نقص التمويل يغلق 10 آلاف منظمة مجتمع مدني عراقية ‏

نقص التمويل يغلق 10 آلاف منظمة مجتمع مدني عراقية ‏

قالت صحيفة وول ستريت جورنال ان منظمات المجتمع المدني في العراق من شأنها ان تؤدي دورا ‏حيويا في اعادة بناء الحكومة الا انها تضعف بسبب قصور التمويل وتتوارى وسط زعيق السياسيين ‏ورجال الدين، فيما دعت الامم المتحدة المنظمات الى الحصول على تمويل حكومي.

 وقالت الصحيفة ‏ان في وقت تتأرجح فيه شوارع العراق على شفا حرب اهلية جديدة، فان المنظمات غير الحكومية التي ‏يمكنها المساعدة بإصلاح حكومة البلد المحطمة، تختنق لعدم توافر الأموال من الجهات المانحة ‏الأجنبية.‏
وقالت الصحيفة ان على مدى السنوات العشر الماضية، عمل مراقبو انتخابات، ومجموعات دفاع عن ‏حقوق الانسان، ومستشارو توظيف، ومنظمات مصالحة طائفية، على سد بعض الفجوات التي خلفتها ‏الحكومة العراقية، التي تعيق عملها الانقسامات الداخلية والفساد.‏
وقالت الصحيفة ان ازدهار مجموعات المجتمع المدني يعد من بين اكثر الأمور فخرا من تركات غزو ‏العراق بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والإطاحة بصدام حسين، الذي كان يمنع الجميع على مدى ‏عقود من الزمان باستثناء حزب البعث وشبكات المحسوبية من الانتظام في مجموعات خارج اطار ‏الحكومة.‏
وبعد عقد على تفكيك نظام صدام بأيدي حكومات غربية، هناك تحديات تواجه ناشطي العراق ‏والمدافعين الذين لايعانون الا قليلا من القمع الحكومي في حين ان معاناتهم اكبر بسبب قصور التمويل ‏من المؤسسات المتنوعة ذاتها التي تسعى الى تمكين المواطنين العراقيين من اعادة بناء حكومة بلدهم.‏
وقال مهند نعيم الكناني رئيس منظمة عين لمراقبة الانتخابات في العراق التي لم تستطع إجراء رصد ‏كامل لانتخابات مجالس المحافظات في هذه السنة بسبب قصور التمويل، ان “الولايات المتحدة ابتدأت ‏ثقافة منظمات المجتمع المدني في العراق وضغطوا على الحكومة العراقية للقبول بدور هذه ‏المنظمات”، وأضاف “لكن بدرجة ما، تخلوا عنها ـ تخلوا عن معظم منظمات المجتمع المدني كليا”.‏
لكن الكناني صوت واحد من بين جوقة متناقصة من المؤيدين للديمقراطية ودعاة حقوق الإنسان الذين ‏يتزايد تغييبهم بفعل زعيق السياسيين ورجال الدين، وأغلبهم يتقاتلون في مصالح الطائفة الضيقة أو ‏المنطقة أو العشيرة.‏
وقالت وول ستريت جورنال ان قادة منظمات المجتمع المدني يجادلون بانهم الوحيدون الذين يعملون ‏لتحديث السياسة العراقية بعيدا عن رعاية نظام يجزئه رجال أقوياء وزعماء طائفيون.‏
هناء ادور، الأمين العام لمنظمة امل ومقرها بغداد، وهي منظمة خيرية ومدافعة عن المرأة، تقول ‏‏”يمكنك رؤية ان كل سياسي له ولاء للعشائر، وليس للمواطنة”، وتضيف “اننا نعمل باتجاه كيفية ‏التشديد على مفاهيم المواطنة، وثقافة حقوق الإنسان، ومسائل الجندر ـ فهذه في قلب قضايا بناء دولة ‏ديمقراطية في البلد، وتأمين السلام والأمن”.‏
وتقدر أدور ان ما يقرب من 12 الف منظمة مجتمع مدني انتشرت في العراق في العامين 2005 ‏و2006، لم يتبق منها سوى ألفين.‏
فمنذ خروج القوات الأميركية، ارتفع الخطاب الطائفي الى جانب اتساع عنف مجتمعي: اذ قتل ما يزيد ‏عن 700 شخص في أعمال اقتتال وتفجيرات في مناطق العراق، وكان الشهر الماضي من اكثر ‏الشهور دموية في العراق منذ العام 2008.‏
وتناضل السيدة ادور مع زميلاتها الناشطات ايضا ضد الواقع القاسي في العراق الحديث. فبالرغم من ‏ان البلد يسير في كثير من الاحيان مثل دولة متخلفة مزقتها الحروب، الا ان موارده النفطية ولّدت ‏توقعات بان منظمات المجتمع المدني ينبغي ان تمول نفسها. فالعراق يتوافر على ثالث اكبر ‏احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم وطبقا لما يقول صندوق النقد الدولي، فان اقتصاده سيحقق نموا ‏يقرب من 10 من المئة في العام المقبل.‏
ومع وجود بنية قانونية مناسبة لوضع آلية تمويل فيديرالية لمنظمات المجتمع المدني، فبإمكان العراق ‏ان يمهد الطريق ليكون “بلدا مساهما”، بمعنى انه وبدلا من ان تكون الامم المتحدة هي الممول ومقدم ‏الخدمات، بمقدور الحكومة العراقية ان تدفع اموالا للأمم المتحدة لقاء خبرتها الفنية، ولتكون في نهاية ‏المطاف في وضع يمكنها من التبرع بأموال الى بلدان اخرى، حسب ما تقول جاكلين باكوك، نائب ‏ممثل الامين العام للأمم المتحدة الخاص في العراق.‏
وقالت باكوك انه بالرغم من ان بيروقراطية عمل وكالات الأمم المتحدة المعقدة تجعل من الصعب ‏تحديد اجمالي المبلغ الذي توفره الامم المتحدة لمنظمات المجتمع المدني، الا ان الامم المتحدة ‏والمساعدة الانسانية التي تقدمها سفارات غربية ببغداد قد جفت الى حد كبير.‏
وتقول السيدة باكوك ان “العراق يعد بلدا متوسط الدخل يسير باتجاه ان يكون بلدا ذا دخل عال”، ‏مختتمة بالقول ان “منظمات المجتمع المدني ـ تماما مثل الامم المتحدة ـ تحتاج الى التطلع الى تمويل ‏حكومي”.‏

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة