خاص : ترجمة – محمد بناية :
زيارة وفد حكومة “كردستان العراق” برئاسة “نيجيرفان البارزاني”، رئيس وزراء الإقليم، إلى طهران والتي أستغرقت يومين، والإستقبال الإيراني الرسمي والهادف، سوف يترتب عليه حل الكثير من المشكلات بين بغداد وأربيل، وسوف تكتسب هذه الزيارة صفة التاريخية، بحسب “بهرام ولد بیغي”، مدير معهد كردستان الثقافي، على موقع (الدبلوماسية الإيرانية) المقرب من وزارة الخارجية الإيرانية.
إيران وكردستان العراق يمكنهما إنقاذ بغداد من أزمتها الانتخابية..
كانت الفجوة بين “إقليم كردستان العراق” وإيران قد أتسعت على خلفية الاستفتاء على الإنفصال عن العراق، لكن العلاقات بين الطرفين تكاد تقرب من ذروتها بعد زيارة اللواء “قاسم سليماني” إلى كردستان ولقاء “مسعود البارزاني” الشهر الماضي، وزيارة “نيجيرفان البارزاني” الآن إلى طهران، وعلى عكس التوقعات فالطرفان عازمان على تطوير العلاقات التاريخية بينهما، وإستبدال المشاكل المرحلية بعلاقات استراتيجية.
والحقيقة أن تصريحات الدكتور “علي لاريجاني”، رئيس البرلمان الإيراني، والتي وصف خلالها العلاقات الإيرانية مع “كردستان العراق” بالاستراتيجية وضرورة المحافظة على هذه الاستراتيجية القيمة، غنماً تعكس وعياً استراتيجياً، وتكشف عن الحلقة المفقودة بين إيران وكردستان، والتي من الممكن تعميمها على كل العلاقا التاريخية والثقافية والدبلوماسية، وبيان العلاقات القديمة بين طهران وأربيل وملئ الفراغ الذي ساد العلاقات جراء الاستفتاء، لأن بمقدور إيران القيام بدور تاريخي ومحدد لحل الأزمات بين أربيل وبغداد.
إن بمقدور إيران وكردستان معاً إنقاذ بغداد من الأزمة المقبلة والمتعلقة بالانتخابات ضد الأطراف التقليدية المنافسة لإيران، (تركيا والمملكة العربية السعودية)، والتي تسعى إلى تغيير الأوضاع في العراق، لأن تركيا تريد، وكذلك السعودية، إضعاف الوجود الشيعي في العراق من خلال دعم السنة العراقية، وكذلك الحد من الوجود الإيراني في العراق بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، لأن التحدي الرئيس أمام بغداد حالياً هو أهل السنة والأكراد.
“إردوغان” يحنث في وعوده..
يضيف “بیغي”: “نحن نتابع عدداً من القضايا والأزمات التي تمر بها المنطقة، والتي تثير قلق الجمهورية الإيرانية بسبب تكلفتها الباهظة. وترميم العلاقات مع كردستان قد يبدد المخاوف الإيرانية ويقضي على تكاليفها، من ذلك أن إردوغان حنث بوعوده بشأن التعاون مع إيران في إغلاق الحدود التركية مع إقليم كردستان العراق، وحشد الرأي العام الكردي ضد إيران، وساهم في إقصاء إيران نوعاً ما ووضعها في مواجهة الأكراد”.
القضية الثانية في مسألة خيانة “كركوك”، هي أن “الاتحاد الوطني الكردستاني”، أول حزب حليف استراتيجي لإيران، يواجه أزمة كبيرة، ولو لم تستغل إيران نفوذها في حمايته، فالاتحاد الوطني سيكون الخاسر في الألعاب السياسية المقبلة في ضوء غياب الزعيم “جلال الطالباني”، وستقع معظم الأعراض الجانبية لذلك على إيران.
وقد نجح “نيجيرفان البارزاني”، بذكاء سياسي ورؤية دبلوماسية، إدارة التطورات الكردية بشكل جيد عبر جولته في دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإيران، وأورد الدبلوماسية الكردية مرحلة جديدة نوعياً بالشكل الذي يخدم مصالح الشعب الكردي من خلال التعاون مع الجيران وموقف أوروبا من كردستان، ونجح في تحويل كل التهديدات إلى فرص، وبالتالي فإن مشاركته في مؤتمر “دافوس” بالسويد ولقاءاته الدبلوماسية مع زعماء العالم سوف يكمل تلكم الحزمة الدبلوماسية لإقليم كردستان. تلك الزيارة التي أثارت إستياء الجانب التركي، الذي ورغم معارضته الشديدة للعلاقات القوية التي تجمع طهران وكردستان سوف يدعوا “نيجيرفان البارزاني” إلى زيارة تركيا في أقرب فرصة؛ حتى لا يقصر في المنافسات ضد إيران. ذلك أن محور السياسة التركية اقتصادي بحت، وتوطيد العلاقات الاقتصادية مع كردستان وإعمار الموصل ومشاركة الشركات التركية بالمنافسة مع الشركات الإيرانية، سيكون محور الاستراتيجية التركية في التطورات المقبلة مع كردستان.
وتميل إيران، ومعها كردستان العراق، إلى مساندة “حزب الدعوة” برئاسة “نوري المالكي” في الانتخابات المقبلة، لأن “حيدر العبادي” يميل أكثر إلى التعاون مع أميركا والمملكة العربية السعودية، وقدم الوعود إلى واشنطن والرياض بشأن تقليص الوجود الإيراني في العراق. ومن هذا المنطلق يميل الطرفان، الإيراني والكردي، إلى خوض تجربة التعاون مع “نوري المالكي” مجدداً، لاسيما وأن فرص فوز “المالكي” على “العبادي” في الانتخابات المقبلة كبيرة.