نشر الدفاعات الجوية فوق المباني .. لماذا أقدم العراق على تلك الخطوة والآن بالذات ؟

نشر الدفاعات الجوية فوق المباني .. لماذا أقدم العراق على تلك الخطوة والآن بالذات ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة أثارت العديد من التساؤلات؛ نشرت قيادة الجيش العراقي سلسلة من منظومات الدفاع الجوي “غير المتطورة” على أسطح المباني في منطقتي “العامرية” و”الغزالية”؛ اللتين تُعّدان المدخل الغربي للعاصمة؛ “بغداد”، ويقعان قرب “مطار بغداد الدولي”.

وانتشرت مقاطع فيديو تُظهر تركيز الدفاعات الجوية في “بغداد” على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أثار مخاوف الأهالي من حقيقة ما يجري، في خطوة وصفوها بغير مسّبوقة خلال الحروب التي شهدتها البلاد في العقود الماضية.

وذّكرت بعض الأجيال بـ”حرب عاصفة الصحراء”؛ في عام 1991؛ والغزو الأميركي لـ”العراق” في عام 2003، لكون هذه الفترة الزمنية شهدت انتشار تلك المنظومات بشكلٍ واسع بسبب المواجهات بين المضادات الجوية العراقية وطيران “التحالف الدولي”؛ التي استمرت طوال 11 عامًا.

وتُعتبر هذه هي المرة الأولى بعد تسعة أعوام؛ التي يتم فيها نشر مضادات جوية في “بغداد” وبعض المدن العراقية، إذ نشرت الحكومة العراقية في حزيران/يونيو 2014، مضادات جوية في عدد من مناطق العاصمة وبعض المدن العراقية الأخرى؛ بعد سّيطرة تنظيم (داعش) على “الموصل وتكريت” وأجزاء واسعة من “ديالي والأنبار”.

إجراء روتيني يستهدف حماية سماء العراق..

وفسّرت قيادة العمليات المشتركة في “العراق”؛ وهي الجهة المُشرفة على جميع القطاعات العسكرية في البلاد، أن: “ما جرى مجرد انتشار روتيني لا علاقة له بتطورات داخلية”.

وصرح المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة؛ لعدد من القنوات الفضائية العراقية والعربية، أن: “هذه الأسلحة تابعة لمنظومة الدفاع الجوي، ونصبها فوق المباني الحكومية هدفه حماية سماء العراق من أي اعتداء”، مؤكدًا أن ما حصل: “إجراء روتيني تتبعه كل دول العالم”.

لحماية أبراج الكهرباء..

فيما كشف الناطق باسم وزارة الكهرباء؛ “أحمد موسى”، عن إيعّاز رئيس الحكومة؛ “محمد شيّاع السوداني”، بتسيّير طائرات مُسيّرة لحماية أبراج نقل الطاقة الكهربائية وحمايتها من التخريب. وأشار “موسى”؛ في تصريح أمس الأول إلى أن: “السوداني وجّه بتسيّير هذه المُسيّرات من أجل حماية ومراقبة أبراج الكهرباء”، مضيفًا أن: “المخربين استهدفوا المستشفيات ومحطات تصفية المياه”.

وكان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة؛ اللواء “يحيى رسول”، قد أكد: “وضع خطّة دقيقة تقوم على تقسّيم قواطع المسؤولية وإدخال الجهد الفني والاستخباري؛ خاصة استخدام الطائرات المُسيّرة والاستطلاع الجوي ومحاسّبة المقصرين”.

وشكلت الكهرباء في وقت سابق؛ لجنة مشتركة مع وزارتي “الداخلية” و”الدفاع”، لتأمين حماية الأبراج تزامنًا مع استمرار تحقيقاتها في أعمال التخريب التي طالت الأبراج.

وفي تطور؛ أفاد مسؤول محلي في “صلاح الدين”، بإطلاق خطة تمّدد وتوسّع أمني مع محافظة “الأنبار” المجاورة لحماية أبراج الطاقة من الجماعات التخريبية. وقال مدير الناحية؛ “عزام كامل”، في تصريح أمس؛ أن: “(اللواء 91)، من الجيش مّدد تواجده نحو المناطق المحرمة بين ناحية الصينية وقضاء حديثة في حدود الأنبار لحماية أبراج الطاقة من التخريب والاستهداف”، مشيرًا إلى أن: “خط الأبراج الكهربائية؛ جهد 400 كي في، يمتد لمسّافة: 120 كيلومترًا بين الأنبار وصلاح الدين، وأن أكثر من: 30 كيلومترًا خارج الحماية ضمن المناطق المّحرمة، حيث تم تقليصها والتوسّع بداخلها لمنع أي استهداف للأبراج”، ولفت إلى: “نشر الدوريات الثابتة والمتحركة لحماية الأبراج في المناطق المهددة؛ إلى جانب خطط المراقبة الجوية لأبراج الطاقة”.

تؤشر لاحتمالية الاشتباك في مسرح الأحداث..

وعّد خبير أمني؛ إجراءات “وزارة الدفاع” بنشر دفاعات جوية على أسطح مباني حكومية في بعض مناطق “بغداد”، خطوة اسّتباقية تُعزز أمن “بغداد” من تهديدات متوقعة، قائلاً الخبير؛ “أحمد الشريف”، أن: “نشر المضادات الدفاعية يأتي ضمن إطار تشكيل حزام ناري وفق ما يُعرف باحتمالات التهديد التي تزامنت مع زيارة وزير الدفاع؛ ثابت العباسي، للولايات المتحدة، وبالتالي فإنه يمكن اعتبار الخطوة جزءً من مجريات المعركة”، وتابع أن: “هناك احتمالية مواجهة عسكرية شرق سوريا، وهذا قد يقود لردود فعل من قبل فصائل مسلحة، حيث لا يمكن عّد الإجراءات مجرد مقتضيات ردع استراتيجي، بل إنها تدل على احتمال اشتباك في مسّرح الأحداث بالعراق”.

مخاوف من تطورات إقليمية..

ويرى خبراء آخرون في الشأن العراقي؛ أن انتشار هذه المنظومات هو جزء من مخاوف عراقية نابعة من التطورات التي تشهدها المنطقة، وخصوصًا المعلومات حول تدخل أميركي وشيك في “دير الزور” و”البو كمال” لطرد الجماعات المسّلحة الموالية لـ”إيران”؛ وإمكانية أن تؤدي مثل هذه العملية إلى تعرض “المنطقة الخضراء” إلى هجمات بالطائرات المُسيّرة.

وأفاد المستشار العسكري؛ “صفاء الأعسم”، بأن: “نشر منظومات الدفاع الجوي على بعض المباني، إجراء روتيني تقوم به عادة القوات الأمنية العراقية، لكنه أيضًا جزءً من مخاوف عراقية من تطورات الوضع في سوريا”.

وقال “الأعسم”؛ إن: “ما حصل من نشر للمضادات الجوية؛ هو إجراء رسّمي تقوم به الجهات الأمنية العراقية لكون منظومات الدفاع الجوي يجب أن تنتشر بشكلٍ متوازن في جميع مناطق العراق ابتداءً من الحدود الجنوبية والشرقية والغربية والشمالية”، مبينًا أن: “هذا الإجراء يدخل ضمن خطط وزارة الدفاع”.

حذر أمني حيال تهديدات داخلية..

ولم يسّتبعد “الأعسم”؛ أن يكون نشر بعض هذه المنظومات: “جزء من المخاوف العراقية من حدوث توتر جديد في سوريا جراء الانتشار الأميركي، فضلاً عن مخاوف من انطلاق طائرات مُسيّرة تجاه المنطقة الخضراء، ولذلك فإن الاحترازات الأمنية التي تتخذها القوات العراقية طبيعية”.

وأوضح أن: “العراق يفتقر إلى أسلحة دفاع جوي متطورة، وعدم حصوله عليها سببه أن حماية أجواء البلاد كانت لسنوات طويلة من مسؤولية الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أنه: “من الضروري أن يُحّدث العراق منظومة الدفاع الجوي لديه”.

لافتًا إلى أن: “العراق غير متخوف من حدوث تجاوزات من الخارج إلا أن التدابير المتخذة تدخل في باب الحذر الأمني حيال التهديدات في الداخل، وهو ما حدث في مرات عدة في السابق”.

يرتبط بالانتشار الأميركي..

من جهة أخرى؛ ربط مدير مركز (الجمهورية) للدراسات الأمنية والاستراتيجية؛ “معتز محيي عبدالحميد”، بين نشر منظومة الدفاع الجوي والتوتر في منطقة الشرق الأوسط ووصول قوات من الـ (مارينز) إلى عدد من الدول.

وقال “عبدالحميد”؛ إن: “نشر هذه المنظومة؛ ربما له علاقة بالانتشار الأمني في منطقة الشرق الأوسط ووصول قوات الـ (مارينز) إلى الأردن وشمال العراق وقطعات بحرية إلى منطقة الخليج”، مشيرًا إلى أن بعض التحليلات ذكرت أن: “الانتشار الأميركي موجه إلى إيران؛ لا سيما بعد حجزها عددًا من ناقلات النفط وتهديدها لحركة الملاحة”.

موضحًا أن: “هذا الأمر دفع الولايات المتحدة إلى التلويح بحماية الناقلات من هذه القرصنة؛ وهناك تحليل من بعض المحللين العسكريين يقول إن العراق سيكون هدفًا لهجوم أميركي يستهدف بعض الفصائل”، متسائلاً عن سبب نشر هذه الأسلحة في أجزاء معينة من “بغداد” فقط وعدم وجود توضيح في شأنها من قبل الأجهزة الأمنية العراقية.

وتابع “عبدالحميد”؛ أن: “هذه الأسلحة بدائية وانتهى مفعولها حتى في الدول المتخلفة. والنظام السابق استخدم هذه الخطوات قبل الغزو الأميركي في عام 2003؛ وتم نشر منظومات الدفاع الجوي على أسطح المباني الحكومية”، مؤكدًا أنها: “لم تؤثر في سّير المعارك لكون الأسلحة المهاجمة كانت متطورة جدًا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة