الأنباء الليبية، إن وسائل الإعلام المغرضة، من بينها (الجزيرة) القطرية و(النبأ) التي تبث من “تركيا”، تحاول “دس السم في العسل”؛ من خلال تشويهها حديث القائد العام المتلفز فيما يتعلق بـ”الجزائر” خلال لقائه أعيان ومشائخ وحكماء “ليبيا” في الأيام الماضية.

وفند “العبيدي” تصريحات “حفتر”، حول رصد الجيش دخول مجموعات مسلحة إلى الأراضي الليبية عبر الحدود مع “الجزائر” دون أن تتم معرفة هويتها أو تبعيتها.

وأشار “العبيدي” إلى أن الجانب الجزائري تفهم الأمر وتعهد بمعالجة هذه المسألة، موضحًا أن هذه المجموعات المتسللة فيما لو كانت جماعات إرهابية ستوجه لها بنادقنا جميعًا في إطار محاربتنا للإرهاب.

ليبيا تتبرأ.. والجزائر تؤكد عمق العلاقات..

ولإحتواء الأزمة بشكل رسمي؛ أشار تقرير للتليفزيون الجزائري، إلى أن وزير الخارجية، “عبدالقادر مساهل”، تلقى مكالمة هاتفية من نظيره الليبي، “محمد الطاهر السيالة”، تبرأ خلالها من التصريحات المنسوبة لـ”خليفة حفتر”.

وأكد وزير الخارجية الليبي على أهمية العلاقة التي تربط “ليبيا” بـ”الجزائر”.

ومن جهته؛ أبى “مساهل” إلا أن يطمأن نظيره الليبي بأنه “لا يمكن لأي تصريح، أيًا كانت طبيعته، أن يشكل مساسًا بعلاقات التضامن والأخوة الوثيقة بين البلدين، وأن الجزائر ستواصل جهودها في البحث عن حل سياسي للأزمة الليبية في ظل احترام المباديء التي دافعت عنها دومًا، لا سيما مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها”.

بالونات هوائية..

وفي محاولة لمعرفة ما وراء تصريحات “حفتر”؛ يقول اللواء المتقاعد الجزائري، “مجاهد عبدالعزيز”، إن “حفتر لم يعدْ له ما يقدِّمه في ليبيا، ويعيشُ بعيدًا عن التطورات الحاصلة في العاصمة، طرابلس. كما أنَّ الأمور تجاوزتهُ، خاصة أنه يتحكم في أجزاء بسيطة من الأراضي الليبية، ولا يتوفر على رؤية واضحة”، وفق “مجاهد”؛ الذي يضيف: “وهذا ما جعلهُ يتهجّم على الجزائر، كما لوْ أراد أن يقول بأنه يتحكم حتى في الأراضي البعيدة جغرافيًا عن مقر إقامته في بنغازي”.

وأورد القائد السابق للقوات البرية في “الجيش الشعبي الوطني”؛ أن “الجزائر” تؤمن بمبدأ الحياد والإبتعاد عن بؤر التوتر، ولا يمكنها أن تتدخل في شؤون الغير، ويورد قائلاً: “قواتنا لا يمكنها أن توجد خارج البلاد لاعتبارات عديدة؛ أهمها أن الدستور الجزائري يمنع الجيش من أي نشاط خارج حدود البلاد، وهذه عقيدة راسخة بالنسبة لنا”.

ويشير القائد العسكري السابق إلى؛ أن “خليفة حفتر غير مسنود إلا ببعض العشائر المشتتة في الأرض الليبية. كما أنه لا يملك الإجماع وغير معترفٍ به من قِبل العديد من الحكومات والدول”، دون أن يستبعد وجود أطراف تحاول إقحام “الجزائر” في “الملف الليبي” لأغراض معينة؛ آثر عدم ذكرها.

وبشأن مدى جدية تحذيرات “حفتر”، الذي يستقر في مدينة “بنغازي”، شرق “ليبيا”، يؤكد “مجاهد عبدالعزيز” على أن “الأمر يتعلق ببالونات هوائية لا تكتسي أيَّ خطرٍ على الاستقرار والأمن القومي الجزائري”، قبل أن يتابع: “قوات حفتر بعيدة جغرافيًا، ولا يمكنه بلوغ الحدود الجزائرية؛ فالأمر شبه مستحيل.. وإذا ما وصل إلى هذه الحدود فسيكون الرد حينها مُناسبًا”.

يحاول إظهار قدرته على المسك بزمام الأمور..

فيما يرى “أكرم خريف”، المحلل المختص في الشؤون الأمنية والعسكرية، أن تصريح “حفتر” لم يكنْ منتظرًا في “الجزائر” وفاجأ العديدين، حيث إنه لم يكن مفهومًا من لدن الجزائريين والنظام الجزائري، الذي يُلح على عدم التدخل العسكري في الخارج، مشيرًا إلى أنَّه في الوقت الحالي لا يمكن اعتبار هذه التصريحات تحملُ في طياتها نية جدية من شأنها إقرار رد رسمي عليها.

ويقول الخبير العسكري: إن “الوضع الذي تشهده طرابلس حاليًا يستفيد منه القائد، حفتر، ويحاول إظهار نفسه بأنه قادر على المسك بزمام الأمور”، مشيرًا إلى أن “الهجوم على العاصمة الليبية قد يغير من موازين القوى ويدفع بالتالي الجنرال إلى خارج اللعبة الدائرة في الأراضي الليبية”.

وقال “أكرم”: إن “وزير الخارجية الجزائري زارَ، في مناسبات عديدة، ليبيا والتقى بممثلي العشائر في أكثر من ثلاثين بلدة؛ ودعا إلى التشبث بالحوار والجلوس على طاولة المفاوضات؛ لكن حفتر رفض هذا المقترح، وأعطى ظهره لأي مقترح قادم من الجزائر”.

متقلب سياسيًا..

من جهته؛ اعتبر مدير مركز الدراسات والبحوث في العالم العربي وشمال إفريقيا بجنيف، “حسني عبيدي”، أن تصريحات “حفتر” لا يجب أخذها “بمحمل الجِد”، واصفًا هذا العسكري بـ”الرجل المتقلب سياسيًا”.

وقال “حسني”: “يواجه حفتر أزمة سياسية وعسكرية كبيرتين. فكيف يمكن أن يهدد الجزائر، بينما أمضى ثلاث سنوات كاملة لدحر (داعش) من مدينة درنة، كما أنه لم يتمكن من فرض الأمن كاملاً في بنغازي حيث يتواجد”.

وواصل قائلاً: “تصريحات حفتر موجهة أكثر لقاعدته العسكرية، إذ يريد أن تبقى ملتحمة ومتحدة حوله، فضلاً عن أنه يريد أن يظهر كرجل وطني يهتم بالسيادة الليبية، لكن في الحقيقة الليبيون لا يريدونه لأنهم يرون فيه معمر القذافي”.

وأضاف المحلل السياسي أن “حفتر” مستاءً من الدور الذي تلعبه “الجزائر”، والذي يكمن في فتح حوار شامل ودون استثناء مع جميع القوات السياسية والعسكرية الليبية بهدف التوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة. وأنهى حديثه قائلاُ: “الجزائر تحترم سيادة ليبيا ودول أخرى إنطلاقًا مما ينص دستورها، بينما عناصر من الجيش الشادي والفرنسي والمصري والإيطالي يتجولون في جنوب ليبيا دون أية مشكلة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب