خاص: كتبت- نشوى الحفني:
بشكلٍ متسّارع تترابط الخيوط لرسم صورة تقريبة عن منفذَّ هجوم دام استهدف محتفلين برأس السنة في “نيو أورليانز” الأميركية؛ الذي أسفر عن مقتل (14) شخصًا.
وفي وقتٍ سابق؛ أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي؛ (إف. بي. آي)، أن منفذَّ الهجوم يُدعى: “شمس الدين جبار”، وهو جندي أميركي سابق مؤيد لتنظيم (داعش).
كما أشار إلى أنه تصرف على الأرجح بمفرده خلال عملية الدهس؛ التي استهدفت حشدًا من المحتفلين ببداية السنة بالمدينة، وأسفرت عن مقتله و(14) شخصًا آخرين، وإصابة العشرات.
ورُغم المخاوف بشأن وجود شركاء محتملين للمهاجم لا يزالون طليقين، أشارت التحقيقات الأولية إلى أن الأخير تصرف بمفرده، وفق ما أعلن المسؤول في (إف. بي. آي)؛ “كريستوفر رايا”.
العثور على مواد لصُنع متفجرات..
في مرحلة يُفرضها التسلسل الكلاسيكي لمثل هذه الأحداث؛ قامت سلطات إنفاذ القانون بتنفيذ أوامر تفتيش في ولايات متعددة مرتبطة بالهجوم، بما في ذلك مقر إقامة المهاجم في منطقة “هيوستن”؛ بـ”تكساس”.
وبحسّب شبكة (سي. إن. إن) الأميركية؛ نقلًا عن مصدر في إنفاذ القانون مطلع على التحقيق، عثر عملاء “مكتب التحقيقات الفيدرالي” والشرطة المحلية، الذين قاموا بتفتيش مقر إقامة “شمس الدين جبار”، على مواد كيميائية تستخدم عادة لصُنع المتفجرات.
وسبق أن أعلن الـ (إف. بي. آي)؛ العثور على إحدى العبوات الناسفة التي زرعها مهاجم “نيو أورليانز” عند تقاطع شارعي “بوربون” و”تولوز”.
وقبلها؛ قال إن عبوة ناسفة زُرعت عند تقاطع شارعي “بوربون” و”أورليانز”، وأخرى على بُعد بنايتين في الحي الفرنسي، لكنها لم تُحدّد الموقع الدقيق.
من جانبه؛ قال نائب مساعد مدير “مكتب التحقيقات الفيدرالي” لقسم مكافحة الإرهاب؛ “كريستوفر رايا”، في تصريحات إعلامية، إن المهاجم شوهد في فيديو للمراقبة بين الساعة الواحدة صباحًا والثانية صباحًا وهو يزرع عبوات ناسفة أي قبل ساعات من الهجوم.
وعُثر على المتفجرات في مبردات ثلج زرقاء بالموقعين بالحي الفرنسي.
تصرف منفرد..
ومساء الخميس؛ أعلن “مكتب التحقيقات الفيدرالي” أن الجندي الأميركي السابق تصرف على الأرجح بمفرده خلال عملية الدهس.
وبحسّب المعلومات التي قّدمها المكتب؛ فإن “شمس الدين جبار”، أميركي في الثانية والأربعين من عمره، وينحدر من “تكساس”، وقد عمل في مجال العقارات في “هيوستن”، وكان متخصصًا بتكنولوجيا المعلومات في الجيش.
وبدأت أدلة جديدة تتكشف على مدى ولاء “شمس الدين جبار”؛ لتنظيم (داعش)، وعزمه على إلحاق أكبر قدر من الأضرار في هجومه الذي استهدف “الحي الفرنسي” في مدينة “نيو أورليانز”؛ (جنوب الولايات المتحدة)، ولم ينّتهِ سوى عندما أردته الشرطة قتيلًا.
ونشر “جبار”: “عدّة تسجيلات مصوّرة على منصة إلكترونية أعلن فيها تأييده لـ (داعش)”، وفق بيانات رسمية، وكان يضع أيضًا راية التنظيم في الجزء الخلفي من مركبته.
تجنيد الأعضاء من خلال غرف الدردشة..
تقول صحيفة (التايمز) البريطانية؛ إن غرف الدردشة التابعة لتنظيم (داعش) الإرهابي؛ والتي كانت خاملة تقريبًا طوال سنوات، بدأت المحادثات تتزايد بها في الأشهر الأخيرة، وأعاد النشطاء نشر الرسائل بشكلٍ متزايد على تطبيقات المراسلة المفضلة مثل (تلغرام وروكيت تشات)، على أمل تجنيد المزيد من الأعضاء وكذلك التشجيع على الهجمات.
وتقول صحيفة (التايمز) البريطانية؛ إن ناشطًا في هذه المنصات كتب عن منفَّذ هجوم “نيو أوزليانز”: “إذا كان أخًا، فهو أسطورة. الله أكبر”.
وتردد أن المنفَّذ استلهم أفكاره من (داعش). وقد اجتذبت هذه الرسالة آلاف ردود الأفعال.
دعوات لمزيد من الهجمات على “أميركا”..
ونشر أحد المنافذ المؤيدة للتنظيم؛ الخميس، مقطع فيديو يدعو إلى المزيد من الهجمات على “الولايات المتحدة”، كما نشرت إحدى المجموعات: “حان الوقت للهجوم، لقد حان الوقت لتدمير أسس أميركا، أشعلوا النار”.
واستخدمت الجماعات الإرهابية غرف الدردشة؛ منذ فترة طويلة، لكن الخبراء يقولون إن هذا الاتجاه زاد بشكلٍ كبير منذ “حرب غزة”، ونشرت إحدى الجماعات التابعة لتنظيم (داعش-ولاية خراسان)؛ في “أفغانستان”، دليلًا حول كيفية مهاجمة اليهود.
وتقول الصحيفة البريطانية؛ إن ارتفاع نشاط الإرهابيين حول العالم عبر الإنترنت هو انعكاس لعودة (داعش) على الأرض.
ونفذّ (داعش) هجومًا على مسرح خارج “موسكو”؛ في آذار/مارس الماضي، أسفر عن مقتل: (145) شخصًا. ثم توعد بنفس المستوى من المذبحة ضد هدف أميركي، وأصدر ملصقًا يُظهر مبنى (الكابيتول) الأميركي والرسالة: “أنت التالي”.
إعادة تجميع الصفوف..
وهُزمت الخلافة المزعومة التي أعلنها (داعش) في جميع أنحاء “سورية والعراق”؛ بدعم عسكري أميركي في عام 2019، لكن المجموعة تحولت منذ ذلك الحين إلى مجموعة لامركزية من الخلايا والشركات التابعة في جميع أنحاء العالم.
بهدوء ودون ضجة؛ كان الإرهابيون يُعيّدون تجميع صفوفهم ببطء وبناء نفسهم في “سورية وأفغانستان”، حيث انهارت الحكومتين، وكذلك أجزاء من غرب “إفريقيا” و”الصومال”.
وحذر “جيك سوليفان”؛ مستشار الأمن القومي للرئيس؛ “بايدن”، الشهر الماضي، من أن القلق الأكبر للإدارة الأميركية هو عودة (داعش)، مشيرًا إلى أن التنظيم يُحب الفراغ الأمني، وحاليًا تتكون “سورية” من مناطق غير خاضعة للحُكم بسبب سقوط نظام “الأسد”.
تهديد عنيد ومستمر..
وقال “كولين كلارك”؛ من مجموعة (صوفان)، وهي شركة استشارية تُركز على قضايا الأمن العالمي، إن: “الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز يؤكد ببساطة ما كان كثيرون في مجتمع مكافحة الإرهاب يقولونه على مدار العام الماضي، وهو أن (داعش) لا يزال يُشّكل تهديدًا عنيدًا ومستمرًا؛ ولن يتلاشى ببساطة”.
“داعش-خراسان”..
ويعتقد “كلارك”؛ أن تنظيم (داعش-خراسان)، الذي يضم آلاف المقاتلين بين صفوفه، سيكون الشُغل الشاغل لأجهزة الاستخبارات في إدارة “ترمب”.
وتُقاتل الجماعة المسلحة؛ حكومة (طالبان) في “أفغانستان”، لكنها تنشر أيضًا نوعها من الإرهاب على مستوى العالم.
ومع نمو الجماعة؛ أصبحت رسالتها أكثر جاذبية لأولئك الذين يعيشون خارج أراضيها.
وقالت “أميرة جادون”؛ أستاذة في جامعة (كليمسون) بولاية “ساوث كارولينا”، والتي تُقّدم المشورة للحكومة الأميركية بشأن مكافحة الإرهاب: “بعد استيلاء (طالبان)، قام (داعش-خراسان) بتفعيل استراتيجيته الطموحة المتَّمثلة في تدويل أجندته”.
وأوضح الجنرال “مايكل كوريلا”؛ قائد القيادة المركزية الأميركية، خلال شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في “مجلس النواب”، أن: “(داعش-خراسان) يحتفظ بملاذٍ آمن في أفغانستان، ويواصلون تطوير شبكاته داخل وخارج البلاد”، مضيفًا أن: “هدفه شن هجمات عالمية على أي شخص لا يتماشى مع إيديولوجيته المتطرفة، وقد أثبتت جهود (طالبان) لقمع الجماعة عدم كفايتها”.
700 هجوم خلال 2024..
في “سورية”؛ نفذّ تنظيم (داعش) ما يقرب من: (700) هجوم في الأشهر الإثني عشر الماضية، أي ثلاث مرات ضعف العام السابق، وفقًا لحسابات “تشارلز ليستر”، الزميل البارز في (معهد الشرق الأوسط).
ومنذ سقوط “بشار الأسد”؛ في كانون أول/ديسمبر 2024، تظهر السيّطرة الهشّة لحلفاء “الولايات المتحدة” على وسط وشمال شرق “سورية” علامات على التعثّر.
وتتعرض “قوات سورية الديمقراطية”؛ التي يقودها الأكراد، والتي هزمت (داعش) في عام 2019، للهجوم من الجماعات المسلحة المدعومة من “تركيا”، الخصم القديم الذي ردعته قوات “الأسد” في السابق.
وحذرت “قوات سورية الديمقراطية”؛ (قسد)، من أنها ستضطر إلى تحويل المقاتلين من الدفاع عن السجون والمعسكرات الصحراوية المترامية الأطراف التي تضم عشرات الآلاف من أعضاء (داعش) المتهمين، إلى خطوط المواجهة الجديدة إذا اشتّد القتال.
واعتمد الأكراد؛ منذ فترة طويلة، على الدعم الأميركي، لكن الرئيس المنتخب؛ “ترمب”، قال إنه ليس لديه رغبة في الاستمرار في خوض: “حروب أجنبية”.