29 مارس، 2024 7:49 ص
Search
Close this search box.

“هاأرتس”: الموصل معركة تحدد إستراتيجية العراق وداعش

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

“معركة الموصل التي تهدف إلى تحرير غرب المدينة من إحتلال تنظيم الدولة – داعش – الذي دام عامين ونصف, ستكون بمثابة نقطة فارقة في مستقبل التنظيم ليس في العراق وحده بل في المنطقة بأثرها. فعندما سيتم تحرير الموصل بالكامل سيضطر تنظيم الدولة إلى إتخاذ قرار إستراتيجي, ربما يكون الأهم في تاريخه وهو: إما أن يتراجع ليتحصن في المناطق الخاضعة لسيطرته بشمال غرب سوريا, وإما أن يبدأ في توزيع قواته داخل دول عربية أخرى لممارسة نشاطه وفق أسلوب تنظيم القاعدة مع تخليه عن إستراتيجية إحتلال المناطق”. هكذا رأى الكاتب “تسفي برئيل” في أحدث مقالاته التحليلية التي نشرتها صحيفة “هاأرتس” الإسرائيلية مؤخراً.

تقليل اعداد مقاتلي داعش
ووفقا لأخر التقديرات الميدانية، فإن عدد قوات تنظيم الدولة في الموصل لا يزيد عن 2,500. ويقول الكاتب الإسرائيلي “ربما أن تنظيم الدولة قد قلل من أعداد قواته ونقل جزءاً منها إلى سوريا. كما أن كثيراً من مقاتلي التنظيم قد تخلوا عنه, حيث تركوا القتال وأخفوا أسلحتهم وأصبحوا وكأنهم مواطنون عاديون. ومن المتوقع أن تستمر المعارك في الجزء الغربي من الموصل لأسابيع أو شهور. لأن الحرب هناك تدور في مناطق سكنية مكتظة بالمدنيين القاطنين في شوارع ضيقة داخل عشرات الأحياء. وهذه البيئة تجعل من الصعب شن هجمات جوية أو إستخدام القصف المدفعي”.

يوضح تسفي أن الإستراتيجية العراقية التي تم صياغتها بالتنسيق مع الجيش الأميركي، تعتمد على حشد قوات ضخمة من المشاة للتضييق على تنظيم الدولة والزج به في أحياء يمكن قصفها من الجو. وإذا كانت النسبة العادية بين القوات المهاجمة والقوات المدافعة هي 5 : 1 فإن الجيش العراقي يسعى لتكون النسبة في الموصل هي 20 :1. فإذا كان تعداد قوات تنظيم الدولة يبلغ 2000 مقاتل فإن تعداد القوات العراقية سيتراوح ما بين 40 إلى 50 ألف مقاتل. والجيش العراقي الذي يعمل بمشاركة الحشد الشعبي لا يواجه صعوبة في تحقيق هذا التفوق العددي, كما أنه يتمتع بغطاء جوي غير محدود من قوات التحالف الدولي. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو “ما أسلوب القتال الذي سيفرضه تنظيم الدولة في مواجهة تلك القوات العراقية؟”.

يقول برئيل إن “تنظيم الدولة قد أبدى مقاومة ضعيفة نسبياً في شرق الموصل, إلا أنه استعد جيداً في غرب المدينة حيث أعد المتاريس وزرع شحنات المتفجرات وجهز مواقع للقناصة وتسلح بالرشاشات الثقيلة المضادة للطائرات والصواريخ المضادة للدبابات. لكن هناك خشية كبيرة من إستخدام التنظيم للمدنيين كدروع بشرية، مما يُنذر بوقوع أعداد غير مسبوقة من القتلى. ومن المحتمل ألا يواصل تنظيم الدولة القتال حتى آخر رصاصة, فربما سيسحب قواته في مرحلة مبكرة من الحرب. وحتى يفعل ذلك أخذ الجيش العراقي يستخدم الحرب النفسية المكثفة لكسر إرادة التنظيم. لكن ليس من الواضح أي الخيارات التي سيتبعها التنظيم”.

مخاوف مستقبلية
يرى الكاتب الإسرائيلي أن الجيش العراقي قد حقق بعض الإنجازات الإستراتيجية الهامة في غرب الموصل, لكن كلما اقترب موعد التحرير كلما إزدادت المخاوف من السيناريوهات المحتملة بعد إنتهاء الحرب. فسكان غرب الموصل ينتابهم الرعب الشديد مما حدث في شرق المدينة, من حالات تنكيل بالمواطنين وتصفية حسابات مع المتهمين بالتعاون مع تنظيم الدولة. وهناك كثير من المواطنين يحاولون الفرار من غرب الموصل لكنهم يخشون العودة لشرق المدينة بسبب الإنتهاكات الشديدة التي ترتكبها، ليس فقط الميليشيات الشيعية، بل حتى جنود وحدات النخبة.

الصدر وخطة الإنقاذ
يشير تسفي إلى الخطة التي أعلن عنها مؤخراً الزعيم الشيعي “مقتضى الصدر” لتحقيق الإستقرار في الموصل بعد أن يتم تحريرها, وفيها يدعو الحكومة العراقية للبدء في بحث مستقبل المدينة والدولة. وفي تلك الخطة التي تتكون من 29 بنداً يؤكد الصدر على ضرورة الحفاظ على وحدة العراق وإجراء مصالحة وطنية بين أبناء جميع الطوائف وجعل القانون والنظام خاضعين لسلطة الدولة وليس للميليشيات. كما يطالب الصدر جميع القوات الأجنبية بمغادرة العراق, بما فيها القوات الأميركية والإيرانية, ويدعو لتشكيل هيئات دولية للإشراف على إعادة إعمار المدينة وجمع المبالغ المالية اللازمة لذلك. ويطالب الصدر الميليشيات الشيعية بالإنخراط في الجيش العراقي النظامي حتي لا يكون هناك أكثر من جيش في الدولة.

المستقبل الغامض
يلفت الكاتب الإسرائيلي إلى أنه إذا كان تحرير غرب الموصل سيحدد مستقبل تنظيم الدولة, فإن طريقة إدارة شئون المدينة بعد الحرب سيحدد المستقبل السياسي لدولة العراق, فحتى الآن لم يتم الإعلان عن أي خطة مُعتبرة – بإستثناء خطة مقتضى الصدر – لوضع الترتيبات الخاصة بإعادة إعمار مدينة الموصل أو تحديد مصادر التمويل أو حتى كيفية تقاسم السلطة في المدينة.

ومقارنة بسوريا التي بها على الأقل دولة عظمى واحدة، وهي روسيا القادرة على فرض المكونات السياسية في الدولة, ففي العراق ستقع مسؤولية ذلك على كاهل الحكومة وحدها, التي تتسم بالتماسك والإصرار على محاربة تنظيم الدولة, لكنها لم تتمكن حتى الآن من أن تحوذ ثقة المواطنين السنة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب