حذرت وزارة الهجرة العراقية، الأحد، من تزايد هجرة الشباب في الآونة الأخيرة إلى الدول الأوروبية، معتبرةً أنَّ لهذه الهجرة تداعيات خطيرة.
وقالت الوزارة في بيان اليوم إن “الخطر الأكبر يكمن في ارتفاع أعداد المهاجرين إلى خارج البلاد، من الفئة العمرية الأهم بين الفئات السكانية، وهي فئة الشباب”.
وأوضح البيان أنَّ “الظروف القاسية في العراق تدفع الشباب إلى الهجرة، بسبب الأزمات الأمنية والاقتصادية والخدمية، والنزاعات المستمرة في المحيط الإقليمي للعراق في دول الجوار”.
ودعا البيان إلى اتخاذ قرارات وتحركات عاجلة، تكفل سبل العيش الكريم للمواطنين العراقيين، خاصةً فئة الشباب منهم وتشجيعهم للعودة عبر توفير ظروف ملائمة لهم في البلاد.
وتأتي هذه التحذيرات بعد ارتفاع نسبة هجرة الشباب من العراق إلى أوروبا بشكل غير مسبوق، ما اعتبره سياسيون ومراقبون خطراً على البنية المجتمعية في البلاد على المدى البعيد.
وقال الخبير الاجتماعي ماجد عبد الحي إنَّ “فئة الشباب هي الأكثر تضرراً في العراق، فهم مستهدفون في كل مكان بالقتل والاعتقال والتشريد والبطالة وضياع مستقبلهم واستمرار تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد، ونشهد في الفترة الأخيرة هجرة للشباب لم يشهدها العراق من قبل، وهذا سيؤثر بلا شك على البنية المجتمعية في المستقبل القريب”.
ويضيف عبد الحي أنَّ إفراغ أي بلد من طاقاته الشبابية يعني إضعاف بنيته المجتمعية، وبالتالي إضعاف بنيته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعلمية وغيرها، ولكن لا يوجد بديل آخر، فقد أصبح الشاب العراقي أمام خيارين إما الموت وضياع المستقبل تماماً في العراق أو الهجرة وهذه هي الحقيقة المرة”.
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري قد حذّر من تفاقم هجرة الشباب من البلاد، داعياً إلى اتخذ إجراءات سريعة للحد من تفاقم هجرة الشباب خارج البلاد، موضحاً في تصريح صحافي سابق أنَّ “هناك صمتاً من قبل الجهات المعنية بشريحة الشباب، ونشعر بحزن بالغ إزاء هجرتهم خارج البلاد، ويجب أن تقوم هذه الجهات بتقديم حلول مسبقة ترسم صورة في أذهان الشباب، أقل حدة للحيلولة دون تفاقم هذه المشكلة”.
وبين الجبوري في تصريحه أنَّ “على الجهات المعنية ومنها اللجان البرلمانية وضع تدابير عاجلة، تسهم في خلق فرص جديدة للشباب عبر إطلاق مشاريع تستثمر طاقاتهم وتستقطبهم بما يرفع نسبة الثقة في نفوسهم”. وعبّر عن قلقه البالغ حيال هجرة الشباب المتزايدة من العراق، داعياً إياهم أن يكونوا أكثر تمسكاً بأرضهم ووطنهم، على حد قوله.
من جانبها، طالبت المرجعية الدينية في النجف الشباب العراقيين المصرّين على الهجرة بإعادة النظر في خياراتهم، وطالبت المسؤولين العراقيين أن يتداركوا تداعيات هذه الهجرة الشبابية من البلاد، وإصلاح أوضاع العراق بأسرع وقت ممكن والشروع بخطة تنموية عاجلة من شأنها تنشيط القطاع الخاص وتوفير فرص العمل للعاطلين.
لكن هذه الدعوات لم تجد آذاناً صاغية لدى الشباب، إذ يرى المتابعون أن هجرة الشباب مستمرة وبشكل كثيف من العراق إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، هرباً من الأوضاع الأمنية المتردية.
ويكشف الناشط المدني مخلص عبد القهار لـ”العربي الجديد” أنَّ “دعوات السياسيين والمراجع الدينية للشباب بالتوقف عن الهجرة والتمسك بالوطن غير منطقية، فلا السياسيون ولا المراجع الدينيون قادرون على توفير الأمان للشباب، ولا الحد من عمليات القصف والتشريد والاعتقال والخطف والاغتيال المتزايدة في البلاد”.
ولفت عبد القهار في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن الحكومة بدعواتها هذه تحاول تحسين سيرتها السوداء أمام العالم، والذي كشف أنَّ هذه الحكومة لا تصلح لقيادة البلد وهي السبب الرئيسي وراء هجرة آلاف الشباب من العراق هرباً من الموت والضياع المحتوم.
وكانت مصادر عراقية قد أعلنت غرق عشرات الشباب العراقيين خلال عبورهم البحر نحو اليونان بزوارق مطاطية، فيما نشر ناشطون صوراً لشباب عراقيين اختطفوا خلال رحلتهم إلى أوروبا وسرقة أعضائهم الجسدية، محذرين من الهجرة عبر مهربين مجهولين قد ينتمون لعصابات تجارة الأعضاء البشرية.