15 يناير، 2025 11:43 م

نمير العقابي : بطولات أحمد المالكي رهينة خيانة ذاكرة والده

نمير العقابي : بطولات أحمد المالكي رهينة خيانة ذاكرة والده

“الضحية تدافع عن جلادها”! هذا ما علّق به سياسي رفيع وهو يطفئ جهاز التلفزيون بسخرية وأسف، بعد مشاهدة حوار قناة البغدادية مع رجل الأعمال نمير العقابي الذي ظهر على نحو غامض وملتبس وحائر، محاولاً على استحياء دفع الاتهامات التي لاحقته في حديث رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي عن “بطولات” ابنه احمد، في إطلالة تلفزيونية تثير منذ أسبوعين جدلاً واسعاً بين الساسة والجمهور.

وأحمد نوري المالكي، الشاب الغامض في مكتب رئيس الوزراء، يثير الجدل منذ سنوات، لكن لا احد تخيل ان والده سيظهر على الشاشات ليقول انه “بطل” يلاحق رجل أعمال متهماً بالتجاوز على القانون وامن البلاد، بعد ان خاف كبار الضباط من ملاحقته، رغم انه مدين للدولة بمليارات ولديه أسلحة وكواتم للصوت وسيارات مهربة، على حد تعبير المالكي.
أما رجل الأعمال فكان الجمهور ينتظر منه أن يوضح، هل هو مجرم حقاً كما قال المالكي، فلماذا هو في ستوديو البغدادية لا في السجن، كما سأله المذيع الذي حاوره، أم انه بريء وأن رئيس مجلس وزراء العراق كاذب يفتري على رجل أعمال لم يرق له ولابنه لسبب ما!
رجل الأعمال المتهم حظيت قضيته طيلة أسبوعين بتفهم البعض، وقال كثيرون انه ضحية، وأن المالكي يفبرك حوادث ويحرفها ليغطي على فساد ابنه ، ويظهره في شكل بطولات. وكان الناس ينتظرون أن يعلن العقابي انه ضحية لكذب المالكي، لكن المفاجأة المضحكة المبكية، أن الضحية هذا، راح بقليل جداً من الحماسة، يلتمس الأعذار للمالكي، خلال محاولته تبرئة نفسه من تلك الاتهامات الكبيرة التي لاحقته على لسان زعيم ائتلاف “دولة القانون”.
مقدم البرنامج سأله على طريقة الاستجواب “ما هو مصير الكواتم التي عثر عليها احمد المالكي في شركتك خلال المداهمة؟”. فيرد العقابي: لم تكن هناك كواتم، بل أسلحة لشركتي التي لديها عقود لحماية مطاري النجف والموصل، والمنطقة الخضراء ومبنى البرلمان! ويضيف بغرابة: خانت الذاكرة دولة رئيس الوزراء، وجعلته يتحدث عن كواتم لا وجود لها!
النائب جواد الشهيلي علّق على ذلك في تصريح لـ “المدى” بأن العقابي ترك الجمهور “في حيص بيص، فاذا كان كلامه صحيحاً، فإن هذا يعني أن الذاكرة لطالما خانت المالكي خلال توزيعه الاتهامات على الشركاء السياسيين، وخلال دفاعه المستميت عن مواقفه وأعوانه”.
رجل الأعمال يبرر على الشاشة كيف تخون الذاكرة الرئيس قائلا “انه يحكم ٣٠ مليوناً، فكيف لا تخونه الذاكرة؟”!!
اما الشهيلي، وهو عضو ناشط في لجنة النزاهة البرلمانية، فيتساءل “كم مرة يا ترى خانت المالكي الذاكرة وهو يدافع عن ولده احمد، وكم مرة خانته وهو يخطئ في صناعة السياسات الخطيرة للبلاد؟”.
واستمر رجل الأعمال المتهم بتفنيد اتهامات المالكي واحداً تلو الآخر، لكنه بقي يصر على ان المالكي ليس كاذباً، رغم انه لم يكن صادقاً، بل خانته الذاكرة!
واجه العقابي تساؤلات عديدة حول استيلائه على عقارات الدولة داخل المنطقة الخضراء، طبقاً لما زعمه المالكي. وسمع إعادة لتسجيل حديث نائب آخر اكد ان العقابي إنما استأجر تلك العقارات من “أعوان المالكي انفسهم” وحصل على النفوذ والحظوة عبر علاقات وشراكات معهم. لكن العقابي أوضح انه استأجر تلك العقارات من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وقدم وثائق تثبت ذلك عرضها مخرج البرنامج، غير انه أشار الى أن “مشكلة صغيرة” برزت، حين لم يجددوا له عقود الإيجار، ومنحوه مهلة ١٠ أيام فقط للإخلاء، بينما كان يحتاج الى ٣ شهور لنقل شركاته ومعداته!
مصدر نيابي قال: لم يجرؤ العقابي على توضيح الملابسات، فلماذا لم يجددوا عقده؟ ولماذا احرجوه بمهلة ١٠ أيام فقط للإخلاء؟ وما سر المليارات الستة من الدنانير، التي اكتفى العقابي بالقول بشأنها أنها كانت “مجرد فروقات الإيجار، سلمتها لهم”.
خلاصة الظهور الملتبس والمحير والغامض لرجل الأعمال المتهم، كان ينطوي على رسالة واحدة مؤسفة، حسب تعبير مصدر نيابي، هي أن الحاكم تغوّل الى درجة جعلت ضحاياه الكبار من المليارديرات “يمتدحونه ويلتمسون له العذر، حتى وهو يرسم صورتهم خانعين تحت سياط نجله احمد”.
وبين تضاعيف هذه الخلاصة وثناياها تبرز حقيقة أن بطولات احمد “مزيفة، كما ان البطولات الأخرى في وطن يذبح، مزيفة أيضاً، وان خسارات العراقيين مجرد نتيجة لذاكرة تخون السلطان”. وان الحاكم تغوّل الى درجة جعلت الضحية يقسم بأن المالكي ليس كاذباً، لكنه يؤكد أيضاً أنه ليس صادقاً، في “أفظع تصوير للتناقض الذي يعصف بالعملية السياسية، العالقة في خيانات للذاكرة ولسواها” كما يعبر المصدر النيابي.
وبدت الحلقة التلفزيونية الغامضة وهي ترسم آثار الحيرة على وجه مقدم البرنامج أيضاً، الذي ملّ من الأسئلة وحار مع المشاهدين، بل أن نهاية الحلقة كانت مليئة بحيرة رجل الأعمال المتهم، الذي ظل يردد: لا اعرف لماذا قال المالكي إن كبار الضباط يخشون إلقاء القبض عليَّ؟ بل لا اعلم لماذا احيى المالكي “سوء فهم جرى حله” وتحدث عنه بعد ثلاث سنوات على الواقعة. ويبدو أنها ستظل جزءاً من التباسات معقدة تحيط بتفاصيل الحياة والموت، والربح والخسارة، في بلاد لقي فيها نصف مليون إنسان مصارعهم، منذ ٢٠٠٣، لأسباب محيرة.
عن “ألمدى”

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة