10 أبريل، 2024 10:02 ص
Search
Close this search box.

نصح واشنطن بتقسيم أفغانستان .. مستشرق إسرائيلي يشبه الاتفاق بينهما بـ”صلح الحديبية” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

يقول المستشرق الإسرائيلي، “مردخاي كيدار”: لقد توصلت “الولايات المتحدة الأميركية” وحركة “طالبان” مؤخرًا، إلى اتفاق سلام بينهما، يقضي بانسحاب القوات الأميركية من “أفغانستان”، بعد أن قامت بغزوها في السابع من تشرين أول/أكتوبر عام 2001، أي بعد مرور أقل من شهر على تفجيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر من العام نفسه.

وكان تنظيم (القاعدة) قد تمركز في “أفغانستان” – التي وصفها “كيدار” بالدولة الفاشلة – وهناك خطط لتنفيذ تفجيراته التي استهدفت برجي “مركز التجارة العالمي”، مما أوقع  أكثر من 3000 قتيل.

سرعة سقوط حكم “طالبان”..

بحسب “كيدار”؛ في غضون أيام قليلة، تم إسقاط نظام حكم “طالبان” وتمكن “التحالف الغربي” – الذي ضم “الولايات المتحدة”، بقيادة “جورج بوش” الإبن، ودول حلف (الناتو) وأستراليا – من السيطرة على كل أرجاء الدولة الأفغانية خلال أقل من شهر, فيما تم القضاء تمامًا على نظام حكم “طالبان” وسقطت جميع منشآت الدولة والمواقع الإرهابية في يد قوات “التحالف الغربي”.

وكثير من الإرهابيين، الذين جابوا البلاد شرقًا وغربًا، قد لاقوا حتفهم، وأما الباقون فإما فروا هاربين للدول المجاورة أو وقعوا في الأسر. وساد الإنطباع بأن مقاتلي “طالبان” لن يستعيدوا قوتهم على الإطلاق، وأن “أفغانستان” لن تكون دولة للإرهاب بعد ذلك.

تحول مُفاجيء !

لكننا فوجئنا الآن بأن “الولايات المتحدة” قد توصلت إلى اتفاق مع حركة “طالبان”، تلك الحركة الإسلامية التي سبق وأن حولت “أفغانستان” إلى دولة إرهابية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف حدث ذلك التحول المفاجيء الذي جعل من تلك الحركة شريكًا في اتفاق سلام مع “الولايات المتحدة” ؟.. وكيف أن “الولايات المتحدة”، تلك الدولة العظمى التي شنت حربًا شعواء استمرت 17 عامًا ضد حركة ذات قوة محدودة، تقبل في نهاية المطاف أن تكون “طالبان” شريكًا لها في اتفاقية سلام ؟

أفغانستان متعددة الأعراق..

يتحدث “كيدار”؛ عن سبب تمزق الشعب الأفغاني، فيقول إن مصدر كل المشاكل في تلك الدولة هو أنها تتكون من قرابة عشر مجموعات عرقية، لم تتحد ذات يوم لتصبح شعبًا واحدًا متماسكًا.

وأشهر المجموعات العرقية، التي يتكون منها الشعب الأفغاني، هي: “البشتون والطاغيك والأوزبك  والبلوش والتركمان” وغيرهم. وما يزيد من تفكك الشعب الأفغاني؛ أن كل مجموعة عرقية لها سماتها الخاصة، حتى فيما يتعلق باللغة والملبس والثقافة والمفاهيم والقيادة والمصالح والميليشيات المسلحة.

أضف إلى ذلك؛ أن التعاون بين تلك المجموعات محدود للغاية. فأي نزاع بين تلك المجموعات العرقية – وكثيرًا ما يحدث – عادة ما يتفاقم فتندلع الحرب على إثره بين الميليشيات، مما يُصيب الدولة بالشلل التام.

الدعوة لتقسيم أفغانستان..

قبل الحديث عن الاتفاق بين “الولايات المتحدة” وحركة “طالبان”، بدأ “كيدار” بقصة شخصية له.

ففي كانون ثان/يناير من عام 2009، تولى “باراك أوباما”، سدة الحكم في “الولايات المتحدة”. وفي تشرين أول/أكتوبر من العام نفسه، جمع كل المختصين المعنيين بالشأن الأفغاني – من “وزارة الخارجية” و”وزارة الدفاع” ومختلف الأجهزة الاستخباراتية – لعقد سلسلة طويلة من المناقشات حول الإستراتيجية التي ينبغي على “واشنطن” إتباعها فيما يخص “أفغانستان”، وذلك بعد أن قاتلت القوات الأميركية بها لأكثر من سبع سنوات، دون أن يلوح حل في الأفق.

وكانت إحدى الشخصيات البارزة، المشاركة في ذلك النقاش، هو “ريتشارد هولبروك”، المسؤول في “وزارة الخارجية” الأميركية، وكان آنذاك يعمل مبعوثًا خاصًا إلى “أفغانستان” و”باكستان”.

يُضيف “كيدار”؛ بأنه تلقى حينها دعوة لحضور المؤتمر السنوي لـ”رابطة الباحثين في دراسة الشرق الأوسط وإفريقيا”، (ASMEA)، وكان الاجتماع في “واشنطن”. وخلال المؤتمر، عرض “كيدار” مقالاً كتبه بمشاركة زميل له؛ بعنوان: (القبلية في العالم العربي والإسلامي وأثرها على بناء الدولة).

وكانت الفكرة المحورية في ذلك المقال؛ هي أنه ليس هناك ما يدعو لإهدار مزيد من الوقت والجهد في بناء دولة غير متجانسة أصلاً، لأن الجماعات العرقية المختلفة لن تؤدي في النهاية لقيام دولة متماسكة. لذا فمن الأفضل تفكيك البلدان التي تعاني من تعدد الأعراق، إلى دويلات متجانسة، لأن فرص نجاح تلك الدويلات ستكون أفضل بكثير.

وما زال الحديث لـ”كيدار”؛ فيقول: “طلب مني أحد مستشاري، هولبروك، أن أرسل له المقال عبر البريد الإلكتروني، ولقد أرسلته بالفعل. ولكن بعد نصف ساعة – وهو الوقت الكافي لقراءة المقال – أتصل بي المستشار وقال غاضبًا: أتزعم أنه لا يوجد شعب أفغاني ؟.. فأجبته: أجل، لا يوجد شعب أفغاني، وأنا لست عنصريًا، لأن سكان أفغانستان هم عشر شعوب متباينة ومختلفة الأعراق؛ ولم يكونوا أمة واحدة ذات يوم، وإذا لم تقوموا بتفكيك تلك الدولة المشلولة، وتُقيموا لكل مجموعة عرقية دولة خاصة، فستظلون قابعين في ذلك المستنقع الأفغاني، عشر سنوات أخرى على الأقل. فأنهى المستشار المكالمة غاضبًا”.

واشنطن تُعيد أفغانستان للمربع الأول..

وبالفعل تورطت “الولايات المتحدة” في المستنقع الأفغاني، لما يقرب من عشر سنوات منذ تلك المكالمة.

والآن تقوم “الولايات المتحدة” بإعادة “أفغانستان” إلى نفس المربع الأول: أي إلى دولة غير متجانسة، بل وغير شرعية في نظر غالبية مواطنيها، وتحت سيطرة حركة إسلامية متطرفة تؤمن بضرورة القضاء على “الولايات المتحدة” والغرب ومحوهما من الوجود.

الولايات المتحدة يجب أن تكون خاضعة للمسلمين..

يشير “كيدار” إلى أنه لم يطلع على بنود الاتفاق المذكور، ولا يعلم إن كانت هناك عقوبات إذا لم يتم الوفاء به. لكنه على يقين من أن حركة “طالبان” ستفعل كل ما في وسعها للتنصل من الاتفاق في أقرب وقت ممكن، ذلك لأن “طالبان” تعتبر “الولايات المتحدة”، دولة نصرانية كافرة. ويجب أن تكون “الولايات المتحدة” – وفقًا للشريعة الإسلامية – خاضعة للمسلمين، ويجب أن يكون مواطنوها بمثابة “أهل ذمة”، لهم حقوق منقوصة ولا يجوز لهم محاربة المسلمين أو إجبارهم على قبول الاتفاقيات.

كما يزعم “كيدار” أن مسؤولي حركة “طالبان” يعتبرون الاتفاقية مع “الولايات المتحدة”، مثل “اتفاقية الحديبية”، التي وقعها نبي الإسلام، “محمد”، مع “كُفار مكة” من أجل التصالح لقرابة عشر سنوات، لكنه أخل بالاتفاقية بعد عامين فقط، عندما أغفل الكُفار ولم يأخذوا حذرهم.

وها هي “الولايات المتحدة” تنسحب من “أفغانستان”، بعد 18 عامًا، من الحرب التي تكاد لم تُسفر عن أي إنجاز طويل الأمد. إذ لم تصبح “أفغانستان” دولة ديمقراطية، كما أنها لا تحترم حقوق المرأة، ولم تحل الميليشيات المسلحة. ولا أشك أنه قريبًا سيتم خرق بنود الاتفاق بين “طالبان” و”الولايات المتحدة”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب