24 ديسمبر، 2024 7:58 م

“نيويورك تايمز” تكشف .. تفاصيل أزمة “قمامة لبنان” التي أشعلت الثورة في 2019 !

“نيويورك تايمز” تكشف .. تفاصيل أزمة “قمامة لبنان” التي أشعلت الثورة في 2019 !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

“لبنان”؛ الذي يحب شعبه التفاخر بجمال طبيعته، حيث إمكانية قضاء يوم ساحر على أحد شواطئه ذات الرمال الشقراء، مستمتعًا بمناظر الجبال الخلابة في آنٍ واحد، أصبح الآن ملييء بالزجاجات البلاستيكية ومقالب القمامة المفتوحة على شواطئه.

يؤكد خبراء أن مياه “المتوسط”، المطل عليها “لبنان”، أصبحت تنضح بمواد سامة وقمامة متعفنة لا يمكن وقف جريانها؛ وعلى ما يبدو أن هذا الوضع في طريقه لتشويه المياه والمأكولات البحرية والصحة العامة في “لبنان”.

أرجعت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، عجز الحكومة اللبنانية عن توفير الخدمات الأساسية وتواجد القمامة على مدار 24 ساعة؛ إلى اتفاق أنهى الحرب الأهلية في “لبنان”، قبل 30 عامًا تقريبًا. أكدت الصحيفة أن تقسيم السلطة بين الطوائف الدينية الثمانية عشر، المعترف بها في البلاد أدى إلى إضفاء الطابع المؤسسي على الفساد بشكل فعال وأصبحت كل مجموعة قادرة على تفصيل الوظائف الحكومية والعقود والمزايا والخدمات الاجتماعية لأتباعها، وبذلك منح نظام الحكم في “لبنان” أكبر سلطة للنحبة السياسية دون الإلتفات لبناء اقتصاد مستقر أو توفير أساسيات مثل المياه النظيفة أو إدارة النفايات.

أزمة نفايات 2015 تكشف الكثير..

على مدى الأسابيع الستة الماضية، تجمع مئات الآلاف من المحتجين في الشوارع، حتى تمكنوا من طرد رئيس الوزراء بالفعل، لكن أهدافهم اتسعت، لحد المطالبة بوضع حد للفساد وسوء الإدارة.

تُعتبر أزمة إدارة النفايات في “لبنان” هي أكثر الأزمات دعمًا لتأصل الفساد في دوائر الحكم السياسي، فضلاً عن المحسوبية الطائفية.

انفجرت أزمة القمامة في “لبنان” بعد احتجاجات قوية، في عام 2015، وانتهت بعمل مدفنين جديدين للقمامة، ولكن ذلك الحل لم ينهي الأزمة بل نقل القمامة فقط من الشوارع إلى الساحل.

حصل “جهاد العرب”، شقيق أحد مساعدي رئيس الوزراء المستقيل حديثًا، “سعد الحريري”، على أحد عقود تلك المكبات؛ ولكن وفقًا لثلاثة أشخاص على دراية بعمليات الشركة، كان يتم تضي فالماء إلى حاويات القمامة التي تصل كل يوم لتضخيم وزنها القابل للفوترة. أما العقد الآخر، الذي تبلغ قيمته 142 مليون دولار، فقد ذهب إلى “داني خوري”، رجل أعمال مسيحي يقال إنه قريب من عائلة الرئيس، “ميشال عون”، الزعيم المسيحي الأعلى في “لبنان”.

في المكب، وجد الخبراء أن الموظفين ألقوا القمامة والنفايات السامة مباشرة في “البحرالأبيض المتوسط”.

تقول الصحفية الأميركية أن أزمة “لبنان” والفساد لا تكمن فقط في إدارة النفايات ولا تنحصر في مجرد مجموعة أو أكثر من السياسيين. عندما أبتلع منتجع سياحي مثير للجدل يدعى، “إدين باي”، جزءًا من شاطيء عام في “بيروت”، العام الماضي، لم يفاجأ الكثير من اللبنانيين عندما علموا أن المطور لهذا المشروع هو صهر سابق لـ”نبيه بري”، رئيس البرلمان وأعلى ممثل للشيعة في الحكومة.

ويقول الخبراء، إن السبب الرئيس وراء عدم إنتاج “لبنان” ما يكفي من الكهرباء لسكانه، البالغ عددهم 4 ملايين نسمة، هو اللوبي القوي لأصحاب المولدات ومن أبرزمستوردي الوقود، شركة “كوغيكو” للنفط، المملوكة لـ”وليد جنبلاط”، زعيم الأقلية الدُرزية.

مقاولات مجلس الإنماء والإعمار..

لا تقتصر المشكلة، في “لبنان”، على القمامة ولا على قلة من السياسيين. فعندما ضغط “جبران باسيل”، صهر الرئيس، “عون”، على شراء الكهرباء الإضافية من “تركيا”، سأل بعض المسؤولين عن السبب في أن الحكومة تنفق مئات الملايين من الدولارات لإستئجار مراكب تركية في عمليات توليد الكهرباء بدلاً من بناء محطاتها الخاصة. عندئذ قال بعض السياسيين إن مسؤولًا حكوميًا حصل على ملايين الدولارات كرشوة لتسهيل تلك الصفقة، لكنهم لم يحددوا هوية الشخص علنًا.

بعد خمس سنوات، اقترح “وزير الطاقة”، وهو مستشار سابق للسيد، “باسيل”، دفع نفس الشركة التركية بقيمة 1.9 مليار دولار للحصول على مزيد من الطاقة، في عملية تقديم العطاءات التي انتقدها قسم المشتريات الحكومي باعتباره متحيزًا.

قال “عبده فرح”، يعمل صيادًا منذ 34 عامًا: “من المؤسف أن يكون لدنيا مثل هؤلاء القادة”، ويعاني “فرح” في بحثه عن الأسماك النظيفة بسبب تكدس مياه الصرف الصحي وتلوث الساحل دون مراقبة. “نحن نعيش في سلة مهملات”. تُعقد الكثير من الصفقات الطائفية في “مجلس الإنماء والإعمار”، الذي تصفه (نيويورك تايمز) بأنه وكالة حكومية معتمة تمنح عقودًا لمعظم مشاريع البنية التحتية الرئيسة في “لبنان”.

ويحصل “لبنان” على مليارات من المعونات من جهات مثل “البنك الدولي” والدول الأوروبية والجهات المانحة الدولية الأخرى لإعادة الإعمار والتنمية بعد الحرب الأهلية.

أفادت “سفارة الولايات المتحدة”، في “بيروت”، في برقية “وزارة الخارجية”، في شباط/فبراير 2009، التي نشرتها (ويكيليكس)؛ أن قواعد المشتريات في المجلس “غير واضحة على الإطلاق” ونوه “ديم بابا”، المدير اللبناني لـ”البنك الدولي”، في ذلك الوقت، للدبلوماسيين الأميركيين إنه: “يحارب باستمرار تصريحات مجلس التنمية والإعمار؛ وأعتقد أن لديه بالفعل مقاول للمشروعات، عادة ما يكون شخص ما يرتبط برئيس الوزراء الذي يقوم بعمل خدمة سياسية أو مالية”.

لذلك لم يكن مفاجئًا عندما تحول “مجلس الإنماء والإعمار”، في عام 2016، إلى “خوري”، رجل الأعمال المسيحي المرتبط بالسيد، “عون”، و”جهاد العرب”، المقاول المسلم السُني المرتبط بالسيد، “الحريري”، للمساعدة في حل أزمة قمامة “لبنان”. استولى “خوري” على مكب نفايات قديم في “برج حمود”، شمال “بيروت”، مع خطط لتوسيعه في البحر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة