خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
الهجوم الإرهابي والعمل الإجرامي في مرقد (شاهچراغ)؛ في “شيراز”، جنوبي “إيران”، مساء الأحد، وأسّفر عن مقتل وإصابة عدد من المواطنين، للكشف عن مظلومية “الجمهورية الإيرانية” والشعب الإيراني؛ باعتباره أحد أكبر ضحايا الإرهاب في العالم؛ بحسّب تقرير موقع (نور نيوز)، التابع لـ”المجلس الأعلى للأمن القومي” الإيراني.
وعن الحادث؛ أكد المسؤولون رفيعي المستوى على المتابعة السّريعة للحادث والقبض على المتورطين في هذه الجريمة الإرهابية ومعاقبتهم، وهو ما يعكس اهتمام ورؤية النظام الشاملة في التعامل مع أي سبب للاضطراب والإخلال بحياة الشعب.
الإرهاب الإعلامي..
ويمكن بالطبع دراسة هذه الجريمة من أبعاد مختلفة، لكن وفق العادة يُستفاد من السّياقات السابقة والحشد اللاحق بمثل هذه الحالات، في تحريف الرأي العام عن أساس الجريمة عبر وسائل الإعلام الداعمة. وتستدل هذه الفقرة على عدد من الملاحظات الهامة التي قد تُساعد في توضيح الموضوع بشفافية.
الأولى: رد فعل وسائل الإعلام المعارضة الناطقة بالفارسية على هذه الجريمة الإرهابية؛ كما هو معروف من سّيرتها السوداء، إنما يكشف عن المهمة المحددة في هذه الصّدد والتي تستهدف الأمن النفسي للمجتمع الإيراني في إطار تكميل قطع أحجية أكبر.
ويجب تعريف مثل هذا النموذج من السّلوكيات باسم: “الإرهاب الإعلامي”، الذي يسّتفيد من كل أنواع حيل الدعاية والعمليات النفسّية، التي تسّعى في البداية وكخطوة أولى إلى تقديم النظام باعتباره سبب الجريمة؛ (على غرار الحادث السابق في شاهچراغ)، ثم في الخطوة التالية إضفاء الشّرعية على تحركات العنف والإرهاب، وتحريض الرأي العام للدفع باتجاه تقوية الثنائية المزيفة “الشعب-النظام”.
ويمكن مشاهدة نفس النمط دون نقصان في حوادث الخريف الماضي؛ آنذاك وظف النظام كل إمكانيته في مواجهة حرب شاملة من الجيل الرابع مركبة من حرب “معرفية-إدراكية” في ضوء استراتيجية الانهيار من الداخل الكبرى وتهدف إلى تركيع الشعب الإيراني.
وفي هذا الصّدد خصصت وسائل الإعلام المعارضة مثل: (بي. بي. سي فارسي) و(إيران إنترناشونال) و(صوت أميركا) و(إذاعة الغد) و(إذاعة إسرائيل بالفارسية)؛ وغيرها، جزء مهم من برامجها على مدى ثلاثة شهور في تمهيد أجواء الفوضى في “إيران”، علها تتمكن عبر هذا المنفذ من إعادة إنتاج أحداث الخريف الماضي بشكلٍ جديد.
بث روح اليأس..
الثانية: تُجدر الإشارة إلى ضرورة البحث فيما هو أبعد من هذه الأحداث، وهو محاولة تشّديد اليأس في المجتمع باعتباره المكون الرئيس في السّقوط الذهني والعملي لأي شعب ومجتمع، لأنه بمجرد دخول الدولة على مسّار الهدوء والاستقرار الاقتصادي فإنها تستطيع أن توفر للشعب مستقبل واعد مفعم بالأمل.
وعليه تجب متابعة العملية الإرهابية الأخيرة في مرقد (شاهچراغ) في هذا الإطار النفسي؛ حيث يرى الأعداء ضرورة تهيئة أجواء خططهم المشؤمة خلال الأيام والأشهر المقبلة مع الأخذ في الاعتبار لاقتراب موعد الذكرى السنوية لاضطرابات العام الماضي.
دعم الإرهاب باسم “حقوق الإنسان”..
الثالثة: دعم هذه الوسائل الرسّمي والمعلن للإرهاب التكفيري والجماعات الانفصالية ضد الشعب الإيراني، هو السّمة الأخرى لذلك التوجه والذي يتجاوز كل الحدود الأخلاقية والمهنية الإعلامية، والطريف لم ترتفع أصوات المعرفون اصطلاحًا باسم حماة حقوق الإنسان في إدانة هذا التوجه !..
وتدعي وسائل الإعلام الإرهابية المعارضة انعدام الدافع بالنسبة للتنظيمات الإرهابية التكفيرية للقيام بمثل هذه الجريمة الإرهابية، وهي بذلك تهدف إلى ترويج فكرة انفصال هذه التنظيمات عن الهيكل العالمي لنظام الهيمنة، بينما هذه العناصر الإرهابية والتي تتبلور في (داعش) وأمثالها، هي بالأساس صناعة نظام الهيمنة وتضطلع بتنفيذ أوامر هذا النظام، وهي لا تقوم بالعمل دون أوامر كما تُثبّت الكثير من الوثائق والمسّتندات وبالطبع اعتراف المسؤولين “الغربيين-الصهاينة”.
الدور “الأميركي-البريطاني” في دعم الإرهاب..
الرابعة: وسائل الإعلام المعارضة للشعب الإيراني؛ والمتواجدة بشكلٍ عام في “أميركا” و”بريطانيا”، وتحصل على ميزانية من هذه الحكومات مباشرة، تدعم بوضوح إرهاب أمثال (داعش)، وهذه السلوكيات أصدق دليل على انتهاك القوانين الأميركية والأوروبية والدولية فيما يخص مكافحة الإرهاب.
إن ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين الغربية تجاه الإرهاب معروفة ولها سّوابق؛ حيث تتعامل مع الإرهاب باعتباره جيد حين يكون في صالحها، وتعتبره تهديدًا متى تعارض مع المصالح الغربية؛ كما قال “باراك أوباما”؛ في العام 2014م، من أن “الولايات المتحدة” لا تهدف للقضاء على (داعش)، وإنما إدارة التنظيم بما يخدم المصالح الأميركية !