17 أبريل، 2024 1:25 ص
Search
Close this search box.

“هاأرتس” .. تكشف عالم المخدرات داخل الدول العربية بعد ثورات “الربيع العربي”

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

ستبقى آفة المخدرات تمثل مشكلة للبشرية في جميع أرجاء العالم, لاسيما في الدول النامية. والمشكلة في الدول العربية أن نسبة الشباب فيها هي من أعلى النسب في العالم, لذا فهى مُعرضة أكثر من غيرها لتفشي الإدمان والاتجار في المخدرات, وفي هذا السياق طالعتنا صحيفة “هاأرتس” الإسرائيلية بتقرير يكشف مدى تفشي المخدرات في معظم الدول العربية وكيف تتصرف تلك الدول حيال تلك الظاهرة الخطيرة.

تونس: وضع الشباب أسوأ بعد الثورة..

تقرير المخدرات العالمي لعام 2016 – خريطة توضح مسارات تهريب المخدرات الأفيونية

تنقل الصحيفة عن شاب تونسي من مدينة “سيدي بوزيد” قوله: “عندما نفكر في مستقبلنا, وفي إمكانية تحقيق أحلامنا, لا نجد شيئاً نعول عليه”، فالحياة في تلك المدينة التونسية التي بدأت منها أحداث الربيع العربي, لم تكد تتغير منذ عام 2011 عندما تمت الإطاحة بالرئيس “زين العابدين بن علي”. فقد أصبحت نسبة البطالة أعلى مما كانت عليه قبل الثورة, ولم يطرأ أي تحسن على أحوال الشباب التونسي. “وفي ضوء ذلك, ربما يمكننا أن نفهم سبب انضمام الشباب بأعداد مزهلة إلى التنظيمات الجهادية. ومع الفارق الشاسع فإن ذلك الإحباط الشديد هو الذي يدفع جزء من الشباب في تونس لتبني الفكر المتطرف ويدفع الآخرين لإدمان مخدر الزطلة, وهي اللقب المحلي لمخدر القنب الهندي أو ما يُسمى بالبانجو”.

قسوة العقوبات لم تقلل نسب التعاطي..

تضيف “هاأرتس” أن من يتعاطى ذلك المخدر في تونس يتعرض للعقوبة القاسية. فوفقاً لـ”قانون 52″ كل من يحوز “البانجو” أو يتعاطاه مُعرض لعقوبة السجن لمدة عام على الأقل. أما المجرمين من أصحاب السوابق الذين يتم الإمساك بهم متلبسين فإن عقوبتهم هي السجن لمدة خمس سنوات. وليس من حق القضاة مراعاة ملابسات كل حالة أو التوصية بنيل عقوبة أخرى. ويقول ذلك الشاب من “سيدي بوزيد” إن غالبية أصدقائه يرزحون في السجون بسبب تعاطيهم للمخدر.

وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى أن هذا الواقع يسود غالبية دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا, التي لا يميز فيها القانون بين انواع المخدرات. “في كثير من الدول يُزج بالناس في السجون حتى لو كانت في حوزتهم سيجارة واحدة محشوة بالمخدر. ومع ذلك, فهناك بعض الحكومات التي تدرك الآثار السلبية لتلك السياسة المتبعة مع المتعاطين للمخدر, لذلك فإنها تفكر في إدخال تعديلات عليها”.

بداية القوانين الصارمة ضد المخدرات..

تعود القوانين المتشددة في المنطقة إلى القرن الـ 18, عندما كتب أحد ضابط الجيش الفرنسي: “إن الرجال في مصر في حالة مستمر من عدم الاستفاقة”. فحظر “نابليون” تعاطي الحشيش في مصر. كما استخدم القادة المستبدون أيضاً، في مراحل لاحقة، القوانين التي تجرم تعاطي المخدرات, لضمان بقاء شباب الدولة حاضري الذهن والبديهة. فيما أيد رجال الدين تلك القوانين باستدلالهم من القرآن على حرمة المُسكرات.

وترى الصحيفة الإسرائيلية أن تلك السياسة المتشددة لا تردع المواطنين في تلك الدول. وصحيح أن الأرقام والمعطيات الرسمية تتسم بالغموض لكن ليس من الصعب في معظم الدول التعرف على المتعاطين أو المتاجرين في المخدرات, وذلك لسبب بسيط وهو أن “البانجو” يتم انتاجه في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث تُعتبر “المغرب” أكبر مصدر لهذا المخدر في العالم أما “لبنان” فهي أيضاً من الدول الرائدة في إنتاجه. أضف إلى ذلك أن البانجو يمر عبر هذه المنطقة إلى أوروبا. إن زيادة نسبة تعاطي المخدرات بالإضافة إلى قسوة الأحكام على المتعاطين أدت إلى وجود كثافة هائلة داخل السجون. ولا يُسمح للشباب العودة إلى أماكن عملهم بعد انتهاء مدة عقوبتهم  بسبب الأحكام الجنائية الصادرة ضدهم.

مراجعة العقوبات المُشددة..

تلفت صحيفة هاأرتس إلى أن “تونس”، التي بها الكثير من الشباب في السجون بسبب تعاطي البانجو، تقوم الآن بمراجعة السياسة التي تنتهجها في هذا الشأن. وهناك بالفعل مشروع قانون يقضي بإلغاء عقوبة من تم القبض عليهم مرة واحدة أو مرتين، بحيازة البانجو لاستخدامه الشخصي. ويقترح مشروع القانون أيضاً السماح للقضاة لفرض عقوبات بديلة على المتهمين من أصحاب السوابق، والتركيز على “معالجة متعاطي البانجو”. لكن هناك من ينتقد هذا القانون بزعم أنه يفتقر إلى الوضوح بل ربما هو الذي سيؤدي لزيادة تعاطي المخدرات. وفي هذه المرحلة فإن ذلك القانون في انتظار إقرار البرلمان, لكن على الرغم من أنه لم يصدر بعد إلا أن مجلس الأمن القومي في تونس تحرك في الشهر الماضي لإطلاق سراح المحكوم عليهم بالسجن بسبب تعاطيهم البانجو. وفي بلدان أخرى بالمنطقة تم اتخاذ بعض الخطوات من أجل عدم تجريم المتعاطين. فهناك دول عديدة ممن تُطبق فيها القوانين الصارمة في هذا الشأن، أصبحت تتغاضى عن تعاطي بعض المخدرات. فها هي “إيران” التي تربطها بـ”أفغانستان” حدود مستباحة، والتي قامت بإعدام المئات من تجار المخدرات، لا تحرك الآن ساكناً لوقف تزايد نسبة تعاطي “الحشيش” بين المواطنين. أما السلطات “المغربية” فتتخذ نهجاً مختلفاً. فعلى الرغم من أنها لا تسمح بزراعة “البانجو”، إلا أنها تتقبل زراعته في “منطقة الريف بشمال المغرب”, التي تصدر هذا المخدر لأوروبا. ويقول “توم بليكمان” من معهد البحوث الدولية: “إن كل من يتجول في بعض المناطق المغربية يمكنه رؤية تلك النباتات من حوله”. ومن المفارقات، أن هناك مشروع قانون يسمح بإنتاج البانجو في الدولة لأغراض طبية وصناعية، لكنه يثير قلق مزارعي هذا المخدر. لأنهم يخشون من قيام كبار ملاك الأراضي أو الحكومة باقتحام هذا المجال والسيطرة على كل المحصول.

مخدرات لا تحقق الثراء..

وتوضح الصحيفة الإسرائيلية في النهاية، أن مزارعي البانجو في المنطقة الشمالية من المغرب لا يمكنهم تحقيق الثراء لأن معظم الأرباح تصل إلى جيوب التجار والمسؤولين الحكوميين الفاسدين. وبحسب قول “بليكمان”، أوامر الاعتقال تنتظر قرابة 50000 مزارع للبانجو ويفضل الكثير منهم دفع الرشاوى للنجاة من السجن. وفي بلدان أخرى، التي تتجاهل تزايد نسبة تعاطي البانجو، هناك خشية من إطلاق الأحكام صرامة ضد المتعاطين والتجار في المخدرات. والمسؤولون الحكوميون في بعض تلك البلدان، ليسوا من أصحاب الأيدي النظيفة. فقد يتعاموا عن أوامر الاعتقال الصادرة بحق المزارعين مقابل رشوة ضخمة. وهذا سبب آخر لزيادة نسبة تعاطي المخدرات.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب