نصر استراتيجي مجاني .. إسرائيل تستغل سقوط الأسد لتوسيع رقعتها باحتلال “جبل الشيخ” والتوغل بالجولان !

نصر استراتيجي مجاني .. إسرائيل تستغل سقوط الأسد لتوسيع رقعتها باحتلال “جبل الشيخ” والتوغل بالجولان !

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

ما إن سقط نظام الرئيس السوري؛ “بشار الأسد”، وانسحب الجيش السوري من العديد من المناطق الحدودية، إلا وكانت “إسرائيل” أول المستفيدين من ذلك، حيث استغلت الفرصة لتوسيع وجودها في “سورية”، وسيطرت قواتها على منطقة “جبل الشيخ” السورية وأعلنت عن إنشاء منطقة عازلة، وهو ما أثار التساؤلات حول أهداف “إسرائيل” وخططها المستقبلية في ظل الفراغ الأمني والسياسي.

أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن قوات وحدة (شيلداغ) سيّطرت على منطقة “جبل الشيخ” السورية دون مقاومة تُذكر. وفي خطوة لافتة، قرر مجلس الوزراء الإسرائيلي احتلال هذه المنطقة وإنشاء منطقة عازلة تخضع لرقابة الجيش الإسرائيلي على الحدود مع “سورية”.

وأصدر “أفيخاي أدرعي”؛ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، تحذيرًا عاجلًا للسكان في جنوب “سورية”، داعيًا أهالي القرى والبلدات التالية إلى ملازمة منازلهم: “أوفانية، القنيطرة، الحميدية، الصمدانية الغربية، القحطانية”.

وأشار “أدرعي” إلى أن القتال الدائر في المنطقة: “يُجبر جيش الدفاع على التحرك”، مؤكدًا أن الجيش: “لا ينوي المساس بالسكان المدنيين”.

إلغاء اتفاق 74..

وصرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، في وقتٍ سابق، بأن الأوامر صدرت للقوات بالتمركز: “في المنطقة العازلة وعدة أماكن أخرى ضرورية لمهام الدفاع”.

وأضاف “نتانياهو”: “لن نسمح لأي قوة معادية بأن تتمركز على حدودنا”، مشددًا على أن “إسرائيل” مهتمة بإقامة: “علاقات حسن جوار” مع “سورية”.

وفي كلمة له على مقربة من الحدود السورية؛ قال “نتانياهو”، إن الاتفاق الذي أبرم مع “سورية” في العام 1974: “انهار.. وتخلى الجنود السوريون عن مواقعهم”، مشيرًا إلى أنه أمر جيشه: بـ”السيطرة على هذه المنطقة العازلة ومواقع القيادة المجاورة لها، ولن نسمح لأي قوة معادية بأن تستقر على حدودنا”.

استمرار التوغل في “الجولان”..

وفي سيّاق متصل؛ قالت القناة (13) الإسرائيلية، إن الجيش الإسرائيلي يدرس استمرار التوغل في الأراضي السورية لتوسيع المنطقة العازلة في “الجولان”.

وكانت “إسرائيل” قد استولت على “مرتفعات الجولان” من “سورية” خلال حرب عام 1967، إلا أنه لم يتم الاعتراف بهذا الاحتلال دوليًا، باستثناء “الولايات المتحدة”.

تاريخ “جبل الشيخ” في الصراع..

وبعد سيّطرة “إسرائيل” عليه يُعتبر “جبل الشيخ”؛ المعروف أيضًا باسم: (حرمون)، موقعًا استراتيجيًا مهمًا في الصراع بين “إسرائيل” و”سورية”، ويتميّز بموقعه الجغرافي الذي يتُيح السيّطرة على أجزاء واسعة من “سورية ولبنان وفلسطين المحتلة”، هذا الموقع الجغرافي جعله محورًا للصراعات العسكرية والسياسية منذ منتصف القرن العشرين.

أهميته الجغرافية والاستراتيجية..

ويُعتبر “جبل الشيخ” هو أعلى نقطة في سلسلة جبال “لبنان” الشرقية؛ ويمتد على الحدود بين “سورية ولبنان وإسرائيل”، ويشرف على “هضبة الجولان” التي تحتلها “إسرائيل”؛ منذ عام 1967، ما يمنح من يسيَّطر عليه ميزة استراتيجية في مراقبة وتوجيه العمليات العسكرية.

حرب 1948 “النكبة”..

خلال حرب 1948؛ حاولت القوات الإسرائيلية السيّطرة على منطقة “جبل الشيخ”، لكن الحدود ظلت تحت سيطرة “سورية ولبنان” في تلك المرحلة.

حرب 1967 “النكسة”..

واحتلت “إسرائيل”؛ في حزيران/يونيو 1967، “هضبة الجولان”، بما في ذلك أجزاء من سفوح “جبل الشيخ”، وبعد الحرب، بنت “إسرائيل” مراصد عسكرية على الجبل للاستفادة من موقعه الاستراتيجي في مراقبة التحركات السورية.

حرب 1973 “حرب أكتوبر”..

كان “جبل الشيخ” مسرحًا لمعارك شرسة بين القوات السورية والإسرائيلية، وفي بداية الحرب، سيطرت القوات السورية على قمة الجبل، لكن “إسرائيل” استعادت السيطرة لاحقًا.

وعُرفت المعركة حول “جبل الشيخ”: بـ”معركة العيون”، نسبة إلى أهمية مواقع الرصد والمراقبة فيه.

ما بعد 1973..

وبقيت الأجزاء التي احتلتها “إسرائيل” من “جبل الشيخ” تحت سيّطرتها، وهي تعتبر جزءًا من “هضبة الجولان” المحتلة، كما أنشأت الأولى منتجعات للتزلج في الجبل في محاولة لتعزيز وجودها المدني هناك.

ولا تزال “سورية” تعتبر “جبل الشيخ” و”الجولان” أراضٍ سورية محتلة، وتُطالب بعودتها وفق قرارات “الأمم المتحدة”.

ويُعتبر الجبل نقطة مراقبة رئيسة ضمن جهود حفظ السلام الدولية، حيث توجد قوات “الأمم المتحدة”؛ (UNDOF)، للإشراف على وقف إطلاق النار بين “سورية” و”إسرائيل”.

اتفاقية فض الاشتباك..

تم توقيع اتفاق فض الاشتباك في 31 آيار/مايو 1974؛ بين “سورية” و”إسرائيل”، بـ”جنيف”، بحضور ممثلين عن “الأمم المتحدة والاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية”.

وجاء فيها: “تُراعي إسرائيل وسورية مراعاة دقيقة وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو، وتمتنعان عن كل الأعمال العسكرية ضد بعضهما البعض منذ توقيع هذه الوثيقة، تطبيقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (338)؛ المؤرخ في 22 تشرين أول/أكتوبر 1973″، وقد اخترقت “إسرائيل” هذه الاتفاقية عقب انسحاب الجيش السوري في 08 كانون أول/ديسمبر الجاري.

إنجاز استراتيجي مجاني..

ورُغم أن “إسرائيل” أعلنت أن هذا الوجود مؤقت؛ فإن “نضال كناعنة”، محرر الشؤون الإسرائيلية في (سكاي نيوز عربية)، أشار إلى أن: “إسرائيل لها تاريخ في تحويل الخطوات المؤقتة إلى دائمة”.

والسيّطرة على منطقة “جبل الشيخ” تُمثل: “إنجازًا استراتيجيًا مجانيًا” لإسرائيل، خاصة أنها منطقة شهدت معارك دامية في حروب سابقة بين “سورية” و”إسرائيل”.

تبُرر “إسرائيل” تحركاتها الأخيرة بالقول إنها تهدف إلى حماية المستوطنات في “الجولان” ومنع تسلل المجموعات المسلحة إلى أراضيها. ومع ذلك، تُشير التطورات إلى أن الخطوات الإسرائيلية تتجاوز مجرد الدفاع إلى تعزيز نفوذها الإقليمي.

تبلغ مساحة المنطقة العازلة التي سيّطرت عليها “إسرائيل” نحو: (235) كيلومترًا مربعًا، أي ما يُعادل حوالي: (60%) من مساحة “قطاع غزة”.

هذه السيّطرة الواسعة تمت دون أي مقاومة تُذكر؛ مما دفع “نتانياهو” إلى التفاخر سياسيًا بأن “إسرائيل” حصلت على هذه الأراضي دون إطلاق رصاصة واحدة.

لكن المحلل “كناعنة”؛ حذر من أن “إسرائيل” قد لا تلتزم بخط المنطقة العازلة فقط، بل ربما تمتد سيطرتها إلى مناطق أعمق داخل الأراضي السورية إذا رأت أن هناك نقاط ضعف أمنية في المناطق المحاذية.

استغلال إسرائيلي للفوضى الأمنية..

انسحاب الجيش السوري من منطقة “جبل الشيخ” أفسح المجال أمام “إسرائيل” للتوسع بسرعة، مستغلة الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد. جيش الاحتلال الإسرائيلي حذر سكان خمس بلدات سورية جنوبية من مغادرة منازلهم، ما يعكس سيطرة “إسرائيل” الكاملة على المنطقة الحدودية.

مع ذلك؛ أشار “كناعنة” إلى أن: “تهديد الفصائل المسلحة في هذه المناطق يبدو مبالغًا فيه”، إذ لم تكن هناك مواجهات عسكرية حقيقية أو تهديد مباشر يستدعي هذه الخطوة. القرار الإسرائيلي باحتلال “جبل الشيخ” يبدو أنه اتخذ مسبقًا كجزء من خطة استراتيجية لضمان تفوق “إسرائيل” على الساحة السورية.

يُعيد تشّكيل الخريطة الأمنية والسياسية..

والتوسع الإسرائيلي في “سورية” يُثير مخاوف عديدة بين الدول المجاورة، خصوصًا “الأردن ولبنان”. وجود “إسرائيل” على الحدود السورية بشكلٍ موسع قد يُعيّد تشكيل الخارطة الأمنية والسياسية في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك؛ فإن هذا التوسع يعكس رغبة “إسرائيل” في استغلال اللحظة التاريخية بعد سقوط “الأسد” لتعزيز نفوذها الإقليمي.

ومع سقوط نظام “الأسد”، فإن مستقبل “سورية” بات غامضًا، فـ (هيئة تحرير الشام)، التي كانت مرتبطة بتنظيم (القاعدة)، باتت من اللاعبين الرئيسيين في المناطق التي تسيَّطر عليها المعارضة، وهو الوضع الذي يُثير قلقًا لدى “إسرائيل” والدول الغربية بشأن إمكانية تحول “سورية” إلى مركز للجماعات المتشددة. كما تزعم.

لكن “كناعنة” أشار إلى أن “إسرائيل” ترى في هذه الفوضى فرصة لتعزيز أمنها عبر السيّطرة على مناطق استراتيجية، مثل “جبل الشيخ” والمناطق الحدودية في “الجولان”.

في ظل الفراغ الأمني والسياسي في “سورية”، تواجه المنطقة تحديات كبيرة قد تؤدي إلى صراعات جديدة أو ترتيبات سياسية غير مسبّوقة.

وبحسّب “كناعنة”: “يبقى السؤال الأهم: هل ستتوقف إسرائيل عند حدود المنطقة العازلة، أم أنها تخطط لتوسيع سيطرتها مستغلة حالة الفوضى ؟”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة