11 أبريل، 2024 4:34 م
Search
Close this search box.

“نظام المقايضة” خروجًا عن طاعة “ترامب” .. هل ينجح “الاتحاد الأوروبي” في إنقاذ الاقتصاد الإيرايي ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في محاولة لمواجهة التعنت والضغط الأميركي لـ”إيران”، أعلن الأوروبيون عن إنشاء “نظام مقايضة” لمواصلة تجارتهم مع “إيران” والإفلات من “العقوبات الأميركية”، في قرار يشكل ضربة لـ”واشنطن”، وذلك عشية خطاب الرئيس، “دونالد ترامب”، في “الجمعية العامة للأمم المتحدة” الذي حاول فيه التعبئة ضد “إيران”.

المبادرة تهدف إلى إنقاذ “الاتفاق النووي الإيراني”، الذي وقع في 2015، على الرغم من انسحاب “الولايات المتحدة” المدوي منه، في أيار/مايو الماضي. وفي إعلان تلته؛ بالاشتراك مع وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، في “نيويورك”، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، “فيديركا موغيريني”: “عمليًا ستنشيء الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي كيانًا قانونيًا لتسهيل المعاملات المالية المشروعة مع إيران”.

مضيفة، في ختام اجتماع للدول الست التي لا تزال مشاركة في الاتفاق، أن “هذا النظام سيتيح للشركات الأوروبية مواصلة التجارة مع إيران وفقًا للقانون الأوروبي، ومن الممكن أن ينضم إليه شركاء آخرون في العالم”.

وحضر ممثلو هذه الدول الست المتبقية بعد انسحاب “واشنطن”، وهي “فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا وألمانيا وإيران”، الاجتماع الذي عقد على هامش أعمال “الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

مصادر أوروبية قالت؛ إن هذا الكيان الذي يسمى، “الآلية المحددة الأهداف”، (سبيشل بوربس فيهيكل – إس. بي. في)، سيعمل كـ”بورصة تبادل” أو “نظام مقايضة” متطور إنطلاقًا من بيع “النفط الإيراني” مصدر الواردات الأول للبلاد.

غرفة مقاصة..

وأوضح دبلوماسي أوروبي؛ أن “الأمر سيكون أشبه بغرفة مقاصة حين نستورد نفطًا من إيران يتم تسديد المال للآلية المحددة الأهداف، وإن قامت شركة أوروبية لاحقًا ببيع تجهيزات في إيران فسوف يتم التسديد من خلال الآلية”.

وأضاف أن هذه الآلية “تحصن” الشارين والبائعين من خلال تجنيبهم صفقات بـ”الدولار” يمكن أن تعرضهم لـ”عقوبات أميركية”. وأضاف المصدر أن “النفط هو المقابل الوحيد الذي يمكن لإيران تقديمه (…) والآلية تسمح باستخدام عائدات النفط لاستيراد سلع”.

الاستقلال وإنهاء التبعية..

وتسعى السياسة الأوروبية الجديدة نحو تحقيق الاستقلال الأوروبي وإنهاء التبعية لـ”البيت الأبيض”، الأمر الذى يزيد من شأنه من مساحة الخلاف بين الجانبين الأوروبي والأميركي، وهو خلاف مرشح للتصاعد في ظل سياسة “ترامب” نحو “أوروبا”، التي بدأت هي الأخرى في حث أعضاءها على زيادة استثماراتها في المجال العسكري حتى يكون الأوروبيون هم المسؤولين في المقام الأول عن أمنهم، وهو التوجه الذى تسعى “باريس” و”برلين” نحو ترسيخه إلى حد كبير.

يذكر أن “الاتفاق النووي”، الذي وقع في 2015، يستهدف إلى منع “إيران” من امتلاك “سلاح نووي”؛ وإخراجها في الوقت نفسه من عزلتها الاقتصادية برفع العقوبات التي كانت تخنقها. لكن عند خروجه من الاتفاق، أعاد “ترامب” فرض عقوبات قاسية تستهدف أيضًا الشركات والدول الأجنبية التي تواصل التجارة مع “طهران”، وتحت تهديد العقوبات أوقفت مجموعات كبيرة، (الفرنسية توتال والألمانية دايملر..)، لديها نشاطات واسعة في “الولايات المتحدة”، كل نشاط لها في “إيران” خوفًا من إجراءات انتقامية أميركية.

الدفعة الرابعة من العقوبات ستدخل حيز التنفيذ في الرابع من تشرين ثان/نوفمبر 2018، وستطال مباشرة صادرات “النفط الإيرانية” والعمليات المصرفية مع هذا البلد، الذي سينقطع بحكم الأمر الواقع عن الدوائر المالية الدولية.

حماية المكاسب الاقتصادية..

“فيديريكا موغيريني”؛ قالت للصحافيين، إن قنوات الدفع الجديدة يفترض أن تطمئن “الجهات الفاعلة الاقتصادية”، موضحة أن الهدف هو حماية المكاسب الاقتصادية التي تنتظرها “إيران” مقابل بقائها في الاتفاق وتخليها عن “برنامج نووي عسكري”.

وشدد وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس”، على أنه “من أجل إنقاذ الاتفاق، نحن بحاجة إلى حلول عملية تحمي قنوات الدفع والتجارة مع إيران”.

رابع إحتياطي نفطي في العالم..

وتملك “إيران” رابع احتياطات عالمية مثبتة للنفط، بينما يحتاج عدد من الدول، وخصوصًا في “آسيا”، للخام الإيراني، لا سيما أن مصافيها مصممة خصيصًا لمعالجة هذا النوع من النفط وليس غيره. والأوروبيون مصممون على إنقاذ “الاتفاق النووي” لتجنب استئناف البرنامج الإيراني الذي يمكن أن يطلق مجددًا السباق إلى السلاح الذري في المنطقة، ويشعرون بالقلق من أي ضعف للرئيس، “روحاني”، الذي يدافع بشدة عن “الاتفاق النووي”، لكنه لم يجن حتى الآن المكاسب الاقتصادية التي كان يعول عليها لمواجهة التيارات الأكثر تشددًا في النظام.

وقالت “موغيريني”: إن “حماية الاتفاق يخدم مصلحة الأسرة الدولية”.

ومن جانبه؛ أكد الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، لشبكة التليفزيون (إن. بي. سي)، الاثنين الماضي، أن بلاده اختارت البقاء حاليًا في “الاتفاق النووي”.

لن تسمح بتقويض العقوبات..

وردًا على الخطوة الأوروبية، شدد “جون بولتون”، مستشار الأمن القومي الأميركي، على أن “واشنطن” ستفرض العقوبات الاقتصادية على “طهران” بقوة وحزم.

وأعرب “بولتون” بشدة عن رفضه لخطط “الاتحاد الأوروبي” لإنشاء آلية خاصة بهدف التحايل على “العقوبات الأميركية” على صادرات النفط الإيرانية، وقال إن “التكتل كثير الكلام قليل الأفعال”.

وأكد على أن “الولايات المتحدة” لن تسمح لـ”الاتحاد الأوروبي”، أو أي جهة أخرى، بتقويض تلك العقوبات.

خيبة أمل..

فيما عبر وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، عن “إنزعاجه وخيبة أمله العميقة” بعد قرار “الاتحاد الأوروبي”، قائلاً في اجتماع في “نيويورك” أمام لوبي، “متّحدون ضد إيران نووية”، المناهض لحيازة “إيران” السلاح النووي؛ إن “هذا هو أحد أكثر التدابير المؤدية لنتائج عكسية على السلم والأمن الإقليميين الذي يمكن تخيله”.

واتهم “بومبيو”، الاتحاد الأوروبي، بـ”تعزيز وضع إيران كأول دولة راعية للإرهاب” في العالم.

وأضاف: “أتخيل الملالي الفاسدين والحرس الثوري”، قوات النخبة في الجمهورية الإسلامية، “كيف كانوا يضحكون” لدى تلقيهم نبأ الاتفاق على تشكيل هذه الآلية.

يكتسب إطار دولي..

تعليقًا على القرار الأوروبي، قالت “وردة غانم”، خبيرة الشؤون الأوروبية، إننا لا نملك حتى الآن تفسيرًا واضحًا عن هذا الكيان الذي أعلن “الاتحاد الأوروبي” عنه، والذي يهدف إلى مواصلة التجارة بين الدول الأعضاء و”طهران”، لكن ما علمناه من مصادرنا هنا أنه قد يكون نظامًا تجاريًا ماليًا موازيًا؛ يسمح للشركات الأوروبية وغيرها بعقد الصفقات مع “إيران”، دون الخضوع للقوانين الأميركية.

وأضافت “غانم”؛ أن هذا الإعلان الآن مهم جدًا ويحمل رمزية خاصة، لأنه تم التصريح به في منتدى دولي موسع في “نيويورك”، وليس في “بروكسل” أو أي مكان آخر إذًا يكتسب إطار دولي، بحضور “روسيا” و”الصين”.

موضحة؛ أن هذه الآلية ليست أوروبية فقط، ولكنها مفتوحة، وسيتم دعوة الدول لتتقاسم هذه الآلية وبالتالي نحن نصعد مع “الولايات المتحدة الأميركية” خطوة إلى الأمام.

المستفيد الأول..

وقال الدكتور “عبدالرحيم البحطيطي”، خبير الاقتصاد الدولي، إن “الاتحاد الأوروبي” لم يوضح مفصلاً ما هو الإطار القانوني للخطوة الجديدة، موضحًا أن العقوبات التي فرضتها “الولايات المتحدة” على “إيران” تهدف إلى منع إقامة أي تعاملات تجارية مع “طهران”، سواء التجارة بنظام التعامل الدولي سلعة مقابل “الدولار”، أو التجارة بالمقايضة وهي سلعة مقابل سلعة.

موضحًا أنه في حالة نجاح “الاتحاد الأوروبي” في مثل هذا النوع من التجارة، سيكون “الاتحاد الأوروبي” المستفيد الأول منها، مشيرًا إلى أن أي حلول غير رفع “العقوبات الأميركية” ستكون حلول مؤقته ولن تستمر على المدى الطويل.

وسيلة ضغط..

وقال الدكتور “جمال سلامة”، عميد كلية سياسة واقتصاد “جامعة السويس”، إن سياسة الرئيس الأميركي، “ترامب”، أدت إلى توتر العلاقات بينه وبين دول “الاتحاد الأوروبي”، موضحًا أن هذا القرار يأتي في ظل جهود الاتحاد في محاولة البحث عن حل قانوني للتخلص من العقوبات التي تضر بمصالحها.

موضحًا أنه في حالة تطبيق هذا القانون في إطار المقايضات، وهو ما يعني “سلعة مقابل سلعة”، فلن يكون في صالح “طهران”، لأنه سيودي إلى إغراق “إيران” بسلع ليست بحاجة إليها، كما سيؤثر بالسلب على الإحتياطي النقدي لديها.

وأردف أن “الاتحاد الأوروبي” يعلم أن هذا القرار لن يستمر على المدى الطويل، ولكن سيتم استخدامه كوسيلة ضغط على “الولايات المتحدة” حتي ترجع عن سياستها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب