نزيف العُملات المشفرة مستمر .. ما الأسباب وكيف سيكون مستقبلها ؟

نزيف العُملات المشفرة مستمر .. ما الأسباب وكيف سيكون مستقبلها ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

عانت العُملات المشفرة بخسائر كبيرة في غضون الأيام الماضية، وهو ما أثار المخاوف بشأن مستقبلها مع استمرار الاضطراب في الأسواق العالمية.

وتراجعت القيمة السوقية للعُملات المشفرة أمس إلى: 903.20 مليار دولار؛ مقابل: 953.57 مليار دولار.

وانهار سعر (بيتكوين-Bitcoin BTC) العُملة الرقمية الأكبر والأشهر في العالم، أمس الأربعاء 15 حزيران/يونيو 2022، بنسبة: 6.08% لتصل إلى: 21,188.80 دولار.

وتراجعت القيمة السوقية لعُملة (بيتكوين) خلال تعاملات أمس إلى: 404.025 مليار دولار، مقابل: 485.41 مليار دولار أمس الأول.

وفي وقت سابق أمس الأول، هوت (بيتكوين) بما يصل إلى: 7.3 بالمئة مسجلة نحو: 20 ألف دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ كانون أول/ديسمبر 2020.

وهبطت العُملة المشفرة الأكبر والأشهر في العالم: 15%، الإثنين الماضي؛ في أكبر خسارة ليوم واحد منذ آذار/مارس 2020. وخسرت حوالي نصف قيمتها هذا العام وأكثر من: 20% منذ يوم الجمعة.

ومنذ أن سجلت مستوى قياسيًا مرتفعًا عند: 69 ألف دولار في تشرين ثان/نوفمبر، هوت (بيتكوين) حوالي: 70%.

أسعار العُملات المشفرة أمس..

وتراجع سعر عُملة (إيثريوم-Ethereum ETH)؛ بنسبة: 8.23% مسجلًا: 1,124.76 دولار.

ونزل سعر (بينانس كوين-Binance coin BNB)؛ بنحو: 6.59% ليبلغ: 212.09 دولار.

وهبط سعر عُملة (الريبل-XRP)؛ ما نسبته: 4.15% إلى: 0.3049 دولار.

ونزل سعر عُملة (كاردانو-Cardano)؛ ما نسبته: 5.18% إلى: 0.3049 دولار.

كما نزل سعر (بولكادوت-Polkadot)؛ بنحو: 2.09% ليصل إلى: 7.215 دولار.

ونزل سعر (دوغكوين-DOGE/USD)؛ بنحو: 8.52% ليصل إلى مستويات: 0.05242 دولار.

وتُعتبر العُملات المشفرة بمثابة وسيلة دفع رقمية غير نقدية، ويتم إدارتها وتداولها في نظام دفع لا مركزي على الإنترنت؛ ويحظى بحماية شديدة بعيدًا عن سيطرة البنوك وتحكمها.

وحسب إحصائيات منصة (Crypto.com) لتداول العُملات الرقمية المشفرة، كان هناك ما يقرب من: 300 مليون شخص يمتلكون عُملات رقمية مشفرة مع نهاية 2021.

تجميد عمليات السحب والتحويلات..

وكإجراء وقائي، جمدت شركة إقراض العُملات المشفرة الأميركية الكبرى؛ (سيوليس نيتورك-Celsius Network)، عمليات السحب والتحويلات مستشهدة بظروف قاسية، في أحدث مؤشر على أن اضطراب السوق المالي يُسبب ضائقة في عالم العُملات المشفرة.

تسريح موظفي بورصات العُملات المشفرة..

وبسبب إنهيار العُملات المشفرة، أعلنت (Coinbase)، وهي واحدة من أكبر بورصات العُملات المشفرة في العالم، في ملف تنظيمي، أنها تُخطط لتسريح حوالي: 1100 موظف أو حوالي: 18% من إجمالي قوتها العاملة، حيث قالت منصة العُملات المشفرة إن قوتها العاملة ستنخفض إلى حوالي: 5000 عامل بحلول نهاية الربع الثاني من عام 2022، وفي وقت سابق من هذا الشهر، بدأت الشركة في إلغاء عروض العمل عبر بريد إلكتروني جماعي لمرشحي التوظيف.

خطورة للصالح العام..

تعليقًا على ذلك الإنهيار؛ قال “أندرو بيلي”، محافظ “بنك إنكلترا”، أمام المشّرعين الإثنين الماضي؛ إنه على الأشخاص الاستعداد لتكبد خسائر كبيرة في حالة أن قرروا الاستثمار في العُملات المشفرة.

وأضاف “بيلي”: إذا أردتم الاستثمار في تلك الأصول؛ لا بأس لكن كونوا مستعدين لخسارة كل أموالكم.

وتابع: الناس يُقيّمون الأشياء وفقًا لأسباب شخصية، لكن تلك الأصول ليس لها قيمة حقيقية.

وليست تلك هي أول مرة التي ينتقد محافظ “بنك إنكلترا”؛ العُملات المشفرة، إذ حذر العام الماضي من أنها تُشكل خطورة للصالح العام.

05 أسباب لإنهيار العُملات الرقمية..

وأرجع الخبراء والمراقبين الإنهيار الكبير للعُملات الرقمية إلى 05 أسباب، الأول كونها ملاذًا غير آمن، والثاني أنها لا رقابة قانونية عليها، مع غياب الأصول التي تحمي قيمة العُملة، والثالث ما تُعانيه الأسواق من ضغوط ارتفاع التضخم الأميركي، والرابع ما يتثمل من مخاوف رفع الفائدة الأميركية، أما السبب الخامس للإنهيار يأتي مع محاربة البنوك المركزية لهذه الأصول المشفرة ومجابهة مخاطر استخدامها في غسيل الأموال.

تبقى مجرد فقاعة..

ويرى الخبير الرقمي؛ “محمد صبري”، إن سبب تراجع (بتكوين) بهذا الشكل؛ أنه ليس لها أي أصول ثابتة معلومة، وبالتالي من قبيل حرص البشر على أموالهم، فإنهم ينسحبون سريعًا حين تتعرض هذه الأسواق لهزات ولو كانت غير كبيرة، لافتًا إلى أن الإشاعات وإنهيار شركات والحديث عن شبهات فساد، تؤثر بشكل كبير على تداول العُملات الافتراضية، وبالتالي تنسحب منها رؤوس الأموال، وفي هذه الحالة تتبقى الأموال مجهولة المصدر التي يمكنها تحمل التقلبات، مثل غسيل الأموال وتجارة المخدرات والسلاح والجريمة المنظمة.

ودون وجود غطاء مالي مضمون واضح للمستثمرين، ستظل عُملة (البيتكوين) مجرد فقاعة، وستنهار في نهاية المطاف، وفق المتحدث ذاته.

وشبه الخبير الرقمي؛ ما يحدث حاليًّا مع (بتكوين) بما جرى مع شركات (الدوت كوم)، فعند ظهور شركات (غوغل) و(ياهوو) حدث تسارع كبير للاستثمار في القطاع الإلكتروني، لكن بعد 06 سنوات حدث ما يُسمى: بـ”اليوم الأسود”، بعد أن اكتشف المتعاملون عدم وجود مقرات أو أصول تحمي هذه الاستثمارات، وبالتالي حدث الانسحاب الجماعي من القطاع.

تُعاني من تذبذب شديد في قيمتها..

كما يرى الخبير الاقتصادي، “وضاح الطه”، أن المخاطر الخاصة بالعُملات المشفرة هي من أين تكتسب تلك العُملات قيمتها، حيث إن سوقها تحتوي حاليًّا على: 10200 عُملة لا نعرف منها إلا رقمًا ضئيلًا.

كما أشار كذلك إلى مخاوف مِن أن نظام التشفير هذا قد يُساعد في عمليات غسيل الأموال، كما أنها تُعاني من شدة التذبذب في قيمتها خلال فترات قصيرة، إضافة إلى عدم وجود احتياطي يُساعد في تقييم السعر، وقيمة العُملة مستمدة من الإقبال عليها فقط.

ويضيف أن عُملة (بتكوين) متاح منها: 21 مليون قطعة، المُصّدر منها: 18 مليون فقط، إضافة إلى أنها عُملة تستهلك طاقة بشكل كبير، والآن هي تتعرض للخسائر القياسية بسبب مخاوف التضخم التي أعلن عنها “الفيدرالي الأميركي” لأنها ملاذ غير آمن.

عملية التعدين والإنتاج بطيئة جدًا..

ويُلفت الخبير الرقمي؛ “محمد فتحي”، إلى سبب آخر لتغير أسعار الـ (بيتكوين) بشدة، وهو أن عملية تعدينها وإنتاجها بطيئة جدًّا، حيث تخضع لعمليات حسابية معقدة ولوغاريتمات وشفرات طويلة تتطلب أجهزة كبيرة ونظم برمجة وأفرادًا يعملون عليها من أجل إنتاج (بتكوين) واحدة، كما أن البنوك لا تُشارك بها، وهو ما يُسبب مخاوف لدى كثير من المستثمرين.

تأخذ وقت كبير لتصحيح أوضاعها..

بدوره؛ يعتقد المحلل الاقتصادي والرئيس التنفيذي لمركز (كوروم) للدراسات في لندن؛ “طارق الرفاعي”، أن العُملات المشفرة ترتبط بشكل أساس وبعلاقة قوية مع أداء مؤشر (ناسداك) التكنولوجي، وهذا يعني أنه بالتوازي مع انخفاض هذا المؤشر بحدة خلال الأيام الماضية، تهبط العُملات المشفرة أيضًا.

وأرجع “الرفاعي”؛ في تصريحات خاصة لـ (سكاي نيوز عربية)، السبب في ذلك إلى تأخر البنوك المركزية في رفع سعر الفائدة، مع الارتفاع المضطرد في نسب التضخم، مما يدعو إلى خلق حالة من القلق بالنسبة للتوقعات المستقبلية للاقتصاد العالمي.

موضحًا أن العُملات الرقمية ستأخذ وقتًا لتصحيح أوضاعها بعد الإنهيار الكبير، مما يُشبه انخفاض الـ (بتكوين) في العام 2017؛ بنحو: 80 بالمئة، ولم ترتفع لما يزيد عن: 19 ألف دولار سوى بعد 03 سنوات، مضيفًا: “قد نرى هذه الفترة مشابهة لذلك، وبالتالي لن تعود العُملات الرقمية ارتفاعًا كما عايشناه العام الماضي سوى بعد عدّة سنوات”.

الميل إلى الإدخار وليس الاستثمار بسبب الحرب..

من جانبه؛ يقول الخبير الاقتصادي ورئيس (المنتدى المصري) للدراسات السياسية والإستراتيجية؛ “رشاد عبده”، في تصريحات لـ (سكاي نيوز عربية)، إن: “هذا أمر متوقع بالنظر إلى الحرب (الروسية-الأوكرانية)، والتي ترتبط بما يُسمى بمرحلة عدم اليقين وقلق المستثمرين والمخاوف من تطور تلك المعركة أو التمادي فيها، وبالتالي ففي هذه الفترة يميل الأشخاص إلى الإدخار وعدم الاستثمار، مما تسبب في انخفاض الطلب على تلك العُملات، في أعقاب إعلان بعض الدول مثل: الصين عدم التعامل بها”.

ولا تزال الحكومة الصينية تحظر على المؤسسات المالية وشركات المدفوعات تقديم خدمات العُملات المشفرة.

وأشار “عبده” إلى أنه من المتوقع أن تنخفض أسعار العُملات الرقمية مجددًا، لكنها لن تهبط كثيرًا، وما إن تستقر الأوضاع السياسية والاقتصادية حتى تعاود الارتفاع مرة أخرى.

وأوضح أن التداول بالعُملات الرقمية؛ رغم التكنولوجيا الحديثة، سيظل محفوفًا بالمخاطر كطبيعة الاقتصاد والبورصة العالمية.

مستقبل واعد للعُملات الرقمية..

ورغم تلك الاضطرابات، يرى الرئيس التنفيذي لمركز (كوروم) للدراسات؛ أن مستقبل العُملات الرقمية واعد جدًا، لأنه يتم الحاجة إليها في الكثير من المعاملات التي توفر الوقت وبكفاءة أعلى من العمليات العادية، وكذلك في التحويلات المالية والتبادل التجاري.

وقال: “لكننا نواجه مشكلة تتعلق بالمضاربة في العُملات الرقمية، والعالم في طريقه لإنهاء تلك الحالة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة