نقطة ضعف .. هل تدفع العمالة الهندية بالخليج العربي فاتورة الإساءة للنبي ؟

نقطة ضعف .. هل تدفع العمالة الهندية بالخليج العربي فاتورة الإساءة للنبي ؟

وكالات – كتابات :

تؤشر محاولة الحكومة الهندية التخفيف من تداعيات أزمة الإساءة للرسول، إلى قلقها من أوراق القوة التي تمتلكها العديد من الدول الإسلامية تجاه “الهند”، ولا سيما دول الخليج، وتُعد العمالة الهندية في الخليج أقوى هذه الأوراق، فما هو توزيع هذه العمالة، وأي من دول الخليج لديها أكبر جالية هندية ؟

ولدى “الهند” علاقات اقتصادية وثيقة مع دول الخليج، فحجم التجارة الثنائية لـ”الهند” مع دول “مجلس التعاون الخليجي”؛ يُقارب: 154 مليار دولار، وبلغ العجز التجاري الهندي مع هذه الدول نحو: 67 مليار دولار، نتيجة اعتماد “الهند” على واردات “النفط” القادمة من دول الخليج، حسب موقع (إنديا توداي).

و”الإمارات العربية المتحدة”؛ هي الشريك التجاري الثالث لـ”الهند”، بعد “الولايات المتحدة” و”الصين”، حيث تُمثل التجارة معها نحو أكثر من: 7% من إجمالي تجارة “الهند”.

العمالة الهندية في الخليج تُمثل نصف الهنود المقيمين خارج البلاد..

ولكن العمالة الهندية في الخليج تُمثل ذروة العلاقات بين الجانبين، ونقطة قوة أساسية، تجعل الحكومة الهندية حريصة على علاقتها بدول الخليج.

ويُقيم نحو: 09 ملايين عامل هندي في بلدان “مجلس التعاون الخليجي”؛ التي تُعتبَر مصدرًا: لـ 65% من تحويلات المغتربين المالية إلى “الهند”؛ التي تُقدر بنحو: 89 مليار دولار.

وتُعد “نيودلهي” الأولى عالميًا في تلقي تحويلات العاملين في الخارج، متفوقة على “الصين والمكسيك”.

ويُمثل الهنود المقيمون في دول الخليج نصف الهنود الذين يعيشون خارج البلاد.

أي دولة خليجية لديها العدد الأكبر من العمالة الهندية ؟

هناك تضارب في الأرقام حول أكبر دولة خليجية لديها عدد هنود، هل: “السعودية” أم “الإمارات” ؟.

تتحدث بعض التقارير الهندية أن “الإمارات”؛ لديها أكبر جالية هندية، حيث يُقدر عددهم، بنحو: 03 ملايين و400 ألف هندي، مقارنة: بمليوني ونصف هندي في “السعودية”، في شباط/فبراير عام 2020، حسب “وزارة الخارجية” الهندية، فيما تتحدث بعض التقارير السعودية عن وجود: 04 ملايين هندي في المملكة، ولكن من الواضح أن عملية السعودة وغيرها من الإجراءات التي اتخذتها “الرياض” لتقليل العمالة الأجنبية؛ أدت إلى تراجع عدد العمالة الهندية في المملكة، لتُصبح “الإمارات” هي صاحبة أكبر جالية هندية في الخليج.

وفي “الكويت”؛ بلغ عدد الجالية الهندية نحو: مليون و29 ألفًا، وفي “سلطنة عُمان”: 779 ألفًا، و”قطر”: 756 ألفًا، وفي “البحرين”: 332 ألفًا، حسب إحصاءات “وزارة الخارجية” الهندية التي جمعت من بعثاتها الدبلوماسية في الخليج، وفقًا لما ورد في تقرير لموقع (the News Minute) الهندي.

وتُعد الجالية الهندية هي الأكبر بين كل الجاليات العربية والأجنبية، وعلى الأرجح فإنهم عدد أكبر من المواطنين في بعض البلدان الخليجية، مثل “الإمارات”، حيث وصلت نسبتهم في بعض الأعوام إلى نحو: 50% من السكان.

لفهم حجم الهجرة الهندية إلى الخليج، من المهم مقارنتها بالهجرة من دول جنوب آسيا الأخرى. وفقًا لتقرير الهجرة الصادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية لـ”الأمم المتحدة”؛ لعام 2017، من إجمالي: 28 مليون عامل أجنبي في دول الخليج، هناك: 16.9 مليون؛ (60%)، من العمال من جنوب “آسيا”.

وإجمالاً، فإن: 31.5% من المهاجرين هم من “الهند”، تليها “بنغلاديش”: (11%)، و”باكستان”: (10.8%)، ثم “سريلانكا، ونيبال، وأفغانستان”. وهي كلها من دول جنوب آسيا هذه، وتُعد “الفلبين” مصدرًا رئيسًا آخر للعمال الأجانب في منطقة الخليج.

“دبي” مدينة هندية !

يُردّد أبناء الجالية الهندية في الخليج؛ أن “دبي” هي خامس أكبر مدينة هندية.

وبصرف النظر عن التضارب بين التقارير عن احتلال “الإمارات” أو “السعودية” للمركز الأول؛ للجالية الهندية، بين دول الخليج، فإن الوجود الهندي في “الإمارات” هو الأبرز في المنطقة، لأن عدد سكان “السعودية” أكبر بكثير من “الإمارات”؛ وعدد العمالة الأجنبية لديها أكبر، مما يجعل نسبة العمالة الهندية هي الأعلى في “الإمارات” بين دول الخليج الأخرى على الأرجح، كما باتت هناك طبقة تجارية هندية نشطة في “الإمارات”.

وتُستخدم اللغة الهندية في المحاكم الإماراتية بين عدد من اللغات الأجنبية الأخرى؛ مثل الصينية والإنكليزية والفرنسية والروسية، ويبث جزء من المحتوى التليفزيوني في البلاد باللغة الهندية؛ ضمن عدد من اللغات الخاصة بالوافدين الأخرى، حسب الموقع الإلكتروني الرسمي لدولة “الإمارات”.

أزمة عربية كبرى أدت إلى زيادة أعدادهم بشكل كبير..

وزادت هجرة العمال الهنود إلى الخليج بعد الطفرة النفطية في السبعينيات؛ التي أعقبت حرب تشرين أول/أكتوبر 1973، ونمت الأرقام بشكل مطرد مع توسع اقتصادات الخليج بشكل كبير في العقود التالية.

كانت دول الخليج مهتمة بشكل خاص بتوظيف المزيد من العمال من “الهند” ودول جنوب آسيا الأخرى، بسبب استعداد عمال جنوب آسيا لقبول الوظائف التي تتطلب أجورًا منخفضة.

لم يُطالب عمال جنوب آسيا بالحقوق السياسية ولم يتدخلوا في المجالات السياسية والثقافية لدول الخليج، كما أن احتمال أن يكون لهم تأثير ثقافي أو سياسي على المواطنين الخليجيين ضئيل عكس، العمالة العربية، الأمر الذي كان مهمًا للنخب الحاكمة لتثبيت سلطتها.

في المقابل، سمحت أنظمة الخليج للعمالة الهندية؛ (الماهرة وغير الماهرة)، أن تكون ركائز البناء والنفط وقطاعات أخرى لا يتجزأ من اقتصاداتها، حسبما ورد في تقرير لموقع (Medium).

ثم زادت أعداد العمالة الهندية في الخليج مجددًا، بسبب حرب أخرى، ولكنها كانت حربًا داخلية عربية هذه المرة.

فعندما دعت “السعودية” وعدد من دول الخليج؛ القوات الأميركية، لطرد القوات العراقية بعد غزوها لـ”الكويت”؛ عام 1990، وقفت بعض الدول العربية بجانب “العراق”، وأثر ذلك على وضع العمال العرب في دول الخليج، حيث دق هذا الوضع ناقوس الخطر لدى النخب الخليجية.

بعد ذلك أعطيت الأولوية لتوظيف العمال غير العرب، وخاصة من بلدان جنوب شرق آسيا، وفرضت بعض دول الخليج قيودًا على جلب العمالة من الدول التي اعتبرت أنها أيدت “صدام حسين”.

تطور اقتصادات الخليج، واستضافة مثل هذا العدد الكبير من السكان الأجانب، كان له تداعيات على دول “مجلس التعاون الخليجي” في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والآن يتم دفع السياسات لإنشاء: “سوق عمل منزوع التعريب”، حسب الموقع.

العمالة الهندية تتركز في هذه القطاعات..

الهجرة إلى دول “مجلس التعاون الخليجي” توصف بأنها: “مؤقتة”، ولكن من الناحية العملية يعيش العديد من العمال في الخليج لعدة سنوات، مما يؤدي إلى توسيع قاعدة المهاجرين من الجيلين الثاني والثالث.

ويعمل عدد كبير من العمالة الهندية في الخليج، حوالي: 70%، كعمال أو فنيين في قطاع البناء، وخدم منازل وسائقين. ومع ذلك، كان هناك اتجاه متزايد لهجرة ذوي المهارات العالية في العقد الماضي.

خلال المرحلة الأولى من هجرة العمالة من “الهند” إلى الخليج، كان العمال في الغالب من ولاية “كيرالا” الجنوبية؛ وكذلك ولاية “تيلانغانا” و”تاميل نادو”، لكن مؤخرًا ظهرت “أوتار براديش” و”بيهار” على أنها رائدة الولايات الهندية المصدّرة لهجرة اليد العاملة، وكذلك ولاية “بيهار”.

في حين أن الهجرة من ولاية “أوتار براديش” مدفوعة إلى حدٍ كبير بالعمال ذوي المهارات المنخفضة، يُلاحظ تزايد هجرة العمالة الماهرة والمتعلمة من ولاية “كيرالا”.

هبوط في الأعداد وزيادة في التحويلات..

قبل عام 2022، تناقص عدد الهنود المغادرين البلاد للعمل في دول الخليج؛ (حدث تراجع لعدد المهاجرين الجدد السنوي وليس إجمالي عدد المهاجرين بالضرورة).

ومن أسباب هذه الظاهرة ركود الأجور الناجم بشكل رئيس عن تراجع أسعار “النفط”؛ ما جعل دول الخليج جهات أقل جاذبية مما كانت عليه في الماضي. ومن العوامل الأخرى تنفيذ برامج لزيادة توظيف المواطنين الخليجيين في القطاع الخاص؛ وأدت سياسات التوطين إلى تقلص فرص العمل للمهاجرين الهنود وغير الهنود، كما لعبت جائحة (كورونا) دورًا في تقليل توافد العمالة الهندية على دول الخليج.

كما زادت رسوم وضرائب تجديد تصاريح العمل في الخليج، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، إضافة إلى ارتفاع تكلفة المرافق والسلع الأساسية وترشيد دعم الوقود في أغلب دول المنطقة.

ويُعزى تقلص عدد المهاجرين المتجهين إلى الخليج جزئيًا أيضًا إلى تشديد الحكومة الهندية لإجراءات إرسال العمال إلى الخارج. في آيار/مايو 2015، حيث حددت الحكومة الهندية أيضًا حدًا أدنى للأجور لتنظيم أجور العمال المهاجرين الهنود العاملين في وظائف مختلفة؛ (على سبيل المثال، كنجارين وبنائين وسائقين وممرضات وعمال منازل)، في دول الخليج الست.

وعلى الرغم من أن كلا التدبيرين قد وُضعا لحماية مصالح أولئك الذين يسعون للحصول على عمل تعاقدي في الخارج، إلا أن هناك أدلة غير موثقة على أنهما كان لهما تأثير ضار جعل العمال الهنود أقل جاذبية لأصحاب العمل وأرباب العمل.

وللمفارقة، نمت التحويلات بأكثر من: 14% في 2018؛ لتصل إلى: 78.6 مليار دولار على الرغم من التباطؤ العام في الهجرة الهندية إلى المنطقة.

يمكن تفسير ذلك لعدة أسباب أولها بأن العدد الهائل من الهنود الذين يظلون بموجب عقد وما زالوا يحولون جزءًا كبيرًا من أرباحهم. والثاني هو انخفاض قيمة “الروبية”. والثالث هو أن بعض المهاجرين العائدين مؤخرًا أعادوا الثروة المتولدة في الخليج إلى “الهند”. السبب الرابع هو أنه، كما أظهرت البيانات المتعلقة بالمهاجرين الهنود من ولاية “كيرالا”، فإن العديد من العمال المهاجرين في الخليج: “تسلقوا السلم الاجتماعي”، وحصلوا على أجور أعلى مكَّنتهم من تحويل مبالغ أكبر. والخامس أن السكان المغتربين الهنود في الخليج يضمون عددًا كبيرًا من أصحاب الدخل المرتفع الذين لا يتم تسجيل تحويلاتهم المالية في بيانات الهجرة الرسمية.

شكاوى العمالة الهندية..

وتشكو العمالة الهندية في الخليج من مشاكل متزايدة في سياق ظروف المعيشة والعمل، والضمان الاجتماعي، وحقوق العمال الأجانب.

في حين أن “المملكة العربية السعودية” لديها بعض القيود في ممارسة الدين مثل مسألة بناء معبد هندوسي، فإن بعض البلدان؛ مثل “الإمارات العربية المتحدة والبحرين” لديها مجتمعات أكثر: “انفتاحًا” وتتمتع بحرية ممارسة الأعراف أو القيم الثقافية لمجتمعات المهاجرين، حسبما ورد في تقرير لموقع (Medium) الأميركي.

ومع ذلك، فإن التفاعل الاجتماعي والثقافي الشامل أو اندماج مجتمعات المهاجرين في دول الخليج كان غائبًا أو محدودًا، ويظهر الأمر بشكل أوضح بالنسبة إلى العمالة الهندية في الخليج.

هل تنتعش الهجرة الهندية بعد نهاية الجائحة وارتفاع “النفط” ؟

أدت جائحة (كورونا) إلى عودة واسعة من قبل العمالة الهندية في الخليج لبلادها، فيما وصف فيما بأنه أكبر هجرة عكسية منذ أكثر من: 50 عامًا، حيث عاد نحو: 1.1 مليون شخص إلى ديارهم، خلال عشرة أشهر أثناء ذروة الجائحة، حسب تقرير لوكالة (رويترز)؛ نُشر في آذار/مارس 2021.

وقد أدى ذلك إلى قلب حياة العمال وأسرهم، ودمّر الأعمال التي تعتمد على الهجرة بين “الهند” والخليج.

ولكن مع عودة الانتعاش الاقتصادي في تلك المنطقة جراء ارتفاع أسعار “النفط” وانفتاح دول الخليج المتزايد على السفر من “الهند”؛ يعتقد أن منطقة الخليج تشهد الآن عودة أعداد كبيرة منهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة